تنفذ الحكومة الهندية تعدادا عاما للسكان مرة كل عشر سنوات, وفي كل مرة يكون التعداد أكثر صعوبة من المرة التي سبقته, خاصة بعد أن وصل عدد سكان البلاد إلي أكثر من مليار ومائتي مليون نسمة. عدد السكان الكبير, وانتشار السكان علي مساحة هائلة, والتنوع الشديد في الثقافات واللغات المحلية, وانتشار الأمية, والصراعات الأهلية المنتشرة في بعض المناطق لدرجة لا تضمن أمن موظفي التعداد. كل هذه عقبات تعترض تنفيذ التعداد. مليونان ونصف المليون من الموظفين سيقومون بجمع معلومات التعداد من سبعة آلاف مدينة وستمائة ألف قرية, وسوف يستهلكون في سبيل ذلك11 مليون طن من الورق. ما يزيد الأمر صعوبة هذه المرة أن موظفي التعداد سيلتقطون صورة فوتوغرافية ويحصلون علي بصمات الأصابع لكل مواطن بلغ سن الخامسة عشرة. هذه المعلومات مطلوبة لاستخراج بطاقات هوية شخصية لسكان الهند, ففي هذا البلد الشاسع, وجريا علي العادات السائدة في بريطانيا, لم يكن المواطنون مطالبين حتي وقت قريب باستخراج بطاقات هوية. إلي جانب الصورة الفوتوغرافية وبصمات الأصابع التي يتم تجميعها لأول مرة, يتضمن تعداد السكان في الهند, ولأول مرة أيضا, سؤالا عن الطائفة. فالحكومات الهندية المتعاقبة منذ استقلال الهند قبل أكثر من ستين عاما رفضت وبإصرار تضمين سؤال عن الطائفة في التعداد العام للسكان. الفلسفة السائدة منذ استقلال الهند كانت تري في السؤال عن الطائفة تكريسا للطائفية, بما يتعارض مع ضرورات تأسيس هوية وطنية هندية جامعة. ستون عاما مرت منذ الاستقلال والطوائف الهندية مازالت تمثل الحقيقة الأكبر في الواقع الاجتماعي الهندي. المجتمع الهندي شهد في العقود الأخيرة صعودا للأحزاب الطائفية, وأشهرها حزب بهاراتيا جاناتا الذي وصل لحكم الهند عدة مرات. علي الجانب الآخر فإن أحزاب اليسار الهندي تخلت عن موقعها المعادي للطائفية, وأصبحت تنظر لها علي أنها واحدة من الحقائق الاجتماعية التي يجب قبولها والتعامل معها, وليس معارضتها والعمل علي تذويبها. اليمين واليسار إذن يريدون معرفة الواقع الطائفي للمجتمع الهندي, الأول من أجل تعزيز نفوذه الطائفي, والثاني بدعوي توفير آليات أفضل لدمج الطوائف المهمشة من المنبوذين وغيرهم. تغير السياسة الهندية إزاء الطوائف هو نقلة نوعية في السياسة الهندية, وسوف يكون لها آثار هائلة علي هذا البلد, لكن مازال من غير من المعروف ما إذا كان هذا الأثر سلبيا أم غير ذلك.