رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    إغلاق مطعم "عز المنوفي" بالمنصورة لمخالفات صحية وعدم وجود ترخيص    أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال اجتماعه لمتابعة خطط تطوير شبكات الاتصالات ودعم قطاع تكنولوجيا المعلومات    «تحالف الراغبين» يعلن استعداده لإرسال قوات ردع متعددة الجنسيات إلى أوكرانيا    بأكثر من 5 درجات ريختر.. زلزال يضرب الجزائر وتونس    بين السَّماء والأرض.. زائر ليلي يُروّع أهل تبسة الجزائرية على التوالي بين 2024 و2025    لاريجاني: إسرائيل طلبت وقف الحرب بعد فشلها أمام الصواريخ الإيرانية    بخطط للتخييم على حدود غزة.. كيف بدت تظاهرات اليوم في إسرائيل؟- صور    إيران تؤكد احترام سيادة لبنان وتعلن دعمها في مواجهة إسرائيل    مصر تؤكد على ضرورة حشد الدعم الدولي لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة    رضا عبد العال: هذا اللاعب يمكنه تعويض زيزو بالزمالك    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يصمد وباريس يخطف النقاط الثلاث بهدف وحيد    أتلتيكو مدريد يسقط أمام إسبانيول بثنائية في الدوري الإسباني    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    احتفالًا باليونسكو.. الثقافة تكرم رموز السمسمية بالإسماعيلية (صور)    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    "بفستان جريء".. نادين الراسي تخطف الأنظار من أحدث جلسة تصوير    أبرزهم صبري فواز ومروان حامد.. نجوم الفن يتوافدون على عزاء تيمور تيمور    كان يغتسل من الجنابة ولا يعلم اشتراط نية الطهارة.. فما الحكم؟.. المفتي يوضح    متحدث الصحة يكشف حقيقة الادعاءات بخطف الأطفال لسرقة أعضائهم    في غياب الأهلي.. فتح باب حجز تذاكر الجولة الثالثة للدوري    عامل يدعى سرقة ابنه مبلغا ماليا للتوصل لمكان اختفائه بالحوامدية    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    الرمادى: محمد السيد من مصلحته التجديد للزمالك.. وفتوح لا يستحق البيع    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    «الأداء والعقود والصفقات».. اجتماع هام بين الخطيب وريبيرو في الأهلي (تفاصيل)    «الأغذية العالمي»: نصف مليون فلسطيني في غزة على حافة المجاعة    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    قرار هام بشأن البلوجر «شاكر محظور دلوقتي» في اتهامه بقضية غسل الأموال    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    وزارة الأوقاف تنفي شائعات بدء التقدم لمسابقة العمال والمؤذنين    حماية المستهلك عن البيع الإلكتروني: تعديل قانوني مرتقب يُشارك شركة الشحن مسئولية الغش التجاري    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    رغم وفاته منذ 3 سنوات.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    قلق بشأن الأوضاع المادية.. توقعات برج الجدي اليوم 18 أغسطس    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    فاجعة وفاة تيمور تيمور.. 