هل كان يمكن للقضية الفلسطينية ان تظل حية بدون ثورة23 يوليو عام1952 ؟ الاجابة القاطعة هي بالنفي, والتاريخ يسجل أن فلسطين قد احتلت الأولوية المطلقة في أجندة العمل المصرية إلي الدرجة التي دفعت بالقضايا والأوضاع الداخلية إلي المرتبة الثانية. ظلت فلسطين هي المعيار والقياس الذي يحدد علاقة مصر بالقوي العالمية, وتزامنت الثورة مع اندلاع الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي وقامت إسرائيل بدورها كرأس حربة أمريكية بالمنطقة وتكرر عدوانها خاصة علي مصر حتي تستنفد طاقاتها وامكاناتها ولاتدع لها فرصة لالتقاط انفاسها, وما بين حالة التأهب والاستنفار وقع عدوانا67.56 للقضاء علي نظام عبدالناصر الذي استطاع اطلاق حركات التحرر من الاستعمار القديم في المنطقة والعالم, وان يحشد الشعوب ضد الهيمنة والتسلط. وجاءت المفاجأة المذهلة لاسرائيل والقوي المساندة لها حين رفض الشعب المصري تنحي عبدالناصر في لحظة تاريخية حولت الهزيمة إلي عمل يتواصل ليل نهار لاسترجاع الأرض والكرامة ادراكا بأن ما حدث في67 لم يكن حربا وانما عملية خداع كبري لم تختبر فيها القوات المصرية. وبعد سنوات قليلة لاتذكر في عمر الزمن, جاء العبور العظيم في حرب أكتوبر عام1973, ونهضت مصر من كبوتها ويدها قابضة علي الراية الفلسطينية لتخوض معها المعارك السياسية الضارية التي تتواصل إلي يومنا هذا حتي تعيد للشعب المنكوب حقوقه المغتصبة وتحقق له الدولة المنشودة. فلسطين هي العنوان الابرز علي طول العقود الماضية منذ قيام الثورة, ولم تؤثر المتغيرات الدولية العميقة وانتهاء الحرب الباردة واختلاف ساحات المواجهة, لم يؤثر ذلك علي التأييد المطلق للقضية برغم الفاتورة الباهظة التي دفعها الشعب المصري من ثرواته البشرية والمادية من اجلها. انها صفحات من التاريخ لاتزال مفتوحة إلي اليوم.