الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر تعليمات بخصوص أوقات عمل منافذ بيع مقدمي خدمات الاتصالات خلال عيد الأضحى المبارك    مقتل 7 فلسطينيين في غارة جوية على حي الرمال وسط مدينة غزة    سواريز ينضم لكولومبيا لمواجهتي بيرو والأرجنتين    تشيلسي يقترب من ضم جيتينز قبل كأس العالم للأندية    تجديد حبس تشكيل عصابي بتهمة التنقيب عن الآثار في الغربية    مها الصغير ترد لأول مرة على شائعات ارتباطها بطارق صبري    القوات المسلحة تهنئ الرئيس بعيد الأضحى    محافظ أسوان: عدم التهاون مطلقا في الحفاظ على أراضي الدولة    محافظ القليوبية يتفقد منافذ خير مزارعنا لأهالينا بمناسبة عيد الأضحى.. صور    وصول جميع حجاج السياحة المصريين إلى الأراضي المقدسة    أداء القطاع الخاص بمصر يتباطأ إلى أقل وتيرة في 3 أشهر بمايو    وزيرة البيئة تطلق الحوار المجتمعي الوطني حول تغير المناخ    "صرف الإسكندرية": بحث مقترح لتحويل الحمأة إلى مصدر للطاقة النظيفة– صور    «الأعلى للإعلام» يصدر 4 قرارات جديدة بشأن بعض البرامج الرياضية (تعرف عليها)    بعد إقالات ترامب.. مسؤول هولندي مؤيد لإسرائيل ينسحب من الحكومة    حماس تطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية آمنة لتوزيع المساعدات بإشراف دولى    بلدية غزة تطلق نداءً عاجلا لتوفير الآليات والوقود    الصحة الفلسطينية: مراكز المساعدات في غزة تحولت إلى مصائد موت تهدد حياة المدنيين    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 990800 فرد    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر من جنيف: المنصات الرقمية تفرض تحديات جديدة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين    تقارير: برشلونة يتحرك للتعاقد مع لويس دياز    حقيقة الممر الشرفي لبيراميدز.. هاني سعيد يتحدث عن نهائي الكأس ضد الزمالك    الهلال السعودي يسعى للتعاقد مع صفقة برازيلية    «بيتشتم بعد كل اللي عمله».. شوبير يكشف موقف مصيلحي من العودة إلى الاتحاد    بدء اختبارات عمال مصريين للعمل في صناعة الزجاج بالأردن    رئيس بعثة حج الجمعيات الأهلية يراجع خطة تصعيد الحجاج إلى عرفات غدًا    بعد تداول الأسئلة.. «تعليم دمياط» تعلن إعادة توزيع درجات مادة الهندسة للشهادة الإعدادية    موسم الحج 2025، السعودية تعلن جاهزية قطار المشاعر المقدسة لبدء تشغيله اليوم (فيديو)    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 في مصر    «أمن المنافذ»: ضبط 2628 مخالفة مرورية وتنفيذ 162 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    سويلم يتابع ترتيبات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"    تشييع جثمان سميحة أيوب من مسجد الشرطة بعد صلاة العصر    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    احذرهم.. 3 أبراج قاسية في التعامل يصعب كسب ودهم بسهولة    بالأسماء، الطلاب الفائزون في مسابقة "تحدي القراءة العربي"    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    محافظة القاهرة تجهز 366 ساحة لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لزيادة الرزق وقضاء الحوائج.. ردده الآن    استعدادًا للعيد.. طريقة عمل «الممبار البوبس» في المنزل    مستشار الرئيس: إجراءات لضبط نقل الدواء مع المسافرين    تفاصيل بحث علمي دولي حول مستقبل رعاية الكلى في مصر بكلية طب قصر العيني    بمناسبة الاحتفال بعيد الأضحى المبارك.. زيارة استثنائية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة سميحة أيوب «سيدة المسرح العربي»    رفع درجة الاستعداد القصوى بالمنشآت الصحية بالأقصر خلال إجازة عيد الأضحى    غلق وتشميع مركز لجراحة المخ والأعصاب والعناية المركزة بقنا    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    لوفتهانزا الألمانية تمدد تعليق رحلاتها الجوية من وإلى تل أبيب حتى 22 يونيو    وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر يناهز 93 عامًا    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    محافظ أسيوط يتفقد المركز الصحى الحضرى لمتابعة مستوى الخدمات الطبية    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    وزارة التعليم: فتح باب التحويل للمدارس الرسمية الدولية على موقعها    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 3-6-2025 في قنا    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    «مقدرش احتفل قدام الزمالك».. رسائل خاصة من مصطفى فتحي قبل نهائي كأس مصر    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن الدائرة