10 إجراءات بسيطة قد تنقذ حياتك من الغرق    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 18 أغسطس بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    أمينة الفتوى توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    وزير قطاع الأعمال يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الدراسات العليا في الإدارة بالأكاديمية العربية    جراحة دقيقة تنقذ أنف طفلة من تشوه دائم ب"قها التخصصي"    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    الرئيس.. من «جمهورية الخوف» إلى «وطن الاستقرار»    صور | «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    حلاوة المولد، طريقة عمل السمسمية في البيت بمكونات بسيطة    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رجيم صحي سريع لإنقاص الوزن 10 كيلو في شهر بدون حرمان    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساعي كرامي لإنشاء جبهة وطنية من السنة تكريس أم تطوير للثنائية داخل الطائفة؟

تتميز الطوائف في لبنان في السنوات الأخيرة بالثنائية‏,‏ فينقسم الوسط المسيحي بين التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون‏,‏ وبين حزب القوات اللبنانية بزعامة الدكتور سمير جعجع والوسط الشيعي بين حزب الله بزعامة السيد حسن نصر الله‏,‏ وحركة أمل بزعامة نبيه بري وآخرون يرفضون مبدأ ولاية الفقيه التي يتبناها الحزب‏,‏ الوسط الدرزي بين الحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط والحزب الديمقراطي بزعامة طلال أرسلان‏,‏ وقد ضرب الانقسام أيضا الوسط السني بين أكثرية عددية‏(65%‏ حسب نتائج الانتخابات النيابية العام ال
وتشهد الساحة السياسية اللبنانية عموما والشارع السياسي السني خصوصا الآن مساعي لإنشاء جبهة وطنية يكون السنة عمودها الفقري تستهدف استعادة الخطاب الوطني والعروبي الذي ميز السنة في لبنان علي مر العصور‏,‏ وجعلهم يشكلون ضمانة الوحدة الوطنية وأساس الوحدة الوطنية بحمل لوائه‏,‏ ووفر لهم الانفتاح علي كل الطوائف وعلاقات طيبة مع جميع الطوائف دون استثناء‏,‏ وذلك بدعوي أن تيار المستقبل لاهو ممثل كل السنة‏,‏ ولا هو جبهة وطنية حيث دخل بعض قياداته ساحة العداء مع الجيران‏,‏ ومعترك التحريض المذهبي في الفترة السابقة‏,‏ ويتبني توجهات يمينية تتعارض مع تاريخ السنة وندائهم السياسي وخطابهم العروبي الذي حملوا لواءه‏,‏ قبل أن تتوجه قيادته للمصالحة مع سوريا بعد المصالحة السعودية السورية وذلك التوجه الذي لا يحظي بقبول قيادات أخري حسب معارضي التيار .‏
ويقود هذه المساعي حاليا الزعيم السني رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي الذي طاف علي عدد كبير من القيادات السنية ومن الطوائف الأخري والتقي فعاليات وتيارات سياسية عديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية‏,‏ كما التقي مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان‏.‏
وترجع دوافع هذا التحرك حسب ما يعلن مؤيدو هذا التوجه إلي استعادة السنة خطابهم السياسي‏,‏ والخشية من تطورات إقليمية تضع السنة في خانة الاستهداف بسبب ممارسات الماضي القريب‏,‏ أو تجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية‏,‏ وتستهدف هذه المساعي أيضا التطلع إلي بناء علاقة جيدة مع سوريا‏.‏
وتلقي مساعي كرامي ترحيبا في الساحة اللبنانية عموما وترجع أسباب ذلك إلي التقدير الذي يحظي به الرجل في الشارع السياسي السني بصفة خاصة‏,‏ فهو أعلن خلال الأزمات المفصلية التي مر بها لبنان في الفترة الماضية أنه إلي جانب طائفته ويعمل من منطلقات وطنية جامعة‏,‏ لذا يحظي بالاحترام مع وجوده في المعارضة لتيار المستقبل منذ نفض يده من اللقاء الوطني اللبناني الذي كان يجمع قوي المعارضة و‏8‏ آذار‏.‏
وقد جرت محاولات سابقة لتأسيس جبهة وطنية تضم السنة في المعارضة بالأساس مثل إطار اللقاء الوطني التي قادها رئيس حزب الاتحاد عبدالرحيم مراد ولاقت هذه الفكرة التي طرحت في العام‏2008‏ ترحيبا من أجل ألا يبدو الشارع السني وكأنه يتبني كله خط تيار المستقبل السياسي‏,‏ لكن بعض القيادات السنية آنذاك خشيت من أن يبدو تحركها وكأنه مواجهة المذهبية بالمذهبية‏,‏ فتعطلت الفكرة مؤقتا أو تأجلت بمعني آخر‏.‏
