قبل فتح باب الترشح السبت.. الشروط والمستندات المطلوبة لعضوية مجلس النواب    خبير اقتصادي يتوقع خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 100 نقطة أساس اليوم    أسعار الخضروات اليوم الخميس 2-10-2025 في الدقهلية    2.3 تريليون دولار ثروة أغنى 10 أشخاص فى العالم.. وإيلون ماسك فى الصدارة    قبل اجتماع البنك المركزى.. توقعات بخفض الفائدة وتغيير العائد على شهادات الاستثمار    لا زيادة في أسعار الكهرباء حتى نهاية العام.. تصريحات رسمية من وزير الكهرباء    عاجل- الخارجية البريطانية تعبر عن قلقها من اعتراض إسرائيل لأسطول الصمود المتجه لغزة    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    ترامب يمهل حماس للرد على خطته وإسرائيل تجدد رفض قيام دولة فلسطينية    هالاند: 7 لمسات فقط في الشوط الأول ضد موناكو؟ دوري لا يقتصر على لمس الكرة    عودة كامب نو تتأجل.. برشلونة يعلن مواجهة أولمبياكوس في مونتجويك    أرتيتا: جيوكيريس يتحسن باستمرار حتى وإن لم يسجل    الداخلية تضبط 100 حالة تعاطٍ للمخدرات وقرابة 100 ألف مخالفة مرورية في 24 ساعة    مصرع 5 عناصر إجرامية شديدة الخطورة بعد تبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسوان    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق والتصدي للتلاعب بأسعار الخبز    من الهند إلى المدينة.. رحلة شيخ القراء في المسجد النبوي الشيخ بشير أحمد صديق    عاجل- رئيس الوزراء يُوجه بتعزيز آليات رصد الاستغاثات الطبية وتوسيع نطاق الاستجابة    بعد سحب أدوية من السوق.. هيئة الدواء توضح آليات إعدام الأدوية المغشوشة    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المُخاطر    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    انقلاب ملاكي بصحراوي الإسكندرية يسفر عن وفاة 3 أشخاص    القبض على سيدة تهدد زوجة شقيقها بأعمال السحر والشعوذة في الشرقية    يويفا يعلن قائمة المرشحين لجائزة لاعب الأسبوع في دوري أبطال أوروبا    قتيلان وجرحى في جنوب المغرب خلال احتجاجات تلتها أعمال شغب    الأهلي يدخل معسكرا مغلقا غدا استعدادا لمباراة كهرباء الإسماعيلية    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    عاجل- تعليم الجيزة: فتح فصل حالات الإصابة بفيروس HFMD الأحد المقبل بعد استكمال التعقيم    سبب تعرض كبار السن للنسيان والاكتئاب.. طبيبة توضح    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 13 آخرين جراء قصف إسرائيلى وسط غزة    جنة أم نار.. هالاند يتحدث بصراحة عن خوفه من الموت    لماذا يحدث الإغلاق الحكومي الأمريكي؟    