المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ "ألبرت اينشتاين". عزيزي العقل المدبر حيثما كان مكانك عمت صباحآ، دعني أشد علي يديك بعد تأمل أحداث أربع سنوات عجاف ثبت بما لايدع للشك أنك الوحيد علي الساحة، الذي يعرف ويتقن ما يفعل. نلت من كل خصومك علي طريقة حسن الهلالي الواحد تلو الآخر، حتي أوشك الجميع علي رفع الراية البيضاء والتعايش مع الامر الواقع ، تفوقت علي نفسك في أخطر مباراة شطرنج مصيرية ولقنتهم درسآ مجانيآ في فن التخطيط الاستراتيجي، وكيفية استشراف المستقبل ومرونة الإدارة وأظهرت براعة فائقة في التنبؤ بالمخاض العسير لثورة يناير والجهوزية الكاملة لتدعياتها. ونجحت بسلاسة في التخلص من كابوس التوريث، وأغلقت ماخور لجنة السياسيات وأنهيت العلاقة الآثمة بين البزنس والسياسة وبعد ذلك أرخيت الحبل علي الغارب لثوار مراهقين حتي شنقوا أنفسهم بأنفسهم بسلسلة من الخطايا السياسية الساذجة جعلت الناس يكفرون بهم ويسأمون فكرة الثورة، التي لم تأت بالمن والسلوي وانما آتت بالخوف وشظف العيش.
ثم دقت ساعة الحقيقة معلنة ذروة الصراع الدرامي الطويل مع الغريم التقليدي، لتستغل بمهارة فائقة اللعب علي وتر جوع ثمانية عقود من الاشتياق لبريق السلطة ، وأغوت سكاري الاخوان بالشرب من خمر الندامة حتي ثملوا حينئذ سقطت الفريسة المترنحة في شباك صياد ماهر أجهز عليها وعلي اليمين الديني بضربة قاضية. كل ذلك تم في محيط دولي مضطرب وصمود أسطوري امام ضغوط وانواء عاتية بل وصناعة شبكة حماية قوية من الحلفاء والأصدقاء المتناقضين تم استغلالها بحرفية في اللحظات الفارقة. ولان كل شئ معد مسبقآ بدقة لاحظنا ثمة تمهيد نيراني لحزمة قوانين صارمة استهدفت تعبيد الطريق الي الجمهورية الجديدة قبل سويعات من يوم تتويج الامبراطور. المثير للدهشة عدم انشغالك بالاحتفال باسدال ستارة النهاية واستثمرت فرصة تسويق اجواء التنصيب الفيكتورية بإرسال رسائل للداخل والخارج بما سوف يحمله قادم الايام .اذآ أشهد انك ابليت بلاءآ حسنآ ولكن أخشي ان تنخدع باضواء النصر المبهرة التي قد تعميك عن رؤية تفاصيل الصورة الكاملة وان مازال هناك متربصين كثر ينتظرون بفارغ الصبر اخطاءك في المرحلة القادمة. لذا عليك اقتناص الفرصة المواتية بأعادة تقييم وفرز المختلفين معك حتي وان تاهوا في دروب الوصول الي الهدف باستيعاب و حوار خاصة مع شباب ثورة يناير الحقيقيين وما اكثرهم علي ان لا يخلو من الصراحة وفق اسس وطنية سليمة تشمل كل الاشكاليات العالقة.
وأيضآ يجب تحديد الخطوط الفاصلة بين عدم التصالح أو التهاون مع أئمة مكتب الأرشاد ومع من قتل وخان وتآمر علي مصر وأغلبية من البسطاء المغرر باسم الدفاع عن الشريعة يدفعون ثمن غياب الخطاب الديني المستنير، لذا يتحتم إحياء مبادرة اللواء أحمد رأفت الشهيرة مع الجماعة الإسلامية وعمل مراجعات فكرية عميقة وشفافة لأفكار الاخوان ،بالاضافة الي اهمية ادماج المعارضة التقليدية في جسم النظام السياسي الجديد وعدم تركهم فريسة لمصطلح (خليهم يتسلوا) الذي ادي لاندلاع ثورة عظيمة اطاحت بنظام عتيد في ايام معدودات لانه ليس منطقيآ خلق عداوات مجانية ومساعدة خصومك علي اختلافاتهم الايدلوجية في توحيد صفوفهم لإسقاطك. اللهم بلغت اللهم فاشهد.