تجاوز الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي كل الحدود, وأصبح يفوق احتمال المواطنين, خصوصا أن وزارة الكهرباء تبدو عاجزة عن التعامل بشفافية مع الوضع أو تقديم مبرر مقبول لذلك. ويكاد يتشابه تعامل وزارة الكهرباء ووزيرها الذي كان معروفا بتعاملاته, وصفقاته, ومشروعاته مع الحكومة منذ عهد مبارك كأكبر مكتب استشاري في هذا الصدد مع ما كان يقدمه الرئيس السابق المعزول, والذي كان بكل بساطة وسهولة, وسذاجة يرجع الأزمة برمتها إلي عامل السكينة الذي يقطع النور, ويعيده بعشرين جنيها. فالوزارة ووزيرها يتجاهلان صرخات الناس, وآلامهم, وهمومهم من الانقطاع المتكرر للتيار, وكذلك الارتفاع الجنوبي في قيمة فواتير الاستهلاك, دون أن يقدم أية بادرة للحل أو يخرج علينا بمعجزة من استشاراته بأن المشكلة سوف تحل خلال مدة كذا, أو بعد تطبيق برنامج كذا, ولكنه يفضل الصمت كتفضيله عدم الإنجاز, أو المشاركة في تقديم ما يسر المصريين. كنت أنتظر من الوزير أن يفتح ملفات نحو5 محطات كبري لتوليد الكهرباء ثبت بالدليل القاطع وبرأي الخبراء والاستشاريين أنها تفقد ثلث إنتاجها من الكهرباء بمجرد وصول حرارة الجو إلي35 درجة فأكثر, وهو مستوي لا يناسب المناخ في مصر, ولا المواصفات التي ينبغي أن تكون عليها محطاتنا لتوليد الكهرباء. ولا تقتصر مخالفات تلك المحطات علي هذا الفقد الخطير في إنتاج الطاقة, ولكن في استمرار استهلاكها للوقود رغم الفقد, ولو توقفت عمليات تغذيتها بالوقود لضاع ثلث آخر, ولا أطلب التحقيق في ذلك للوصول إلي حل, لأن ذلك لن يوقف انقطاعات التيار التي لا تفرق بين النهار والليل, ولا الحر والبرد, ولا بين ساحل الاسكندرية أو نيران الجنوب, فالكل في عذاب, وتحت الخطر سواسية, ولكن علي الأقل يضمن وضع مواصفات لا تجعل أحدا يهدرها في تعاملاته وصفقاته ومشروعاته مع الوزارة. كما كنت أنتظر من الوزير ووزارته أو مستشاريه, وما أكثرهم أن يصل إلي صيغة مثلي للتعامل مع أزمة الوقود التي تقف كمتهم بريء حتي تثبت إدانتها في أزمة انقطاع التيار, ولو كان بالتنسيق مع وزير البترول, خصوصا وأنه يتم توفير احتياجات مصر من الوقود الآن, ويتم تعويض تراجع إنتاج الغاز الناتج عن عدم تلبية احتياجات الشريك الأجنبي, وعدم تنمية حقول الغاز. ولو كان انقطاع التيار المتعمد عن بعض الجهات والمناطق والشوارع يكون بمبرر ترشيد الاستهلاك وإعادة ترسيم خريطته لكان في إمكان وزير الكهرباء أن يوفر الاستهلاك بتقليل الهدر والفاقد, ويكفي أن يحرك الوزير فرق عمله, ومهندسيه, وفنييه, لإطفاء أنوار الشوارع, واستخدام لمبات موفرة, وترشيد استخدام الطاقة في المؤسسات الحكومية. لكن يبدو أن الوزير ورئيس الوزراء لن يقدما حلا لأزمة تحرق أعصاب كل بيت مصري يوميا ويبدو أنهما مستريحين إلي أن كل مصري يحمل المسئولية للرئيس السيسي, وليس لوزير الكهرباء أو رئيس حكومته!