وزارة الري: فيضان هذا العام أعلى من المتوسط بنحو 25%    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    وكيل أوقاف الفيوم: الواعظات شريكات الأئمة في تحصين العقول وتعميق روح المواطنة    أسعار الأسماك فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    سعر الريال السعودي اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 أمام الجنية المصري    إزالة 5 حالات تعدي على أراضي زراعية ومخالفات بناء بحي شرق ومركز أسيوط    وزيرة التنمية المحلية توجه بإحالة مسئولين بالشرقية للنيابة لوجود مخالفات جسيمة    إسرائيل ترحل 4 إيطاليين ضمن "أسطول الصمود"    بن غفير يهاجم قرار نتنياهو ترحيل نشطاء أسطول الصمود    صحيفة: القوات الأمريكية تستعد لغزو فنزويلا!    وكيل شباب الدقهلية تشهد فعاليات إنعقاد الجمعية العمومية العادية والإجتماع الخاص بنادي جزيرة الورد الرياضي بالمنصورة    الكرة النسائية.. وادي دجلة يتقدم على الزمالك بهدف في الشوط الأول    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    الداخلية تضبط بؤرًا إجرامية بمطروح بحوزتها مخدرات بقيمة 108 ملايين جنيه    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    ضبط مرتكبي واقعة خطف حقيبة سيدة بالقليوبية    "الزراعة": ضبط أكثر من 270 طن لحوم غير صالحة خلال سبتمبر    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    سامح حسين من مهرجان الإسكندرية السينمائي: "فيلم استنساخ حالة فنية استثنائية.. ولدينا جمهور واعي ومثقف"    الليلة.. ختام وإعلان جوائز الدورة ال21 من مهرجان مسرح الهواة بالسامر    وزير الخارجية يشيد بدعم مندوبة كوبا الدائمة لدى اليونسكو لخالد العناني    مايان السيد بمؤتمر فيلم هيبتا: شاهدت الجزء الأول وتمنيت العمل به    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    عاجل- نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود باستخدام المنظار الجراحي داخل مستشفى النصر ببورسعيد تحت مظلة التأمين الصحي الشامل    جولة تفقدية لنائب وزير الصحة بالغربية لمتابعة المنشآت الطبية    ماريسكا: ليفربول الأفضل فى إنجلترا.. وكل فريق لديه نقاط ضعف    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية ب تلا والشهداء    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 3- 10- 2025 في الأسواق الطن ب 4 آلاف جنيه    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    عشان أجمل ابتسامة.. بسمتك دواء مجانى ب 8 فوائد اعرفها فى يومها العالمى    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    لاورا ريستريبو: غزة كشفت سوءات القيم الغربية    البابا تواضروس يدشن كنيسة المغارة في دير "العذراء" بدرنكة    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساعي كرامي لإنشاء جبهة وطنية من السنة تكريس أم تطوير للثنائية داخل الطائفة؟

تتميز الطوائف في لبنان في السنوات الأخيرة بالثنائية‏,‏ فينقسم الوسط المسيحي بين التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون‏,‏ وبين حزب القوات اللبنانية بزعامة الدكتور سمير جعجع والوسط الشيعي بين حزب الله بزعامة السيد حسن نصر الله‏,‏ وحركة أمل بزعامة نبيه بري وآخرون يرفضون مبدأ ولاية الفقيه التي يتبناها الحزب‏,‏ الوسط الدرزي بين الحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط والحزب الديمقراطي بزعامة طلال أرسلان‏,‏ وقد ضرب الانقسام أيضا الوسط السني بين أكثرية عددية‏(65%‏ حسب نتائج الانتخابات النيابية العام ال
