شارلي شابلن اسم كبير في تاريخ السينما وتاريخ الفن عموما وعندما يكتب عنه من بعدحلول قرن جديد غير هذا الذي شهد مجده يكون العبء ثقيلا فما هو الجديد الذي سيكتب عن هذا العملاق بعد أن صدرت عنه وعن حياته العديد من الكتب وصنع عنه العديد من الأفلام, علي الرغم من كل ذلك.. فان الأجيال الجديدة لا تعرف الكثير وبالتالي عن أفلامه. ومن أجل الكتابة عن شابلن, يجب أن تكون هناك مفاضلة وانتقاء, نظرا لان حياة هذا الفنان العملاق كانت بنفس الثراء والتنوع الذي كانت عليه أعماله, وبالتالي فان سرد تفاصيل حياته يعد في حد ذاته رواية أدبية متكاملة العناصر تحتوي علي القصص الغرامية والمكائد العاطفية وكذلك علي المواقف السياسية والكثير من معارك النضال ضد قوي القهر والطغيان, ومن هنا فان الخوض فيها قد يتطلب كتابا وليس مقالا لذا فنحن نري انه من الأفضل التركيز علي أعماله ونحن نحتفل بمرور اثنين وثلاثين عاما علي وفاة هذا العملاق الكبير. من النقاط المهمة التي نود أن نشير إليها في حياة شابلن الخاصة.. ذلك الجزء المتعلق بكتابته لمذكراته, والتي تشمل كتابي رحلاتي 1923 وقصة حياتي 1961 حيث يجمع الكثيرون علي أن شابلن لجأ إلي قاعدة أفلام الوسترن الشهيرة التي تقول: إذا كانت الأسطورة أكثر مصداقية من الحقيقة, فعلينا ترديد الأسطورة ونسيان الحقيقة .. وبالتالي فهناك العديد من المواقف الواردة في مذكرات شابلن.. تتنافي مع الحقيقة, وكتبت بقدر كبير من الخيال السينمائي, وهو ما لم يكن ينقص شابلن. من أهم تلك النقاط إصراره علي انه من أصل فرنسي, وهو مالم يثبت تاريخيا, ولكن شهرته الكبيرة في فرنسا جعلته يلجأ إلي هذا الادعاء, كما أن شابلن لم يذكر واقعة طرده للممثل هنري كليف وهو صديق له تعاون معه في معظم أفلامه السابقة لرفضه الوثوب في مياه النهر الساعة الثالثة صباحا أثناء تصوير فيلم أضواء المدينة لأنه كان مصابا بالتهاب رئوي كما أن شابلن يدعي أنه ابتكر شخصية شارلو من ثاني فيلم شارك في تمثيله مع شركة ماك سينت وذلك بابتكاره زيه الشهير( قبعة مولون دائرية ينطلون واسع جاكت ضيق حذاء كبير جدا.. وعصاه الشهيرة). ولكن الحقيقة مختلفة فقد قدم شابلن أكثر من ثلاثين شخصية في استوديوهات ماك سينت قبل أن يقدم شخصية المتشرد في فيلم يحمل نفس الاسم وقبل ذلك لعب الكثير من الشخصيات ومنها رب العائلة.. بل قام بدور امرأة. بعد نجاح شخصية المتشرد ولم يكن نجاحا مقصورا علي السينما بل امتد لقصص الأطفال المصورة وغيرها من المطبوعات حافظ شابلن علي تلك الشخصية إلا إنه تركها في بعض الأفلام بعد ذلك مثل أدائه شخصية دون خوزيه في فيلم كارمن المأخوذ عن الأوبرا الشهيرة, أو عند قيامه بأداء شخصيتين مختلفتين في ليلة في الاستعراض. نسج شابلن العديد من الحكايات الطريفة حول نفسه من اشهرها تقدمه لمسابقة تقليد شخصية شارلو وحصوله علي المركز الثالث وكل هذا بالطبع لا يقلل من قيمة مذكرات شابلن في التعرف علي مسار حياته. القضية الثانية التي يجب أن نتطرق إليها. تتعلق بيهودية شابلن حيث اجمع الكثيرون علي انه يهودي, ولا علاقة لذلك بتمجيد أعماله لليهود من عدمه لان تلك مسألة تدخل في نطاق وجهة النظر واختلاف الرؤي فمثلا ظهور رجال الدين اليهودي في فيلم( المهاجر), يري البعض انه تمجيد لليهود في حين يري البعض الآخر انه سخرية من تزمتهم. كما أن الفيلم الذي دمغ شابلن بصفة المدافع عن اليهود هو فيلم( الديكتاتور).. جاء في وقت لم يكن فيه اليهود هؤلاء الطغاة المغتصبين لأراضي فلسطين تحت الدعاوي الصهيونية بل مجرد فريق من الفرق التي القي بها في محرقة اضطهاد هتلر مثل الغجر والشيوعيين, والخطاب الأخير في فيلم( الديكتاتور) يوضح أن شابلن كان يدافع عن كل الأجناس المضطهدة من بيض وسود وان اليهود لم يكونوا المقصودين بمفردهم. بالاضافة إلي أن فيلم الديكتاتور ذكر ضمن أحداثه واقعة لم يجرؤ أي عمل أخر علي تناولها( ذكرت الواقعة الفعلية بعد ذلك في كتاب روجيه جارودي- أساطير الصهيونية) وهي عن تعاون رجال المال والاعمال اليهود مع هتلر ورغبته في الاستفادة من نفوذهم, وعند ظهور أول بادرة خلاف, عاد هتلر من جديد للانقلاب عليهم, وهو الشيء الذي لا يجرؤ احد علي إعلانه اليوم دون أن يقابل بسيل من الهجوم والعداء قد يصل إلي حد السجن.. وحالة روجيه جارودي نفسه خير مثال. اما موقف شارلي من إسرائيل, فمرجعنا فيه الحديث الذي أدلي به وذكر في كتاب كامل التلمساني عزيزي شارلي, والذي يقول فيه أن الدولة التي يقوم كيانها علي دعوة عنصرية دينية.. لا يمكن لها أن تعيش ولا يمكن لها البقاء لقد أقام الاستعمار اسرائيل لتصبح قاعدة في الشرق الأوسط يضرب منها شعوب هذه المنطقة كلما أرادت الثورة عليه أو الاستقلال عنه( كامل التلمساني عزيزي شارلي مطبعة المعرفة 1958 ص251). أما عن أصل شابلن فأمه ليست يهودية بل كانت تقضي معظم وقتها في زيارة الكنائس ولا يمكن لامرأة يهودية أن تتفاني في زيارة الكنائس مثلما كانت تفعل أمه هانا.. وحتي لو كانت يهودية الأصل وتحولت عن اليهودية فان شابلن لم ينل أي تعاليم يهودية في حياته, وقد كان عضوا في نادي اتليتيك الذي لم يكن يسمح بدخول أي يهودي مهما كان شأنه وهذا ما ذكره المنتج الهوليودي زانوك في مذكراته.. الأمر وما فيه انه في بداية حياته ظن الكثيرون في هوليوود انه يهودي ولم يعترض هو علي ذلك حيث كان اغلب منتجي هوليوود من اليهود, وبالتالي كان من مصلحته أن يظنوه يهوديا فعلا.. ومن هنا جاءت معلومة أن شابلن يهودي, بالطبع موقفه هذا به نوع من الانتهازية, ولكن كل منا يعرف مدي سيطرة اليهود علي هوليوود. [email protected]