مصادر ل«أهل مصر»: 8 مقاعد لحزب العدل بالقائمة الوطنية لانتخابات «النواب»    الرئيس السيسي يدعو "مجلس الشيوخ" للانعقاد بالدور العادي السادس من الفصل التشريعي الأول    ترقب الأسواق لاجتماع البنك المركزي المصري.. ماذا ينتظر الدولار والذهب؟    ترامب: إطلاق سراح الرهائن خلال 72 ساعة ووقف الحرب إذا وافقت حماس على خطة السلام    الرئيس الفرنسي يرحب بخطة ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة    «مهزوز وشخصيته ضعيفة».. شكيابالا يفتح النار على فيريرا    حكم القمة تحت النار.. هل أنصف الفريقين أم ظلم أحدهما؟    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالدقهلية    الأسواق العشوائية والتعديات تخنق شوارع الفيوم.. ومطالبات بتدخل عاجل من المحليات    النوم بعد الأربعين.. السر المنسي لصحة الدماغ والقلب    البيزنس الأسود لجماعة الأخوان «الإرهابية» تستخدم التبرعات وحصيلة الاستثمارات لتمويل المنصات الإعلامية الموجهة ضد مصر    الجهاد الإسلامي: خطة ترامب هي اتفاق أمريكي-إسرائيلي يعكس بالكامل الموقف الإسرائيلي    عاجل - ترامب: خطتي للسلام في الشرق الأوسط قد تشمل إيران    السفير محمد كامل عمرو: خطة ترامب قد تكون بذرة صالحة للتسوية في غزة إذا ما نُفذت بنزاهة    مصادر عسكرية إسرائيلية: نزوح 800 ألف شخص من مدينة غزة    وزير البترول يكشف ل أحمد موسى موقف زيادة أسعار الوقود    وزير الطيران يبحث مع نظيره البولندي تعزيز التعاون في مجالات النقل الجوي    مجدي عبدالغني يحذر الأهلي بسبب بيراميدز.. ويؤكد: «الزمالك على استحياء هيكون تالت الدوري»    بعد هزيمة الزمالك.. لميس الحديدي ساخرة: قلبي يقطر دما    الأهلي يهزم الزمالك في القمة 131 ويشعل صراع الصدارة في الدوري المصري    وزير الإسكان يزف بشرى سارة للمصريين: طرح 25 ألف وحدة جديدة    ارتفاع الأسهم الأمريكية في ختام التعاملات    أحمد داش يشاهد فيلم لا مؤاخذة بعد 11 عامًا من عرضه الأول    جيريمي سترونج يجسد مارك زوكربيرج في الجزء الثاني من The Social Network    جنات تتألق في ظهور عائلي نادر مع منى الشاذلي وتكشف أسرار ألبومها الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة الأقصر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 في مرسى مطروح    سر بسيط من الطبيعة هيساعدك في تنظيم سكر الدم وتعزيز الطاقة    الأرصاد تحذر: موجة تقلبات جوية تضرب البلاد خلال الأيام القادمة    الداخلية الكويتية: ضبط مقيم عربي خطط لعملية إرهابية تستهدف دور العبادة    فيضان النيل يحاصر «جزيرة داوود» بالمنوفية.. والأهالى: «نستخدم القوارب»    العزلة تتزايد.. إسبانيا تمنع عبور طائرات وسفن أمريكية محملة بالأسلحة إلى إسرائيل    3 أيام عطلة رسمية.