وتشهد الساحة السياسية اللبنانية عموما والشارع السياسي السني خصوصا الآن مساعي لإنشاء جبهة وطنية يكون السنة عمودها الفقري تستهدف استعادة الخطاب الوطني والعروبي الذي ميز السنة في لبنان علي مر العصور‏,‏ وجعلهم يشكلون ضمانة الوحدة الوطنية وأساس الوحدة الوطنية بحمل لوائه‏,‏ ووفر لهم الانفتاح علي كل الطوائف وعلاقات طيبة مع جميع الطوائف دون استثناء‏,‏ وذلك بدعوي أن تيار المستقبل لاهو ممثل كل السنة‏,‏ ولا هو جبهة وطنية حيث دخل بعض قياداته ساحة العداء مع الجيران‏,‏ ومعترك التحريض المذهبي في الفترة السابقة‏,‏ ويتبني توجهات يمينية تتعارض مع تاريخ السنة وندائهم السياسي وخطابهم العروبي الذي حملوا لواءه‏,‏ قبل أن تتوجه قيادته للمصالحة مع سوريا بعد المصالحة السعودية السورية وذلك التوجه الذي لا يحظي بقبول قيادات أخري حسب معارضي التيار .‏
ويقود هذه المساعي حاليا الزعيم السني رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي الذي طاف علي عدد كبير من القيادات السنية ومن الطوائف الأخري والتقي فعاليات وتيارات سياسية عديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية‏,‏ كما التقي مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان‏.‏
وترجع دوافع هذا التحرك حسب ما يعلن مؤيدو هذا التوجه إلي استعادة السنة خطابهم السياسي‏,‏ والخشية من تطورات إقليمية تضع السنة في خانة الاستهداف بسبب ممارسات الماضي القريب‏,‏ أو تجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية‏,‏ وتستهدف هذه المساعي أيضا التطلع إلي بناء علاقة جيدة مع سوريا‏.‏
وتلقي مساعي كرامي ترحيبا في الساحة اللبنانية عموما وترجع أسباب ذلك إلي التقدير الذي يحظي به الرجل في الشارع السياسي السني بصفة خاصة‏,‏ فهو أعلن خلال الأزمات المفصلية التي مر بها لبنان في الفترة الماضية أنه إلي جانب طائفته ويعمل من منطلقات وطنية جامعة‏,‏ لذا يحظي بالاحترام مع وجوده في المعارضة لتيار المستقبل منذ نفض يده من اللقاء الوطني اللبناني الذي كان يجمع قوي المعارضة و‏8‏ آذار‏.‏
وقد جرت محاولات سابقة لتأسيس جبهة وطنية تضم السنة في المعارضة بالأساس مثل إطار اللقاء الوطني التي قادها رئيس حزب الاتحاد عبدالرحيم مراد ولاقت هذه الفكرة التي طرحت في العام‏2008‏ ترحيبا من أجل ألا يبدو الشارع السني وكأنه يتبني كله خط تيار المستقبل السياسي‏,‏ لكن بعض القيادات السنية آنذاك خشيت من أن يبدو تحركها وكأنه مواجهة المذهبية بالمذهبية‏,‏ فتعطلت الفكرة مؤقتا أو تأجلت بمعني آخر‏.‏
فقد جاء استبعاد رئيس الجمهورية ميشال سليمان كل القيادات السنية المعارضة لتيار المستقبل وللحريري من عضوية هيئة الحوار الوطني التي شكلها نهاية شهر فبراير الماضي لبحث الاستراتيجية الدفاعية بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير لتنطلق مساعي عمر كرامي نحو تأسيس هذه الجبهة‏.‏
موقف تيار المستقبل
فيما يواصل كرامي مساعيه‏,‏ ينفي تيار المستقبل وجود انقسام أساسا في الشارع السياسي السني‏,‏ ويعتبر هذه المساعي يائسة تقودها شخصيات لم تثبت فاعلية في الشارع السياسي فضلا عن دورها السياسي المهمش وتستهدف زعزعة وحدة الصف السني حول تيار المستقبل‏,‏ وفي الوقت نفسه تعتبر المعارضة السنية هذه المساعي تؤشر إلي عودة الوعي لدي السنة‏,‏ والرغبة في استعادة السنة مكانهم الطبيعي وتاريخهم الذي تعرض للاختطاف علي يد اليمين السني خلال السنوات الخمس الأخيرة‏.‏
فالنائب أحمد فتفت عضو تيار المستقبل وكتلة لبنان أولا النيابية يقول إن الشارع السياسي الذي كان مختلفا دائما عن كل الشوارع السياسية‏(‏ الطائفية‏)‏ الأخري في لبنان‏,‏ ولم يعتبر مرجعياته يوما طائفية‏,‏ لكن ما حدث هو أن الشارع السني شهد نوعا من الاستقطاب السياسي لأول مرة في تاريخه باتجاه تيار المستقبل‏,‏ مشددا علي أن التيار لا يؤمن في نفس الوقت بأحادية تمثيل الشارع السني‏.‏
