بعيدا عن الأحداث السياسية الساخنة وبمنأي عن زحام العاصمة وأزماتها المعهودة وكذلك حرارتها العالية, وقبل انطلاق العام الدراسي الجديد وبدء استعداد معظم الأسر لاستقباله.. كانت الشواطيء مقصدهم بحثا عن اجازة سريعة قصيرة من ضغط العمل وكذلك الدراسة التي أوشكت علي طرق الأبواب, في محاولة للحاق بالموسم الصيفي القصير الذي بدأ قبل شهر رمضان بأيام قليلة وها هو يحاول الاستمرار بعده وقبل قدوم سبتمبر شهر المدارس علي حد وصف معظمهم.. وفي ظل توالي المواسم تقف ميزانية الأسر خاصة محدودي الدخل عاجزة أمام تلبية جميع الاحتياجات خاصة في ظل ارتفاع تكاليف أجازة المصيف, هذا بخلاف مصاريف الشهر الفضيل التي استحوذت علي كل مليم في جيب رب الأسرة, الأمر الذي أدي إلي ارتباك حسابات البعض والمفاضلة بين الاحتياجات اللازمة للأسرة سواء خلال الشهر أو بعده, أو من خلال محاولة البعض الآخر مسك العصا من المنتصف من خلال اختيار شاطيء منخفض التكاليف والاستغناء عن بعض المستلزمات في مصايف- قالوا عنها- أنها مصايف الأسر متوسطة ومحدودة الدخل عكس مصايف أخري أصبحت حكر علي الأغنياء.. شط إسكندرية يا شط الهوا.. روحنا إسكندرية رمانا الهوا.. يا دنيا هنية و ليالي رضية أحملها بعينيا شط إسكندرية.. كلمات تغنت بها فيروز من ألحان الأخوين الرحباني في حب عروس البحر المتوسط التي يحسدها القاهريون وغيرهم من سكان المحافظات الأخري علي موقعها المتميز وشواطئها الجميلة ومعالمها الخلابة, تلك الكلمات التي ترسم أمواج بحر الإسكندرية ولياليها المبهجة بمجرد الاستماع إليها.. الأهرام المسائي قامت بجولة علي أحد شواطيء مصيف الإسكندرية وهو شاطيء مميز ومغلق وفقا لما أكده أفراد أمن بوابات الشاطيء وعدد من العمال الذين يقيمون داخل الشاطيء طوال الاجازة الصيفية بحكم أعمالهم, ورغم الاتفاق الواضح بين آراء المصطافين حول جمال واختلاف شواطيء الإسكندرية والمصيف ككل مقارنة بمصايف آخري إلا أن تباين الآراء والأقوال أيضا كان واضحا حول الأسعار سواء كانت رسوم دخول الشواطيء أو الخدمات المقدمة فيه وكذلك أسعار الأسواق وتحديدا المواد الغذائية التي تزيد الضعف أو أقل قليلا عن نظيرتها بالقاهرةوالمحافظات الآخري وفقا لروايات بعضهم. في البداية يقول سليم محمد أعمال حرة- إن رسوم دخول الشواطيء مبالغ فيها ولا تناسب الأسر محدودة الدخل, مشيرا إلي أن أقل أسرة تتكون من5 أفراد وأسعار كراسي الشاطيء والشمسية مرتفعة والتي لا تقل عن60 جنيها في اليوم أو ربما يزيد بعد الإكراميات التي يتم دفعها لمجموعة الشباب التي تنقل الكراسي وتقوم بتثبيتها علي الشاطيء مؤكدا أنها جباية إجبارية يطلبونها ويحددون قيمتها بأنفسهم, مضيفا أن المقابل جملتهم الشهيرة اذا كنت عايز تقعد علي البحر علطول في الصف الاول! ليستطرد حديثه مستنكرا مع انه بعدها بيجيب حد تاني قدامك عشان دفع اكتر!. ويري أن أسعار المواد الغذائية داخل الشاطيء تختلف عن خارجه حيث أكد أن هناك فرقا واضحا فالمعمورة مثلا شاطيء مغلق وجميع الأسواق والمحال التجارية الموجودة خارجه تقع علي مسافة بعيدة وبالتالي فإن المصطافين مضطرون لشراء ما يحتاجونه بالأسعار المحددة, وبنبرة متهكمة أنهي حديثه قائلا احنا في اسكندرية مصيف الناس العادية مش شرم الشيخ يعني عشان يتعاملوا معانا كده. وتشكو أم إسلام ربة منزل جاءت مع أولادها وشقيقاتها وأبنائهم من ارتفاع رسوم دخول الشاطيء, وتساءلت حتي البحر بتاع ربنا بفلوس ؟! واستطردت حديثها قائلة أن عدد أفراد أسرتها التي تدخل معهم الشاطيء يوميا13 فردا منهم طفلان في العاشرة من العمر وتم دفع رسوم دخول لهما لأنهما تعديا سن السابعة, وبحسبة سريعة أكدت أنها تدفع عن أسرتها يوميا120 جنيها مشيرة إلي أن ذلك بعد الاستغناء عن3 كراسي, لتنهي حديثها قائلة أن حساب البحر محتاج ميزانية لوحده, بخلاف مصاريف اليوم العادي من طعام وشراب وشراء مستلزمات للأولاد علي حد قولها. وتلتقط منها شقيقتها أم محمد أطراف الحديث حيث أكدت أن المصايف أصابها الغلاء فلم يعد بمقدور الأسر البسيطة ذات الدخل المحدود قضاء أسبوع في أي مصيف حيث تكتفي بعض الأسر بيومين أو ثلاثة في أي مصيف, وأشارت إلي غلاء بعض أسعار المواد الغذائية التي تزيد