وعند المساء لا نصطدم فقط بطرح المستشار العوا بل تأتي الصدمة من السيد المحاور الذي تخلي عن حياديته كنت انتظر من رجل القانون والقضاء عندما يتعرض لقضية التنصير والأسلمة أن يطالب بتشريع يضبطهما وفقا لما قرره الدستور تكلم حتي أراك' هكذا قال الفيلسوف اليوناني' سقراط', وقد تحقق عندي القول م رتين في يوم واحد, الأربعاء14 سبتمبر2010, صباحا عندما طالعت حوارا أجرته جريدة المصري اليوم مع الأنبا بيشوي, سكرتير المجمع الأساقفة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية, ومساء عندما تابعت حوارا أجرته قناة الجزيرة مع المستشار محمد سليم العوا, المستشار السابق بمجلس الدولة, وقد تمرس كلاهما خلف ذهنيته الدينية ورسما صورة صادقة لتوجهاتهما, في قضايا مشتركة كانت محور الحوارين. ويأتي وقوفي عندهما في سياق متصل مع ما طرحته في مقال الاسبوع الماضي حول العلاقة بين الكنيسة والأقباط والوطن, وبغير عناء تكتشف أن حوار المساء جاء كملاحقة لحوار الصباح, وكلاهما حشد قواه ليؤكد أن إنفجارا وشيكا سيقع في دائرة أهل ملته ودينه جراء ضغط الطرف الآخر عليه, دعونا نحلل في هدوء تصريحاتهما التي لو تركت بغير رد لقادتنا الي حريق يأتي علي الأخضر واليابس في الوطن. فمازال الأب الأسقف يردد أن السيدة وفاء لم تهجر بيتها ولم تفجر قضيتها علي خلفية خلافات زوجية, ولم تفكر في الطلاق منه(!!) بالمخالفة لما أعلن قبلا, بل وفي تخريج جديد يقول إنه لا يجوز لها الزواج ثانية بعد وفاة زوجها, لتمتد القوانين الحاكمة للكهنة الي أراملهم, ويؤكد أن قضايا العائدين للمسيحية تتجاوز الألفي قضية وهو رقم يشير الي حجم مأساة قضايا الأحوال الشخصية التي يكون الهروب منها هو التحول للإسلام ثم العودة منه للمسيحية عند انتهاء المشكلة الأساسية. ثم بغير مبرر يتعرض لقضايا لا محل لها اليوم ولا علاقة لها بالسؤال المطروح, وبدلا من أن يفند السؤال يصطدم بنا بحائط الاستشهاد في تصعيد غريب, في تغافل عن أن مفهوم الاستشهاد في المسيحية منبني علي' الشهادة للمسيح وإعلانه' وليس محصورا في مجرد سفك الدم والموت, وعندما توضح المحاورة انها تعني ان تمارس الكنيسة واجباتها الدينية فقط تأتي إجابته مثيرة لجدل لا ينتهي ويكشف عن عدم تكامل المعلومات التاريخية التي رصدها مؤرخون أقباط عن التحول من المسيحية الي الإسلام خاصة في القرن الثاني عشر, وعليه لا يمكن ان يستقيم الحديث عن سكان أصليين وضيوف بعد هذا التاريخ, ولا يفوته علي هامش الحوار أن يسفه عمل التيار العلماني وفقا لنظرية العدد التي يتشبث بها بالمخالفة لما أرساه السيد المسيح نفسه في مفهوم الجسد الواحد وقيمة الفرد الواحد وهو ما عاشته الكنيسة في فترات ازدهارها. وعند المساء لا نصطدم فقط بطرح المستشار العوا بل تأتي الصدمة من السيد المحاور الذي تخلي عن حياديته التي تفرضها ضوابط وقواعد العمل الإعلامي فنجده يحول مقدمته واستهلاله الي جمل تقريرية تحول كل ما يثار حول الأقباط الي حقائق لا تقبل المخالفة, ويربط وفقا لمصادره بين