أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته خلال اجتماع الدورة العادية الخامسة والأربعين لمجلس وزراء الإعلام العرب اليوم أن أعمال هذه الدورة الهامة تأتى فى ظل تحديات تشهدها المنطقة تتمثل فى الأوضاع السياسية المضطربة والتى ألقت بتأثيراتها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي مما يفرض على الإعلام العربي العام والخاص مسئوليات إضافية تجاه معالجة هذه القضايا. وأشار إلي ضرورة وضع معايير حديثة تعزز مسئوليات وزارات الإعلام وترسخ حق الحصول على المعلومة الصحيحة دون تحديد سقف لزمن ومكان النشر والتجاوب مع قضايا الشعوب ومناقشة همومهم اليومية واحتياجاتهم الملحة. وأوضح أن تكنولوجيا الاتصال أكدت دور الإعلام فى بناء المجتمع ودعت إلى تعزيز ذلك ونتاجاً لذلك ظهرت أساليب إعلامية عصرية حديثة استطاعت تكنولوجيا الاتصال والمعلومات أن تؤثر على الأداء الصحفي والإعلامي لوسائل الإعلام المختلفة ما ادى إلى تحسينها وتطور أدائها الفني والمهني خاصة بعد أن شهد العالم وما يزال يشهد ثورة تكنولوجية شاملة أحدثت تغييرات جذرية في نواحي الحياة كافة وأصبح التطور والتغيير سمة من سمات عالمنا المعاصر ونمطاً معبراً عن الثورة التكنولوجية الأمر الذي يعني أن الإعلام العربي أمام حقبة إعلامية حديثة بكل ما تعني الكلمة من معاني. وقال إن خطورة هذه المرحلة الإعلامية الحديثة تكمن مع ما يصحبها من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية فى كون أن الإعلام يقوم بدور هام فى تشكيل فكر المجتمع ورفع وعيه أو العكس وبالتالي علينا تحديث الخطاب الإعلامي بما يتماشى مع طبيعة العصر مع الاحتفاظ بخصوصيتنا كأمة ساهمت فى بناء الحضارة الإنسانية في جميع مراحلها ليس المطلوب تجديد الخطاب فحسب بل التفكير بشكل جدى فى امتلاك مقومات إعلامية تنطلق من مرتكزات فكرية وثقافية لأن الأمم التى لا تمتلك آليات إعلامها ومقوماته مكتوب عليها أن تعيش فى أزمة فكرية وثقافية ولا تستطيع تحديد معالم نهضتها. وأكد أنه علينا إعادة النظر فى المؤسسات الإعلامية خاصة أمام هذه المرحلة الهامة من تاريخنا المعاصر وعلينا العمل على تقديم مضمون إعلامي جاذب يحقق متطلبات الجمهور العربي العريض ويلبي حاجاته المستمرة يوماً بعد يوم إن لم يكن لحظة بعد أخرى وكقائمين بالاتصال علينا إثراء المضمون الإعلامي فى جميع وسائلنا مع مراعاة الارتقاء بالذوق والسلوك والعقل فى آن واحد. ولفت إلي أنه علينا كأمة عربية ذات موروث ثقافي وحضاري يعلم به الجميع أن نضع أمتنا العربية فى المكانة الذى تستحقها إعلامياً والإعلام أهل لذلك فالأمة العربية تمتلك أكبر مقومات للإعلام وهو المخزون الثقافي والحضاري والتاريخي وبالتالي ينتظر من اجتماع اليوم إجراء تقييم جاد لما تم تنفيذه على أرض الواقع من مقررات الاجتماع السابق والعمل بمسئولياتكم المعهودة للخروج بقرارات تتفاعل مع المتطلبات الحضارية للأمة العربية والظروف الاستثنائية التى تعيشها المنطقة لاسيما وقد تأكد فى أعمال الدورة السابقة ضرورة البحث عن صيغة فاعلة لوضع إستراتيجية إعلامية عربية موحدة تحقق قدراً من التوازن بين متطلبات واحتياجات الشعوب العربية. وأشار الى أن التغيرات التى شهدها الوطن العربي على مدار السنوات القليلة الماضية أثبتت تعاظم الحاجة إلى الاهتمام بمجالات الثقافة والفكر والمعرفة لإحياء روح النهضة ومواجهة الأفكار الظلامية والإرهاب الفكري وسد الفجوة المعرفية التى يعاني منها الوطن العربي وهو دور يحتاج لمناخ من حرية الفكر وحرية