عن سعرها الأصلي بثلاثة جنيهات, وأكدت أنها قد تلجأ بعد ذلك إلي رحلات اليوم الواحد التي تشهدها معظم الشواطيء داخل الإسكندرية وغيرها من المحافظات الساحلية الأخري أيام الأحد والجمعة, وفسرت كثرة عدد المصطافين وقتها بأن رحلات اليوم الواحد تحقق غاية متعة المصيف دون التورط في تكلفة قضاء فترة ولو كانت بضعة أيام داخل أحد الشواطيء. ويقول أحد أفراد أمن الشاطيء رفض ذكر اسمه ان أسعار شواطيء الإسكندرية بما فيها شاطيء المعمورة المميز عادية جدا مقارنة بشواطيء محافظات أخري كمصايف شرم الشيخ والغردقة مؤكدا أن محافظة الإسكندرية مازالت قبلة معظم المصطافين لأنها تناسب جميع المستويات حيث توجد مناطق وشواطيء باهظة الثمن وفي المقابل توجد شواطيء وكذلك مساكن قليلة التكلفة للإيجار, مدللا علي ذلك باختيار العديد من الشباب للإسكندرية لقضاء رحلاتهم القصيرة. ويري أن المواد الغذائية والمستلزمات أيضا لا تمثل أزمة كبيرة للمصطافين نظرا لأن الغالبية العظمي تحضر معها خزينا خاصا من الأطعمة تكفي للفترة التي سيقضونها هناك. وعن الإكراميات التي يأخذها بعض العاملين بالشاطيء لمساعدة الأسر في تثبيت ووضع الكراسي والشماسي علي الشاطيء والتي تضرر منها بعض المصطافين يقول انها تعود لتقدير كل شخص مؤكدا أن البعض يرغبون في الجلوس بالقرب من البحر مما يتسبب في مشاكل طوال اليوم بين المصطافين بعضهم البعض, مما يضطر هؤلاء العمال لنقل بعض الأسر أكثر من مرة طوال اليوم علي الشاطيء, وتساءل ألا يستحق ذلك دفع مبلغ زهيد لعامل يرفع عنهم عناء حمل أدواتهم ؟!. /// وفي الأسواق باعة خالد بن الوليد يترقبون المرور الدوري للشرطة.. والمشترون: الأسعار فوق و تحت.. وكل زبون عارف محله في جولة ليلية علي الكورنيش وصولا إلي أول المنتزه وتحديدا في بداية شارع خالد بن الوليد أشهر شوارع الإسكندرية وأحد أهم أسواقها المعروفة ببيع كل شيء, هذا الشارع الذي يأتيه المصطافون من كل المحافظات ويحرصون علي أن تكون زيارة خالد بن الوليد ضمن برنامجهم الأساسي في المصيف.. فمن ملابس ومستلزمات عادية ورياضية ومحلات الأحذية والأقمشة مرورا بمطاعم عديدة لكل أنواع الأطعمة ومحلات الآيس كريم والعصائر والحلويات, علاوة علي المقاهي التي امتلأت عن آخرها بالأسر, ولكنك من النظرة الأولي تستطيع تحديد المحلات التي تناسب الميزانية المتاحة لديك فكل محل يظهر من خلال شكله العام متوسط الأسعار التي يبيع بها. في البداية يؤكد أحمد حسن أحد العاملين بمحل بيتزا بالشارع أنه علي الرغم من وجود عدة مطاعم للبيتزا بالشارع إلا أن لكل منهم زبائنه نظرا لاختلاف مستويات مرتادي الشارع, ويقول ان شهر أغسطس يشهد زحاما شديدا في مصيف الإسكندرية بشكل عام وفي شارع خالد بن الوليد بشكل خاص نظرا لانتهاء شهر رمضان والعيد وبداية الاجازة الصيفية الحقيقية لأسر كثيرة كانت تتشارك مع أبنائها العام الدراسي ومتاعب امتحانات آخر العام خاصة طلاب الثانوية العامة علاوة علي الحر الشديد الذي تشهده القاهرةوالمحافظات المختلفة حاليا, لينهي حديثه مؤكدا أنه لن يكون هناك موضع لقدم في الشارع حتي نهاية أغسطس خاصة أن كثيرا من المصطافين يستأجرون المساكن المحيطة بشارع خالد بن الوليد ليكونوا بالقرب من شاطيء البحر رغم ارتفاع أسعار تأجير اليوم الواحد في هذه المنطقة. وتقول فاطمة حسين طالبة جامعية انها تقوم بشراء ما يلزم لجهازها حيث أنها ستتزوج في عيد الأضحي, وأضافت: أحاول استغلال انخفاض أسعار بعض المحلات التي تبيع ملابس حريمي مقارنة بأسعار محلات القاهرة. ليلتقط منها عم أحمد صاحب المحل أطراف الحديث بإبتسامة كبيرة قائلا عشان بتعرفوا تفاصلوا معانا, حيث أكد أن أهل القاهرة يشترون كل مستلزماتهم من شارع خالد بن الوليد وكذلك أسواق المندرة نظرا لأن الأسعار زهيدة ولا تصل إلي أسعار أسواق القاهرة, مشيرا إلي أن الملابس والأحذية أرخص المنتجات التي تباع في أسواق الإسكندرية علاوة علي أن هناك تقسيما غير مقصود للمحلات حيث هناك محلات تبيع المستلزمات بأقل الأسعار ومحلات آخري باهظة الثمن وفي النهاية يختار الزبون المحل المناسب لقدراته المالية علي حد قوله, وهو نفس الأمر مع المطاعم التي يظهر مستواها وأسعارها من شكل واجهتها.