للمرة الأولي منذ ست سنوات أعلنت اليابان عن وجود سياسات جديدة لإضعاف عملتها الرئيسية بهدف تشجيع التصدير وهو الاتجاه الذي أصبحت تتجه إليه أغلب دول العالم خاصة بعد الأزمة الاقتصادية, فما هي تداعيات تلك السياسات النقدية الجديدة لعدد من الدول, خاصة أن الين الياباني كان قد وصل لأعلي مستوي له خلال15 عاما في الأسابيع الماضية؟ أوضح هيثم الجندي محلل اقتصادي بإحدي شركات الاستشارات المالية أن قرار اليابان التدخل في أسواق العملات من أجل إضعاف الين ودعم اقتصادها القائم علي التصدير يعد الخطوة الأولي في معركة طويلة وبالغة الصعوبة لأن اليابان, العاجزة عن إيجاد مساندة من شركائها التجاريين, عليها خوضها وحدها. فمنذ أن تحركت اليابان يوم الاربعاء الماضي لإضعاف قيمة الين, بالتلاعب علي نحو مباشر في عملتها للمرة الأولي منذ عام2004. وبدا أن الجهات النقدية في اليابان قد اشترت دولارات وباعت ين, أدي هذا التحرك لصعود الدولار نحو2,55% خلال ذات اليوم, مسجلا85,62 ين. وأضاف: جاءت تلك المناورة من قبل وزارة المالية اليابانية بعد وصول الين إلي أعلي مستوي في15 عاما في الأسابيع الأخيرة, بسبب مكانته كملاذ آمن لدي المستثمرين العازفين عن المخاطرة. وقد ألحقت قوة الين ضررا باقتصاد اليابان الذي يتعافي من أزمة الكساد الحادة التي يعيشها الاقتصاد العالمي, حيث أثرت سلبا علي تنافسية صادراتها, التي تمثل أغلب النمو الاقتصادي للدولة. ومع هذا, علي غير الأرجح أن يحدث تدخل اليابان وحدها أثرا في أسواق العملات علي المدي الطويل. فقد نما حجم تجارة العملات علي نحو متسارع في الأعوام الأخيرة, مما بات يعوق تدخل حكومة واحدة عن مواجهة اتجاهات أكبر في السوق. وأكد الجندي أنه من المستبعد مساندة دول أخري لقضية اليابان, لأنها تحتاج إلي إبقاء عملاتها أكثر ضعفا من أجل زيادة الصادرات. فضعف قيمة العملة يجعل صادرات أي دولة أكثر تنافسية ويزيد قيمة عائداتها في الخارج. ونتج أغلب ضعف الين إلي بيع المستثمرين للعملة علي توقع أن تكون الحكومة اليابانية أكثر نشاطا في منع الين من الصعود. ولم تفصح اليابان عن حجم مبيعاتها للعملة, لكن المتعاملين في السوق تشير تقديراتهم المبدئي إلي ما يتراوح بين300 مليار و500 مليار ين(3,5 مليار دولار إلي5,8 مليار دولار). ولكن كما اكتشفت سويسرا هذا العام, يمكن لجهود حكومة واحدة لإضعاف عملتها أن تبوء بالفشل, حيث تخلت سويسرا عن محاولاتها, بعد خسارة بنكها المركزي أكثر من14 مليار فرانك سويسري(14 مليار دولار) قيمة شراء لعملات أجنبية في النصف الأول من هذا العام, بعد أن تسبب هبوط قيمة اليورو علي خلفية أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو من تقليص احتياطي البنك. وأضاف أن المستثمرين ينظرون للفرانك السويسري كملاذ نسبي آمن وهو مالم تتوقعه الحكومي السويسرية, خاصة أنه استمد قوة إضافية بعد انهيار اليورو والاضطراب المالي العالمي مما دفعه إلي تسجيل الفرانك مستوي قياسيا من الارتفاع مقابل اليورو في الشهر الحالي. وأشار الجندي إلي أن تدخل اليابان في خفض قيمة عملتها يتنافي مع الاتجاه الحديث بين الاقتصاديات الكبري في العالم بالابتعاد عن التلاعب في السوق وترك السوق تقرر قوة عملاتها, الولاياتالمتحدة, علي سبيل المثال, تمارس ضغطا علي الصين للكف عن التدخل لإبقاء عملتها ال يوان ضعيفة مقابل الدولار. وأكد أن الشركات اليابانية الكبري استقبلت خبر تدخل الحكومة في خفض عملتها بسعادة غامرة فقد أصدرت شركة هوندا موتور, ثاني أكبر شركة في اليابان بعد طوكيو, بيانا أثنت فيه علي تدخل الحكومة في أسعار من أجل زيادة رواج منتجاتها في العالم بعد الأزمة العالمية.