لا حديث للسودانيين إلا حول قضية تقرير المصير وان كانت الأغلبية توصلت علي قناعة كبيرة بان الانفصال واقع لا محالة ولكن البعض مازال يحدوهم الأمل في حدوث مفاجأة تعيد جزءا أصبح في حكم المنفصل إلي جسم السودان الكبير. ولكن ايضا دائما ما تمتد التساؤلات حول من الذي يتحمل مسئولية تقسيم السودان المؤتمر الوطني الحاكم ام الحركة الشعبية؟ ومن هنا كان هذا الاستطلاع في اوساط السودانيين من قلب الخرطوم. حاتم محمد عبدالله طالب بجامعة السودان قال إن الانفصال شر والوحدة اذا حدثت ستكون اكثر شرا, لان الحرب قادمة في الحالتين وحالة الاحتقان بلغت ذروتها.. وأشار إلي أن أمنية السودان بان تكون الوحدة خيارا نهائيا او الانفصال يتم بدون عداءات ولكن يبدو ان الطرفين يعملان حاليا علي تنمية روح العداء بين الشماليين والجنوبين وإذا لم يرتفع الطرفان إلي مستوي المسئولية وتجاوز الاخطاء فسيكون مستقبل السودان قاتما. اما سارة السيد العجيل طبيبة بيطرية فقالت كنا ننظر للوقت بانه قصير لمزيد من العمل من اجل الوحدة ولكن يبدو ان كل طرف يبيت النية لتمرير اجندته والحركة الشعبية جادة جدا في طريق الانفصال عبر الصناديق او بأي وسائل اخري والحكومة لم ولن تقدم تنازلات رغم ان ذلك مطلوب ولذلك فالطرفان يتحملان المسئولية كاملة والتاريخ سيسجل لهما أسوأ وصمة في تاريخ السياسة في السودان. اما محمد إبراهيم السنجل موظف قال هذا صراع قيادات وكنت اتوقع هذا الانفصال منذ ان اعلن عن حق الجنوبيين في تقرير المصير خاصة ان الشريكين المؤتمر العربي والحركة الشعبية كلاهما يعلم تماما انهما مشتركان في حكومة واحدة بايديولوجيتين مختلفتين تماما وكل ما قاما به هو تنفيذ اتفاق السلام ليكون الختام طلاقا كاثوليكيا بين الشمال والجنوب, واحمل المؤتمر الوطني المسئولية كاملة لاصراره علي فرض توجيهات قيادية في تجزئة البلاد. مايوك كوال شاب جنوبي يعمل في مركز لصيانة أجهزة الكمبيوتر قال أنا شخصيا وحدوي ولا اتمني ان ينقسم السودان ولكن بصراحة شديدة الجماعة ديل شمالية وجنوبية لهم رأي أخر يصعدان المواقف بشكل كبير ولن يؤدي إلي وحدة ولكن يبدو ان الحركة الشعبية كانت قد حسمت أمر الانفصال منذ اعتماد تقرير المصير في اتفاق نيفاشا ولذلك انا أحمل الحركة الشعبية مسئولية كبيرة لانها ستنوب عنا نحن أبناء الجنوب في اختيار رغبتنا رضينا ام ابينا. محمد قرتاك انا ضد تقسيم البلاد ولكن لا أمل بعد اليوم في أن تكون هناك وحدة والأمر لم يعد بيد السودانيين وحدهم وحاليا بدأ تدخل دولي مباشر في الأمر ولكن المشكلة ستكون بعد الانفصال إذا لم تع الحركة الشعبية خطورة الحفاظ علي دولة وليدة بعيدا عن تأثيرات خارجية قد تضر باستقرار الجنوب والشمال. وعندما سألته عن تحمل المسئولية في حال انفصال الجنوب قال أنا لم اكن في اجتماعاتهم فهناك كثير من الخبايا والاسرار التي سيكشفها التاريخ واؤكد لك ان كلا منهما سيحمل الآخر المسئولية بعد الانفصال. وكان عدد كبير من الجنوبيين الذين يعيشون في شمال السودان يرفضون الانفصال وعندما سألت جيمس دول قال أنا لا أعرف عن الجنوب شيئا وفتحت عيني ووجدت نفسي في الخرطوم ولكني احب الجنوب ولذلك لا اريد ان ينفصل الجنوب لاسباب تجعلنا في وضع صعب وقال هناك في الجنوب آلاف الشماليين عاشوا طوال حياتهم وأغلب ابنائهم لا يعرفون عن الشمال شيئا وهؤلاء ونحن سندفع الثمن لأن احساسنا بوطن واحد هو كان صمام