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 في مصر للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها    "غرقنا ولازم يمشي"، شيكابالا يطالب برحيل فيريرا عن الزمالك "فورا" (فيديو)    أول حفل مباشر لمغنيات "K-pop Demon Hunters" الحقيقيات على مسرح جيمي فالون    وزير الري الأسبق: إثيوبيا مررت 5 مليارات متر مكعب من سد النهضة خلال الأسبوع الماضي    يصل إلى 14 جنيها، انخفاض جديد في أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    اليوم، الحكم في دعوى التعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني    راحة فورية وطويلة المدى.. 7 أطعمة تخلص من الإمساك    غير الحمل.. 7 أسباب لانقطاع الدورة الشهرية    إيفرتون يكتفي بالتعادل مع وست هام في الدوري الإنجليزي    قرار جديد بشأن بلوغ المعلمين سن المعاش 2025.. (تعليمات عاجلة للمديريات والتأمينات الاجتماعية)    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الخميس 2 أكتوبر    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025    37 عامًا على رحيل فتحي رضوان «المثقف الشامل»    احتكاكات غير لطيفة مع بعض زملاء العمل.. توقعات برج الحمل اليوم 30 سبتمبر    موظف بسيط دخل التاريخ صدفة.. حكاية أول وجه ظهر على شاشة التلفزيون    "التعليم في مصر الفرعونية" ضمن أنشطة ثقافة الغربية للتوعية بمخاطر الأمية    الأردن: جماعة الإخوان أنفقت 1% من التبرعات على جهات إغاثية والباقي على أنشطتها المحظورة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    لاتسيو يكتسح جنوى بثلاثية خارج الديار في الدوري الإيطالي    بسبب خلافات مالية.. تجديد حبس المتهم بقتل صديقه في مصر الجديدة    إلغاء «طموح جارية» من مناهج الإعدادية 2026.. توزيع منهج اللغة العربية والدرجات وخطة التدريس كاملة    انطلاق المؤتمر السنوي لأمراض الغدد الصماء والسكر بمشاركة نخبة من الخبراء ب«عين شمس»    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصادق بأبو نمر أحد قيادات قبيلة المسيرية وعضو المكتب السياسي لحزب الأمة‏:‏ أبيي قضية حياة ووجود وكرامة وليست مجرد أرض وحدود

يعد الخلاف حول قضية أبيي الغنية بالبترول والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب في السودان إحدي المعضلات الكبري التي يتوقف عليها مستقبل السلام‏,‏ وفي الحوار التالي نستطلع رأي أحد قيادات قبيلة المسيرية العربية هو الصادق بابونمر‏,‏
وهو أيضا عضو المكتب السياسي لحزب الأمة‏,‏ وأسرته لوالده هي التي تتولي نظارة قبيلة المسيرية‏,‏ أما جده لوالدته فهو السيد عبد الرحمن المهدي‏,‏ ويحمل درجة الزمالة في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة أكسفورد‏,‏ وله مؤلف مهم يحمل عنوان أبيي حقائق ووثائق‏.‏ وقد أكد الصادق بابو نمر أن أبيي بالنسبة لقبيلته وهي قضية حياة ووجود‏,‏ وأنها غير مستعدة للتنازل عن حقوقها‏,‏ ولن تقبل أي عروض من الجنوب بهذا الشأن وصفها بالمهينة‏,‏ وهدد بأن المسيرية سيحملون السلاح في مواجهة أي طرف يريد أن يقتلعهم من أرضهم أو يجبرهم علي أي تنازلات‏,‏ وأكد في الوقت ذاته أن الحل ممكن إذا جلس المسيرية والدينكا نقوك ورفع شريكا الحكم والمجتمع الدولي وصايتهم وتدخلاتهم في القضية‏.‏
