بدأ الاهتمام الغربي بالمحاكم الاسلامية في عام1994, حيث استرعت انتباه المتابعين للشأن الصومالي, بعد أن أثبتت قدرتها الفائقة علي اعادة الأمن في شمال العاصمة الصومالية مقديشو, وبدأت الاشارات الي أهمية دورها والخوف من تنامي قوتها واستغلالها من قبل القوي الاسلامية لاثبات جدارتها بالحكم, ويقول الباحث الصومالي محمد الأمين محمد الهادي مدير مركز الشاهد للبحوث والدراسات الاعلامية: أن اثيوبيا هي التي غذت هذه المخاوف, وسعت الي تضخيم خطر المحاكم الاسلامية وخطورة دورها, وربطت بينها وبين حركة الاتحاد الاسلامي التي حاربتها في الأوجادين وداخل الصومال, الي أن تمكنت من اقناع أمريكا بوضعها تحت قائمة المنظمات الارهابية في العالم, وكانت الهجمات الارهابية التي لحقت بالسفارات الأمريكية في نيروبي ودار السلام أيضا قد ساهمت بشكل جدي في وضع الاتحاد الاسلامي ضمن اللائحة الأمريكية للتنظيمات الارهابية. ونظرا لدور المحاكم في استتباب الأمن في المناطق التي توجد فيها والتفاف الشعب الصومالي وزعماء العشائر حولها لم يكن من الممكن ضربها مباشرة بسهولة, فبدأ التعرف بهم عن كثب من قبل الاتحاد الأوروبي, الذي التقي ممثله بمسئولي المحاكم واستمع اليهم, وأخبرهم أن المجتمع الدولي لا يريد التدخل في شئونهم الدينية, ووعدهم بأنه سيبلغ تقريرا عن جهودهم الي الجهات الاقليمية والدولية المهتمة بالشأن الصومالي, وطمأنهم بنفي أن يكون من ضمن الاتفاقية المبرمة بين اثيوبيا وحسين عيديد ما يشير الي الهجوم علي المحاكم والقضاء عليها. وفي هذا الوقت ازداد اهتمام الدراسات الغربية بدور المحاكم ومستقبلها في الصومال, وخاصة بعد الدور الذي لعبته الحركات الاسلامية في مؤتمر عرتة, ولم يغب في التقارير التي كانت تصدرها الأممالمتحدة الحديث المتوجس عن دور المحاكم الاسلامية وامكانية اتخاذ الاسلاميين من هذه المحاكم مطية للوصول الي الحكم, وتابع المراقبون الغربيون المتوجسون خوفا من أي دور اسلامي سياسي في الصومال مسيرة المحاكم الاسلامية الي جانب دراستهم للاسلاميين في الصومال بشكل عام, وقد وضعوا في الحسبان استيلاء الاسلاميين علي الشأن السياسي الصومالي عن طريق المحاكم الشرعية, ولكنهم استبعدوا أن يتمكن هؤلاء من الانفراد بالحكم, وفي تحليله لسيناريوهات ما ستؤول اليه الأمور بعد انتهاء الفترة الانتقالية لحكومة عرته التي رأسها عبد القاسم صلاد حسن وضع كين منخاوس خبير الشئون الصومالية سيناريو الاسلاميين, وأشار الي امكانية استخدام المحاكم الاسلامية سلطة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن ونفوذهم في الحكومة الانتقالية, ولكنه استبعد أن يسيطر الاسلاميون علي الحكم في الصومال, مرجعا ذلك الي طبيعة الثقافة الصومالية, التي لا ترضي بالتطبيق الصارم للشريعة حسب رأيه, ولعلم الاسلاميين بأن ذلك من شأنه أن يتسبب في تدخل أثيوبي مباشر في الشئون الصومالية, لما ستراه من تهديد لمصالحها, ورأي في تحليله أن الاسلاميين رغم اختلافهم وتبايناتهم يتبعون استراتيجية مشتركة طويلة الأجل لصالح اعداد المجتمع الصومالي لتقبل حكومة اسلامية في نهاية المطاف, واذا صح هذا الهدف فان الاسلاميين سيستمرون في تفضيل ا لعمل تحت غطاء ادارات علمانية بدلا من التحدي