امرأة جميلة طويلة القادمة ترتدى زيا فلسطينيا. ظهرت لنا فجأة وقالت: إياكم أن تدخلوا هذا البيت. إنه ملئ بالألغام. فكرنا قليلا ثم قررنا الامتثال لها. وما هى إلا لحظات وانفجر البيت وانهار. اختفت المرأة الجميلة. ثم ظهرت مرتين مجددا لتحذرنا. فأمسكنا بها وسألناها عن قصتها، وما الذى يجعل امرأة فلسطينية تحذر جنودا جاءوا ليقتلوا شعبها. فأجابت: لأننى أحبكم. أنا أمكم راحيل". ويضيف: اختفت المرأة وواصلنا التقدم. اقتربنا من مسجد فوصلت إلينا معلومات بأنه يحتوى على أسلحة ومتفجرات. وفجأة ظهرت لنا المرأة من جديد، وقالت: أحذركم من دخول هذا المسجد أيضا، فهو ملغوم. تراجعنا على الفور، وهذه المرة من دون تردد، وبالفعل، انفجر المسجد وانهار بعد دقائق. ويواصل الجندى روايته: "تكرر الأمر للمرة الثالثة فى اليوم نفسه، لكن هذه المرة أمسكنا بها وسألناها عن قصتها، وما الذى يجعل امرأة فلسطينية تحذر الجنود اليهود الذين يهاجمون شعبها وتنقذهم من الموت المحقق، فأجابت: لأننى أحبكم ولا أريد لكم سوى الخير، وسألناها: ومن أنت؟، فأجابت: أنا أمكم راحيل، واختفت من جديد". الرواية لم تقتصر على ألسنة الجنود، الذين صدقوا تفاصيلها الكاذبة والدعائية، بل امتدت لتصل إلى رجال الدين اليهودي، وتبناها الحاخام الأكبر، مردخاى إلياهو، الزعيم الروحى لليهود المتدينين الأشكيناز، وأكبر رجل دين للتيار القومى فى الحركة الصهيونية، الذى يتبعه غالبية المستوطنين. وقال إلياهو: إن الرواية واقعية، وإنه بنفسه دعا الأم راحيل إلى الصلاة من أجل الجنود الإسرائيليين فى غزة، وأن تباركهم وتبعد عنهم "لعنة" الفلسطينيين. نجله شلومو إلياهو، وهو الحاخام الأكبر بمدينة صفد، نشر بدوره هذه الرواية لتصل إلى الشارع، فالصحافة، وخلال الحرب على غزة نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية صورا لجندى على ظهر دبابة يقرأ التلمود، وثان يؤدى بعض الطقوس الدينية قبل إطلاقه القذائف وثالث يرتدى القلنسوة الرمز الدينى اليهودى، وبحسب الصحافة الإسرائيلية فإن عددا كبيرا من المتدينين شاركوا فى الحرب على غزة، ولم تتوقف الفتاوى الدينية اليهودية الداعية إلى قتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وقصف البيوت والمساجد. وتعلق سوسن البرغوثى على ذلك قائلة: لا يخفى عن أحد أنا لحاخامات يشكلون قاعدة وأساسا فى الكيان الهمجى "الإسرائيلي"، وهم وراء ما ترتكبه الآلة العسكرية المجنونة المتوحشة فى غزة، بالإدعاء أن فلسطين "أرض الميعاد"، وهم أيضا يقفون وراء ما يمارسه جنودهم من إبادات جماعية للفلسطينيين، تجرى على مراحل، وأهل المخيمات على وجه الخصوص. فبعد الترحيل القسرى للفلسطينيين إبان النكبة الفلسطينية الأولى 1948، وارتكاب المجازر وتدمير القرى والمدن فى فلسطين، وإحلال مستوطنين بدل السكان الأصليين، وبعد نكسة 67، استمرت مجازرهم فى مخيمات اللجوء، وأخيرا وليس آخرا عمليات الرصاص المصبوب والجرف الصامد الأخيرة. حاخامات اليهود المقتدون ب"راحيل" زوجة يعقوب جدتهم يتقدمون آلة الحرب الهمجية الصهيونية، ويقودون القتلة ليمارسوا أبشع أصناف الجريمة واغتيال الأطفال والنساء فى غزة، ويرشدونهم يحرضون الجنود الصهاينة المدججين بالسلاح الدموى لتدمير الحجر والشجر، واقتلاع الزرع والحرث، وبث سموم القنابل المحرم استخدامها دوليا. تدمر المؤسسات والبنى التحتية للقطاع، تقصف المستشفيات والمدارس، كملهمة روحية، وداعية للقتل والإبادة الجماعية لشعب محاصر ومتمرد على أوامر "الشركاء". هذه هى تعاليم حاخامتهم فى الجيش "الإسرائيلي"، وهذا ديدنهم، فلم يدخلوا قرية أو مدينة إلا أحرقوها ودمروها عن بكرة أبيها، وقتلوا سكانها، وعاثوا فى الأرض فسادا. فهل يمكن أن يكون أن يكون فى ثقافة هؤلاء أية رغبة فى تحقيق السلام؟ وكيف يمكن لمن يحمل هكذا عقلية، أن يفكر بالتعايش مع "الأغيار"؟! إنهم "داعش" الإسرائيلية التى تستخدم الدين للقتل والنهب والترويع واغتصاب حقوق وممتلكات الآخرين.