‏-‏ هل هناك إمكانية لحل مشكلة أبيي المعقدة التي يتوقف عليها مستقبل السلام في السودان ؟
‏=‏ مشكلة أبيي أصلا ليست معقدة‏,‏ بل هي مشكلة مصنوعة باليد لكي تقابل طموحات أبناء دينكا نقوك الموجودين في السلطة بجنوب السودان‏,‏ وهم القيادات المتنفذة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان‏,‏ ومن يطلق عليهم حاليا أبناء قرنق‏,‏ ودينكا نقوك هي أقلية صغيرة جدا في وسط فروع قبيلة الدينكا الأخري الموجودين الجنوب‏,‏ وكانوا أقلية مضطهدة لجأت إلي قبيلتنا المسيرية في أواخر القرن التاسع عشر وقد آويناهم واستضفناهم‏.‏
‏-‏ القضية تصاعدت في الأشهر الأخيرة قبيل موعد الاستفتاء المقرر في‏9‏ يناير المقبل ؟
‏=‏لأنه تم اختطافها‏,‏ وأبناء الدينكا المتنفذون وعلي رأسهم الدكتور فرانسيس دينق وهو الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لشئون اللاجئين يصعدون الأمر لصالحهم‏,‏ والمؤتمر الوطني لحسابات يحسبها هو لإرضاء الغرب قد تصور أن أبيي قرية‏,‏ مع أنها قطاع يبلغ إمتداده نحو‏125‏ ميلا‏,‏ وعدد سكان من المسيرية لايقل بحال من الأحوال عن مليون نسمة‏,‏ وقطيع من الماشية يمثل ثلث القطيع القومي السوداني‏,‏ حيث يبلغ تعداد أبقار المسيرية عشرة ملايين رأس‏.‏
‏-‏ مثلما تملكون أسانيد تؤكد أنكم جئتم إلي أبيي قبل دينكا نقوك‏,‏ هم أيضا يملكون الأسانيد التي تؤكد أنهم أصحاب المنطقة ؟
‏=‏لا إنهم لايملكون أي سند‏,‏ وأنا أطلعتك علي الوثائق التي تؤكد ذلك‏,‏ ونحن قدمنا لمحكمة التحكيم الدولية في لاهاي‏258‏ وثيقة وبينة تثبت وصول العرب لأبيي قبل الدينكا بقرنين من الزمان‏,‏ وقد جاءوا إلي المنطقة في القرن التاسع عشر‏,‏ وهم ليست لديهم مستندات تاريخية‏,‏ بينما لدينا كتابات الإنجليز واستندنا إلي أرشيفهم‏,‏ لكن حكم محكمة التحكيم الدولية كان سياسيا‏.‏
‏-‏ هل كان من الخطأ الذهاب إلي لاهاي بشأن أبيي ؟
‏=‏بالقطع كان خطأ مليون في المائة‏,‏ فليس من الممكن أن ترفض الدخول من الباب وتدخل من الشباك‏,‏ فلاهاي عندما طالت الرئيس البشير رفضوها‏,‏ ولماعجزوا عن حل أبيي ذهبوا إليها‏,‏ والحكومة لم تكن تدرك خطورة الوضع وأهميته عند ذهابها للتحكيم في أبيي‏.‏
التحكيم الذي تم في أبيي يتم بين الدول وليس داخل الدولة الوحيدة ؟
نعم وهي قضية داخلية‏,‏ ولنعد إلي كلام أحد قضاة المحكمة عون الخصاونة‏,‏ وهذا الحكم خاطيء‏,‏ ومثل هذه القضايا لاتبت فيها المحاكم‏,‏ وكان المطلوب أن تبت المحكمة في أمر واحد فقط‏,‏ وهو هل تقرير الخبراء تجاوز التفويض أم لا‏,‏ لأن الخبراء خرجوا من حدود التفويض الممنوح لهم ووضعوا حدودا جديدة‏,‏ فجاء حكم المحكمة حكما سياسيا تحت النفوذ والضغوط الأمريكية‏,‏ وهذا خطأ ونحن كنا من البداية ضد ذلك‏,‏ وقلنا ومازلنا نقول ونصر علي أن موضوع أبيي بالإمكان حله بسهولة شديدة جدا إذا أعيد الأمر لأهل الشأن من المسيرية والدينكا إنقوك‏.‏
‏-‏ كيف ؟