السافر لها. وكثفت الولاياتالمتحدة وإثيوبيا رصدها للمحاكم الاسلامية وتحركاتها وتطورها من قوة تقليدية قبلية الي قوة ذات خطاب عابر لمعادلة القبيلة التي تحكم السياسة الصومالية, ولا سيما حين لاحظت أن الأشخاص الذين تتهمهم بالارهاب وبالخصوص أولئك الذين كانوا قادة الاتحاد الاسلامي من قبل ان يندمجوا اندماجا عضويا مع المحاكم الاسلامية أو دخلوا العمل في المجال المدني بكثافة, وهو المجال الأكثر تاثيرا علي المجتمع وأكثر كسبا لجموع الشعب, وكان قد بدا ملحوظا بعد تأسيس مجلس اتحاد المحاكم الاسلامية الذي ضم11 محكمة من بين14 كانت موجودة في العاصمة مقديشو أن المحاكم في سبيلها لأن تصبح قوة سياسية خارج اطار القبيلة التي ترعرعت فيها وكانت محكومة بتوازناتها, ويمكن في أي وقت أن تثور عليها, حيث أصبح للمحاكم كيان مستقل وادارة تنسق بينها ولاتخضع لسلطة القبيلة, وهنا أحس المتوجسون من المشروع الاسلامي بالخطر الداهم فبدأوا خطواتهم واستعداداتهم لوضع هذا المشروع ضمن خطتهم لمحاربة الارهاب. ورغم الأخطاء الكبيرة التي تؤخذ علي المحاكم الاسلامية خلال فترة حكمها القصيرة التي تبلغ ستة أشهر, فانه يحسب لها أنها استطاعت اعادة الطمأنينة للمواطنين الصوماليين فأمنوا علي أنفسهم وأموالهم, بعد أن بسطت نفوذها وسيطرتها الكاملة علي معظم محافظات جنوب الصومال, والتي كانت تسيطر عليها في السابق الميليشيات القبلية أو العصابات التابعة لأمراء الحرب في مقديشو, اما لقطع الطرق أو الجباية أو تحصيل الاتاوات من العربات والناس, فعادت حركة المرور في مقديشو الي طبيعتها خلال فترة حكم المحاكم, ودبت الحياة في شوارع ومناطق كانت مهجورة لأنها كانت مأوي للعصابات ومعاقل للمجرمين, كما تمكنت المحاكم من اعادة الثقة بالنفس لدي قطاعات واسعة من الصوماليين والايمان بقدرتهم علي تحقيق الأمن والسلام والتنمية دون مساعدة من أحد, ورفع هذا من طموحات الشعب الصومالي الذي بدأ يستعيد بعض أمجاده, وركز علي عوامل وحدته, وكتب الكثير من الصوماليين قصائد تمجيد للوطنية والهوية الاسلامية والعربية ونبذ العنصرية والقبلية, ولقيت خطوات المحاكم برد المظالم ترحيبا شعبيا كبيرا, وأدي الي وقوف كثير من المستضعفين معها. وقد حرصت قيادات المحاكم الاسلامية علي اخفاء رغبتها في الوصول الي الحكم, وكانوا يؤكدون في أحاديثهم للاعلام علي أن مهمتهم التي جاءوا من أجلها هي اقامة العدل والنظام ورد المظالم, وبجانب ذلك اعترفت المحاكم الاسلامية بالحكومة الانتقالية ودعتها الي الحوار والتفاوض في جولات ثلاث في الخرطوم برعاية الجامعة العربية عام2006, وخارجيا حرصت قيادات المحاكم علي النأي بنفسها عن الارتباط بأي تنظيم خارجي, فنفوا علاقتهم بطالبان والقاعدة, بل ورد الشيخ شريف بنفسه عندما أصدر اسامة بن لادن شريطا يحاول فيه ربط مايحدث في الصومال بتنظيمه, وحرصوا حرصا شديدا علي نفي أن تكون الصومال ملاذا للارهابيين, بل سنوا قانونا يساعدهم علي معرفة هوية كل أجنبي يدخل البلاد ووجهته ومهمته وحاولت بكل جهدها أن تعيد القضية الصومالية الي محيطها العربي والاسلامي وتخرجها من يد اثيوبيا والايجاد والغرب ولكن الأنظمة العربية وفقا للباحث الصومالي. محمد الأمين محمد الهادي: لم تتلقفها ولم