بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتوقيع الاتفاقيات بدأت الدول الاوروبية في إعادة بناء اقتصادياتها التي دمرتها الحرب. وفي اسبانيا عقد الملك الاسباني آنذاك اجتماعا موسعا لجميع الوزراء وخبراء الاقتصاد والمسئولين في كل القطاعات في لقاء تاريخي يؤكد الخبراء انه السبب الرئيسي والقاعدة الاساسية التي جعلت من اسبانيا اكبر دولة سياحية في العالم. ففي هذا الاجتماع وجه ملك اسبانيا لجميع الحاضرين سؤالا واحدا وهو ماهو القطاع الذي تتميز به اسبانيا وتستطيع المنافسة فيه بقوة بين دول العالم المختلفة التي تنكب نفس الشروط ونحن في مصر تنطبق علينا نفس الشروط والمعوقات حيث أن السياحة وما حبانا الله به من امكانات طبيعية وتاريخية تجعل من السياحة المجال الوحيد الذي نستطيع المنافسة به ولكن الوضع يختلف تماما فالواقع يؤكد انه لا احد من المسئولين في الحكومة يضع في اعتباره أهمية السياحة في الاقتصاد القومي عند اتخاذه القرارات المتعلقة بالسياحة ولذا فانني استطيع تأكيد أن السياحة في مصر تسبح ضد التيار وهذا الوضع الذي يضر بصورة مباشرة الاقتصاد القومي المصري ويؤثر سلبا علي دخل المواطن وانتعاش السوق لما للسياحة من اثر مضاعف علي أكثر من72 صناعة وخدمة مرتبطة بها تروج برواجها وتكسد بكسادها الأمر الذي يجعل معرفة المواطن بأهمية السياحة في حياته ومعيشته اولوية قصوي لدي المسئولين في الدولة وخاصة وزارة السياحة المعنية طبقا للقانون بالقطاع السياحي وان كان الواقع يؤكد انها ليست وحدها التي تشرف وتتحكم في هذا القطاع الاقتصادي المهم والحساس في نفس الوقت والذي يحتاج الي احتضان المجتمع بكل فئاته له وعدم التصرف بمعزل عن بقية قطاعات الدولة والنظرة سياحة يخوت المحدودة عند اتخاذ القرار فمثلا كما يؤكد سامي محمود وكيل وزارة السياحة ورئيس قطاع السياحة الدولية مصر لديها شواطئ تمتد لالآف الكيلومترات علي البحرين الاحمر والابيض المتوسط وسياحة اليخوت تعتبر من أكثر الانماط السياحية تحقيقا للدخل ونحن نتصرف مع هذا النوع بنظرة ضيقة للغاية فرسوم الرسو علي اليخت في مصر1225 دولارا ويزورنا5 الاف يخت في العام في حين أن دولة مثل تونس لديها شواطئ فقط علي البحر المتوسط لاتقارن بشواطئنا يزورها في العام50 ألف يخت لانها تحصل30 دولارا رسوما فقط بالاضافة الي التسهيلات في اجراءات الدخول واذا كان متوسط انفاق اليخت الواحد في الدولة التي يزورها طبقا للاحصائيات الدولية15 ألف دولار فبالارقام نجد اننا نقوم بتحصيل رسوم حوالي6 ملايين دولار في مقابل ذلك تفقد أكثر من600 مليون دولار يمكن تحصيلها في حالة لو خفضنا الرسوم وجذبنا حوالي50 ألفا مثلما تفعل تونس. ويضيف سامي محمود ان نفس الحالة تنطبق علي تأشيرة الدخول الي مصر فاننا نضيع الكثير من الدخل الذي يمكن أن يتحقق في مقابل تحصيل رسوم تأشيرة الدخول بقيمة15 دولارا وهناك جهات في مصر تطالب بزيادة رسوم التأشيرة في حين أن هناك العديد من المقاصد السياحية المنافسة قد الغت تأشيرة الدخول في إطار التسهيلات الي تقدمها حكومات تلك البلدان لجذب السائحين. لماذا اسبانيا؟ اضاف أنه في الوقت نفسه نجد العديد من المسئولين في مصر في الاجتماعات المختلفة يطرحون سؤالا غريبا لماذا لا يأتي إلينا60 مليون سائح مثل أسبانيا ونجيبهم بأن أسبانيا لديها مليون غرفة فندقية وأكثر من200 مطار وتسهيلات عديدة وشعب يعرف أهمية السياحة ومسئولون وحكومة تضع السياحة علي رأس أولوياتها من أجل دعم الاقتصاد القومي ورفع مستوي معيشة المواطن بالاضافة الي ان50% من الحركة الوافدة اليها تأتي عن طريق البر ولا توجد هناك عقبات أمام السياحة إطلاقا لا مبالاة ويري أمير فهيم الخبير السياحي ورئيس مجلس إدارة احدي الشركات السياحية أن هناك العديد من الوزارات التي تسهم بقرارات في عرقلة العمل السياحي والاضرار به غير مبالين بانعكاسات ذلك علي الاقتصاد القومي, فمثلا وزير الزراعة عندما قرر إعادة تقييم اراضي طرح النهر في الأقصر والتي تمت اقامة مراس نيلية عليها للفنادق العائمة التي تعتبر النمط السياحي الوحيد الذي تتميز به مصر وطلبنا تجديد التراخيص منذ عامين لم نحصل علي التراخيص حتي اننا كمساهمين في المراسي كتبنا لوزير السياحة زهير جرانة لرفع الظلم الواقع علينا من وزير الزراعة وتعطيل العمل وقام وزير السياحة بالفعل بمخاطبة وزير الزراعة خاصة ان هناك مرسي في الأقصر ملكا لوزارة السياحة قامت بانشائها لحل أزمة المراسي النيلية والي وقتنا هذا لم يرد وزير الزراعة علي زميله وزير السياحة وتبقي الحال علي ما هي عليه. يأتي ذلك في الوقت الذي يقوم فيه محافظ الأقصر د. سمير فرج بهدم المراسي الحكومية التي تسع80 فندقا وتم توزيعها علي المراسي الخاصة لحين انشاء مرسي جديد في البر الغربي. إنجازات ولكن! ويضيف أمير فهيم ان وزير الطيران قام بعمل انجازات رائعة في مطار القاهرة والمطارات الاخري الا ان قراره الخاص عدم دخول مندوبي شركات السياحة الي المطار لاستقبال الوفود مشكلة كبري أمام السائحين وهي مثار شكوي من غالبية منظمي الرحلات الاجانب الذين يتعاملون مع السوق المصرية حيث ان المجموعات السياحية تأتي ولا تعرف شيئا عن الاجراءات وتعودت الاعتماد علي مندوب الشركة الذي يقوم بانهاء جميع الاجراءات خاصة التأشيرة حيث يقوم السائح بالوقوف في طابور لشراء الطابع الخاص بتأشيرة الدخول ودفع الرسوم الامر الذي يعطي انطباعا سيئا لدي السائح بمجرد وصوله القاهرة. كما أن وزير الري عندما نطلب منه ترخيصا لانشاء مرسي سياحي يطلب32 موافقة من جهات مختلفة وعند التجديد يتم طلب نفس المواصفات مرة أخري وعند كل تجديد فهل هذا يعقل؟! مشيرا الي غياب التنسيق بين وزاراة السياحة والمحافظات السياحية فيما يتعلق بالتفتيش علي المنشآت السياحية التي يجب ان تكون مسئولية وزارة السياحة وحدها ناهيك عن المشكلات العديدة التي تواجهها الشركات التي تعمل في برامج الرحلات الصحراوية وغيرها مثل عدم السماح للمرشدين بالعمل إلا في محافظة واحدة. يأتي ذلك في الوقت الذي قامت فيه العديد من الدول السياحية بالغاء كل الاجراءات التي تعطل تطور العمل السياحي, فمثلا تركيا قامت بالغاء التأشيرة للسائحين الوافدين, وكذلك العديد من الدول ومنها روسيا الامر الذي سوف يؤدي إلي جذبها أكبر عدد ممكن من الروس علي حساب مصر. ويطالب أمير فهيم بضرورة عودة المجلس الأعلي للسياحة وتفعيله حيث توضع كل المشكلات التي تعوق العمل السياحي وتضر بالاقتصاد القومي ووضع آليات لحلها فورا والقضاء تماما علي تضارب القرارات وتداخل الاختصاصات في القطاع السياحي بحيث تكون هناك جهة واحدة هي المسئولة عن كل ما يتعلق بالعملية السياحية