الإبداع للتعامل مع تحديات الواقع الجديد الذي تعيشه الدول العربية، ولابد في هذا الصدد من النهوض بالثقافة والتعليم والفنون وتعميق التواصل المعرفي فيما بين المجتمعات العربية ومن حولها. وقال إن انعقاد المجلس اليوم يأتي فى ظل أحداث ومستجدات نشهدها على الصعيدين الإقليمي والدولي خاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهي القضية المركزية المحورية للأمة العربية حيث نؤكد مجدداً الموقف الثابت من ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ الرابع من يونيو عام 1967 وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية وفقاً للقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وكذلك إيجاد حل عادل وشامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 والدول العربية مدعوة إلى مواصلة تقديم الدعم وتوفير شبكة الأمان المالية لتعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني وفقاً لقرارات مجلس جامعة الدول العربية في هذا الشأن. وأشاد بصمود الشعب الفلسطينى ازاء ما تقوم به اسرائيل من اعتداءات على المواطنين المدنيين الفلسطينيين والعدوان على الكنائس والمساجد ورجال الدين، إضافةً إلى استمرارها في احتجاز آلاف السجناء من بينهم من قضى أكثر من 25 سنة في السجون- وفيهم النساء والأطفال – وقد شاهدت بنفسي منذ أكثر من عام في مؤتمر عقد في بغداد للأسرى الفلسطينيين فتى لا يتعدى عمره 11 عاماً قضى فترة في السجن الإسرائيلي. وأشار الى أن استمرار إسرائيل في إجراءاتها الأحادية غير القانونية لتهويد مدينة القدسالشرقية وهدم المنازل وإجراء تغيير ديموغرافي وتغيير أسماء الشوارع والمواقع وتهديد المسجد الأقصى يومياً وتغيير تركيبة المدينة التاريخية والاستيلاء على حضارتها وتراثها الإسلامي والمسيحي، خاصةً ما تتعرض له منطقة الأغوار من مصادرة وتهجير للسكان- وهى المناطق المعروفة الواعدة اقتصادياً للدولة الفلسطينية- إزاء كل ذلك لا بد من تأكيد مسئولية الأممالمتحدة ومنظماتها ذات العلاقة عن حماية الشعب الفلسطيني ومقدراته وأملاكه، إضافة إلى أهمية تفعيل دور هذه المنظمة الدولية فى دعم الحق الشرعي للشعب الفلسطيني فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. وقال إنه لا بد كذلك من إبراز دور الإعلام لإبراز أن الاحتلال الإسرائيلي فى الحقيقة يمثل نظام (أبارتايد) جديد وهو آخر معاقل العنصرية والاستعمار فى القرن الواحد والعشرين ويسير ضد حركة التاريخ ولابد من إبراز ذلك أمام الرأي العام العالمي. ورحب العربى بوجود السيد عيسى قراقع وزير شئون الأسرى الفلسطينى مؤكدا على أهمية رفع الاهتمام بقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين التي هي من أولى اهتمامات جامعة الدول العربية مطالبا وزراء الإعلام العرب تبنى الإعلام العربي للحملة الدولية التي أطلقها السيد أحمد كاثرادا أحد أبرز رموز النضال ضد نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا وأحد الذين قضوا سنوات في الشجن مع نيلسون مانديلا وذلك للإفراج عن الأسير الفلسطيني الذي أصبح رمزاً وهو مروان البرغوثي وكافة الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي والمضربين عن الطعام وأدعو السادة الوزراء إلى تنبني التوصيات التي تقدم بها منذ دقائق معالي السيد عيسى قراقع وزير شئون الأسرى الفلسطينى. وأكد ان العالم أجمع يتابع بقلق شديد ما تتعرض له سوريا الشقيقة من أعمال حرب ودمار تفتك بالموارد البشرية والطبيعية ونرى أمام أعيننا شلال دم