رغم استمرار المجتمع الدولى فى اتباع سياسة العقوبات على إيران بشأن ملفها النووى، فإن حالة من التردد تهيمن على أغلب الدول حول مدى جدوى العقوبات التى لم تثن طهران حتى الآن عن مواصلة برنامجها النووى. هذا ما خلص إليه خبراء عرب وأوروبيون فى الشئون الإيرانية خلال ندوة بعنوان «ملف إيران النووى إلى أين؟» عقد بمركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة السبت الماضى. مصطفى اللباد، مدير المركز، قال إن «العقوبات الاقتصادية لم تؤثر كثيرا على قرار إيران النووى، ولم تشل حركتها الاقتصادية، فالتأثير لم يبلغ حدا يجبر صانع القرار على الاستجابة للمطالب الغربية، خاصة أن الاقتصاد الإيرانى غير مندمج بشكل كبير فى الاقتصاد العالمى». ورأى اللباد أن «الصراع التفاوضى بين إيران والغرب يدور على الوقت، فطهران تحتاج وقتا لتخصيب اليورانيوم، وفى حدود سنة أو أقل أو أكثر ستصل إيران لنقطة اللاعودة فى امتلاك التكنولوجية النووية». فيما قال رئيس قسم الشرق الأوسط فى جامعة جيجا بمدينة هامبورج هينر فيرتش إن هناك اختلافا بين دول مجموعة «5 + 1» (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا) بشأن دوافعها ومصالحها مع إيران. فيرتش توقع أن «يستمر هذا الاختلاف، وأن يؤثر على العمل المشترك بينهم»، موضحا أن «لكل من روسيا والصين علاقات تجارية واستثمارية ضخمة مع طهران؛ ما يجعلهما يتضرران من العقوبات، أما بالنسبة للترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) فالوضع مختلف، صحيح أن العقوبات ستسفر عن خسائر أوروبية، ولكن ليس بقدر موسكو وبكين». وشدد على أن «الدول الأوروبية تدرك جيدا أن علاقاتها مع واشنطن ستتأثر سلبا إذا لم تؤيد العقوبات». وحول تأثير العقوبات على علاقات إيران الإقليمية، قال الخبير اللبنانى فى الشئون الإيرانية طلال عتريسى إن «العلاقات الاستراتيجة السورية الإيرانية لم تتأثر، وكذال الحال بالنسبة للبنان والعراق». أما «أكثر الدول الإقليمية تأثرا بالملف النووى الإيرانى فهى دول الخليج العربية، التى تشعر بقلق من احتمال تسليح إيران نوويا»، بحسب عتريسى الذى تحدث عن صعوبة تأييدها لقرار العقوبات «فدبى مثلا أكبر المدن العربية ارتباطا بمصالح تجارية ضخمة مع طهران، فهناك أكثر من 8 آلاف شركة إيرانية تعمل فى هذه الإمارة». ورأى أن «مشكلة الخليج أن كل الاحتمالات مزعجة له، فالخليج قلق من احتمال نشوب حرب إيرانية أمريكية، كما يخشى أن يدفع ثمن المفاوضات بين الطرفين». أما الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد السيد إدريس فقال إنه «فى حين تؤيد السعودية العقوبات على إيران، وتعارضها تركيا بشدة، فإن مصر تقف فى المنتصف، فهى لم تصنف الجمهورية الإسلامية على أنها مصدر للتهديد، ولا ترى خطرا فى البرنامج النووى الإيرانى، فهى فقط مع توافر شفافية أكبر فى إنجاز هذا البرنامج»، معتبرا أن توقيع اتفاق النقل الجوى بين مصر وإيران «يدل على تحمس مصر لعدم توقيع العقوبات» على طهران.