تتفهمها بل توجست منها خوفا من أن تكون عاملا لايقاظ القوي المعارضة الداخلية في بلدانها ويقول الباحث الصومالي: من ايجابيات المحاكم الاسلامية خلال فترة حكمها أنها قامت بفتح وتشغيل مطار وميناء مقديشو الدوليين, بعد أن كانا مغلقين منذ انسحاب القوات الأمريكية من الصومال عام1995 بسبب النزاع علي ادارتهما بين أمراء الحرب وأنها قامت بترميمهما وجعلهما صالحين للعمل فأصبح كل منهما مفتوحا أمام الرحلات الدولية والملاحة العالمية ويضيف أن المحاكم نجحت كذلك من الناحية الاغاثية أثناء الفيضانات وفي ازالة الأكوام المتراكمة من القمامة في شوارع مقديشو ومن اصلاح وترميم المباني الحكومية ومراكز الشرطة وساعدها في كل ماقامت به من انجازات في فترة حكمها الوجيزة التي لاتتعدي ستة أشهر رغم المصاعب والمخاطر والتهديدات التي كانت تواجهها داخليا وخارجيا وخلافا لما كان عليه حال الحكومات السابقة لها أنها كانت تحظي بدعم الشعب وتحمل رسالة روحية أخلاقية, اضافية الي اخلاص عدد من قيادتها. ورغم هذه النجاحات التي حققتها المحاكم فقد كان لها العديد من الاخفاقات فقد فشلت المحاكم في التعامل مع الطبقات الاجتماعية المختلفة التي تشكل المجتمع الصومالي فقد حاولت بعض عناصرها أن تفرض بعض مفاهيمها المتشددة للدين بالقوة مما سبب للمحاكم سمعة سيئة في العالم وحاولت بعض الدوائر الغربية والمعادين لها في الصومال وخارجها استغلال ذلك لتصويرها كنظام همجي غير واقعي أو طالباني النزعة ويقول الباحث الصومالي محمد الأمين محمد الهادي: إن هذه الممارسات كانت في معظم الأحيان ترتكبها مجموعات وعناصر حركة شباب المجاهدين في المحاكم وعلي سبيل المثال لا الحصر قامت هذه العناصر بحظر الفنون والغناء والموسيقي واغلاق بعض البيوت التي تعرض فيها الأفلام وتسمي مجازا بالسينما كما قامت بمنع مشاهدة كأس العالم وفرضت فهمها للدين في بعض المناطق بشكل متعسف جدا أغضب المجتمع كما حدث في مدينة براوة حيث قامت بمهاجمة أكبر مولد صوفي للشيخ نورين بن أحمد صابر وهو من علماء وفقهاء القرن الثامن عشر فضربوا الناس وفرقوهم بالقوة وصادروا المولد الكهربائي للمسجد وبعثروا الأطعمة التي توزع للزوار, وهددوا القائمين علي المولد من اقامته ثانية, ولكن عندما وصل ذلك لقيادات المحاكم أبدوا اسفهم واعتذروا وأكدوا انهم لم يصدروا أوامر بذلك وسمحوا للناس بمواصلة المولد, وكانت هناك موالد تقام في مناطق اخري دون أن تعترض عليها المحاكم, بل وتقدم الشيخ شريف بعضها, وهذا يدل علي أنه لم تكن هناك سياسة واحدة متبعة في معظم القضايا وانها كانت تعتمد علي مزاج وفهم الادارة القائمة في هذه المدينة أو تلك. ويري الباحث الصومالي محمد الأمين محمد الهادي أن من الخطايا التي اقترفتها عناصر المحاكم الاسلامية أنها أنزلت العلم الصومالي عندما استولت المحاكم علي كسمايو, ورفعوا راية سوداء مكتوب في وسطها كلمة التوحيد, وكانت هذه الراية غريبة علي الصوماليين فانتشر الخبر وظن الناس أن المحاكم ضد العلم وضد الوطنية الصومالية, وفي كسمايو أيضا قامت هذه العناصر بقتل18 أسيرا جريحا من أسري المعارك التي خاضوها ضد حاكم كسمايو قبل المحاكم بري هيرالي, حيث قتلوهم وهم راقدون في المستشفي في مدينة بؤالي, وأثارت هذه القضية ضجة كبيرة, ووعدت المحاكم بمعاقبة مقترفي هذه الجريمة البشعة, ولكن لم يسمع أحد أنهم فتحوا تحقيقا أو عاقبوا أحدا عليها, وتم التركيز علي هذه الأخطاء في الاعلام الغربي لتصوير المحاكم بصورة همجية بربرية. ومن الناحية السياسية: أجمع الكثيرون ممن كتبوا عن المحاكم سواء من الموالين أو المعارضين لها أنها فشلت في وضع سياسة أو برنامج سياسي يعبر عن استراتيجية سياسية موحدة تنطلق منها, ولذلك كانت الارتجالية هي سيد الموقف, ولولا أن الشعب كان يثق بها ثقة كبيرة لفشلت منذ أول يوم من حكمها, وكانت هذه الارتجالية واضحة في فوضي التصريحات التي تصدر من قادة المحاكم من الصفين الأول والثاني, ولم يعين ناطق رسمي باسمها بحيث تكون التصريحات موحدة, فكان كل واحد من قادتها يري لنفسه الحق في أن يصرح بما يشاء وقتما يشاء دون الرجوع الي القيادة, مما خلق اضطرابا في المواقف في الكثير من القضايا الداخلية والخارجية, ففي نفس الوقت الذي كان يتحدث فيه الشيخ شريف أنه لن يهاجم المناطق الآمنة التي تقع تحت سلطة صومالي لاند أو بونت لاند, كانت هناك تصريحات مضادة من الشيخ حسن تركي ويوسف اندعدي, وكان الشيخ شريف يصرح أيضا أن المحاكم لاتريد فرض حكم اسلامي وأنه سيترك الشعب يختار النظام الذي يحكمه بينما كان الشيخ حسن طاهر اويس يؤكد انهم يسعون الي انشاء دولة اسلامية تحكم بالشريعة الاسلامية في الصومال, وحينما كان يؤكد البعض من المعتدلين أنهم لايسعون الي مهاجمة دول الجوار وأنهم يحترمون الحدود القائمة وأن كل مايهمهم هو استعادة بلدهم الصومال, كانت قيادات حركة شباب المجاهدين أمثال آدم حاشي عير ومختار روبو يؤكدون أنهم يريدون توحيد المسلمين في القرن الافريقي في دولة اسلامية جديدة, وهذا ماجعل الرسائل المرسلة الي الخارج والداخل غير واضحة ومتناقضة وتنذر بالخطر حينا وتبعث الطمأنينة حينا آخر. وكانت خطوة التوسع العسكري والوصول الي مشارف بيداوا رسالة الي الحكومة الانتقالية بأن الخناق بدأ يضيق عليها, ورسالة أيضا الي من يدعمها في الخارج وهي اثيوبيا, وقد أدت هذه السياسة الي نتائج عكسية اذ عجلت من الخطوات الاثيوبية لممارسة الاحتلال المباشر, بعد أن تأكدت أن قوات المحاكم علي وشك أن تبتلع حليفتها الحكومة الانتقالية. ومن الناحية الادارية أخفقت المحاكم الاسلامية في انشاء ادارة مدنية للعاصمة مقديشو التي هي أول ماسيطرت عليها, وقد ذكر أحد قيادات المحاكم أنهم كانوا يؤجلون ذلك بسبب خشيتهم أن ينظر الناس الي قبيلة من سيعين في هذا المنصب, وأنهم كانوا يدرسون اسناد المهمة الي رجل من الأقليات وليس ممن ينتمون الي القبائل الكبيرة المتصارعة داخل العاصمة, وكانت الفوضي الادارية ملحوظة حتي داخل المحاكم نفسها, ففي كثير من الأحيان من الممكن أن ترفض مجموعة من الشباب الأغرار مايصدر من أوامر من قيادة المحاكم أو تنفيذ سياسات لم تستشر فيها أحدا, كما لم تقم المحاكم بالاستفادة من الكوادر السياسية والعسكرية والاقتصادية والادارية الموجودة داخل الصومال مع استعدادهم للعمل معها, وفسر بعض المراقبين ذلك بأن هناك عناصر من المحاكم حالت دون ذلك خوفا علي مشروعها أن يغير مساره أو يستولي عليه آخرون. ومن الناحية العسكرية ظنت مجموعات من المحاكم الاسلامية