مقتل شخصين في اليوم الخامس من الاحتجاجات في المغرب    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى عبده يكشف تفاصيل اجتماع الخطيب مع لاعبي الأهلي قبل القمة    وزراء مالية دول "مجموعة السبع" يتفقون على تكثيف الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الجديدة لتدريب طلاب الطب    النواب يناقش اليوم تقرير بشأن اعتراض الرئيس السيسى على الإجراءات الجنائية    مصرع وإصابة 11 شخصا إثر حريق هائل يلتهم عقارًا في فيصل    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    مصرع شخص وإصابة 5 في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    السودان: سنجري مراجعة تفصيلية لملف السد الإثيوبي    بقرار جمهوري، مجلس الشيوخ يفتتح اليوم دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي    الإغلاق الحكومي الأمريكي، هل يطيح بالدولار وتصنيف واشنطن؟ «فيتش» تجيب    معركتك خسرانة.. كريم العدل يوجه انتقادات حادة لمخرج فيلم «اختيار مريم»: انتحار فني كامل    البابا تواضروس الثاني يترأس قداس تدشين كاتدرائية الأنبا أنطونيوس والأرشيدياكون حبيب جرجس بأسيوط الجديدة    المسرح المتنقل يواصل فعالياته بقرية نزلة أسطال بالمنيا    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    الدكتور محمود سعيد: معهد ناصر قلعة الطب في مصر وحصن أمان للمصريين    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    الحمل بيحب «الروايات المثيرة» والحوت «الخيالية».. ما نوع الأدب الذي يفضله برجك؟    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوقي جلال‏:‏ نشأت وسط أسرة تحب القراءة وأب يتابع الأدب العالمي

شوقي جلال واحد من ابرز الأسماء الفكرية في العالم العربي‏,‏ التي احتلت موقعا خاصا في عالم الترجمة علي الساحة الثقافية المصرية والعربية‏
فقد أثري المكتبة العربية بأكثر من‏60‏ كتابا مترجما في شتي فروع المعرفة وستة مؤلفات أبرزها العقل الأمريكي يفكر‏,‏ الترجمة في العالم العربي علي طريقة توماس كون‏..‏ رؤية نقدية لفلسفة تاريخ العلم‏,‏ التراث والتاريخ‏,‏ نهاية الماركسية‏.‏يعكف شوفي جلال علي إنجاز مشروع فكري مؤثر قائم علي ترجمة الكتب العلمية والفكرية‏,‏ من ناحية‏,‏ وعلي تأليف الكتب التي تسد فراغا فكريا ما‏,‏ من ناحية أخري‏.‏ كما أنه عضو اتحاد كتاب آسيا وافريقيا وعضو لجنة الترجمة ولجنة قاموس علم النفس
بالمجلس الأعلي للثقافة وساهم في العديد من المؤتمرات المصرية والعربية‏.‏ التقيناه في هذا الحوار الذي تحدث فيه عن بداياته ومشواره‏.‏
‏*‏ في البداية أود لو أعطيتنا نبذة ولو صغيرة عن النشأة والتكوين كيف كانت وما هي المؤتمرات التي شكلت شخصيتك ووجدانك؟
‏**‏ ولدت عام‏1931‏ في منطقة الإمام الشافعي في القاهرة وهي منطقة جمعت بين الحياة والموت معا في تحد وتقارب‏..‏ حيث الحياة والموت في جوار أو امتداد تواصل وتكامل‏.‏ الحياة والموت حدثان طبيعيان‏..‏ الموت يسخر من الحياة والحياة تنتصر لنفسها أبدا ولا معني لأي منهما دون الآخر‏..‏ وقد ترسخ في نفسي أن الحياة فرصة لإثراء الوجود زمنا وإلي حين فرحة بالحياة وغضبة من الموت‏,‏ ولعل هذا هو ما جذر الوجدان الصوفي الذي غلبني في صباي‏,‏ ولعل هذا أيضا السر في أن حلقت خيالات صباي بعيدا إلي عالم الأفلاك وقراءة علوم الفلك وكذا إلي الحياة في دير سانت كاترين الذي كنت أشاهد صورة له في البيت‏.‏
