في يوم قتلت امرأة ولدها الصغير! طبخته وقدمته إلي زوجها دون أن يدري أنه ابنه! فحملت أخته العظام ودقنتها تحت شجرة اللوز فتحولت روح الولد الصغير إلي طائر.. طار ثم بدأ الغناء أمي قتلتني.. أبي أكلني أختي مارجليتا أخذت عظامي ودفنتها تحت شجرة اللوز سمع الأب غناء الطائر.. وفهم ماحدث.. فقتل الأم هذه الحكاية أو الأسطورة وجدتها مكتوبة ضمن مئات الحكايا في كتاب كبير صادر عن المشروع القومي للترجمة تحت عنوان الحكايات الشعبية الأفرو أمريكية( حكايات من التراث الزنجي في العالم الجديد) اختيار واعداد روجر د.. ابراهامز وترجمه في أسلوب سلس وواع وبسيط الناقد السينمائي والمترجم: محسن ويفي. وهنا قفز إلي ذهني بعد قراءة تلك الحكاية سؤال: هل الحكايات الشعبية والتراث الإنساني خاصة الأسطوري في العالم كله متشابه؟ أو علي الأقل علي مستوي القارات والشعوب؟ ذلك ان هذه الحكاية الخرافية سمعتها من جدتي وأنا طفل ولكن بعد تهذيبها علي الطريقة المصرية فبدلا من الأم التي تقتل ابنها وتقدمه وجبة للزوج استبدلت بزوجة الأب. ذلك لأن الحس الشعبي المصري رفض أن تقتل الأم ابنها وجعلت زوجة الأب المكروهة في التراث الشعبي المصري هي القاتلة. وكانت الحكاية تحكي تحت اسم العصفور الأخضر حيث يقول الحاكي علي لسان العصفور أنا العصفور الأخضر لخضر مرات أبويا قتلتني قتلتني وأبويا الغافل أكل لحمي أكل لحمي. * الكتاب الذي يحوي مئات الحكايا القصيرة التي يحكيها الزنوج في ليالي السمر الحزينة تحمل علاوة علي تراثهم الافريقي عرض حالهم كعبيد لدي الرجل الأبيض الظالم قبل تحريرهم كردود أفعال علي ليل الحرمان الطويل.. وضد الموت بعيدا عن الأهل الذين حرموا منهم للأبد. وفي حكاية من تلك والتي تحكي علي ألسنة الطير والحيوانات بدافع الخوف من السيد نري الزميل أنانسي والثعبان الأسود صديقين لكن أنانسي يستغل الثعبان الأسود الذي زرع حديقة اتقاء لمجاعة قادمة بينما أكتفي أنانسي بأن يعيش كلص. وفي كل مرة يعتمد أنانسي علي الثعبان الأسود في أخذ نتاج حديقته ثم يعزم عليها أصدقاءه في ولائم دائمة ويومية يتغني بها علي حساب الثعبان الأسود. الذي ضربه في النهاية ضربة قوية بذيلة كادت تقسمه نصفين. ويمكن لأي محلل أن يفك رموز تلك الحكاية حتي لو كانت محكية بالعقل الباطن فالثعبان الأسود هو الرجل الافريقي المستعبد وأنانسي هو السيد الأبيض المكروه الذي يعتمد علي عبيده. * الكتاب دراسة جميلة ومشوقة لتراث الشعوب.. ذلك التراث الذي تدفع فيه الولاياتالمتحدةالامريكية الكثير اليوم.. لدراسة اللغة العامية والقصص التراثية والروايات في مصر وفي الشرق الأوسط وصولا لسمات شخصية تلك الشعوب وكيف تتعامل معها! تحية للمشروع القومي للترجمة ول محسن ويفي مترجم الكتاب. [email protected]