قال الدكتور مصطفي اللباد مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقليمية والاستراتيجية: إن العقوبات ليست سياسة وليست حلا لمعضلات سياسية وقد ذكر أن تلك العقوبات قد تكون فعالة في بعض الحالات وغير فعالة في أخري. وفيما يلي نص الحوار: *بشكل عام هل كانت سياسة فرض العقوبات سواء من الدول الكبري أو مجلس الأمن ضد بعض الدول التي لا تستجيب لمنظومة القوة في العالم فعالة و مؤثرة.. هل يمكن ذكر حالات واضحة لمثل هذا النجاح إن وجد؟ ** دعني اختلف مع تعبير سياسة العقوبات لأن العقوبات ليست سياسة أو حتي حلا لمعضلات سياسية, بل هي أداة من أدوات الاقتصاد السياسي لثني صانع القرار في الدولة المعنية عن اتخاذ قرار ما أو إجباره علي التخلي عن قرار ما. يعتمد المنطق الداخلي للعقوبات علي استخدام قوانين الاقتصاد السياسي من أجل ثني الدولة المعاقبة( بفتح القاف) عن مواقف بعينها. و العقوبات الاقتصادية ليست مجموعة مصمتة من الإجراءات التي يجري اعتمادها بصورة عامة لكل الدول المراد معاقبتها, بل تنقسم إلي أنواع مختلفة من العقوبات, التي يمكن إجمالها بشئ من التبسيط إلي: أ. عقوبات تجارية واستثمارية, ب. عقوبات مالية, ج. عقوبات ذكية, لكل نوع منها تأثيره وشروطه التي تختلف عن غيرها. ينطلق التوصيف الكلاسيكي لأنماط العقوبات الاقتصاديةSanctions من أنها تعني تقليص المبادلات الاقتصادية, ولذلك تكون العقوبات ناجعة ومؤثرة كلما كان البلد المعني يمتلك اقتصادا يعتمد في جانب كبير علي المبادلات الاقتصادية في ضبط حركة قطاعاته الأساسية وفي ظل تفاوت درجة الانفتاح التي تميز الأسواق الوطنية ومستوي اندماجها في الاقتصاد العالمي, فإن الاقتصادات المندمجة أكثر في الاقتصاد العالمي سوف تتأثر سلبيا بالعقوبات. وتتجلي تلك التأثيرات السلبية في الداخل المحلي للدولة المعاقبة( بفتح القاف) في أشكال مختلفة مثل ارتفاع أسعار المستهلكين وازدياد البطالة وخسائر أصحاب الأعمال وتقلص المعروض من السلع في السوق المحلية. نظرا لارتباط السياسة والاقتصاد ارتباطا عضويا, تجد التأثيرات السلبية في جانب الاقتصاد ترجمة مباشرة في جانب السياسة, إذ من شأن التداعيات الاقتصادية السلبية أن تمتد سلبا أيضا في حسابات الجدوي السياسية لصناع القرار في البلد المعني, بما يؤدي إلي التأثير في سياساتهم وتعديلها بالنهاية. ولأن كل نظام سياسي بحاجة إلي قدر من التأييد الشعبي حتي يحفظ سلطته داخليا, فإن عامل الرضا الشعبي يؤدي دورا لا يستهان به في توجيه السياسات, مهما كانت طبيعة هذا النظام السياسي وتركيبته وتحالفاته الداخلية. وبالتالي ينهض المنطق الداخلي للعقوبات علي فرضية أساسها أن القيادة السياسية في البلد المعني سوف تستسلم عند نقطة معينة أمام الضغوط الخارجية, بسبب حساباتها المجردة للاحتفاظ بالسلطة السياسية ومن ثم الاقتصادية. أما بخصوص فعالية العقوبات التي فرضها مجلس الأمن علي دول بعينها, فالتجربة التاريخية لحالة يوجوسلافيا والعراق في التسعينيات تقول أن العقوبات مهدت لإسقاط النظامين لاحقا بوسائل متنوعة تراوحت بين العقوبات والحرب النفسية والوسائل العسكرية. وإذا كانت