فقد جاء استبعاد رئيس الجمهورية ميشال سليمان كل القيادات السنية المعارضة لتيار المستقبل وللحريري من عضوية هيئة الحوار الوطني التي شكلها نهاية شهر فبراير الماضي لبحث الاستراتيجية الدفاعية بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير لتنطلق مساعي عمر كرامي نحو تأسيس هذه الجبهة‏.‏
موقف تيار المستقبل
فيما يواصل كرامي مساعيه‏,‏ ينفي تيار المستقبل وجود انقسام أساسا في الشارع السياسي السني‏,‏ ويعتبر هذه المساعي يائسة تقودها شخصيات لم تثبت فاعلية في الشارع السياسي فضلا عن دورها السياسي المهمش وتستهدف زعزعة وحدة الصف السني حول تيار المستقبل‏,‏ وفي الوقت نفسه تعتبر المعارضة السنية هذه المساعي تؤشر إلي عودة الوعي لدي السنة‏,‏ والرغبة في استعادة السنة مكانهم الطبيعي وتاريخهم الذي تعرض للاختطاف علي يد اليمين السني خلال السنوات الخمس الأخيرة‏.‏
فالنائب أحمد فتفت عضو تيار المستقبل وكتلة لبنان أولا النيابية يقول إن الشارع السياسي الذي كان مختلفا دائما عن كل الشوارع السياسية‏(‏ الطائفية‏)‏ الأخري في لبنان‏,‏ ولم يعتبر مرجعياته يوما طائفية‏,‏ لكن ما حدث هو أن الشارع السني شهد نوعا من الاستقطاب السياسي لأول مرة في تاريخه باتجاه تيار المستقبل‏,‏ مشددا علي أن التيار لا يؤمن في نفس الوقت بأحادية تمثيل الشارع السني‏.‏
ويصف فتفت مساعي كرامي بأنها ردة فعل علي حلفائه وليس علي خصومه السياسيين بسبب عدم دعوة الرئيس له إلي هيئة الحوار الوطني فقد اعتبر كرامي حسب فتفت أنه قد تم التخلي عنه من قبل حلفائه في قوي الثامن من آذار‏.‏ كما يصيف المعارضين من السنة بأنهم لم يثبتوا فاعلية ودورهم السياسي كان دائما مهمشا‏.‏
ويري أن هذه المساعي ستنتهي بالفشل قائلا‏:‏ لقد جرت محاولات سابقة لزعزعة وحدة الصف السني‏,‏ ولم تؤد إلي أي نتيجة‏.‏ فقد شارك بعضهم في حصار السراي الحكومي في عهد رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة‏,‏ وفي النهاية تبين أنهم لا يمثلون شيئا‏,‏ وبرغم ذلك فالمستقبل حسب قوله يرحب بأي قوي سياسية أخري تتحرك من أجل المصلحة الوطنية‏,‏ أما الشارع السني فهو ملتف حول تيار المستقبل وأثبت في الانتخابات الماضية أين يقف؟
ويرفض فتفت إنكار صفة التيار الوطني علي تيار المستقبل مشيرا إلي أنه يضم مسيحيين وشيعة ودروزا‏.‏
موقع السنة في السياسة اللبنانية
تاريخيا لم يكن السنة في لبنان طائفة‏,‏ فهم سكان المدن ونشاطهم الرئيسي هو التجارة‏,‏ ولم تكن لديهم عصبية مذهبية فحملوا لواء الوطنية والعروبة والقومية والاستقلال‏,‏ فقد كان لهم انتماء عربي لإطار أوسع ووفر لهم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ومصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي العمق العربي‏,‏ فشكل ذلك لهم غطاء حمائيا لم يسعوا بالقصد إلي توفيره‏.‏
ومن ثم لم ينحصر السنة في إطار طائفة‏,‏ وإنما جماعة وطنية محترمة ومقبولة ومنفتحة علي جميع الطوائف دون حزازات أو ثارات‏,‏ ولذا لم يتوسط السنة في أي صراعات طائفية شهدها لبنان بين الطوائف أو داخل الطائفة الواحدة‏,‏ ولم تكن لديهم بالتالي أي هواجس تتعلق بانتمائهم المذهبي أو شكاوي من إقصاء أو استبعاد‏.‏
