في دورة1982, يعلن مهرجان كان عن مفاجأة في المسابقة الرسمية يتضح بعد ذلك انها اشتراك فيلم يول رغم اعتراض النظام العسكري التركي.. وصل جوناي الي كان يوم15 مايو مع جمع من مؤيديه وقوبل بتظاهر300 عامل تركي امام مقر المهرجان احتجاجا علي الحكم العسكري.. تنتهي الدورة بفوز يول بالسعفة الذهبية مناصفة مع فيلم مفقودة للمخرج الشهير كوستا جافراس, ليطلق علي الجائزة وقتها اسم السعفة السياسية لفوز فيلمين سياسيين بها. يول فيلم قاتم يظهر ان المجتمع التركي لاي عاني فقط من القمع السياسي, ولكن ايضا من عبء التقاليد البالية غير الآدمية, يدور الفيلم حول خمسة مساجين يحصلون علي تصريح بالخروج لمدة خمسة ايام لزيارة ذويهم.. ويفقد احدهم تصريحه ويعود الي السجن, ليتابع جوناي الاربعة الاخرين ويرصد عوالم الفقر والجهل في المجتمع التركي مع التركيز علي العادات التي تكبل وتقتل انسانية البشر. ويبرز الفيلم شخصيتين يوضح من خلالهما النهاية المفجعة والقسوة المفرطة لسيطرة هذه العادات والتقاليد والاعراف. الشخصية الاولي محمد الذي ينتزع اطفاله وزوجته من بيت اسرتها ويصطحبهم في رحلة قطار حيث يجبر زوجته علي ممارسة واجباتها الزوجية المسكينة المريضة حتي الموت, فيما يطارده احد افراد اسرته للانتقام منه حتي يقتله ليموت تاركا و راءه اطفاله اليتامي يصرخون. اما الشخصية الثانية فهي سيد علي الذي يستغل اجازته في معاقبة زوجته المشكوك في سلوكها, والمحبوسة في قبو المنزل منذ ثمانية اشهر دون ان تتاح لها حتي فرصة الاستحمام.. حيث يسحبها هو وابنه مثل البهيمة الي اعلي جبل تغطيه الثلوج, ويتركاونها هناك تموت من شدة البرد.. وبعد وفاتها, يدرك سيد مدي قسوة هذا الانتقام الذي تطلبه احساس وهمي بالشرف فيستقل القطار لكن الي اين ربما الي السجن مرة اخري, فهو اقل قسوة. وبعد فوز يول بالسعفة, تطالب تركيا بتسليم جوناي, ويقابل طلبها بالرفض, فتلجأ في النهاية الي سحب الجنسية التركية منه, ويستقر جوناي في باريس حيث يقدم فيلم الحائط اخر افلامه, ويموت في العاصمة الفرنسية يوم9 سبتمبر1984 عن47 عاما متأثرا بسرطان العين, هذا النجم التركي كان يستطيع ان يستمر في تمثيل ادوار الشر في السينما التركية ويحيا حياة رغدة من نوعية تلك الحياة التي يحيياها الممثلون من اصحاب المستوي في سلك المسلسلات المصرية. ولكنه قرر ان يتجه لاخراج الافلام ليكون بذلك ممثلا ومخرجا وكاتبا للسيناريو, مثله مثل جون كازافيتس احد اهم اقطاب السينما المستقلة الامريكية. لكن جوناي استمر في تقديم السينما وهو محاصر ومسجون ومضطهد, فقد قرر من البداية تقديم سينما عن الاتراك وليس تقديم سينما لتسلية الاتراك, فقد كانت سينما يلمظ جوناي هي محاولة لتقديم معاناة فصيل كبير من الطبقات العاملة في الريف او المدينة في تركيا القمع, تركيا الحكم العسكري. لم يقدم جوناي سينما سياسية يتظاهر فيها العمال وتقمع فيها الجماهير بل قدم سينما عن التخلف والقهر الاجتماعي والفقر. فهو كما نري مع فيلمه الطريق, حيث ينتقد التراث البالي لمجتمع يعتبر المرأة في حد ذاتها جريمة وعارا. اما في فيلمه الاعداء1980 يطرق قضية من اهم قضايا المجتمع, قضية الهجرة من الريف للمدينة حيث يهاجر من الريف للمدينة بحثا عن عمل فيجد نفسه يعمل في القوة الخاصة لابادة الكلاب الضالة.. اسماعيل يتخصص في تسميم الكلاب الضالة, ولكنه يجد نفسه يتعذب امام مشهد الكلاب وهي تموت ببطء علي اثر السم, فيقرر العودة للقرية ومطالبة والده بنصيبه من ميراث امه. فيلمه الاخير الحائط1984 و هو اخر افلامه الذي صوره في باريس بلد المنفي قدم فيه ظروف العمل والحياة في مركز من مراكز الاحداث في تركيا حيث اقيم الديكور في احد سجون فرصة القديمة وثورتهم من اجل تحسين ظروف حياتهم داخل السجن, ولعل هذا احد الافلام القليلة التي ظهرت فيها ثورة الجموع في سينما يلمظ جوناي ولكنها كانت ثورة للاطفال من الاحداث سينما جوناي هي اكبر دليل علي من يتشدقون بتعويق الرقابة للعملية الابداعية في السينما, فبالرغم من اعترضنا علي كل اشكال الرقابة, الا ان تقدم السينما الايرانية وشهرتها العالمية في ظل النظام الايراني القمعي, تجعلنا نعتقد بان تخلف السينما المصرية انما ينبع من تخلف صانعيها اكثر من اي شيء اخر. [email protected]