العقوبات الاقتصادية لم تفلح تماما في حالة العراق بسبب طبيعة نظامه السياسي السابق, فإن العقوبات المفروضة لفترة طويلة تتمتع بفعالية واضحة, ومثال يوجوسلافيا التسعينيات حاضر لتأكيد هذه المقولة, حيث استخدمت حكومة ميلوسيفيتش وقتها العقوبات الاقتصادية التي فرضت علي يوجوسلافيا لتبرير الكثير من الاختناقات الاقتصادية وصولا إلي استغلالها لتغذية المشاعر القومية الصربية. ولكن في النهاية كانت التكاليف للقيادة السياسة في بلجراد أكثر من طاقتها علي الاحتمال, وهو ما جعلها ترضخ لإرادة المعاقبين( بكسر القاف) وتضغط بالتالي علي صرب البوسنة للقبول باتفاقات دايتون للسلام. لأن العقوبات وحدها لا تعدو كونها وسيلة من الوسائل وليست هدفا في حد ذاتها, فإن الرهان علي العقوبات وحدها يخرج بها عن منطقها الاقتصادي السياسي ويجعلها, في حالات كثيرة, إعلانا لإفلاس إستراتيجي * تتعرض إيران في الوقت الراهن لحزمة عقوبات متنوعة, أمريكية وأوروبية ودولية, هل يوجد تنسيق بين أجهزة متابعة تنفيذ هذه العقوبات؟ **: هناك أربعة قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تم بموجبها فرض عقوبات اقتصادية علي إيران وهي القرارات:1737 و1747و1803 بالإضافة إلي القرار1929 الذي صدر الشهر الماضي. بعض المراقبين ينظرون إلي هذه القرارات باعتبارها بلا أسنان حقيقية, بمعني أنها لن تؤلم إيران كثيرا, لأنها لا تتضمن حظرا نفطيا علي إيران. والنفط يشكل القسم الأعظم من الدخل الإيراني ومن الموازنة العامة الإيرانية. ولكن المغزي الأهم للقرار الأخير هو مغزي سياسي بالأساس ومفاده أن واشنطن أبرمت اتفاقات مع روسيا والصين للخروج بالقرار الأخير وقدمت تنازلات لهما. وتقديم تنازلات ذات طابع جيوبوليتيكي لروسيا في آسيا الوسطي وتنازلات ذات طابع نفطي للصين بالإضافة إلي غض النظر عن عدم واقعية سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار, وكلها أثمان دفعتها واشنطن للخروج بالقرار1929 دون معارضة. * السؤال هنا هل يستحق سقف العقوبات المتدني نسبيا علي إيران تقديم هذه الأثمان ** واشنطن لا تري في القرار1929 نهاية المطاف, بل هي فرضت عقوبات من جانب واحد علي إيران وضغطت علي الأوروبيين ليفرضوا عقوبات خارج مجلس الأمن أيضا علي إيران بعد صدور القرار.1929 الهدف الغربي هنا هو إعادة تشكيل مائدة التفاوض مع إيران بشروط أفضل للطرف الغربي, لأن الواقع علي الأرض يقول أن إيران في حالة أفضلية نسبية في مواجهة الغرب إذا جرت المفاوضات الآن. راجع مثلا جولتي مفاوضات فيينا و جنيف العام الماضي والنتائج المترتبة عليهما فتتثبت من صحة ما أقول. أما بخصوص التنسيق بين الأطراف المعاقبة( بكسر القاف) الأمريكية والأوروبية والدولية فلا يمكن التأكد منه إلا بعد مرور فترة من الوقت, ولكن هناك عدة مؤشرات تقول أن هناك تنسيقا علي مستوي عال بين هذه الأطراف علي صعيد قطاع الطاقة الإيراني. صحيح أن قرارات مجلس الأمن لا تتضمن حظر توريد البنزين علي إيران التي تستورد حوالي30% من احتياجاتها من البنزين بالرغم من احتياطيها النفطي الكبير, وذلك بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة علي إيران من جانب واحد منذ عام1979 علي قطاعها النفطي, وبالتالي عدم قدرة إيران علي انتاج البنزين من نفطها الخام. وبالرغم من ذلك فقد فرضت الأطراف المعاقبة حظرا غير معلن وغير مغطي بقرارات من مجلس الأمن علي توريد البنزين لإيران كي تؤثر في قرار إيران السياسي. وإذا لا حظنا بدقة التردي النسبي في موقف قطاع الطاقة الإيراني بسبب انسحاب الشركات الدولية الكبري من اتفاقاتها التعاقدية مع إيران بالتدريج وفي حيز زماني ضيق نسبيا, يمكن استنتاج أن هناك تنسيقا عاليا بين الأطراف المختلفة ضد إيران. الأمثلة المحددة علي ذلك: شركة ريبسول الأسبانية وشركة رويال دتش الهولندية أعلنتا في28 يونيو أنهما انسحبتا من تطوير حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي. أما شركة توتال الفرنسية فقد أعلنت توقفها عن توريد البنزين لإيران في نفس اليوم. وحتي شركة لوك أويل الروسية أعلنت في7 أبريل توقفها عن توريد البنزين إلي إيران. وحتي شركة إيني الإيطالية أعلنت في29 أبريل الماضي عن انسحابها من مشروع تطوير حقل دارخوين النفطي في إيران. إذا أضفت إلي ذلك شركة بيتروناس الماليزية وهي من الموردين الأساسيين للبنزين إلي إيران فقد لوحت بإمكانية توقفها عن توريد البنزين في إيران في15 أبريل الماضي. وشركة ريليانس الصناعية الهندية أعلنت في1 أبريل أنها لن تجدد عقد استيراد النفط من إيران. وتوقفت شركة ترافيجورا وفيتول السويسرية في8 مارس عن توريد البنزين إلي إيران, في حين أكدت شركة رويال دتش شل الهولندية في مارس عن أنها توقفت عن توريد البنزين, إلا أنها وردت أخر دفعة بموجب التزاماتها التعاقدية الشهر الماضي. وفي فبراير أعلنت شركة لويدز الإنجليزية أنها ستتجاوب مع العقوبات الأمريكية علي إيران ولن تشارك في عمليات التأمين وإعادة التأمين في الصفقات التجارية مع إيران. وشركة جلينكور السويسرية توقفت بالفعل عن توريد البنزين إلي إيران منذ نوفمبر2009, بالتوازي مع إعلان شركة سيمنس الألمانية في يناير2010 أنها ستقلص مبادلاتها التجارية مع إيران وفي نفس الشهر أعلنت شركة أليانز الألمانية عن تقليص مبادلاتها مع إيران. أما شركة هانوفر لإعادة التأمين الألمانية في فبراير فقد أعلنت أنها لن تقوم بعمل عقود مع إيران طالما لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن, وشركة ميونيخ ري المساهمة أعلنت في منتصف نفس الشهر فبراير أنها لن تجدد عقودها التأمينية مع إيران. مرة أخري المؤشرات واضحة إلي وجود تنسيق علي مستوي عال نسبيا. * إسرائيل تشكك في إمكان نجاح العقوبات في تحويل خط السياسة النووية الإيرانية, وإيران تري أن العقوبات لن تؤثر فيها! ما دلالة هذا الاتفاق غير المقصود بالطبع؟ ** كل يغني علي ليلاه!. إسرائيل تقود الحملة الدولية للتهويل علي إيران وقدراتها النووية, وإسرائيل تستخدم مجموعات الضغط التي تملكها في أمريكا لتوجيه الأنظار الي البرنامج النووي الإيراني, وذلك لأن بروز إيران علي الساحة وامتلاكها للقدرات النووية سيشكل خصما من نفوذ إسرائيل وهيمنتها علي المنطقة. إسرائيل تسعي لضربة عسكرية ضد إيران وتبذل جهودا جبارة لتوجيه دفة السياسة في واشنطن نحو هذا الهدف, وواشنطن تتحسب لعواقب الضربة العسكرية علي مصالحها في المنطقة, ناهيك عن افتقار واشنطن للمعلومات الكافية كي تشن الحرب. واشنطن كانت تعلم علي وجه الدقة مواقع اللوحات الفنية في صالونات القصور الرئاسية العراقية قبل أن تشن الحرب, وواشنطن لاتعلم علي وجه الدقة حتي مواقع المنشآت النووية أو عددها الحقيقي. أما إيران فتوجه رسائل الي شعبها بأن الموقف قوي وأن العقوبات لن تؤثر, خصوصا وفي ضوء المشاعر القومية الإيرانية والتمسك بالمشروع النووي من طرف شرائح واسعة من الإيرانيين. إيران ستحاول استخدام العقوبات كوسيلة لتدعيم الوحدة الوطنية الإيرانية بعد أحداث العام الماضي, وفي الأدبيات السياسية الأمريكية هناك تعبير يستخدم لذلك وهو الالتفاف حول العلم الإيراني. أوrallyaroundtheflag وبالتالي لا دلالة مما أسميته أنت اتفاق غير مقصود سوي أن كلا من إيران وإسرائيل يريد إيصال لأرسالة ولكنها مختلفة العنوان والمضمون, إيران الي شعبها ومفادها: نحن وطنيون ونتعرض لضغط لكننا سنصمد ونربح في النهاية, وإسرائيل الي واشنطن ومضمونها: العقوبات فاشلة ولا بديل من ضربة عسكرية لحل أزمة ملفها النووي * الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إيران غير مستقرة خاصة بعد الانتخابات التي جرت في العام الماضي, هل تزيد العقوبات المفروضة ضد إيران من عدم الاستقرار القائم في إيران الآن؟ ** إذا كانت العقوبات فعالة نسبيا في حالة يوجوسلافيا المنهكة اقتصاديا وعسكريا والمفتتة جغرافيا فإن الأخيرة لايمكن مقارنتها بالوضع الإيراني الآن, حيث يصعب التكهن بمقدار الشرعية التي سيخسرها النظام السياسي في إيران, بسبب العقوبات المفروضة عليه. ومن ثم لايمكن تقدير حجم الإرغام الممارس عليه لتغيير سياساته من اجل الاحتفاظ بالسلطة. وبالاضافة إلي ذلك فمن الواضح قوة ارتباط الجماهير الإيرانية بالمشروع النووي, بشكل يقارب ربما ارتباط المصريين بمشروع السد العالي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ولا ننسي هنا أن الإطار السياسي للعقوبات علي إيران يختلف عن الإطار السياسي للعقوبات علي يوغوسلافيا, لأن الصراع يدور في حالة إيران علي البرنامج النووي الإيراني وليس للضغط علي حليف أصغر للقبول بمطالب جهوية في حالة صرب البوسنة. مازالت إيران مستمرة في التخصيب, بل ورفعت مستوي تخصيب اليورانيوم الي عشرين بالمائة, وبالتالي عامل الوقت يلعب في صالح إيران. لأنها كلما استمرت في التخصيب اقتربت من نقطة اللا عودة في برنامجها النووي, وإدارة أوباما تريد عمل شيء ما لجعل الوقت يلعب في صالحها هي, وبالتالي تفرض العقوبات في مجلس الأمن, وتزيد من العقوبات بشكل فردي وبالتنسيق مع الأوروبيين لكي تعود الي ملعب المواجهة مع إيران ومع الوقت الذي يلعب حتي الان في صالح الأخيرة. سيتوقف نجاح العقوبات علي قدرة النظام الإيراني في تفريغ الضغوط الدولية عليه واستثمار المأزق الأمركي في العراق وأفغانستان, مثلما علي قدرته في النفاذ من ثغرات العقوبات الدولية عليه, وفي النهاية أيضا علي قدرة النظام في تحقيق خطوات واسعة للوصول الي نقطة اللاعودة في البرنامج النووي, يحتاج الحكم بشكل مطمئن علي السؤال الي وقت وحتي الآن سقف العقوبات متدن نسبيا ولا يشكل في تقديري ضاغطا مباشرا لتغيير السلوك الإيراني في موضوع ملفها النووي. * الي اي حد يمكن ان تفتح ايران قنوات سرية مع الولاياتالمتحدة للتباحث حول حل يضمن لإيران خفظ ماء الوجه ويحقق للأمريكيين أهدافهم في الوقت نفسه؟ ** إيران لاعب منطقي سواء أعجب ذلك البعض أم أغضبهم وإيران تعلم أنها فرضت حضورها علي واشنطن والمنطقة وناورت ببراعة مستغلة الثغرات ونقاط الضعف الموجودة وصمدت أمام الضغوط الدولية عليها, وأمريكا لاتستطيع أن تتجاهل إيران في معادلات المنطقة. هذه هي صورة المشهد خلال السنوات السبع الماضية. بالمقابل إيران تعلم ايضا أنها لن تصبح قوة اقليمية في الشرق الأوسط معترفا بها في النظام الدولي إلا إذا حصلت علي الضوء الأخضر الإمريكي. هذه وقائع الإمور. العقوبات حلقة من حلقات الصراع علي عامل الوقت, ولكن نهاية الأزمة ستكون إما بضربة عسكرية قاصمة ضد إيران أو بتفاهم إيراني أمريكي يقنن مصالح واشنطن وطهران في المنطقة. لذلك ستفضل إيران بالطبع أن تصبح قوة إقليمية معترفا بها, وستحاول واشنطن الوصول الي أهدافها بأقل كلفة ممكنة. تاسيسا علي ذلك الأرضية مهيأة لمباحثات إيرانية أمريكية سرية وعلنية للتفاهم حول السقف المطلوب من الطرفين, وهي اتصالات لم تنقطع لا قبل العقوبات ولا بعدها. الاتصالات لا تعني مؤامرة إيرانية أو أمريكية بل وسيلة من وسائل إدارة الصراعات واستكشاف طريقة تفكير ورغبات كل طرف. في تقديري الاتصالات قائمة سواء عبر سويسرا أو اليابان او عبر وسطاء دوليين وإقليميين. من السذاجة افتراض عدم وجود قنوات للحوار في ضوء السياق الصراعي بين الطرفين ونوعيته والمصالح المشتركة التي يمكن تحقيقها. * هل تعتقد أن فرض حزمة العقوبات الأخيرة ضد إيران قد حسم القرار لصالح الحلول السياسية بدلا من العسكرية في مواجهة المشروع النووي الإيراني؟ ** العقوبات الحالية تهدف إلي إعادة التفاوض مع إيران والأخيرة في موقف أضعف, لانتزاع تنازلات منها وليس لمنعها من تخصيب اليورانيوم فالواقع علي الأرض تحاوز تلك النقطة بكثير وهو إنجاز من المنظور الإيراني. ومع ذلك فلا يمكن استبعاد الخيار العسكري في حالة إيران, لأن الهدف الاستراتيجي الأعمق لواشنطن هو الحفاظ علي مصالحها في المنطقة. ولب الصراع بين إيران وإسرائيل لا يدور علي ساحات المنطقة ولكن أساسا في واشنطن وعلي دوائر صنع القرار فيها. ايران تحاول افهام واشنطن ان مصالحها تتحقق عبر التفاهم معها, خصوصا في ظل تراجع الحضور العربي في معادلات المنطقة وامتلاك إيران لتأثير مفتاحي في بؤرة الصراعات القائمة. ويضاف إلي ذلك عجز إسرائيل الواضح عن ضمان المصالح الأمريكية في المنطقة وحدها بسبب تدني قدراتها الجغرافية والديموغرافية وتدني مستوي مقبوليتها في المنطقة. واسرائيل تحاول توجيه السياسة الأمريكية نحو منحي أكثر تشددا مع التدخل دوما لاحباط اي مساع تفاهمية امريكية ايرانية لذلك الحل العسكري غير مستبعد نظريا في ضوء نفوذ اسرائيل الكبير داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية.