شاع خلال الأزمة المالية الحالية استخدام مصطلحات اقتصادية جديدة مثل "المشتقات المالية المعقدة"، "خطط التحفيز المالية"، "الأوراق المالية المهيكلة والمدعومة بالموجودات"، "الضغوط الائتمانية"، "والمنتجات المشتقة المدعومة بالرهون العقارية"، وما إلي ذلك من تفسيرات لأسباب الأزمة أو محاولة لايجاد علاج مناسب لها. وفي الشهرين الأخيرين، بدأ المصريون "يختبرون" تجربة مصطلح جديد، انتشر مثل النار في الهشيم عبر وسائل إعلام مختلفة، انها "حرب عملات" ما معني حرب العملات هذه؟ ما أسبابها؟ وما تداعياتها علي الاقتصاد المصري بشكل عام وعلي أفراد المجتمع بشكل خاص؟ ولد مصطلح حرب العملات من رحم الصراع الدائر منذ سنوات بين اكبر اقتصادين في العالم، الاقتصاد الأمريكي ونظيره الصيني. فالأول يجاهد للخروج من أزمة عصفت به علي مدار الأعوام الثلاثة الماضية، والثاني يسعي للحفاظ علي نمو تمتع به علي مدار العقد الماضي. يشار هنا إلي أن طبيعة الاقتصادين مختلفة تماما، فالاقتصاد الأمريكي رأسمالي حر يعتمد علي نشاط القطاع الخاص في حين أن الاقتصاد الصيني اشتراكي يديره حزب شيوعي وقد حاولت الولاياتالمتحدة اقناع الصين مرات عدة، عبر أغلب الوسائل الدبلوماسية، برفع قيمة عملتها اليوان، لتعبر عن حجم اقتصادها العملاق لكن بكين رفضت هذا التوجه معتبرة ان ضعف اليوان يسهم في زيادة صادراتها التي غزت العالم والتي تشكل عصب الاقتصاد الصيني. ومع أن بعض المحللين اليوم يعيدون بداية حرب العملات الحالية إلي انخفاض اليورو هذا العام إلي أدني مستوياته تاريخيا مقابل العملات الرئيسية غير أن لاندلاع الحرب تاريخا محددا، ففي سبتمبر الماضي وافق الكونجرس الأمريكي علي مشروع لاصلاح العملة، وقد نال موافقة 348 نائبا مقابل رفض 79 عضوا، ويسمح هذا القانون التجاري الجديد بتدخل الحكومة وفرض تعريفا علي سلع من الصين ودول اخري تعتبرعملتها مسعرة أقل من قيمتها الحقيقية المفترضة، وذلك بهدف اجبار بكين علي رفع قيمة اليوان ومن هنا اندلعت شرارة حرب العملات التي بدأت الأوساط الاقتصادية تحذر من عواقبها. وتساعد العملة الضعيفة وقوة طلب الصادرات وخفض معدلات الفائدة، وهي العوامل التي تفتقدها معظم اقتصادات الدول المتقدمة، في تخفيف حدة آثار تدابير التقشف الاقتصادي التي تنتهجها عدد من الحكومات. تسعي الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال هذه الحرب إلي تعزيز نمو اقتصادها عن طريق التلاعب بأسعار صرف عملتها، بمعني آخر، بدأت الادارة الأمريكية عملية تخفيض قيمة الدولار لتشجيع الصادرات مما يعزز انتعاش الاقتصاد ويوجد فرص عمل هي بأشد الحاجة إليها، علي اعتبار أن مستوي البطالة وصل أكثر من 10%، خلال العام الجاري. وفي أقل من اسبوعين انخفض الدولار الأمريكي بشكل صاروخي أمام العملات الرئيسية حول العالم مثل اليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني والدولار الاسترالي وحتي اليونان الصيني إذن السلاح الوحيد المستخدم حتي الساعة هو تخفيض قيمة العملة، لكن الأممالمتحدة حذرت من أن تصبح هذه الحرب مدمرة، عندما يتم استخدام اسلحة أخري مثل الحمائية التجارية، أي فرض تعريفات جمركية مرتفعة علي سلع مستوردة، مما يؤدي إلي عرقلة التجارة العالمية، فتتوجه دول عظمي نحو الانعزالية تماما كما حصل بعد الركود العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي. تجدر الاشارة إلي أن هذه الحرب لا يخضوها إلا الكبار خصوصا أصحاب الاقتصادات العملاقة والعملات الرئيسية البعض يهاجم مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والبعض الآخر في خطوط الدفاع مثل الصين واليابان، لكن ككل حرب هناك ضحايا كثر حتي لو لم تتدخل في الصراع الدائر ولكن ما هو الموقف المصري إذا تعدد الأوساط المالية المتخصصة جملة من التداعيات التي بدأ يشعر بها المصريون في آخر شهرين وقد تمتد لفترة. الملاحظ في سوق الصرف المصري انه قد هبطت قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة ليست كبيرة نسبيا نظرا لارتباط الجنيه بالدولار إذ تشكل الخضراء نسبة من حجم سلة العملات التي ترتبط بها العملة المحلية إلا أن الاستقرار القوي في سوق الصرف المصري مع العوامل الموسمية لارتفاع الطلب علي الدولار محليا هو الذي أدي إلي هذا الارتفاع الهامشي وذلك خلافا للوضع في الاقتصادات البترولية حيث عبرت منظمة أوبك في اجتماعها الاخير في فيينا عن مخاوفها من استمرار هبوط الدولار مما يضعف قدرتها الشرائية فدخل الدول البترولية سيتأثر سلبا بانخفاض الدولار. كذلك فإن سياسة تنويع الاحتياطي النقدي في مصر خففت من اثار هذا التغير في سعر الدولار إلا أنه نظرا لأن عجز الميزان التجاري المصري مازال موجودا وبما أن أغلب واردات مصر تأتي من هذه المناطق الثلاث "بريطانيا، دول