وأضاف نشأت في احدي الأسر المصرية البسيطة التي لا تعرف التعصب الديني‏,‏ أبي عامل فني في سلاح المهمات‏,‏ وصاحب ورشة في حي الخليفة‏,‏ عرف البيت الغني ثم الفقر في مرحلة أخري‏,‏ فقد أنجبت أمي نحو‏17‏ طفلا‏,‏ كان عاشقا للقراءة ولا أقول أنه وحده فقد كان هذا الجيل كله‏,‏ جيل الثلاثينيات الذي رسخ في حب القراءة‏,‏ وكان يشتري مجلة الفجر الشيوعية‏,‏ واعتدت كذلك أن أري أصدقاء أبي من مسلمين ومسيحيين ويهود يجمعهم الود دون ان ترد صفة التمييز بين أي منهم‏.‏
ومضي قائلا‏:‏ كان أبي المسلم الملتزم أول من ذكر لي كلمة التطور وأسم داروين‏,‏ وشرح المعني بالنظر إلي الدجاج والبط في البيت‏..‏ لقد عشت في منزل تدور فيه أحاديث عن مصر والعالم‏.‏ وفهمت منه حق المواطن في المعرفة والاستقلال والحرية‏.‏ وتعلمت من أمي التضحية والنظرة الصوفية‏.‏
الإخوان في الميزان
‏*‏ المؤرخون الذين كتبوا عن تلك الحقبة من تاريخ مصر يتحدثون عن تيارات فكرية وسياسية عدة كانت تتصارع أو تتكامل‏,‏ فهل انضممت إليها ولماذا؟
‏**‏ نعم عرفت الطريق إلي الإخوان المسلمين وأنا في الصف الأول الثانوي حيث الصلاة وتعلم الخطابة والرحلات والحديث عن استقلال مصر‏..‏ ولكنني انصرفت عنهم وتركتهم يوم أن اشتريت كتابا بعنوان الأخوان في الميزان‏,‏ ورآه معي جلال سعدة المسئول الأخواني‏,‏ واستعاره ليومين ولما طلبت منه اعادته لم يرده‏..‏ فعرفت أنه حجبه عني أو صادره‏,‏ فانصرفت عنهم‏,‏ فأنا لا أطيق حجرا علي حريتي‏.‏
طبعا كانت تلك الفترة من تاريخ مصر مملوءة بالتيارات السياسية والوطنية المختلفة من الإخوان والوفد والشيوعيين ومصر الفتاة‏..‏ غير أنني كنت دائم القراءة في كل الاتجاهات‏,‏ القرآن والعهدين القديم والجديد ومجلة الفجر الجديد وكتب مثل لماذا أنا ملحد؟ ولماذا هو ملحد؟ ولماذا أنا مسلم؟ والرد علي الدهريين ورسالة التوحيد‏..‏ وتأثرت بقوة بفكر ومنهج الأفغاني‏..‏ واعتدت مع كل فجر أن أقرأ آيات من القرآن وأبياتا من شعر صوفي أو ترجمات لشعر هندي‏,‏ وأحببت كثيرا كتاب السادهانا لطاغور‏.‏ وهكذا نعمت بمتعة التنوع والبحث عن المزيد‏,‏ ولم أر تناقضا في أن أنهل من كئوس الحب فأشرب لأروي ظمأ لا يرتوي‏..‏ ويطيب لي سماع أغنية‏:‏ قالوا أحب القس سلامة وهو التقي الورع‏.‏
الخروج من الأوهام
ويستطرد شوقي جلال‏:‏ ثم انقطعت المسيرة باعتقالي عامين مع الإخوان ولست منهم عام‏1948‏ م‏.‏ في معتقل الهايكستب حيث الإخوان والشيوعيون واليهود‏.‏ وخرجت مع عودة الوفد إلي الحكم‏,‏ وكان همي أن أتجاوز الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها البيت‏,‏ وأضمن الالتحاق بالجامعة‏,‏ واشتركت في مسابقة ضمنت لي الالتحاق المجاني فضلا عن حصولي علي مجموع يكفل لي الالتحاق المجاني عام‏1952/1951‏ م‏.‏
‏*‏ وماذا عن فترة الجامعة وما الذي لاتزال تتذكره عنها إلي اليوم؟
