وزير التعليم يلتقي بالفريق التنفيذي للبكالوريا الدولية (IB) لبحث سبل التعاون    جامعة حلوان الأهلية تعلن مصروفات كلياتها للعام الجامعي الجديد    كاهن رعية غزة يعبر عن سعادته بالعودة إلى كنيسة العائلة المقدسة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    إزالة مزرعة مخالفة لتربية الخيول والنعام في الشرقية (صور)    رئيس وزراء إسبانيا: الاعتراف بدولة فلسطين هو الحل لتعزيز الاستقرار بالمنطقة    أبو الغيط يُرحب بقرار النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين    خامنئى يصلى على جثمان الرئيس الإيرانى الراحل والوفد المرافق له    نهائي الدوري الأوروبي، موعد مباراة باير ليفركوزن وأتالانتا والقناة الناقلة    جوميز: منبهر بجمهور الزمالك.. وهناك جزء ل فيريرا في أي إنجاز أقوم به    إنبي عن بند 100 ألف دولار في عقد زياد كمال: نريد الحفاظ على السرية.. والزمالك سيستفيد    رسميا، جوارديولا أفضل مدرب في البريميرليج بعد تتويج السيتي    حملة أمنية تضبط 22 قضية مخدرات و53 متسولا و50 سايس بدون ترخيص بالقاهرة والقليوبية    لمواليد 22 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقته الخاصة، "القومي للحضارة" يحتفل باليوم العالمي للمتاحف    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-5-2024    خبيرة تغذية تنصح بعدم شرب الماء بعد الوجبات مباشرة    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. اليوم الخطيب يستقبل بعثة الترجي في مطار القاهرة    اليوم.. انطلاق الدورة الرباعية المؤهلة إلي الدوري الممتاز    فصائل فلسطينية: استهدفنا ناقلة جند إسرائيلية جنوب شرق مدينة رفح    مصادر إسبانية: الحكومة ستعلن اليوم الاعتراف بدولة فلسطينية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    على البساط الوردى «فرانكلين» و«دوجلاس» فى كان!    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم | الأربعاء 22 مايو 2024    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر.. ورفع درجة الاستعداد بميناء نويبع البحري لبدء موسم الحج البري    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    باحثة سياسية: مصر تقف حائط صد أمام مخططات التهجير القسري للفلسطينيين    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء.. أبرزها باير ليفركوزن ضد أتالانتا في نهائي الدوري الأوروبي    اليوم.. القطاع السياحي ينتخب ممثليه في مجالس الغرف السياحية    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارعي رمسيس والهرم (فيديو)    بايدن يتهم ترامب باستخدامه لغة «هتلر».. ما السبب؟    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    مبلغ صادم.. كم بلغ سعر إطلالة ماجي زوجة محمد صلاح؟    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسبانيا تستثمِر رئاستها للإتحاد الأوروبي لمحاولة تحقيق اختراقيْن في الجنوب
نشر في المصريون يوم 07 - 02 - 2010

اقترحت مدريد يوم 5 يونيو المقبل، تاريخا للقمة الثانية للإتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، على أن تسبقها مناقشات تُجْرى في برلمانات البلدان الأعضاء والبرلمان الأوروبي في اليوم نفسه، لوضع اقتراحات تركِّز على المستقبل. فماذا في جُعبة الإسبان الذين تسلّموا في مطلع السنة الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي؟
"رئاسة كُبرى"، "رئاسة استثنائية"، "رئاسة تتركُ أثرا في التاريخ"... بهذه العِبارات الفخمة، يتعاطى الإسبان مع رئاستهم للإتحاد الأوروبي، التي بدأت مطلع السنة وتستمِر حتى أواخر يونيو المقبل.