لذلك لم يسع السنة وقياداتهم السياسية أو الدينية إلي حيازة سلاح أو إنشاء ميليشيات عسكرية للدفاع عنهم مثلما شكلت طوائف أخري مثل الموارنة وحزبهم التاريخي الكتائب بقيادة بيير الجميل ذراعا عسكرية باسم القوات اللبنانية التي انشقت لاحقا وتحولت حزبا بقيادة الدكتور سمير جعجع‏,‏ بل إن السنة لم يكن لديهم أصلا تنظيمي سياسي‏,‏ فهم الأكثر عددا وينتشرون جغرافيا في كل ربوع لبنان علي عكس طوائف أخري يقتصر وجودها في مناطق محددة‏,‏ ومن ثم فإن السنة هم العمود الفقري للوحدة الوطنية التي تصدت للمخططات الاستعمارية والصهيونية بالتعاون مع كل الطوائف الوطنية الأخري‏.‏
لكن التطورات التي شهدتها لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية‏(75‏ 1990)‏ وتداعياتها حولت السنة إلي طائفة‏,‏ فخلال الحرب أصبح السلاح الفلسطيني الذي كان تم شرعنة وجوده باتفاق القاهرة‏1969‏ دون قصد أو تدبير أيضا هو السلاح الحامي للسنة‏,‏ وبعد الحرب كرس اتفاق الطائف للمصالحة وإنهاء الحرب‏(1989)‏ السنة كطائفة‏,‏ فعلي حد وصف أحد قيادتها فإن اتفاق الطائف كان بداية‏(‏ لبنة السنة‏)‏ في لبنان‏!!‏ وانطلاق عملية تكريس رفيق الحريري زعيما سياسيا للطائفة لاسيما بعد عدم نجاح الزعيم‏(‏ السني‏)‏ سليم الحص رئيس الوزراء الأسبق في الانتخابات النيابية في بيروت‏,‏ ثم الزعيم السني الآخر عمر كرامي في طرابلس ونجاح الثالث نجيب الميقاتي في طرابلس في انتخابات‏2009‏ بعد تحالفه مع الحريري الابن‏(‏ سعد‏).‏ وعزز الحريري الأب هذه الزعامة المطلقة بعد الطائف بانشاء تنظيم سياسي‏(‏ تيار المستقبل‏)‏ لكن بطابع وطني مستفيدا من تاريخ السنة وتراثهم الوطني والعروبي‏,‏ وأثرت لبننة السنة كطائفة علي المفهوم العروبي بتطويره بشكل يأخذ في حسبانه كونهم جزءا من مجتمع متعدد الطوائف‏.‏ لكن المعارضين له اعتبروا الخطأ الذي دفع الحريري إلي ارتكابه أو اندفع هو إليه‏..‏ هو اعتبار الحريري هو السني‏,‏ والسني هو الحريري‏.‏
ووسط تلك التراكمات التي حولت السنة إلي طائفة والتي زاد عليها صعود الطائفة الإسلامية‏(‏ الثانية‏)‏ الشيعية اقتصاديا وعلميا وعسكريا‏,‏ فقد كرس اغتيال الحريري في فبراير‏2005‏ العصبية الطائفية لدي السنة وصولا إلي رفع شعار لبنان أولا بعد تاريخ عروبي حافل ومشرف‏,‏ فقد تم أخذ الشارع السياسي السني في اتجاه ومكان آخر يتعارض مع تاريخ السنة العربي والقومي والوطني حسب قيادات سنية معارضة لتيار المستقبل حيث أصبح الحديث والخطاب السياسي هو عن أمريكا والتوجه إلي واشنطن حتي بلغ خلال السنوات الخمس الماضية إلي حد التحريض ضد سوريا والرهان علي إسرائيل لكي تقضي علي حزب الله الشيعي وسلاح المقاومة الوطنية المشروعة‏.‏
وتري هذه القيادات أن هذا التوجه أضر ضررا بالغا بالسنة وبمواقعهم الوطنية والقومية حتي بدا كل سنة لبنان وكأنهم يمينيون وامتدادا للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة‏!‏؟ بدعم من بعض الأطراف العربية‏,‏ في الوقت الذي تبنت فيه الطائفة الشيعية الخطاب الوطني العروبي القومي الذي هو خطاب السنة تاريخيا‏.‏
ونتيجة لذلك ينقسم الشارع السياسي السني حسب نتائج الانتخابات النيابية العام الماضي بين أغلبية‏(65%)‏ تؤيد تيار المستقبل‏,‏ وأقلية‏(35%)‏ لا تزال متمسكة بخطها العروبي ورافضة للتحريض المذهبي ومقاومة للمشروع الصهيوني وتسعي لاقامة علاقات جيدة مع كل الدول العربية والإسلامية حسبما يعلن ممثلوها‏.‏
وربما شعرت قوي إقليمية في مقدمتها السعودية تحت وطأة هذه التراكمات والتداعيات بأهمية الانفتاح علي كل القوي والقيادات السنية في لبنان‏,‏ فقد حرصت السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله علي استقبال الحص وكرامي والميقاتي كقيادات سنية‏(‏ أخري‏)‏ بلبنان‏.‏