‏**‏ في الجامعة مارست حياة الفكر الحر فكنت لا أكف عن القراءة في كل الاتجاهات‏..‏ فقرأت عن البوذية وبوذا‏,‏ واستهوتني التيرفانا والتوحد مع الكون‏.‏ وقرأت عن كونفوشيوس واستهوتني عقلانيته ورأيت في نظرية التطور منهجا في التفكير ورأيت في الماركسية من خلال قراءاتي الشخصية إطارا لتفسير ظواهر حياتنا الاجتماعية‏,‏ وتطورت رؤيتي مع الزمن‏,‏ ولم أكن بعد مشاركا تنظيميا مع الشيوعيين‏..‏ مشيرا إلي أن الشخصية الثانية التي تأثر بها هي الفيلسوف الهندي رادها كراشنان‏,‏ بعد أن قرأت كتابه ديانات الشرق وفلسفة الغرب إذ طالعت عبارة يقدم بها الفصل الأول تقول‏:‏ إذا تعالينا عن الفوارق الجزئية بين الأديان سنري أنها جميعا واحدة لأن الإنسان واحد فقد رأيت فيها مفتاحا لقضايا تؤرقني عن الإنسان‏.‏ الأديان والكون‏,‏ وفتح لي هذا الرأي أبواب دور العبادة جميعها علي اختلاف عقائدها‏..‏ مسيحية ثم بوذية وكونفوشية وطاوية وهندوسية‏.‏
معتقل بلا تهمة محددة‏!‏
‏*‏ قلت له تعرضت للسجن والاعتقال بعد الثورة ما هي الأسباب وما الدرس الذي خرجت به منها؟
‏**‏ في عام‏1954‏ اعتقلت ثانية مع الإخوان بضعة شهور في العامرية‏,‏ ثم سنتين في السجن الحربي‏,‏ والتقيت داخل الزنزانة بشخص يتصف بالذكاء والصدق والحماس المتدفق والإصرار علي النضال‏..‏ هذا هو المناضل الراحل صلاح حسين من كمشيش‏,‏ قضينا فترة الاعتقال في حوار هامس عن الماركسية‏,‏ وأنا لست شيوعيا‏,‏ ثم التقينا بعد الخروج من المعتقل‏,‏ وزرت كمشيش التي أثرت في وجداني‏,‏ وعرفت من أهلها حقيقة معدن الإنسان المصري الصلب والمتسامح الواعي‏...‏ انه الذهب الخالص حتي إن تواري أو أخفته الظروف والأحداث‏.‏ يمضي جلال في ذكرياته قائلا‏:‏ واعتقلت ثانية عام‏1959‏ م‏,‏ خمس سنوات مع الشيوعيين في الفيوم ثم أبي زعبل ثم الواحات كنت منهم وهيأ لي المعتقل في الواحات فرصة للمشاهدة علي الطبيعة‏,‏ المشاهدة المكشوفة لما أخفته سرية التنظيمات في الخارج فقد عشت مع قبائل وعقليات قبلية وصراعات قبلية‏..‏ واعتزلت وخرجت من المعتقل‏1964‏ م وبقيت اكثر من عامين بلا عمل علي الرغم من عودة الشيوعيين إلي أعمال بجهود تنظيماتهم كما اعتقلت عام‏1965‏ مع الإخوان ثانية وقدت داخل سجن القلعة مظاهرة ضد الإخوان‏,‏ أعلنت بعدها الإضراب عن الطعام لمدة ثلاثة ايام ثم افرجت عني السلطات‏.‏
مرفوع من الخدمة‏!‏
وفي حسرة وألم وصدق مع الذات والآخر لم أشأ أن اقاطعه في هذه اللحظة المؤلمة التي يتذكر فيها المفكر الكبير شوقي جلال ما وقع له شخصيا إبان نكسة‏67‏ عندما سعي للتطوع في الدفاع عن وطنه لكن الجهل والتعنت يواجهه مرة اخري حيث يقول‏:‏ مع هزيمة‏1967‏ م المخزية غلبتني مشاعر التحدي والمقاومة مثلما غلبني الغضب علي النظام والخوف علي مصر وقررت التطوع‏,‏ والتحقت بمعسكر مدرسة الإبراهيمية متطوعا‏,‏ لا للدفاع عن النظام الناصري بل عن مصر‏,‏ ولكن في ذات اليوم الذي سجلت فيه اسمي متطوعا استدعتني ادارة المباحث العامة وسألني الضابط المسئول‏:‏ لماذا تطوعت؟ وبعد ان اجبته‏,‏ قال‏:‏ انت بالذات لأ‏..‏ تروح بيتكم‏..‏ وبلغ الشعور بالغربة ذروته‏,‏ إنها غربة جيل بأكمله‏..‏ وبعد فترة تأمل وأنا ممنوع من الكتابة ومن السفر‏,‏ رأيت أن أواصل الترجمة لأتحدث بلسان غيري إلي أن يحين وقت التأليف وحرصت أن يكون جهدي مشروعا ثقافيا تنويريا يتكامل مع جهود التنويريين من أجل مصر والإنسان‏.‏
أنا صاحب مشروع فكري
‏*‏ من هنا هل يمكن القول انك صاحب مشروع فكري؟
