كثيرًا ما يرد على خاطرى لماذا نكتب؟ بمعنى أنه إذا كان لكل سلوك دافع، فما هو الدافع للكتابة؟ فوجدت أن مبرر الكتابة لدى بغرض إما لتصويب واقع معيب ومنقوص، أو لصياغة تصور لواقع جديد مأمول ومرغوب. وأن تكون كامل القدسية لمضمون مواد الدستور والقوانين التى تتفرع عنه والتى تمثل الدعائم الأساسية للمجتمع والدولة، ولا تكون القدسية للحكومة القائمة على تنفيذ القوانين والتشريعات. والحق أن انحراف الحكومات عن الدستور والقوانين يؤدى لا محالة إلى أقصى درجات الانحراف والفساد. وسوف أتناول اليوم مسألة تقتضى العناية والاهتمام ليس من الحكومة وحدها. بل من أكبر رأس سياسية فى البلاد، لأنها ببساطة تتصل اتصالا مباشرا باحترام المجتمع المصرى كله بل وأيضًا احترام إرادة وقرارات أعلى سلطة سياسية ممثلة فى السيد رئيس الجمهورية بحكم أنه رئيس السلطة التنفيذية فى أعلى مستوياتها، ممثلا لإرادة الشعب. إننى أرى أن الضبط والتنظيم للإطار التشريعى والقانونى للجهاز الإدارى للأجهزة الحكومية والاقتصادية هى أول مراحل الإصلاح الاقتصادى للدولة المصرية. وعلى الحكومة ألا ترتكن على إنجازات ومبادرات رئيس الجمهورية بل ينبغى أن نرى حكومة على نفس القدر من المبادأة والمبادرة والجسارة. فالحقيقة أن الحكومة الحالية تعمل فى إطار دستور (2014) وفى ظل غياب مجلس النواب. وعلى ذلك فإن هناك تخوف من أنها ربما تركن إلى كونها بمنأى عن الرقابة البرلمانية. وعلى ذلك فإنى أقترح تفعيل وتدعيم دور الرقابة الشعبية والمجتمع المدنى على أداء تلك الحكومة حتى يتسنى لنا انتخاب مجلس النواب القادم. هذا وقد قرر الدستور فى المادة (224) (كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور، يبقى ناقدًا، ولا يجوز تعديلها، ولا إلغاؤها إلا وفقًا للقواعد، بمعنى أن تلتزم الحكومة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام الدستور. وفى المادة (167) تمارس الحكومة، بوجه خاص الاختصاصات الآتية: الاشتراك مع رئيس الجمهورية فى وضع السياسة العامة للدولة، والإشراف على تنفيذها. والمحافظة على أمن الوطن وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة. وتوجيه أعمال الوزارات والجهات، والهيئات العامة التابعة لها، والتنسيق بينها، ومتابعتها. إعداد مشروع الخطة العامة للدولة. وإعداد مشروع الموازنة العامة للدولة. وعقد القروض وتنفيذ القوانين. ومن منطلق الدور الأصيل للحكومة فى إعداد مقترحات مشروعات القوانين وتعديلها، والالتزام بتنفيذها فإننى أضع النماذج التالية، لنرى ما إذا كانت الحكومة تتقيد بالقواعد الدستورية الحاكمة، والقوانين العامة، والقرارات الجمهورية. أولاً: فى 15 يونيو 2014، نشرت الجريدة الرسمية أول قرار للرئيس تنفيذا لأحكام الدستور. ونص القرار رقم (187) على تشكيل لجنة عليا للإصلاح التشريعى برئاسة رئيس مجلس الوزراء لبحث ودراسة مشروعات القوانين والقرارات الجمهورية وقرارات رئيس مجلس الوزراء اللازم إصدارها أو تعديلها تنفيذا لأحكام الدستور أو التى تحيلها إليها الوزارات والجهات المختلفة لمراجعتها وتطويرها والتنسيق بينها وبين التشريعات المختلفة لضمان عدم تعددها أو قصورها أو تناقضها أو غموضها والعمل على ضبطها وتوحيدها وتبسيطها ومسايرتها لحاجة المجتمع وملاءمتها للسياسة العامة للدولة وفلسفتها وأهدافها القومية. ويعرض رئيس الحكومة على رئيس الجمهورية تقريرا شهريا بنتائج أعمال اللجنة على أن تنتهى من التشريعات العاجلة بحد أقصى شهرين من تاريخ إصدار القرار الجمهورى غير أن ما حدث فعليًا هو أن رئيس الوزراء اجتمع باللجنة بعد مرور شهرين بالتمام والكمال، وما زاد الطين بله أنه قد قرر وضع ميزانية مناسبة لأعمال اللجنة (فلماذا لا يتحصل كل عضو على مكافأته من الجلسات من جهة عمله الأصلية) وعلى الأخص أن أعضاءها جميعهم ممن يتعدى الحد الأقصى؟ وكأن رئيس الحكومة يشرع فى إنشاء لجنة بمثابة جهة تشريعية خاصة ودائمة للحكومة تضع للحكومة القوانين التى تحكم عملها والنصوص التى تراقب أداءها! وكأنها مجلس نواب خاضع لإشراف الحكومة. وعلى ذلك أضع تحت نظر السيد الرئيس بإلزام اللجنة بالتوقيت الزمنى للقرار الجمهورى لعمل اللجنة (وهو شهران) بل وتجميدها، وعلى الحكومة أن تلتزم فقط بدورها الدستورى والذى يتمثل فى صلاحيتها فقط فى تعديل اللوائح التنفيذية للقوانين والتشريعات الحالية وترك التغييرات الجوهرية فى القوانين للمجلس المنتخب القادم. وإلا فما جدوى تحديد إطار زمنى لأية تشريعات قانونية أو قرارات جمهورية؟ ثانيا: أصدر رئيس الوزراء قرارا برقم (1293) (نوفمبر 2013) بشأن تشكيل لجنة وزارية لمتابعة البرنامج القومى للتغذية المدرسية من عدد (11) وزارة وهيئة، وبعد استقالة الحكومة السابقة وبالتالى واستقالة رئيس اللجنة الوزارية، وهو كان نائبا لرئيس الوزراء فى حينها، فلا يوجد أثر لتلك اللجنة الوزارية، ولا ندرى موقف التغذية المدرسية، حيث تبين لى شخصيًا (من خلال حضورى ممثلا لإحدى الجهات كيف كان التركيز من أعضاء اللجنة الوزارية على تعيين مدير تنفيذى للمشروع كل يسعى أن يكون من ترشيحه وكأن هدف اللجنة هو تعيين مدير للمشروع لمدة سنة؟ لقد انتهت اللجنة الوزارية بذهاب نائب رئيس مجلس الوزراء. ثالثًا: تضمن القرار الجمهورى بإنشاء الصندوق الاجتماعى للتنمية تشكيل مجلس الإدارة من عدد (9) ولمدة ثلاث سنوات.