نسبة الأقباط العددية وبين ما يشغلونه من مواقع أو موقفهم المالي, وكأن المواقع والثروة توزع وفقا للعدد والنسب لا وفقا للملكات الشخصية والجهد المبذول بحسب قواعد السوق التي لا تعرف التمييز بحسب الدين, ويواصل التأكيد علي كل ما يصل اليه ضيفه وكأنهما معا قد التقيا لدحض موقف الأقباط, نعم: تكلم حتي أراك'. ويطل علينا الاستاذ المستشار ويحصر قضيته في اسلام السيدة وفاء قسطنطين وفاته وهو رجل قضاء بارز أن اقرار السيدة في محضر رسمي أمام النيابة العامة بعودتها للمسيحية بمحض اختيارها لهو دليل كاف لوضعيتها الآن, ويتغافل عن هذا ليحلل النوايا وما يرتبه من نتائج علي افتراضات مبنية علي احتمالات تنتهي به الي موقف لا يحيد عنه تقول بالضغط علي السيدة واجبارها الي اخر ما يردده في اصرار منذ2003 وللان, وهو يعلم أن القاضي ملتزم بالأوراق لا بالتخمينات, وها هو يرسل رسائل ملغومة للشارع تزيد الاحتقان احتقانا, ويبني علي ما صرح به الأنبا بيشوي في حديث الصباح كتكأة لمواصلة هجومه علي الكنيسة والأقباط وإن احاط كلماته بشيء من المواربة. متغافلا عن أن تصريحات الأسقف كانت دائما محل رفض وتفنيد من مثقفي الأقباط قبل المسلمين. وفي ذات السياق يتغافل عن قرار النيابة بالإفراج عن نجل كاهن كنيسة بورسعيد والذي اشيع أنه جلب اسلحة من اسرائيل ليخزنها بالكنيسة, توطئة لحرب وصراع قبطي مسلم قادم, ليقول قرار النيابة أنها صواريخ لعب اطفال وليست اسلحة, ولا محل لكل ما ترتب علي قول الاستاذ المستشار من تخريجات, تصب في تعميق الفجوة وفي الترتيب لحرق الوطن. وفي جملة واحدة يربط بين الاسلحة والاقباط والكهنة واسرائيل, ثم يقول بأنه يحذر من الفوضي غير المحسوبة ومن الدمار الذي ينتظرنا ويحذر الأقباط بأنهم الوقود المرشح لهذا كله. وعندما يقول المحاور أن الأديرة بعيدة عن الرقابة ينبري الاستاذ لتأكيد هذا ويستفيض في تأكيد أن هذا لأن الدولة ضعيفة, بل ويذهب الي انها دولة مستبدة لاحظ قوله بأنها مستبدة وضعيفة بآن, وقد تنازلت عن بعض استبدادها للكنيسة في شأن هؤلاء الذين يسلمون واللواتي يسلمن!!. ويقول إن البابا قد قويت شوكته إثر حكم القضاء بعودته من منفاه 5 سبتمبر7/81 يناير85 بالمخالفة للواقع الذي يقول إن القضاء رفض الغاء قرار السادات وكانت عودته بقرار من الرئيس مبارك. وكنت انتظر من رجل القانون والقضاء عندما يتعرض لقضية التنصير والأسلمة أن يطالب بتشريع يضبطهما وفقا لما قرره الدستور من حق الاعتقاد وحرية العقيدة, فإذا به يذهب الي أن الكنيسة قررت أخيرا انشاء آلية لتنصير المسلمين, استنادا الي ما يروج علي شبكة الانترنت وما نشرته صحيفة عربية, وهو القاضي المدقق لا يطلب الوثائق ولا يستند الي وقائع بل هو لغو مرسل بغير اساس, لكنه يصب مرة اخري في توجه احراق الوطن. وبغير منافس في توظيف الاحداث بشكل ملتو يجمع مشاكل بناء الكنائس هنا وهناك ويخرج بنتيجة مؤداها أنها ضمن مخطط يسعي لتقسيم الوطن الي دويلات, نعم تكلم حتي اراك ومازال للحديث بقية. [email protected]