‏=‏أن يجلس قادة القبيلتين ولديهما قرنان أي مائتي سنة من الأعراف والتقاليد المشتركة‏,‏ فجدي لوالدي بابو نمر وقع عام‏1905‏ ميثاق الإخاء والتكامل مع دينكا إنقوك‏,‏ وبموجبه سمح لدينكا إنقوك بالعبور إلي شمال بحر العرب‏,‏ وقد جاءوا من بحر الزراف في القرن التاسع عشر نتيجة لحروبهم مع قبيلة النوير‏,‏ التي كانت تسترقهم وتأخذهم لبيعهم إلي تجار الرقيق‏,‏ بحكم أنهم أقلية مضطهدة‏.‏
‏-‏ تجارة الرقيق كان يتهم بها دائما الشماليون والعرب ؟
‏=‏هذه الاتهامات غير دقيقة‏,‏ وسلاطين الدينكا أنفسهم كان بينهم وكلاء لتجار الرقيق أمثال الزبير باشا رحمة الذي نفي إلي مصر‏,‏ وحتي القبائل الجنوبية نفسها كانت تسترق بعضها بعضا‏,‏ وقبائل النوير كانت تسترق قبائل دينكا إنقوك تحديدا‏.‏
‏-‏ البعض يري أن حزب المؤتمر الوطني هو الذي استغل المسيرية وهو الذي يحركهم الآن ؟
‏=‏هذا صحيح مائة في المائة‏,‏ فالمسيرية قد استخدموا وأسيء استخدامهم وتم استغلالهم بطريقة بشعة‏,‏ فنحن بعد الحكومة الديمقراطية حاربنا لحكم الإنقاذ حروبهم باسم الجهاد‏,‏ وقد أخذوا أطفالنا من المدارس وترملت النساء‏,‏ وقد فقدنا مابين ثلاثة آلاف وخمسمائة إلي خمسة آلاف شهيد استشهدوا في معارك الإنقاذ‏,‏ لم تكن معركتنا بل معركة الدولة والسلطة والحكومة المركزية ضد حركة متمردة‏,‏ كيف أخذوا المسيرية ليسيروا إلي الموت وخلفوا هذا العدد الخرافي من الأرامل واليتامي‏.‏
‏-‏ أما يزال ذلك الاستغلال مستمرا ؟
‏=‏إطلاقا‏,‏ لأننا تملكنا زمام أمرنا‏,‏ ونزعنا الملف من يد المؤتمر الوطني‏,‏ وفرضنا عليهم الأمر الواقع‏.‏
‏-‏ كيف ؟
‏=‏لأول مرة في التاريخ تتاح لنا الفرصة لمخاطبة المجتمع الدولي في اجتماعات أديس أبابا مؤخرا‏,‏ وقد استغرب الأمريكان وفوجئوا بالموقف‏,‏ لم يكونوا يعرفونه وكانوا مضللين بواسطة أبناء الحركة من أبيي الدكتور فرانسيس دينق وغيره‏,‏ وقد قابلت المبعوث الأمريكي والمسئولين الأمريكيين أكثر من مرة لشرح الأمر لهم‏,‏ ولكنهم بدأوا لتوهم يدركون حقيقة الأمر‏,‏ كما أكدت لنا معلومات من مصادر موثوق بها أن وزيرة الخارجية الأمريكية أكدت أن للمسيرية حقوقا متساوية مع دينكا إنقوك ؟
‏-‏لماذا ترفضون الوصول لتسوية بشأن أبيي ؟
‏=‏أبيي بالنسبة لنا ليست فقط قضية أرض وحدود‏,‏ بل هي قضية وجود‏,‏ وهناك دراسات تشير إلي أن الصحراء تزحف جنوبا بمعدل‏5‏ كيلومترات سنويا‏,‏ والآن نحن نواجه مشكلة تكاثر أعداد الماشية وتقلص مساحة المرعي‏,‏ وبحكم أننا مجتمع بدوي رعوي ليس لدينا حرفة غير الرع‏,‏ وفقداننا لبحر العرب أو لأبيي هو حكم بالإعدام‏.‏
‏-‏ هناك عرض أو مقترح أن يسهم المجتمع الدولي في تنمية مناطقكم شمال أبيي وعمل مراعي صناعية ؟
‏=‏هذه أشياء وهمية‏,‏ لأن الأمريكان أصلا لوكانوا يلتزمون بوعودهم لأوفوا بالتزماتهم لجنوب السودان نفسه التي تعهدوا بها في مؤتمر المانحين بأوسلو بعد توقيع إتفاق السلام‏,‏ والتي بلغت‏4‏ مليارات دولار لم يأت منها شيء حتي الآن‏,‏ ونحن لانثق في الوعود الأمريكية‏,‏ وحتي يتم هذا التحول الذي يتحدثون عنه فإن ذلك يستغرق سنوات طويلة جدا‏.‏
‏-‏ إذن كيف ترون الحل ؟