الامان. رفيق ماجوك يعمل في سوق الخرطوم الكبيرة قال إنه لن يرحل عن الشمال لو انفصل الجنوب واشار إلي أن الحركة الشعبية انجزت كثيرا وحققت للجنوبيين مكاسب عديدة واعادت لنا قيمتنا كمواطنين ولكنها ستخطئ اذا عملت من اجل الانفصال ولابد لها ان تعمل من اجل المزيد من المكاسب المهمة وبناء الجنوب يدا بيد مع اقرانهم في الشمال بعد ان تجاوزتا الحرب ولذلك انا كمؤيد للحركة الشعبية لتحرير السودان سأعمل مع اخوتي الجنوبيين في الشمال لايصال صوتنا ونحن نحمل المسئولية لجهات خارجية لعبت دورا كبيرا في تأجيج نار الفتنة. اما رياك قرنق فقال ان هناك مشكلة بالفعل تستدعي طلب الانفصال وليس لدينا مشكلة مع الشعب في الشمال ولكن المشكلة في ان المؤتمر الوطني عايز يحكم البلد بالشريعة الاسلامية وهذا ليس قليلا بل نحن شعب الجنوب نزيد علي التسعة ملايين شخص كيف تطبق الشريعة في العاصمة ونحن لانستطيع ان نمارس ثقافاتنا ونحن غير مسلمين وهذا يعني ان العاصمة ليست عاصمتنا واضاف انه يحمل الطرفين المشكلة لان المؤتمر الوطني متشدد والحركة الشعبية كان عليها ان تبذل كل الجهود الي ابعد مدي قبل قرار الانفصال ويمكن ان تصل الي حلول في المشاكل العالقة وقال انا كنت اتمني ان نكون وطنا واحدا ولكن في التصويت ساصوت للانفصال. بكري عبد الحليم من ابناء الشماليين مركز دنقلا مدرس في الدراسات العليا بجامعة ام درمان الاسلامية قال: انا اتوقع مفاجآت ولدي احساسا بان الجنوبيين سيختارون الوحدة لاسباب كثيرة اولها ان السنوات الست الماضية قربتنا من بعضنا وبدأ الجنوب يشعر بالانتماء الحقيقي للوطن وتلاشت المرارات الكثيرة وبدأوا يتزوجون من الشماليين وهذا تقدم كبير وفي اعتقادي ان دعاة الوحدة يعملون سرا وبقوة خوفا من غضب قيادات الحركة الشعبية وحمل الحركة الشعبية أي نتائج تؤدي الي انفصال الجنوب. ورفضت سارة السائح اي حديث عن امال جديدة وقالت ان الطرفين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية سيدركوا متأخرين انهما تسرعا في خلق صراع لاداعي له في قضية مصيرية وذلك عندما يواجه الشمال والجنوب مشاكل لاحصر لها وازمات وتدخلات اجنبية ويمكن حروب بين الطرفين. الشمال والجنوب مطالبة الطرفين في الوقت القصير المتبقي بان يفكرا من جديد ويعيدا سيناريو الحروب السابقة وسيدركان ان هذا الشعب بكل اختلافاته العرقية والثقافية وبلهجاته الكثيرة يمثل نموذجا رائعا للسلام والتعايش الذي لايستطيعه غيرهم بهذه الظروف والاختلافات. ولكن احمد سالم من دولة مالي يعيش في السودان منذ14 عاما قال انا استغرب خاصة ليس هناك شيء صعبا يستدعي تقسيم السودان واعتقد ان التعايش موجود ورأيته بعيني ولمسته من خلال علاقاتي مع كل اطياف الشعب السوداني اولها سلوك واحد يتميز بالادب والاحترام والكرم والشهامة في صفات مشتركة مع كل القبائل السودانية واكد ضرورة تدخل الاتحاد الافريقي بقوة لحل اي ازمات بين الطرفين. وتدخل صالح عبد الحميد وهو صديق للاستاذ احمد سالم قائلا صديقي احمد محبط وكان يحدثني عن كيف تفشل في وجود حلول تجنب السودان التقسيم وقال صالح انا شخصيا لم اعد افهم شيئا في الموضوع وكل ما ارجوه ان تقوم كل القوي السياسية في الشمال والجنوب بعمل قراءة متأنية للواقع السيئ وبعد الانفصال ربما يجدون القدرة علي التأثير علي الانفصاليين ولكن في النهاية سنظل نحلم ان تتعدل الامور ويأتي الاستفتاء لصالح الوحدة.