السنة‏..‏ وسوريا‏..‏ والبعد الإقليمي
تراوحت العلاقة بين سنة لبنان وسوريا بين الاستقرار والتميز في أغلب الأوقات وبلغ أوجها في فترة الرئيس جمال عبدالناصر لاسيما أيام الوحدة المصرية السورية‏(58‏ 1961)‏ أو الجمهورية العربية المتحدة وبين التوتر في أوقات محدودة كتلك السنوات التي مرت علي العلاقات بين البلدين‏(2005‏ 2009)‏ والتي بلغ التوتر حده بتحريض البعض ضد سوريا‏,‏ قبل التحسن في العلاقة الذي طرأ منذ نهاية العام الماضي بزيارة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري لسوريا بوصفه رئيس حكومة لبنان‏.‏
ولعل هذه الفترة السابقة وما جري فيها يشكل أحد دوافع التحرك الحالي لإنشاء جبهة وطنية جديدة يكون عمودها الفقري سنة لبنان إلي جانب تيار المستقبل ومن ثم فان تشكيل هذه الجبهة ربما يحتاج توافقا إقليميا‏(‏ سعوديا سوريا مصريا‏)‏ فتحسن العلاقة بين قطاع من السنة عادي سوريا وبين دمشق يعد من مقتضيات الجغرافيا السياسية‏.‏
وبشكل عام يمكن التمييز في الوقت الحالي بين ثلاث فئات ومواقف سنية حيال العلاقة مع سوريا‏,‏ فهناك فئة حافظت علي علاقة طيبة مع دمشق ورفضت محاولات التورط في عملية للإضرار بها واستخدام السنة أداة لتحقيق ذلك‏,‏ وفئة ثانية انتقلت من خانة حلفاء سوريا خلال الوجود السوري في لبنان‏(1976‏ 2005)‏ إلي خانة العداء لسوريا‏,‏ ويعترف صقورها اليوم برهاناتهم الخاسرة ويسعون إلي اصلاح علاقتهم بدمشق في العلن وتحت الطاولة‏,‏ وفئة ثالثة لديها تاريخيا هواجس لأسباب تتعلق بروابطها العاطفية تجاه السعودية ومصر‏(‏ عبدالناصر والأزهر الشريف‏)‏ لاسيما منذ الانقلاب علي الوحدة مع مصر والانفصال عام‏1961.‏
وتقول قيادة سنية ل الأهرام المسائي‏,‏ إن من دفعوا الفئتين الثانية والثالثة إلي طريق العداء والتحريض ضد سوريا وأثاروا الحساسيات المذهبية هم من يسعون اليوم إلي إعادة وحل ما انقطع من خيوط وترميم ما تهدم من جسور بينهم وبين دمشق‏,‏ وهم أيضا من يسعون إلي عقد الصفقات وللمصالحة مع سوريا‏,‏ بل أن هذه القيادة تتوقع أن تتعرض العلاقة بين هاتين الفئتين ومصر لفتور حيث بدأت بعض رموزها في إطار سعيها نحو اصلاح العلاقة مع سوريا بأي ثمن في الحديث عن رغبة سورية صادقة في تحسين العلاقة مع مصر والادعاء ب عدم تجاوب مصري مع هذه الرغبة الصادقة؟‏!‏
وتري هذه القيادة السنية أن تجاوز ما حدث في الفترة السابقة‏(‏ خصوصا آثاره علي مستوي الشارع السياسي‏)‏ أمر ليس صعبا لأن من شحنوا الشارع السني ضد سوريا هم أنفسهم الذين يشاهدهم من في الشارع يسيرون باتجاه دمشق‏,‏ كما تري أن هذا النفاق السياسي لأسباب دولية وإقليمية معروفة في الفترة السابقة يوفر تأييدا شعبيا للفئة الأولي التي حافظت علي علاقة طيبة مع سوريا ورفضت التورط في مؤامرات ضدها‏(‏ حيث يؤكد ذلك للشارع السياسي السني أن هذه الفئة كان لديها بعد نظر وتقدير صائب للأوضاع‏)‏ في تحركها من أجل إنشاء جبهة وطنية جديدة تحافظ علي الخط الوطني والعروبي لسنة لبنان‏,‏ مقابل هؤلاء الذين سعوا إلي جر السنة إلي العداء مع سوريا‏,‏ ثم يتوجهون الآن فرادي وجماعات للمصالحة مع سوريا ولكسب رضاها‏!‏؟
وتضيف‏:‏ أن هذا التراجع لا ينسحب فقط علي الموقف من سوريا وإنما أيضا علي محاولات للتحريض المذهبي ضد الشيعة‏.‏
ولكن تجاوز ذلك ليس أمرا صعبا أيضا لأن من شحنوا الشارع السياسي السني ضد الشيعة وأخرجوا الخلافات المذهبية للشارع هم أنفسهم الذين تدفعهم مصالحهم الآن إلي إطفائها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.