لا يتوقف حتى أصبح الوطن العربي كله مهدداً وبسبب هذا الوضع المأساوي يموت الأطفال والنساء والشيوخ كل يوم مشيرا إلى بعض ثوابت موقف جامعة الدول العربية فى تعاملها مع الأزمة السورية أولاً: الاستجابة لطموحات الشعب السوري وتطلعاته المشروعة في إقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي أساسه المساواة في الحقوق وسيادة القانون وعدم التمييز بين المواطنين، أياً كانت انتماءاتهم الدينية أو الطائفية أو العرقية، مع المحافظة على وحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها وسلامة أراضيها. ثانياً: الدعوة إلى حقن دماء السوريين، الأمر الذي يزداد أهمية كل يوم مع سقوط المزيد من الضحايا، ومطالبة مجلس الأمن بتحمل مسئولياته طبقاً لميثاق الأممالمتحدة باتخاذ التدابير اللازمة لإقرار وقف شامل لإطلاق النار وانهاء كل أعمال العنف والقتل والتدمير ضد المدنيين السوريين. وقد طالبت جامعة الدول العربية مجلس الأمن عدة مرات منذ أبريل 2012 بإصدار قرار لوقف القتال وحقن دماء السوريين ولم يصدر هذا القرار حتى الآن. ثالثاً: التحرك لإقرار حل سياسي للأزمة السورية بدءاً من المبادرة العربية التي أطلقها مجلس جامعة الدول العربية في شهر أغسطس 2011 مروراً بالبيان الختامي لإعلان جنيف فى 30 يونيو 2012، والتى شاركت جامعة الدول العربية فى الإعداد والتحضير له إلى جانب مجموعة العمل الدولية التى أقرت هذا البيان الختامي، وتم الاتفاق مع الأممالمتحدة على مباشرة السعي لإيجاد حل سياسي وعين السيد كوفي أنان الامين العام السابق للأمم المتحدة ثم السيد الأخضر الإبراهيمي على مدى أكثر من عامين وحتى الآن لم يتم ايجاد حلاً لذلك وبناءً على ذلك تقدم السيد الأخضر الإبراهيمي باستقالته يوم الثلاثاء الماضى، وأود بهذه المناسبة تقديم جزيل الشكر على جهوده المقدرة في أصعب الظروف. وأشار الى ان الأزمة السورية بأبعادها وتداعياتها الراهنة والمستقبلية تلقى بتأثيرات كارثية على الأوضاع في المنطقة، وأضحت بحق أكبر مأساة انسانية في القرن الحادي والعشرين، فهذه الأزمة خلفت ما يقرب من 150 ألف من الضحايا الأبرياء، وغيرهم الآلاف من الجرحى والمفقودين والمعتقلين السياسيين، وأصبح أكثر من تسعة ملايين سوري ما بين مشرد ونازح ولاجئ، إضافة إلى ما تتعرض له بنية الدولة السورية وإرثها الحضاري العظيم واقتصادها ومرافقها الحيوية ومؤسساتها الوطنية من تخريب وتدمير نتيجة لاستمرار أعمال العنف. وأوضح أنه لا يمكننا أن نتحدث عن التحديات التى تواجه الأمن الإقليمي العربي دون أن نتطرق إلى ظاهرة الإرهاب التى أصبحت تهدد استقرار وأمن دول المنطقة بلا استثناء وكذلك المكتسبات التى تحققت، الأمر الذى يستدعى اتخاذ الإجراءات والتدابير التى تضمن القضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره، وتجفيف منابعه والتصدي لعناصر تمويله والمحرضين عليه وليس فقط لمن يقوم بالأعمال الإرهابية، ولا يجب أن تقتصر هذه المعالجة على البعد الأمني فحسب، ولكن يجب أيضاً أن تتطرق إلى مواجهة الإطار الفكري المتطرف المحرك للإرهاب. والنقطة المحورية فى مكافحة الإرهاب تتمثل فى إرساء التعاون الإقليمي والدولي من خلال تبادل المعلومات والخبرات، وتسليم المتهمين والمحكوم عليهم فى الجرائم الإرهابية، وتوفير الإرادة السياسية لتنفيذ الالتزامات التى تعهدت بها الدول إقليمياً ودولياً. ولهذا اهتم السادة وزراء الإعلام العرب بوضع "مشروع الإستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمواجهة ظاهرة الإرهاب".