ويتردّد على ألسنة مسؤوليهم في هذا السياق، تاريخ نوفمبر 1995، بوصفِه لحظة تتْويج لرئاستهم للإتحاد الأوروبي، التي أبصرت ولادة مسار برشلونة، وهُم لا يُخفون إصرارهم على عقْد مؤتمر القمة الثاني للإتحاد من أجل المتوسط في برشلونة يوم 5 يونيو المقبل، بُغية إخراجه من غُرفة العناية الفائقة التي وُضع فيها في أعقاب عملية "الرّصاص المسكوب" الإسرائيلية على قطاع غزة.
ومع إقرار أندرو كلاريت Andreu Claret، مدير "المعهد الأوروبي للبحر المتوسط" (مقرّه في برشلونة) بأن مسار برشلونة صفحة طَواها التاريخ، فإنه يُشدِّد على أن أهدافه والقِيم التي بُنِي عليها، لا زالت صحيحة وتكتسي طابعا راهِنا. وقال ل swissinfo.ch، إن على الحكومة الإسبانية أن تنطلِق من إرث العمل المُشترك الأوروبي المتوسّطي، لكي تُكرِّس زعامتها وتقترح مُبادرات تبقى راسِخة في التاريخ وتتجاوز فترة الأشهُر الستة التي تستغرقها رئاسة الإتحاد الأوروبي.
وعلى هذا الأساس، اعتبر كلاريت أن علاقات الإتحاد الأوروبي مع البلدان المتوسطية، التي كانت طرفا في مسار برشلونة، هي "حجر الزاوية في رئاسة إسبانيا للإتحاد"، وهي رُؤية تحتمِل ربّما بعض المبالغة، لأن مدريد تُواجه مصاعِب جمّة لترويض شُركائها على الالتزام ببُنود معاهدة لشبونة وما يترتّب عنها من تغييرات مؤسَّسية في الإتحاد.
الهندسة المؤسسية الجديدة
ويُنبِّه حسن أبو أيوب، السفير المغربي السابق لدى فرنسا، إلى التحدِّيات الكُبرى التي تُواجهها الرئاسة الإسبانية في ظِلّ مناخ دولي مُلبّد بالأزمات، وفي مقدِّمتها إدارة المسار الأوروبي للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية، مع وجود عناصِر من شأنها تعقيد الوضع الاجتماعي، بناءً على التّفاقُم المُتوقّع للبطالة في الدول المُصنعة (19% بحسب يوروستات)، من دون آفاق واضحة لحلِّها.
وأشار أبو أيوب في تصريح ل swissinfo.ch إلى مُقتضيات مُتابعة نتائج مؤتمر القمة الخاص بالمناخ، الذي عُقد في كوبنهاغن وكذلك ضرورة انطلاق مُفاوضات الدوحة مجدّدا بعد الاجتماع الوزاري الذي عُقد في نوفمبر الماضي، ممّا يتطلّب من إسبانيا العمل على تذليل أزمة المفاوضات التجارية متعدِّدة الأطراف.
لكن في المجال المتوسطي أيضا، توقع أبو أيوب أن يُواجه الإسبان صعوبات غير مسبوقة، بالنظر للتغييرات المؤسسية التي وُضِعت موضِع التنفيذ تطبيقا لمعاهدة لشبونة، "على رغم ما أثبتته مدريد خلال الرئاسات الثلاث السابقة للإتحاد الأوروبي من حذاقة وفِطنة في السّيطرة على مراكز صُنع القرار في الإتحاد"، على حد تعبيره. وتساءل عن هامِش التحرّك المُتاح لإسبانيا لإنجاح المؤتمر الثاني للإتحاد من أجل المتوسط، من أجل وضع المشاريع التي أتى بها الإتحاد موضع التنفيذ.