‏**‏ أنا صاحب مشروع فكري‏,‏ تطور وتغير عبر الزمن‏,‏ ولكن ظل الهدف واحدا وهو إعادة بناء الإنسان المصري والعربي ذهنيا وفكريا‏,‏ ليهتم بقيم المعرفة والعلم‏,‏ بدلا من أن يظل أسير الخرافات والماضي والترجمة مكمل لمشروعي الفكري‏,‏ في واقع الأمر كنت ممنوعا من العمل في الكتابة‏,‏ ولذلك كانت الترجمة فرصة لأعبر عن رأيي الذي أؤمن به علي لسان غيري‏,‏ لذلك أضع مقدمة طويلة وهوامش لأسهم بفكري في الكتاب‏.‏
وأضاف‏:‏ لا تزال عندنا عقدة الخواجةفنحن نتقبل من الكاتب الأجنبي ما لا يمكن ان نتقبله من نظيره‏,‏ الذي يعيش في الوطن العربي‏,‏ ولا اقصد الكتاب العرب الذين يعيشون في بلدان أوروبية فهم لديهم حرية التعبير‏,‏ كما ان الكتب المترجمة أكثر رواجا وتجذب الكثير من القراء‏,‏ لذلك فهي وسيلة جيدة لأعبر عن آرائي بين ثنايا الكتاب الذي اختاره بعناية ولا تفرضه دار نشر أو اية جهة أخري‏.‏
وعلي سبيل المثال بدأت وأنا في السنة الثانية بالجامعة في ترجمة كتاب مذكرات داروين صاحب نظرية التطور وذهبت بالترجمة إلي حلمي مراد الذي كان يصدر سلسلة كتابي لنشرها فطلب مني نشرها بدون اسمي فرفضت وخسرت الترجمة في ذاك الوقت وبعد تخرجي من الجامعة شرعت في ترجمة كتاب السفر بين الكواكب وكان بمناسبة انطلاق اول قمر صناعي أو كما يقال أول مركبة فضائية وكان الكتاب يلائم صخب العالم في ذلك الوقت حول الفضاء‏.‏
التقدم والتخلف
‏*‏ في هذه الحال التي وصفت فان السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو‏:‏ لماذا تقدمت الصين رغم مشاكلها وتأخرنا نحن؟
‏**‏ سوف اعطيك مثلا ففي الصين كانت هناك رغبة في الردة والعودة إلي الماضي‏,‏ ولكنهم وجدوا أن العالم كله يتقدم وهم يتأخرون‏,‏ وكانت لديهم إرادة التغيير‏,‏ لذلك خاضوا صراعات مريرة مع القوي الرجعية‏,‏ وانتصرت قيم التمدن والحداثة والإيمان بالمستقبل والحياة في النهاية‏,‏ وكان غرضها هو النهوض بشعوبهم وكانت لديهم رؤي واستراتيجيات وخطط لإنقاذ شعوبهم من براثن الجهل والفقر‏,‏ وكان من الممكن لمصر والوطن العربي إذا حقق تكافلا اقتصاديا ان يكون مركزا اقتصاد عالميا مؤثرا‏,‏ ولكن الفجوة بيننا وبين هذه الشعوب تتسع اكثر عما كانت عليه في الخمسينيات والستينيات‏,‏ حيث كنا في تلك الفترة أفضل منهم‏.‏
وأضاف أن المثقف المستنير هو الذي يحافظ علي مسافة نقدية بينه وبين السلطة‏,‏ وإذا أدرك المثقفون مدي قوتهم واتحدوا فإنهم سيغيرون الواقع‏,‏ ولكن السلطة أدركت قوة المثقفين وأفسدتهم‏,‏ وأنا عن نفسي حرصت علي ان تكون هناك مسافة بيني وبين السلطة‏,‏ لذلك لم أسع للحصول علي أية مناصب أو جوائز‏,‏ ولكني كرست حياتي لكتبي ومشروعي‏.‏
‏*‏ أخيرا هل تشعر بالرضا كلما نظرت إلي حياتك وإنتاجك الثقافي الرفيع؟
‏**‏ طبعا أشعر بالرضا لأنه يوجد افراد قرأوا لي ويؤمنون معي بأهمية العلم‏,‏ ولكني أشعر بالأسي لعدم إمكانية تحويل الفكر إلي واقع‏,‏ ومع هذا فإني اكتب لتستمر الحياة والأمل‏,‏ وعندما أسمع عن جماعة تنادي بالتغيير اتمني ان ينجحوا ويستمروا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.