أخشي ما أخشاه أن تتحول كلمة جماعة إلي تابوه أو شبهة تفضح من ينطقها, فقد اكتشفت أنني كلما سمعت الكلمة تتردد علي لسان أي فنان في أي مسلسل, فإنني أهرع إلي تغيير المحطة ظنا مني أنه مسلسل الجماعة. لست من هواة أو متخصصي النقد الدرامي أو التليفزيوني, ولكني أحب أن أكون مطلعة علي ما يحدث حولي علي الساحة التليفزيونية, خصوصا في عصر أصبحت فيه القنوات التليفزيونية تقف علي قدم المساواة مع الأحزاب السياسية وكتل المعارضة, وأحيانا بعض الأنظمة. وكعادتي في كل رمضان, أحاول جاهدة أن أدرس خارطة البث المسلسلاتي ليقع اختياري علي مسلسل واحد فقط لأتابع أحداثه, لا لشيء إلا لأن فكرة الانتظار والتفرغ التام لمتابعة شيء ما بصفة يومية لمدة30 يوما تجعلني أشعر ب نوستالجيا جارفة لفترة طفولتي, وهي الفترة التاريخية المغرقة في القدم وقت كان رمضان يفخر بثلاثة أو أربعة مسلسلات علي أقصي تقدير, وفي حال فاتتك حلقة منها فعليك انتظار موعد إعادتها سواء كان الساعة الخامسة فجرا أو الثانية ظهرا, لأنك لن تتمكن من معرفة الأحداث. كان هذا قبل زمن مئات القنوات التي تعرض عشرات المسلسلات عشرات المرات, هذا غير الإنترنت الذي يمكن من خلاله مشاهدة ما تحب وقتما تحب. ورغم فشلي مجددا في متابعة مسلسل بعينه, إلا أنني خرجت من رمضان2010 بعدد من الملاحظات التليفزيونية ألخصها فيما يلي: * مسلسل الجماعة تحول إلي نقطة تراشق سياسي بين جهات وانتماءات وتيارات عدة فتحت ملفا شائكا وحساسا كان كثيرون يرفضون أو ربما يخشون الخوض فيه. وبغض النظر عما اذا كان المسلسل ظلم جماعة الإخوان المسلمين أو أنصفهم, فإن أكبر ميزة قدمها هي علاج المشكلة النفسية التي كانت تسبب تلعثما شديدا وعصبية مفرطة ولجلجة مفرطة في نطق كلمة الجماعة. برافو! * أخشي ما أخشاه أن تتحول كلمة جماعة إلي تابوه أو شبهة تفضح من ينطقها, فقد اكتشفت أنني كلما سمعت الكلمة تتردد علي لسان أي فنان في أي مسلسل, فإنني أهرع إلي تغيير المحطة ظنا مني أنه مسلسل الجماعة. * كان يجدر بالقنوات التي تبث المسلسلات التي تزيد من ريعها من الاعلانات, فتخصص شريطا إعلانيا يركض أسفل الشاشة به إسم وعنوان وتليفون جراح التجميل الذي أخضع بطلة هذا العمل أو ذاك ل عمرة شاملة. الطريف أن عددا من الممثلات أصبحن شبه بعض الخالق الناطق: حاجبان مرفوعان علي شكل8, أنف قوقازي مشدود ومرفوع قليلا عند طرفه, خدان مكوران, وشفتان مكتنزتان, وسبحان الله تعبيرات واحدة لا تتغير. * برنامج الكاميرا الظاهرة الذي تبثه قناة القاهرة والناس نجح تماما في فضحنا فضيحة بجلاجل. يبدو أن كثرة المشاكل وتكالبها علينا من كل صوب رفع لدينا القدرة علي التأقلم وتصديق أي شيء مهما كان سخيفا وغير معقول وعاريا من المنطق, ليس هذا فقط, بل اننا نبذل الجهد لنفكر في كيفية تطوير الفكرة السخيفة غير المنطقية دون أن نخضعها لأدني تحليل أو نقد أو رفض. برافو نظام تعليمي فاشل زرع في جسم كل منا عضوا جديدا إسمه حافظ مش فاهم حاجة, وبرافو مؤسسات دينية جعلتنا علي درجة من الايمان تجعلنا نردد آمين بعد كل جملة مفيدة أو غير مفيدة, وبرافو لمواطنين عايشين في البلالة. * أقترح إصدار قرار رسمي يقضي بوقف برامج المقالب, ومعاقبة كل من يخرق هذا القرار بالغرامة أو الحبس أو كليهما, فقد بلغت درجة من السخافة والرذالة والتفاهة والسطحية والتكرار لا يمكن السكوت عليها. وإذا كانت مخاطبة ضمائر القائمين علي أمر تلك البرامج وحثهم علي التوقف عنها طواعية, وإعلان توبتهم عنها أمرا غير مضمون وغير حاسم, فلن يتبقي أمامنا سوي التعامل الجراحي معها. * ومع قرب انتهاء موسم المسلسلات والكاميرات ما خفي منها وما ظهر, وعودتنا إلي قدرنا التليفزيوني القائم علي وصلات البكاء والعويل الليلي علي أحوالنا, والتأكيد علي أن كل شيء زفت وأن العيشة وإللي عايشينها خالية تماما من الأمل, وأنه ليس في الإمكان أسوأ مما نحن فيه, وأقصد بالطبع برامج ال توك شو, أقول بأننا بتنا أشبه بمن يهرب من المقلاة إلي النار, فهل من خيار ثالث؟ رمضان كريم ياجماعة! [email protected]