يجتمع المجلس الخاص في مجلس الدولة غدا لبحث تداعيات توصية الجمعية العمومية برفض تعيين المرأة قاضية بالمجلس. والمعروف أن المجلس الخاص هو صاحب القرار وسبق أن وافق علي التعيين. المسألة إذن مجرد24 ساعة و يصدر القرار الصحيح, وهو ليس مجرد قرار و ليس تعنتا في وجه الجمعية العمومية, وإنما المجلس الخاص هو صاحب القرار, وهو يعمل علي تصحيح المسار للجمعية العمومية التي بررت توصيتها بأنها علي الدفعة الحالية فقط و ليس اعتراضا علي المبدأ. في عمود الخميس الماضي وصفت توصية الجمعية العمومية بإنها صدمة, لأنها صادرة عن نخبة بل فئة من أعلي مراتب النخب, وهي التوصية صدمة لانها كشفت حجم المصاعب التي يواجهها المجتمع في محاولته لاستعادة مكانة المرأة.
سيكون قرار المجلس الخاص غدا تصحيحا للمسار, لأنه سيعود للحق, والحق أن المرأة تستحق المساواة بالرجل, ولايجوز الاعتداد بمسائل فسيولوجية, لم تفارق الجنس البشري منذ بدء الخليقة وحتي اليوم, ولم تمنع المرأة من ممارسة وظائف بلغت اشتراكها في الحروب.
ماذا يحدث في مجتمعنا؟ في الثلاثينات و الأربعينات كانت المرأة في مقدمة الصفوف, واحتلت الصدارة في العمل العام و التظاهرات الوطنية, وفي الصحافة, وفي مجالات الفن المختلفة من سينما الي مسرح وخلافه, وفي الخمسينات حصلت علي حق التصويت و الترشيح معا قبل العديد من الدول المتقدمة, وحازت مقاعد في البرلمان و في التشكيلة الوزارية, وبعد سنوات من جلوسها علي مقعد القضاء يطل علينا من يرفض مواصلة مسيرة المرأة نحو المساواة.
نعم في مصر تيارات رجعية منحازة ضد المرأة وتعادي حقوقها, ولو كان الأمربيدها لمارست عليها تمييزا يفوق مانتخيله, بل ولأعادتها إلي المنزل مجددا, وألبستها النقاب, فالمرأة عند الرجعيين كلها عورة.
من الصعب وصف هؤلاء بالسلفيين, فأهل السلف ليسوا كذلك, أنهم رجعيون يرفضون تقدم المجتمع, وتوسيع مكاسب و تأسيس حقوق فئاته المختلفة, و يسعون دوما للارتداد بنا للخلف, وربما لعصور الجاهلية.
المرأة المصرية تواجه معركة مجتمعية عنيفة, ورفض الجمعية العمومية لمجلس الدولة له أنصار كثر لايجب الاستهانة بهم, وهم المعادون لحقوق المرأة ربما يمثلون الأغلبية, لذا فالمعركة طويلة وممتدة و تحتاج إلي ماهو أبعد من القرارات و التشريعات. الثقافة المجتمعية السائدة هي العائق الأساسي لاستعادة حقوق المرأة. [email protected]