‏=‏الدينكا إنقوك ليس لديهم مصلحة سوي مع المسيرية‏,‏ ولما اشتد الصراع في الجنوب أتوا إلينا في المجلد وحماهم العرب المسيرية‏,‏ ويلجأون إلينا حتي في حال الصراعات الجنوبية الجنوبية‏,‏ لأننا بحكم العشرة والمواريث المشتركة والعادات والتقاليد والسوابق ما نستطيع أن نتعايش به معا‏,‏ والقضية في رأيي مختلقة اختلاقا ومصنوعة صنعا‏,‏ القصد منها أن يقول أبناء دينكا إنقوك المتنفذين أنهم أتوا للجنوب بأرضهم وقبيلتهم‏.‏
‏-‏ وكيف تنظر للدور الدولي في حل هذه القضية ؟
‏=‏نحن لانريد وسطاء ولا مفاوضين‏,‏ وإنما نحتاج فقط إلي مسهلين يوفرون لنا الدعم اللوجستي ولايتدخلون بيننا‏,‏ عليهم أن يدعونا نتفق ويجلسوا كمراقبين وشهود فقط‏,‏ دون أن يفرضوا علينا أجندات أو حلولا مسبقة‏,‏ ونحن بحكم تقاليد عمرها أكثر من‏250‏ عاما قادرون علي حل هذا الموضوع في يومين إذا ترك لقادة المجتمع المدني في كل من الدينكا إنقوك والمسيرية‏,‏ وتأكيدا لهذا الكلام أذكر لك هذه الواقعة الي حدثت مؤخرا‏,‏ فعندما توفي عمي قبيل عيد الأضحي جاء زعيم الدينكا نقوك كوال دينق مجوك للعزاء فيه علي رأس وفد كبير جد ا‏,‏ ويقال إن مخابرات الحركة الشعبية حذرته ألا يأتي إلينا في المجلد وأنه سيكون عرضة للإغتيال‏,‏ وأنه رد عليهم قائلا‏:‏ بأن العربي إذا أراد إغتيالك فسيأتي إليك ليخبرك بذلك‏,‏ وأضاف أنه قادم للعزاء في والده الذي هو عمي‏,‏ ولما خاطب كوال دينق مجوك الناس كان يبكي وينتحب إنتحاب إنسان مفجوع بوفاة عزيز لديه‏,‏ ونحن بدورنا أحسنا إستقباله ووفده لأن الذي بيننا عشرة وروابط‏.‏
‏-‏ ولماذا لايتم استغلال تلك الروابط ؟
‏=‏الروابط التي تربط بين القبيلتين تعود إلي ماقبل قيام الحركة المهدية وحتي اليوم‏,‏ فهناك أحلاف بين زعامتي القبيلتين‏.‏
‏-‏ وهل سيستمر ذلك ؟
‏=‏هم الذين كسروا تلك الروابط وليس نحن‏,‏ فهم قد عاشوا ودرسوا معنا‏,‏ وحتي حملوا أسماءنا‏,‏ فمن بين أبناء دينق مجوك يوجد من يحملون الأسماء العربية زكريا وحسن والفاضل والبشرة ومهدي وعمر والصادق‏,‏ ونحن في المقابل لدينا أسماؤهم فإسم دينق علي سبيل المثال تطلقه المرأة التي تفقد أكثر من طفل علي أول صبي تنجبه ويعيش‏,‏ كما أننا نجيد لغتهم‏.‏
‏-‏ هناك تحذيرات بأن أبيي قد تكون مفتاحا للسلام في السودان أو مفتاحا للحرب ؟
‏=‏بالضبط هذا ماسيحدث‏,‏ وبلغة العسكريين فإن المدة بين نزع الفتيل عن القنبلة وانفجارها يستغرق بضع ثوان‏,‏ ونحن الآن في هذه الفترة التي تعقب نزع الفتيل‏,‏ وإما أن يتم الحل سريعا أو أن تصبح أبيي هي الخنجر المسموم المصوب نحو خاصرة الشماليين‏,‏ وهذه المرة لن تشتعل الحرب في أبيي فقط‏,‏ بل سيكون علي طول خط الحدود السوداني الممتد من أفريقيا الوسطي وحتي أثيوبيا‏,‏ إذ أن هذه المناطق كلها قبائل عربية قوية متاخمة للجنوب‏,‏ والآن أبيي هي المنطقة المنزوعة الفتيل‏,‏ لكن هناك أربع قنابل أخري هي حفرة النحاس وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق‏,‏ والآن هناك تحرشات في منطقة جودة بالنيل الأبيض‏.‏
‏-‏وكيف تنظر لرؤية قيادات الحركة الشعبية‏....‏ هل هم جميعا علي قلب رجل واحد بشأن أبيي ؟