أن الانتصارات التي حققتها ضد أمراء الحرب يمكن أن تتحقق حتي مع اثيوبيا, وأغرتها نشوة النصر فاستخفت بالقوة العسكرية لاثيوبيا, وكانت تصدر اشارات مقلقة من قبل بعض المتشددين داخل المحاكم توحي بأنها تشكل خطرا علي اثيوبيا, ولم يكن قد سجل للمحاكم الاسلامية أثناء معاركها مع أمراء الحرب, وكان مؤكدا طبقا لذلك ونظرا للدعم الشعبي الذي اكتسبته أنه كان بامكانها ابتلاع الحكومة والادارات المحلية في بونت لاند وصومالي لاند, وقد بدأت الأرض تهتز تحت اقدام هذه السلطات فأحست بالخطر أمام تقدم المحاكم الاسلامية, ولذلك زاد ارتماؤها في اثيوبيا, لكن الفشل العسكري للمحاكم وعدم التخطيط والارتجالية بدأت تتضح عندما ووجهت قواتها بالقوات الاثيوبية الغازية, التي لم تأخذ أكثر من أسبوعين لدحر قوات المحاكم من جميع البلدات والمحافظات التي استولت عليها ودخول العاصمة مقديشو بعد هروب قادة المحاكم الي كسمايو, وتعقبهم علي مشارف الحدود الكينية. ومن الناحية الاقتصادية: فشلت المحاكم الاسلامية رغم نجاحها في اعادة فتح المطار والميناء الدوليين في وضع سياسة اقتصادية ولو مبدئية ولم تتخذ خطوات لانشاء نظام الجمارك علي البضائع التي تدخل البلاد وفرض الضرائب علي التجارة الداخلية, وكان هذا سيساعدها علي توفير الكثير من الخدمات للشعب, وكذلك في توفير رواتب للعاملين بها. ويري تقرير لمركز الشاهد للبحوث والدراسات الاعلامية أن معظم الاخفاقات والأخطاء التي كانت تقع فيها المحاكم الاسلامية تعود الي الأسباب التالية: 1 الخلاف الأيديولوجي بين مكونات المحاكم الاسلامية, وهو الذي انسحب علي كثير من آدائها علي جميع المستويات, وكان هم القيادة هو عدم اغضاب أي مكون من هذه المكونات, حتي لاينفرط عقدها, وهي التي تواجه تحديات خارجية وداخلية. 2 انعدام الخبرة السياسية والادارية لدي الكثير ممن كانوا يعملون ضمن المحاكم الاسلامية, وكانت في بعض الأحيان تصل الي حد السذاجة. 3 رؤية الأشياء من زاوية واحدة, أو الرؤية ذات البعد الواحد, فلم يضعوا في الحسبان ما تريده القوة الخارجية, بل وضعوا نصب أعينهم مايريدون هم تحقيقه فقط, وكان هناك قصور معيب في فهم الواقع الدولي والاقليمي والتوازنات التي تحكم العلاقات الدولية, فكانت رؤيتهم رؤية قاصرة وذات بعد واحد. 4 الخوف علي المشروع جني كثيرا علي المشروع نفسه, فالقائمون عليه لم يكونوا علي مستوي الحدث الذي تصدروا له, وخوفهم من أن يسيطر عليه المستغلون والنفعيون حرمهم من الاستعانة بخبرتهم. 5 كان واضحا للمتابعين والمراقبين أن هناك تجاذبا بين تيارين رئيسيين في داخل المحاكم الاسلامية, تيار يمثل طرفا متشددا ذا فكر سلفي جهادي يسعي الي توسيع دائرة الحرب داخليا وخارجيا, وتيار يمثل الأطراف الساعية الي الاصلاح الداخلي مع جميع شرائح المجتمع وانجاح المشروع الاسلامي عبر الحوار والتصالح مع جميع الأطراف بما فيها الحكومة ودول الجوار والمجتمع الدولي, ويضع أولوياته في انتشال الشعب مما أوقعته فيه قوي الشر الداخلية والخارجية, ولكن التصعيد الخارجي والجهل الداخلي جعل التيار المتشدد يصعد صوته وتعلو نبرته, ويقوم بتصرفات شنيعة في الداخل فتكالبت عليه القوي الداخلية والخارجية مستعينة ببعضها البعض. ونواصل في الحلقة القادمة.