وفي هذا السياق، اعتبر أن مِن أهمّ التحدِّيات التي على إسبانيا أن ترفعها في الأسابيع المُقبلة "وقف تدهْوُر الوضع في الشرق الأوسط بحمل إسرائيل على تجميد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، وخاصة القدس الشرقية، لإيجاد المناخ الملائم لاستئناف المفاوضات من أجل تكريس حلّ الدولتيْن". لكن، هل ستحظى أوروبا بثقة طرفيْ الصِّراع وهي التي صارت تمثيليتها مُنشطرة بين مركزَيْ ثِقلهما الرئاسة الدورية (إسبانيا) والرئاسة الدائمة التي تولاّها البلجيكي هِرمان فان رامبوي، فيما سُلِّمت كاترين أشتون مِقوَد الدبلوماسية الأوروبية؟
يعتقد أبو أيوب أن الشرط الوحيد لمنح هيبة لأوروبا، يتمثل في تخلِّيها عن دور "المصرفي" الذي يُموّل الحلول التي تفرضها الولايات المتحدة و"عقد شراكة حقيقية مع واشنطن، تنعكس في خطوات عملية على ساحة المفاوضات بين أطراف النزاع".
وعلى هذا الأساس، يكتسي ملفّ العلاقات مع البلدان الواقعة على الضفة الجنوبية للمتوسط، وخاصة ملفا الهجرة والطاقة، أهمية كبيرة لإعادة الثقة بين الجانبين، واستطرادا، إعادة الرّوح إلى الشراكة الأوروبية المتوسطية في طبعتها الجديدة. وأكّد دبلوماسي فضل عدم الكشف عن هُويته، أن مدريد شجّعت البلدان الأعضاء في الإتحاد من أجل المتوسط على مراجعة قرارات المجلس الوزاري للإتحاد الذي انعقد في مرسيليا في خريف 2008 قُبيل اندِلاع الحرب على غزّة، والذي قرّر جعل مقر الأمانة العامة للإتحاد في برشلونة.
ويتمثل اقتراح الإسبان لتخطِّي الخلافات بين العرب وإسرائيل المُصرّة على منحها مقعدا في الأمانة العامة (مؤلفة من ستة أمناء مساعدين)، في الاقتصار على أمين عام مساعد واحد، سيكون بالضرورة من بلدان الشمال، باعتبار الأمين العام أردنيا. أما بالنسبة لباقي العامِلين في الأمانة التنفيذية، فاقترح الإسبان أن يكونوا من الخُبراء التكنوقراط وأن تُعتَمد آليات الانتداب السارية حاليا في الإتحاد الأوروبي لاختيارهم، "أي بواسطة مناظرات لا تأخذ في الاعتبار جنسية المرشحين، وإنما كفاءتهم"، مثلما شرح المصدر.
ويعرف الإسبان أن هذا الاتجاه يستجيب للهواجس المالية لنُظرائهم في الإتحاد الأوروبي، الذين أبدَوا حِرصا كبيرا على الحدّ من نفقات الأمانة العامة وضمان نجاعة العمل وسُرعته في الآن نفسه.
خلافة فرنسا
بهذا المعنى، تسعى مدريد إلى العمل على واجهتيْن مختلفتيْن، لكنهما مترابطتان. فهي تتطلّع لتسلم رئاسة الإتحاد المتوسطي من فرنسا، بعد تنقية الأجواء من الصِّراعات التي خيّمت على اجتماع مرسيليا وإعادة المبادرة إلى السكة، وتنشط أيضا على الساحة الشرق أوسطية لتقريب الشقة بين العرب والدولة العبرية، أملا في إعادة الأطراف إلى مائدة التفاوض.
وفي هذا السياق علمت swissinfo.ch أن مدريد اقترحت 5 يونيو المُقبل تاريخا للقمة الثانية للإتحاد من أجل المتوسط، على أن تسبقها مناقشات تُجرى في برلمانات البلدان الأعضاء والبرلمان الأوروبي في اليوم نفسه لوضع اقتراحات تركِّز على المستقبل.
ويجول وزير الخارجية الإسباني ميغال موراتينوس حاليا على عواصم المنطقة، مستثمرا صداقاته القديمة فيها، بَحثا عن مربّع مشترك يُعِيد الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مائدة المفاوضات، من دون نسيان الأطراف الأخرى، وفي مقدمتها سوريا التي حرِص موراتينوس على الاجتماع مع رئيسها.
