* في24 مايو1960, صدر قانون تنظيم الصحافة, فوضع النهاية لصحافة الأجندات الخاصة, وهيأ الأجواء أمام صحافة قومية, تحمل الأجندة الوطنية, تتحرر من ضغوط الإملاءات الخارجية, تتحرر من تحكمات التمويل المعلن والخفي, تتحرر من سطوة رأس المال وتقلباته وأغراضه. قبل ذاك التاريخ, وعلي مدي ثمانية أعوام, من قيام الثورة في يوليو1952 إلي صدور القانون في مايو1960, فشلت صحافة الأفراد وصحافة العائلات في أن تستوعب افق التحولات التي يمور بها المجتمع المصري. الثورة لم تكن تستهدف الصحافة الخاصة, ولم تبادرها بأي عداء, وتركتها تعمل سنة وراء سنة, ولكن الصحافة الخاصة فشلت في الاختبار, لم ترتفع إلي أفق المشروع الوطني للثورة, وهو أفق بناء الدولة, أو بالتحديد أفق ومقتضيات بناء الجمهورية الوليدة آنذاك, بعد أن طويت صفحة الملكية العلوية إلي الأبد. * حين نقيم, مسيرة الصحافة القومية, في نصف قرن مضي من عمرها, نراها أنجزت الكثير. حافظت علي مؤسسات كان مصيرها الزوال لو تركت مرهونة بالعائلات. تطورت المؤسسات, فالأهرام اليوم ليست أهرام آل تقلا فقط, فقد شهدت إضافات جبارة تجعلها علي رأس قائمة المؤسسات الصحفية في العالم العربي, والشرق الأوسط, وإفريقيا.. وقل شيئا قريبا من ذلك, في أخبار اليوم, وروز اليوسف التي تحولت إلي مجموعة إصدارات, وكذلك دار الهلال. تلازمت مسيرة الصحافة القومية, مع التعبير عن الشرعية السياسية لدولة الثورة, في عهودها الثلاث, ولم يختلف الأمر حين فتح الرئيس السادات ثم الرئيس مبارك الباب أمام نشأة صحافة خاصة وحزبية تعمل إلي جانب الصحافة القومية. خمسون عاما من تاريخ الصحافة القومية, هي خمسون عاما من مسيرة دولة الاستقلال الوطني بانتصاراتها وانكساراتها معا. * الآن, تقف الصحافة القومية, علي مشارف أفق بعيد, فالدولة تقود مشروعا شعبيا كبيرا للتغيير, ينطلق من جذور الشرعية السياسية التي أرستها ثورة23 يوليو, ويدرس التنوعات والتقلبات والخبرات التي اعتصرتنا عبر ثمانية وخمسين عاما, ثم يضع الملامح الواضحة لأجندة الدولة الوطنية في العقود المقبلة..... هنا يأتي دور الصحافة القومية. أكتفي اليوم, بالتذكير بأن مرور خمسين عاما علي تجربة الصحافة القومية هو حدث يستحق التوقف عنده, ومن واقع خبرتي رئيسا لتحرير صحيفة خاصة, ورئيسا لتحرير صحيفة حزبية, أقول إن القراء اليوم أشد احتياجا إلي تجديد الصحافة القومية أكثر من أي وقت مضي... هذا هو يوم الصحافة القومية, والسنوات المقبلة هي الربيع الثاني في مسيرتها.