‏=‏أعتقد أن سلفاكير رئيس الحركة وحكومة الجنوب وقد التقيته واستمعت إليه أكثر من مرة هو رجل معقول وضد خيار الحرب‏,‏ لكن كما هو الحال في المؤتمر الوطني فإن سلفاكير لديه في حركته صقور وأسود ونمور يريدون الحرب‏,‏ وهم سيخسرون‏,‏ ويجب الانتباه إلي أن الانفصال في الجنوب تم والباقي هو الإعلان عنه فقط‏,‏ وسلفاكير وهو بصدد إعلان دولة لايريد حربا‏,‏ وهو رجل عقلاني مالم يختطف قراره المتشددون من أبناء قرنق أمثال دينق ألور وإدوارد لينو ولوكا بيونق وغيرهم‏,‏ واليوم رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي هو فيينق دينق مجوك وهو أيضا أحد أبناء أبيي‏.‏
‏-‏ الضغوط علي المؤتمر الوطني كبيرة بشأن أبيي‏..‏ هل تتوقعون أن يضحي بكم في إطار تسوية ما ؟
‏=‏المؤتمر الوطني ضحي بالسودان كله‏,‏ ولايهمه غير مقعد السلطة‏,‏حتي لو ذهبت أبيي إلي الجحيم‏,‏ لكن هذا مستحيل‏,‏ لأن هذه أرضنا ولن نقتلع منها‏,‏ ولو استدعي الأمر سنقاتل المؤتمر الوطني في شوارع الخرطوم والمجلد وفي كل مكان‏.‏
‏-‏ تقاتلون المؤتمر الوطني أم الحركة الشعبية أم المجتمع الدولي ؟
‏=‏سنقاتل كل من يريدنا التخلي عن أبيي أو يريد أن يفرض أي حل علينا‏.‏
‏-‏ ستقاتلون بذلك جهات عديدة ؟
‏=‏المسألة بالنسبة لنا مسألة حياة ووجود وكرامة وليست مجرد أرض‏.‏
‏-‏ وهل قبيلة المسيرية كلها مجتمعة علي ذلك ؟
‏=‏نعم‏150%‏ لا أحد يشذ عن ذلك‏.‏
‏-‏ وكيف يمكن إحداث اختراق في هذه القضية ؟
‏=‏لو ألهمهم الله العقلانية في الضية‏,‏ فالجنوب إذا حدث الانفصال سيصبح دولة كبيرة جدا‏,‏ مايساوي ثلث مساحة السودان أي مالايقل عن‏350‏ ألف ميل مربع‏,‏ فماذا تعني أبيي بالنسبة لهم‏,‏ خاصة أنها منطقة ليست مهمة‏.‏
‏-‏ هل هناك حلولا مبتكرة يمكن أن يلجأ إليها الأطراف ؟
‏=‏الحل المبتكر أن تظل أبيي كما هي‏,‏ وإذا أراد الدينكا إنقوك الذهاب إلي الجنوب فليتفضلوا‏,‏ والأرض ليست بساطا يطوي ويحمل‏.‏
‏-‏ تريدونها تابعة للشمال ؟
‏=‏هي لايمكن أن تظل غير ذلك‏.‏
‏-‏ لكنها ألحقت للشمال بقرار إداري كمايري الجنوب ؟
‏=‏غير صحيح‏,‏ ما ألحق هو مثلث صغير جدا في عام‏1905‏ نتيجة مسائل إدارية‏.‏
‏-‏ ألا يمكن بغض النظر عن دعاوي كل طرف أن تظل منطقة تعايش مشترك ؟
‏=‏نعم انفصل الجنوب أو ظل السودان موحدا فإن مصلحتنا ستظل مربوطة بالجنوب وقبائله أكثر من ارتباطها بالقبائل في شمال السودان رغم مايربطنا بالشمال من ثقافة ودين‏,‏ ولكننا في المعاش والأرض مرتبطون بقبائل الدينكا‏,‏ لكن هذه المسائل قد تسبب تعقيدات مستقبلا‏,‏ فإذا قلنا أن حلايب تصبح منطقة تعايش مشترك مع مصر فهذا أمر معقول‏,‏ لكن إذا إنفصل الجنوب ستصبح هناك دولتين عدوتين في الشمال والجنوب‏,‏ وبالتالي هذا الحل لن يصلح في أبيي‏.‏
‏-‏ ما رأيك في الحلول التي تطرحها الحركة الشعبية علي لسان أمينها العام باقان أموم الذي تحدث عن فدية أو قرار جمهوري أو إستفتاء يرد أبيي للجنوب ؟