وتتكامل مع المحوريْن، المتوسطي والشرق أوسطي، الأولوية الثالثة للرئاسة الإسبانية، وهي مجال الحوض الغربي للمتوسط. فمدريد تعمل أيضا على عقْد مؤتمر قمة ثانٍ لمجموعة 5 + 5، التي تضُم البلدان المُطلّة على ذلك الحوض. وتتطابق هنا هواجسها مع مصالح سائر البلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، المشغولة بقضيتيْ الهجرة ومكافحة الإرهاب، إذ حاول الإسبان والإيطاليون والفرنسيون وضْع خُطط تعاون منفصِلة مع البلدان المغاربية في هذين المجاليْن. والظاهر، أنهم يعتبرون الحصيلة مُخيِّبة للآمال أو على الأقل، غير كافية.
وعليه، يُركِّز الإسبان حاليا على إيجاد الآليات الكفيلة بتنفيذ "الإستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب"، التي اعتمدتها القمة الأوروبية في سنة 2005. ونصّت الوثيقة بوضوح، على تعزيز التعاون مع البلدان المغاربية في هذا المجال بوصفه "ضرورة حيَوية" وباعتبار تلك البلدان هي المؤهّلة قبل سِواها للاستفادة من المساعدات الأمنية الأوروبية.
وأفاد الخبير فرناندو رايناريسFernando Reinares ، رئيس كُرسي العلوم السياسية في جامعة الملك خوان كارلوس ومدير برنامج "الإرهاب الدولي" في "المعهد الملكي" في مدريد، أن المفوضية الأوروبية اعتمدت خطّة مُكمِّلة في أبريل الماضي، يستمر تنفيذها ثلاث سنوات، وهي تركِّز على مساعدة بلدان الساحل والصحراء في مكافحة الإرهاب.
ورأى رايناريس في تصريح ل swissinfo.ch أن هذه الجُهود الأوروبية تتكامَل مع الخيارات الأمريكية في المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أنها لا تقيم اعتبارا كبيرا للمعايير الإنسانية ولا تتطابق عادة مع قِيم حقوق الإنسان، التي تأسست عليها المجتمعات الديمقراطية في الغرب. وشدّد على أن التجربة أثبتت أن مثل هذا المنهج، غير ناجع للتوقّي من الأعمال الإرهابية ومكافحتها، بل قد يُعطي نتائج عكسية. وعليه، يتعيّن على الإتحاد الأوروبي، حسب رايناريس، إضفاء مزيد من الشرعية على الإجراءات التي يقرِّرها، كي يضمن تنفيذ إستراتيجية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة تلك الظواهر في شمال إفريقيا.
وتتفق الباحثة كريستينا كاوش Kristina Kausch، الخبيرة لدى "مؤسسة العلاقات الدولية والحوار" الإسبانية FRIDE مع هذا الرأي، مُضيفة أن وزْن إسبانيا وحضورها لدى بلدان جنوب المتوسط ،تراجع في السنوات الأخيرة. وعزَت ذلك التّراجع في دراسة حصلت swissinfo.ch على نسخة منها، إلى إعطاء مدريد الأولوية للمصالِح القومية قصيرة المدى والجوانب السّطحية لصورتها في المتوسط، على حساب الرّؤية الإستراتيجية.
كابوس المهاجرين
وربّما ينبغي النظر إلى الهَوس الإسباني بمُعضلة الهجرة والمهاجرين من هذه الزاوية أيضا. فحكومة ثاباتيرو تعتقد أنها حقّقت إنجازا كبيرا باحتواء أمواج المهاجرين غير الشرعيين، الذين يجتاحون أرخبيل الكناري سنويا. وطِبقا لإحصاءات رسمية، تراجع تدفّق هؤلاء المهاجرين في السنة الماضية إلى أدنى المستويات منذ عشر سنوات، إذ لم يتجاوز 2242 مهاجرا مقابِل 9000 في 2008 بعد رقم قياسي تجاوز 31 ألفا في 2006 (الأرقام خاصة بالكناري فقط).
