خلال الاشهر القليلة الماضية صار اسم حركة حفل الشاي من أكثر الاسماء ترديدا بين المعلقين السياسيين المهتمين بسياسات الولاياتالمتحدة, التي تنعكس تلقائيا علي سواها من دول العالم. وانتجت الحركة خلال عام واحد هو كل عمرها العديد من الشعارات المرئية والمنطوقة التي صارت اشبه بانتاج فني للحركة المحافظة التي جاءت من قلب الحزب الجمهوري اليميني الامريكي. الا انه رغم انطلاق العديد من المظاهرات تحت لواء الحركة, ورغم كل ما انتجته من ادبيات متمثلة في خطب زعماء الحزب المنضمين اليها وتنظيراتهم عنها, الا ان الحركة نفسها مازالت تحمل الكثير من الغموض التي تجعل غير المتابعين عن قرب للسياسة الامريكية يحارون في فهم مبادئها واهدافها. حتي ان الان برينكلي محرر صفحة الكتب في صحيفة النيويورك تايمز يرجح ان اعضاء الحركة انفسهم لا يمكنهم وضع ايديهم علي اهداف حركتهم هذه بالتحديد. هذه الحيرة انتجت خلال الشهرين المنقضيين عدة كتب تحاول الولوج الي اصول هذه الحركة في محاولة لاستكشاف بنيتها وتحليلها والتعرف علي اهدافها الحقيقية. والتعرف علي اصولها والمؤسسات الداعمة لها كشبكة فوكس الاخبارية المعروفة بيمينيتها الشديدة, وقربها من الجناح المتطرف للحزب الجمهوري الامريكي. وهو ما يفسر كون المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الامريكي سارة بايلين احد ابرز الوجوه في حركة حفل الشاي وواحدة من اهم متحدثي الحركة في مؤتمراتها الجماهيرية العامة التي يحضر اليها الداعمون عبر تذاكر تبلغ قيمة الواحدة منها ما يقرب من600 دولار كما ترصد صحيفة الواشنطن بوست. ومن بين الاصدارات المهمة التي حاولت تناول الحركة من مقالات وكتيبات, يأتي المانفيستو الخاص بالحركة الذي صدر قبل اسبوعين فقط بقلم اثنين من ابرز مؤسسيها, ليكون أهم ما صدر في محاولة لتفسير هذه الحركة الغامضة التي يتوقع المحللون ان تتقدم لتسيطر علي الحزب الجمهوري الذي يستحوذ علي السلطة في الولاياتالمتحدة لفترات طويلة وفقا لمباديء تداول السلطة عبر الانتخاب. المانفيستو الذي يتخاطفه المهتمون من فوق ارفف محال بيع الكتب في الولاياتالمتحدة كتبه ديك ارميDickarmey ومات كيبيmattKibbe, والاول هو نائب في مجلس الشيوخ الامريكي ورئيس مؤسسة( اعمال الحرية) التي اسسها لترويج مباديء الحزب الجمهوري المحافظ بين الشباب. ويرصد الان برينكلي محرر النيويورك تايمز في مقال له عن الحركة وما يدور حولها من جدل, ان هذا المانفيستو لم يسهم علي الاطلاق في تبديد الحيرة حول الحركة التي تردد كالببغاء المباديء التي يلعب الحزب الجمهوري وفقها خلال الاعوام الخمسة والعشرين الماضية. من تخفيض للضرائب وتقليل عدد افراد العاملين بالحكومة وتوسيع نطاق الحريات التي يوافق عليها محافظو الحزب الجمهوري الموصومون بمصادرة الحريات الشخصية والحجر عليها وتبرز المحللة السياسية الأمريكية كيت زيرنيكkatezarnik هذا الارتباك الواضح في كتابها المعنون ب( عقل يغلي بالجنون داخل امريكا التي تراها حفل الشاي)Boilingboilingmad:insideteaparty وذلك من خلال مقابلات مع ابرز اعضاء وقادة الحركة ضمنتها في كتابتها وظهر فيها الارتباك الواضح وعدم وجود رؤية واضحة لدي قادة الحركة التي الهبت الولاياتالمتحدة بالمظاهرات واللقاءات الجماهيرية منذ ظهورها في الرابع والعشرين من يناير من العام الماضي. وان كانت تبرز في كتابها ايضا ذلك الاتجاه المتطرف الذي يسيطر علي الحركة ويدفعها للمطالبة بالحد من الهجرة الي الولاياتالمتحدة التي قامت علي اساس كونها مجتمعا من المهاجرين, فقد كانت الحركة وراء القوانين التي تم الدفع بها للكونجرس مؤخرا للحد من تأشيرات الهجرة, ومنح الجنسية او الاقامة لاباء مواليد الولاياتالمتحدة الذين ولدوا لمهاجرين او زائرين للولايات المتحدة ومن بين تلك الارتباكات قول الاب الروحي للحركة ديك ارمي انه وزملاءه لا يسعون لتقسيم الحزب بينما يقول في مواضع أخري قد نضطر للاستيلاء علي الحزب لارساء مبادئنا التي تتفق مع روحه. ورغم ان المقابلات التي اجرتها زارنيك لا تمثل رصدا احصائيا دقيقا للاتجاهات داخل الحركة الا انها تشكل مؤشرات واضحة علي اتجاهات تلك الجماعة السياسية التي قد تقلب موازين السياسة في الولاياتالمتحدة والعالم. يذكر ان الحركة تأخذ اسمها من حركة امريكية نشأت في القرن الثامن عشر بالولاياتالمتحدة عندما كانت مستعمرة انجليزية قبل حرب التحرير, واسسها بعض الموالين للمستعمر البريطاني ضد حركة الاستقلال الامريكية وكانوا يستهدفون منها الا تحصد منهم الضرائب الا من الحكومة البريطانية التي يتبعونها. هذه الحقيقة التاريخية هي ما تزيد من ارتباك المتابع للحركة المحافظة الجديدة التي قد تحكم الولاياتالمتحدة( والعالم) قريبا.