مفروض علي أن أقف كلما مر بطل الفيلم من أمامي.. مفروض علي ان اعطي الكرسي الذي اجلس عليه للنجم الذي اعمل معه في الفيلم.. مفروض علي ان ابتسم للنجوم.. واتملق انصاف النجوم فأنا في أول الطريق.. أعامل معاملة غاية في الإهمال. وأنا أشعر ان بداخلي نجما سوف يملأ الشاشة الكبيرة والصغيرة في يوم من الأيام.. أحمل ملابسي في كيس نايلون.. ليس لدي سيارة.. ملابسي في حدود ادواري التي اقدمها مساعدا لنجوم السينما.. ممنوع من الكلام حتي لو كان هناك خطأ جسيم في الأداء أو المفهوم خوفا من أن يقال عني أني مقلق. ويأكلني الأسد أو يقتلني القطار.. كما يحدث عندما يريد أصحاب الفيلم الخلاص من هذا المقلق.. وينتهي دوري فجأة بهذا الإسلوب.. ولا أستطيع أن أعمل في عمل آخر بجوار ما أعمل فيه.. فأنا لست نجما ترتب لي الأمور والمواعيد.. أقف بعيدا في فترات الغداء.. أو فترات تجهيز مشهد جديد.. وأشاهد كل التكريم والحفاوة وتوزيع المشروبات المثلجة علي الآخرين.. ولا أحاول الاقتراب.. حتي لا اتعرض للرفض.. الخوف يعذبني.. وانا اعلم ان الزمن معي.. واني سوف اصبح نجما.. وكل خوفي ان ينضح حقدي علي الاخرين عندما اتذكر ما انا فيه الان.. واصبح ممثلا حاقدا بدلا من ممثل منافس بحب واحترام.. وارجو الله ان ينسيني ما انا فيه الان.. واكون عونا لكل من هم في اول الطريق. وبمناسبة المهرجانات.. لي مع مهرجاننا حكاية سينمائية قاسية فقد حصلت علي دعوة من موظف يعمل في ادارة المهرجان.. وهو جاري في المسكن المتواضع جدا الذي اسكن فيه.. ويعرف انني ممثل في اول الطريق.. ولم يحدث ان تصلني دعوة الي منزلي لحضور المهرجان.. انا والشباب امثالي اصحاب البدايات السينمائية.. وذهبت لحضور حفل الإفتتاح.. وامام الباب منعت من الدخول.. لاني لم اكن ارتدي بدلة إسموكن وحتي البدلة التي أرتديها لم تكن علي مستوي قبول دخولي المهرجان وحضور حفل الافتتاح وتم منعي بشكل يحمل معني الطرد من طريقة التعامل معي.. وقفت بعيدا أراقب الداخلين من نجوم السينما الذين عملت معهم في بعض الأفلام.. وبعض النجوم الاجانب.. فرأيتهم لا يرتدون الإسموكن ولا بدلة سوداء اللون.. ويستقبلون بمنتهي الترحيب ويفسحون لهم الطريق للوصول الي قاعة الاحتفال..!! وذهبت الي احد المقاهي.. وشاهدت حفل الافتتاح تليفزيونيا وسط من يلعبون الطاولة ويشربون الشيشة.. وليس لهم في المهرجان وصرخ احدهم طالبا تغيير القناة والبحث عن قناة تعرض اغاني شعبية او اعلانات مغرية.. وسقطت الدموع من عيني.. حزنا.. وخوفا من المستقبل وما يعانيه الشاب في اول الطريق في عالم السينما.. والفن عموما. وصمت الشاب فجأة الذي كان يحكي حكايته لي.. واخذ يسترد انفاسه بعد هذا التلاحق السريع في المشاعر. والخوف من ان يصبح حاقدا وينضح هذا الحقد علي من يكون مثلي في اول الطريق.. وينسي أن يكون عونا لهم.. .. قلت له حكايتك لها معني كبير معك ومع أمثالك من الشباب المؤهلين والحاصلين علي شهادات نهاية دراسة فن السينما والتمثيل من المعاهد الفنية.. أو غيرهم من تتوفر فيه تلك الهبة الإلهية لممارسة الفن. وضرورة الاهتمام بهم ورعايتهم فنيا.. وحضور الندوات وحضور المهرجانات.. وهم أحق من غيرهم.. وإشعار المهرجانات أن المهرجانات السينمائية لهم وأن المهرجانات هي مهرجاناتهم.. وتخصيص أماكن تليق بشباب المستقبل.. والتعامل معهم بأرق وسائل التعامل.. أو بمزجهم مع النجوم الكبار في تجاور ودي كله حب وتعاون.. وقلت له أخيرا.. سأنشر حكايتك هذه في حكايات سينمائية.. هل أذكر إسمك.. يا صاحب المشاعر قال بسرعة لا أرجوك مش ناقص مشاكل, قلت له.. ولكني أعدك أيها الشاب اني سأذكرك بهذه الشاعر في المستقبل القريب عندما تصبح نجما كبيرا لتكون مشاعرك هذه.. رقيبا عليك. ومرت السنون وفي حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال34 الثلاثاء الماضي.. شاهدت نجما جميلا.. يرتدي الإسموكن وحوله هالة من نور الفلاشات الخاصة بالمصورين والصحفيين الذين يتابعون أحداث المهرجان وهو يرد تحياتهم ونداءهم عليه ليقف لحظة لتصويره وسماع أخباره وهو يرد عليهم في منتهي الحب والتواضع والابتسامة الجميلة لا تفارقه.. ونظر الي حيث أقف أتابع المهرجان ونجومه ورفع يده بالتحية وهم بأن يأتي لتحيتي.. ولكني أشرت إليه بالاستمرار في دخول الحفل وهو نجم مشهور محبوب. وها أنا أنشر حكايته اليوم!!