واعتبر ثاباتيرو أنه "كسب المعركة ضدّ الهجرة السرية"، وعزا ذلك إلى التعاون الذي لقِيه لدى البلدان الإفريقية المصدِّرة للمهاجرين، وكذلك للإجراءات الوقائية المتَّخذة، وفي مقدمتها قوة "فرونتاكس" المُنتشرة حول السواحل الإفريقية لاعتراض القوارب الناقلة للمهاجرين السريين.
غير أن بعض الخبراء يُضيفون عنصرا آخر، هو الإحباط الذي بثّته الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها إسبانيا في نفوس المقبلين على الهجرة، مستدلِّين بأن ذِروة تدفّق هؤلاء المهاجرين تزامنت مع الطّفرة التي عرفها البلد بين 2005 و2007.
وأيّا كان السبب، فالمُهم أن الخروج من الأزمة يشكِّل هاجسا للحكومة الإسبانية، ما قد يكون عائقا أمام التفرّغ للمهمّات الخارجية، إن على الصعيد الأوروبي أم في اتجاه العالم العربي. وتُواجه الحكومة الإسبانية مُعضلة إيجاد فُرص عمل لأربعة ملايين عاطِل عن الشغل، إذ تجاوزت نسبة البطالة 19%، ويتعيّن عليها إدارة تداعِيات الأزمة التي تُعتبر الأكبر منذ أزمة 1929. كما عليها أن تُحقِّق تقدّما ملموسا في هذا المجال، خوْفا من استثمار مُنافسيها من "الحزب الشعبي" اليميني هذه الصعوبات، لتحقيق اختراق في عمليات استطلاع الرأي، عِلما أنهم تقدّموا بخمس نقاط في آخر سِبر للآراء. ويتعيّن عليها أيضا السّيطرة على عائق آخر، يتمثل في الاستحقاقات الأوروبية الجديدة المتّصلة بتنفيذ أحكام معاهدة لشبونة. فالرئاسة الإسبانية تتزامَن مع مرحلة انتقالية تتّسم بازدواجية الرؤوس والهياكل، وهو أمر ليس يسيرا. فرئاسة القِمم سيتولاّها مستقبلا الرئيس الدائم البلجيكي هرمان فان رامبويHerman Van Rompuy مع ترْك مكان مُميّز لرئيس الوزراء الإسباني.
وعلى رغم الاستعداد الذي أبدته الرِّئاستان الدوريتان المقبلتان للإتحاد، بلجيكا وهنغاريا، للمساعدة على إنهاء المرحلة الانتقالية من دون مشاكل، لا يُظهر الإسبان تفاؤُلا كبيرا بتلك المساعدة، خصوصا أن الهنغاريين قليلو الخِبرة بشؤون الإتحاد وتوازُناته وآليات عمله، كما أن الاستحقاقات الأوروبية مع التجمعات الأخرى، ستأخذ حيِّزا من الاهتمام أيضا، وخاصة قمة أوروبا وأمريكا اللاّتينية، التي تحتاج لعمل دؤوب والتي تُولِيها إسبانيا أهمية خاصة لاعتبارات اقتصادية وثقافية معلومة.
تُضاف إلى ذلك، قمم ثنائية موضوعة على أجندا ثاباتيرو مع كل من الولايات المتحدة واليابان والمغرب ومصر والمكسيك وكندا والشيلي وباكستان، وهي كلها بُلدان مهمّة بالنسبة لإسبانيا. فهل سيستطيع ثاباتيرو السيطرة على هذه الملفّات وإخراج أوروبا وإسبانيا معاً رابحتيْن من رئاسة محفوفة بالمصاعب والعقبات؟
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.