‏=‏ مايقوله باقان أموم مهين ولايجوز أن يقال ومرفوض جملة وتفصيلا‏,‏ فأرض أبيي رويت بدماء أبناء المسيرية‏,‏ فكم سيدفع لة باقان فدية‏,‏ والفدية تدفع لعصابة أو لص إختطف شيئا ليعيده‏,‏ كما أن المؤتمر الوطني لايملك أبيي أو المسيرية‏,‏ وإذا أعطي المؤتمر الوطني أبيي للحركة الشعبية والجنوب فهو عطاء من لايملك لمن لايستحق‏.‏
‏-‏ علي ضوء التصعيد الحالي والحلول والضغوط الدولية‏..‏ إلي أي منحي تسير القضية حاليا ؟وهل يتم تأجيل استفتاء أبيي عن موعده المقرر في‏9‏ يناير المقبل ؟
‏=‏عمليا لايمكن أن يتم استفتاء أبيي في موعده‏,‏ وفي رأيي أنه لايجب أن يربط استفتاء أبيي باستفتاء الجنوب‏,‏ وأن يترك بعض الوقت‏,‏ وأن تترك الفرصة للقبيلتين‏,‏ والوقت سيكون لصالح الطرفين ولصالح السلام‏,‏ لكن أي إملاء أو اشتراط أو عمل أي شيء علي عجل بدون تروي أو عقلانية وحكمة سيؤدي إلي نتائج ومآس كارثية‏.‏
‏-‏ الأطراف المختلفة تمارس دبلوماسية اللحظات الأخيرة وتعتمد علي الضغوط والتنازلات ؟
‏=‏من يتنازل لمن‏,‏ ومن الذي سيأتي لإخلاء المسيرية إن تم التنازل عن أبيي‏,‏ ولو تجرأ المؤتمر الوطني واستخدم الجيش السوداني فسوف يحدث تمرد بالجيش الذي لايستطيع أن يضرب مواطنين شماليين‏,‏ وإذا أتت أي قوة سنقاومها‏.‏
‏-‏ وماذا بشأن اقتراح نشر قوات دولية علي الحدود ؟
‏=‏مرفوض جملة وتفصيلا لأن القوات الدولية دائما لايكون من ضمن مهامها الدخول في معارك مباشرة‏,‏ وغنما حفظ السلام وفض الاشتباك‏,‏ وأي قوة دولية تريد إجلاءنا من مناطقنا سنقاومها‏.‏
‏-‏ هل تخشي تجدد الحرب ؟
‏=‏الانفصال من الناحية الواقعية والفعلية قد تم‏,‏ وتبقي فقط المسائل المراسمية‏,‏ وأنا متشائم بالنسبة للجنوب الذي أتوقع أن يدخل في خمسة حروب في آن واحد‏,‏ أولها حرب داخل الشلك بين باقان أموم ولام أكول‏,‏ وثانيها حرب بين قبيلتي الشلك والنوير‏,‏ وثالثها حرب بين الشلك والنوير ضد قبيلة الدينكا‏,‏ والرابعة حرب بين القبائل النيلية الثلاث الشلك والنوير والدينكا ضد القبائل الإستوائية‏,‏ أما الحرب الخامسة فستكون بين الشمال والجنوب‏,‏ وهذه الحروب ستجعل السودان مثل رواندا‏.‏
‏-‏ وهل سيكون الواقع في شمال السودان مختلفا عن الجنوب في حال إنفصاله ؟
‏=‏لا أبدا‏,‏ الوضع في دارفور سيزداد سوءا‏,‏ وستكون هناك إنعكاسات سلبية لفقدان عائدات البترول وإرتفاع الأسعار‏,‏ وسيزداد نظام الحكم شراسة وقهرا للإنسان الشمالي‏,‏ لأن وجود الحركة كان مؤثرا إلي حد ما في تخفيف القبضة عن الشمال‏,‏ وبحدوث الانفصال سيتفرغ النظام لقهر الشمال وقد تعود السجون وبيوت الأشباح ثانية‏,‏ وستكون هناك في المحصلة دولتون فاشلتان‏.‏
‏-‏ وهل سيكون انفصال الجنوب خاتمة المطاف ؟
‏=‏كل المؤشرات الراهنة تؤكد أن دارفور تسير علي خطي الجنوب‏,‏ وكردفان اليوم فيها حركات رفض مثل شهامة وشمم وبها أيضا عدم إستقرار أمني‏.‏
‏-‏ ما البديل في رأيك ؟وهل هناك إمكان لطرح بدائل الآن أم أن الوقت متأخر ؟
