يتضح يوما بعد يوم أن مشكلة القراءة والكتابة في مصر ذات أبعاد أعقد مما كنا نعتقده, أو بصورة أدق فإنها قائمة علي مستويات مختلفة, ربما لاتخطر لكثير منا علي فالمشكلة التقليدية التي تعرف بالأمية بال والتي ترتبط بعدم إجادة القراءة والكتابة, هي المشكلة الأكثر شيوعا في الأذهان, رغم أنها ليست كذلك في الواقع, فلم تعد شديدة الحدة, ولم تعد شديدة التأثير علي حياة من يتعايشون معها, وتحولت في الحقيقة إلي مشكلة كرامة, فلم يكن يجب أن تدخل مصر إلي القرن الواحد والعشرين بينما تعاني منها, خاصة وأنها تمكنت من القضاء علي مشاكل قريبة منها, في مجالات تتعلق بأمراض توطنت طويلا في المجتمع. علي أي حال, انتشرت مقولة في الفترة التالية لعصر السبورة, تقرر أن الأمية لم تعد تتعلق بمن لايجيدون القراءة والكتابة, لكن من لايجيدون العمل علي' الحاسب الآلي' الذي هو الكمبيوتر, فالأمية الحقيقة وفقا لذلك تتعلق بعدم القدرة علي دخول عالم كامل يتعلق بالقراءة والكتابة بطريقة إلكترونية, ثم التواصل عبر أنواع مختلفة من البريد والتليفونات, ثم تطوير المهارات عبر برامج رهيبة, بينها برامج ألعاب, ثم البحث في شبكة هائلة من المعلومات, إضافة إلي التسوق والحجز وأشياء أخري. في الفترة القادمة سوف نكتشف معاني أخري للأمية تتعلق بالتفاعل مع عالم أكثر أتساعا مما نعتقد, وسوف تمثل عدم القدرة علي التعامل معه أمية من نوع ما, لن تضر بعقل أو جسد الإنسان, فسوف تظل أموره جيدة, لكنه لن يعرف أبدا ما الذي يفقده بعدم القدرة علي تعلم التفاعل مع لغات وثقافات وبنايات أخري, ستفرض نفسها علينا جميعا, بأساليب مختلفة, وسوف نكتشف مثلما حدث عندما تطور مفهومنا للأمية من الكتاب والقراءة إلي التفاعل الإلكتروني- أننا نعاني من مشكلة, لاتطرح فقط إشكالية أمية أو تعلم, وإنما تقدم وتخلف. المصيبة أنه بينما' يشطح' المرء أحيانا في تلك الاتجاهات, يفاجأ بأن بعض شديدي التعلم, والأذكياء في حقيقة الأمر, قد لايحسنون أحيانا قراةء شيء ما, ثم قد لايحسنون الكتابة عنه علي الإطلاق, لدرجة يظن معها أحيانا أنها عملية متعمدة, وأن البعض قد يقرر ألايفهم مايقرأ, أو أن يشط فيما يكتب, وهو يعلم بأنه يفعل ذلك, ويحرص أصلا علي أن يدرك الآخرون أنه يفعل ذلك, عبر استخدام' عدة شغل' يعرفها كل الزملاء, وبالتالي لدينا مفهوم جديد للقراءة والكتابة, يجب أن نفكر فيه أيضا, فهو خطر. [email protected]