وقف ابن روحية كعامود إنارة صدئ بقدميه الحافيتين وجسده النحيف الذي بدا كهيكل عظمي مرتديا جلبابه القصير المهترئ ينادي علي بضاعته الطماطم وسط الميدان المزدحم بالمارة الرائحين والقادمين‏..‏ ويبذل جهدا كبيرا في النداء فلا يصل صوته الا لمترين أو ثلاثة بالكاد
وابن روحية كان في الحقيقة اسمه ابوالمعاطي ولكن التصق به هذا اللقب التصاق الانف بالوجه منذ أن جذبته أمه روحيه وراءها الي الاسواق والميادين والشوارع حاملا مشنة الطماطم الكبيرة فوق رأسه الصغير لما أيقنت أن ابو المعاطي سقط في بحر الفشل في الدراسة الابتدائية حتي صار لا يعلم الالف من مئذنة الجامع‏..‏ فأخذته يعمل معها بدلا من أن تحتويه الشوارع أو يسطو علي عقله أصحاب السوء‏..‏ ومن يومها وأبو المعاطي صار حاملا لهذا اللقب لدرجة أن الناس وأصحاب الوكالات نسوا اسمه الحقيقي ولم يعودوا ينادونه الا بابن روحية‏...‏ وحاول ابو المعاطي جاهدا مرارا وتكرارا ألا يتوج بهذا اللقب ولكنها إرادة الله فيه‏..‏ واقتنع مرغما بهذا اللقب‏.‏
قال له أحدهم‏:‏
الناس ربطوك باسم المرحومة لكي لا تنساها ابدا‏..‏ صدقني‏..‏ أنت محظوظ‏..‏
المهم ان ابن روحية ظل يجاهد في النداء فيرتفع صدره وينحفض وراح يداعب حبات الطماطم المتراكمة علي العربة الخشبية المتهالكة أمامه‏..‏ يصفها أحيانا بأنها مجنونة وأحيانا أخري أنها أحلي من التفاح الامريكي‏..‏
وبين اللحظة والاخري يخلع طاقيته المصنوعة من أردأ أنواع الصوف من فوق رأسة فتظهر صلعته المعروفة ويظل يمسح العرق المتصبب علي حواف التجاعيد التي تملا وجهه الاسمر‏..‏ وكان بين الحين والاخر ينقر علي صلعته بأصابعه فيثير إبتسامات وضحكات المارة من حوله ورغم حركة البيع التي حظي بها ابن روحية في هذا اليوم إلا أن البضاعة أمامه مازالت كثيرة‏..‏ هذا بخلاف الاقفصة التي مازالت مملوءة بالطماطم ولم تأخذ دورها لطرحها للبيع‏..‏ بدت جيوب ابن روحية منتفخة بالجنيهات وانصافها وارباعها بخلاف الورقات النقدية الحمراء والخضراء فتسري في عروقه نشوة‏..‏ كانت النداءات تخرج من فمه متلاحقة وسريعة واحيانا يعتلي عربته الخشبية مناديا علي بضاعته التي هي احلي من الشهد المكرر‏..‏ ولوي ابن روحية رقبته الطويلة التي اقرب ما تكون الي بوصة الصيد تجاه الحشود الهائلة والرايات المزركشة والهتافات التي تشيد جميعها من خلال ابواق مكبرات الصوت بابن الدائرة الذي يعمل ليلا ونهارا من اجل خدمة اهله واخوانه وذويه‏..‏
هتافات التأييد‏.‏ تصفيق الايدي وغيرها من الطقوس الاخري‏..‏ كل هذا يراه ابن روحية علي مقربة منه‏..‏ فراح يتابع المشهد باذنيه فقط اما عيناه فبدتا كنجمتين صغيرتين في جوف الليل وصوبهما تجاه السماء الرحيبة والفسيحة امامه‏.‏ وجال بخاطره انه لو صار يوما ابنا للدائرة وممثلا لاهلها فلا شك ان ذلك سيعود عليه بالنفع العظيم والخير الوفير‏..‏ اقل مافيها ان الناس كل الناس ساعتها لن يعود في مقدرتهم ان ينادوه بابن روحية‏..‏ علي الاقل سينادونه بالحاج ابو المعاطي أو المعلم ابو المعاطي واقل القليل سيحظي باسم ابوالمعاطي فقط وهذا خير له من ان ينادوه بابن روحية‏..‏ وهناك نفع اخر سيعود عليه‏..‏ انه حينما يكون كذلك فلا ريب ان محاضر اشغال الطريق التي يغرقه موظفو مجلس المدينة في بحورها ستزول او علي الاقل ستقل جدا والنفع الاعظم انه حينما يذهب لاصحاب الوكالات ليأخذ منهم البضاعة الطماطم لن يعود في استطاعتهم حينها ان يوبخوه او يطالبوه بما عليه باسلوب يجعل الدموع تفر من عينيه دون ان يعملوا لعظم التربة أي حساب‏..‏ كل هذه المنافع وغيرها ستعود حتما علي ابن روحية لو صار ذات يوم ابنا للدائرة‏.‏
وبينما هو شارد يتخيل ويتمني بكل ما اوتي عقله من قدرة علي التخيل والتمني‏..‏ فاذا بفوج اخر يأتيه من الاتجاه المعاكس لمرشح اخر منافس‏..‏ وظل الفوج القادم بقترب حتي صار ابن روحية مركزا ينتصف الفوجين بحشودهما الهائلة‏..‏ وكثرت الهتافات وتعالت الاصوات واختلطت الرايات‏..‏ وامتدت الايدي‏..‏ واشتبكت الالسن وصارت الطماطم الموضوعة امام ابن روحية قذائف موجهة يستخدمها افراد كلا الفوجين ضد خصمه وفرغت الطماطم من امام ابن روحية فبدا سطح العربة فارغا الا من الميزان وكفتيه وما تبعهما من اثقال وكذلك الاقفصة المملوءة قد تهاوت علي الارض بما فيها‏,‏ وضاع صوت ابن روحية وسط الزحام وانقلبت العربة الخشبية فوق جسده الممصوص ودهسته الارجل بمختلف الوانها ومقاساتها وضاعت كل النقود التي جمعها ابن روحية طيلة يومه المشئوم وراح يصرخ قدر استطاعته محاولا ان يوقف نهر الدم الذي انفجر من رأسه حينما قذفه احد المتعاركين بسنجة الميزان علي سبيل الخطأ‏..‏ ولما هدأت ثورة المتعاركين وبدا المكان خاليا الي حد ما من الارجل علا صوت ابن روحية صائحا والدم مازال يقطر من رأسه الحقوني يا إخواني‏..‏ الحقوا ابنكم‏..‏ ابن الدائرة‏.‏
محمد الحديدي المحامي
الشرقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.