‏=‏البديل هو إجماع القوي الوطنية الخيرة والمؤتمر القومي الدستوري وإجماع السودانيين ممثلين في القوي السياسية الحية‏,‏ وإدراك أن الموضوع ليس فقط قضية الجنوب والإستفتاء‏,‏ بل مشكلات السودان كلها‏,‏ فإذا أراد نظام المؤتمر الوطني الذي يركب فرسا جامحا أن يترجل بسلامة فإننا سنمسك هذا الفرس ونساعده علي الترجل أما مادون ذلك فستكون له انعكاسات كارثية علي البلد‏.‏
‏-‏ وهل سيسلم المؤتمر الوطني بالانفصال بسهولة ؟
‏=‏لقد سلم وإنتهي الأمر‏...‏ هذا مصير أمة وسياسة دولة‏,‏ ولايجب أن تبني علي الصفقات ولو ضمن المؤتمر الوطني تجميد قضية المحكمة الجنائية الدولية فسيقدم أي تنازلات مطلوبة‏.‏
‏-‏ وهل تجري عملية الاستفتاء في موعدها بعد أسابيع قليلة ؟
‏=‏هناك مطالبات بالتأجيل‏,‏ وهناك إصرار علي عقد الإستفتاء في موعده من قبل حكومة الجنوب‏,‏ رغم أن الإجراءات كلها تتم علي عجل نوبدون إستيفاء الشروط المطلوبة لنزاهة العملية ومصداقيتها‏,‏ والمؤتمر الوطني نفسه يشتكي من مخالفات كبيرة تمت في عملية التسجيل في الشمال‏.‏
‏-‏ وهل ستكون هناك مشكلة في الاعتراف بنتائج الاستفتاء ؟
‏=‏بمثل ماتدين تدان‏,‏ فما فعله المؤتمر الوطني في انتخابات أبريل يكتووي الآن بذات الفعل‏,‏ والتسجيل الآن في الخرطوم لايصل إلي‏1,5%‏ بسبب ضغوط الحركة الشعبية علي الجنوبيين‏.‏
‏-‏ تنتقد المؤتمر الوطني وقد جاء بإتفاق السلام ؟
‏=‏طيلة سنوات الحرب علي مدي‏23‏ عاما لم تصل قوات الحركة الشعبية إلي منطقة بحر العرب مطلقا‏,‏ وقد إنتصر المؤتمر الوطني بأبناء المسيرية الذين كان يأخذهم فيما يعرف بإسم قتال الموت وانتصر بهم‏,‏ لأن الجيش السوداني تقريبا تمرد بسبب هزائمه المتتالية‏,‏ ثم جاءت إتفاقية السلام التي تتحدثين عنها لتسمح لقوات الحركة بالتوغل شمالا‏,‏ والآن جيش الحركة موجود شمال حدود عام وموجود في أبيي‏1956‏ التي لم يكن يصل إليها في السابق بسهولة‏,‏ في حين أن الجيش السوداني كله انسحب شمال حدود‏1956.‏
‏-‏ إتفاقية السلام نصت علي منح‏2%‏ من عائدات البترول بالمنطقة للمسيرية و‏2%‏ منها للدينكا إنقوك‏...‏ هل حصلتم علي هذه الأموال ؟
‏=‏مؤخرا فقط قبل عام ونصف أنشئ مايعرف بإسم صندوق تنمية القطاع‏,‏ ويقوم عليه شباب لديهم خطط طموحة‏,‏ ولكن مازالت المعاناة موجودة والتنمية مفقودة‏,‏ ولا يمكن أن تزال المعاناة وتتحقق التنمية بدون السلام في منطقتنا التي حباها الله في باطن الأرض بالبترول والمعادن وفي ظاهرها بالثروة الحيوانية الكبيرة التي تشكل ثلث القطيع القومي في السودان‏,‏ ورغم أننا نعيش في أغني منطقة إلا أننا أكثر الناس بؤسا‏.‏
‏-‏ وهل أجج ظهور البترول الصراع حول أبيي ؟
‏=‏البترول بالنسبة لنا مسألة ثانوية للغاية‏,‏ والبترول المتنازع عليه لايوجد كله في أبيي‏,‏ والآن هناك اكتشافات بترولية في الشمال‏,‏ لكن وجود البترول أجج الصراع وكان نقمة علي السودان كله وعلي أبيي بوجه خاص‏,‏ حيث جذب النظر والتدخلات الدولية والأجندات السياسية‏,‏ وأعتقد أن هناك مبالغات في الحديث عن كميات البترول في أبيي‏,‏ ومهما بلغت فإنها لاتستحق أن يقتتل الناس بسببها فملايين البراميل من البترول لاتعادل نقطة دم واحدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.