ويصف فتفت مساعي كرامي بأنها ردة فعل علي حلفائه وليس علي خصومه السياسيين بسبب عدم دعوة الرئيس له إلي هيئة الحوار الوطني فقد اعتبر كرامي حسب فتفت أنه قد تم التخلي عنه من قبل حلفائه في قوي الثامن من آذار‏.‏ كما يصيف المعارضين من السنة بأنهم لم يثبتوا فاعلية ودورهم السياسي كان دائما مهمشا‏.‏
ويري أن هذه المساعي ستنتهي بالفشل قائلا‏:‏ لقد جرت محاولات سابقة لزعزعة وحدة الصف السني‏,‏ ولم تؤد إلي أي نتيجة‏.‏ فقد شارك بعضهم في حصار السراي الحكومي في عهد رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة‏,‏ وفي النهاية تبين أنهم لا يمثلون شيئا‏,‏ وبرغم ذلك فالمستقبل حسب قوله يرحب بأي قوي سياسية أخري تتحرك من أجل المصلحة الوطنية‏,‏ أما الشارع السني فهو ملتف حول تيار المستقبل وأثبت في الانتخابات الماضية أين يقف؟
ويرفض فتفت إنكار صفة التيار الوطني علي تيار المستقبل مشيرا إلي أنه يضم مسيحيين وشيعة ودروزا‏.‏
موقع السنة في السياسة اللبنانية
تاريخيا لم يكن السنة في لبنان طائفة‏,‏ فهم سكان المدن ونشاطهم الرئيسي هو التجارة‏,‏ ولم تكن لديهم عصبية مذهبية فحملوا لواء الوطنية والعروبة والقومية والاستقلال‏,‏ فقد كان لهم انتماء عربي لإطار أوسع ووفر لهم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ومصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي العمق العربي‏,‏ فشكل ذلك لهم غطاء حمائيا لم يسعوا بالقصد إلي توفيره‏.‏
ومن ثم لم ينحصر السنة في إطار طائفة‏,‏ وإنما جماعة وطنية محترمة ومقبولة ومنفتحة علي جميع الطوائف دون حزازات أو ثارات‏,‏ ولذا لم يتوسط السنة في أي صراعات طائفية شهدها لبنان بين الطوائف أو داخل الطائفة الواحدة‏,‏ ولم تكن لديهم بالتالي أي هواجس تتعلق بانتمائهم المذهبي أو شكاوي من إقصاء أو استبعاد‏.‏
لذلك لم يسع السنة وقياداتهم السياسية أو الدينية إلي حيازة سلاح أو إنشاء ميليشيات عسكرية للدفاع عنهم مثلما شكلت طوائف أخري مثل الموارنة وحزبهم التاريخي الكتائب بقيادة بيير الجميل ذراعا عسكرية باسم القوات اللبنانية التي انشقت لاحقا وتحولت حزبا بقيادة الدكتور سمير جعجع‏,‏ بل إن السنة لم يكن لديهم أصلا تنظيمي سياسي‏,‏ فهم الأكثر عددا وينتشرون جغرافيا في كل ربوع لبنان علي عكس طوائف أخري يقتصر وجودها في مناطق محددة‏,‏ ومن ثم فإن السنة هم العمود الفقري للوحدة الوطنية التي تصدت للمخططات الاستعمارية والصهيونية بالتعاون مع كل الطوائف الوطنية الأخري‏.‏
لكن التطورات التي شهدتها لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية‏(75‏ 1990)‏ وتداعياتها حولت السنة إلي طائفة‏,‏ فخلال الحرب أصبح السلاح الفلسطيني الذي كان تم شرعنة وجوده باتفاق القاهرة‏1969‏ دون قصد أو تدبير أيضا هو السلاح الحامي للسنة‏,‏ وبعد الحرب كرس اتفاق الطائف للمصالحة وإنهاء الحرب‏(1989)‏ السنة كطائفة‏,‏ فعلي حد وصف أحد قيادتها فإن اتفاق الطائف كان بداية‏(‏ لبنة السنة‏)‏ في لبنان‏!!‏ وانطلاق عملية تكريس رفيق الحريري زعيما سياسيا للطائفة لاسيما بعد عدم نجاح الزعيم‏(‏ السني‏)‏ سليم الحص رئيس الوزراء الأسبق في الانتخابات النيابية في بيروت‏,‏ ثم الزعيم السني الآخر عمر كرامي في طرابلس ونجاح الثالث نجيب الميقاتي في طرابلس في انتخابات‏2009‏ بعد تحالفه مع الحريري الابن‏(‏ سعد‏).‏ وعزز الحريري الأب هذه الزعامة المطلقة بعد الطائف بانشاء تنظيم سياسي‏(‏ تيار المستقبل‏)‏ لكن بطابع وطني مستفيدا من تاريخ السنة وتراثهم الوطني والعروبي‏,‏ وأثرت لبننة السنة كطائفة علي المفهوم العروبي بتطويره بشكل يأخذ في حسبانه كونهم جزءا من مجتمع متعدد الطوائف‏.‏ لكن المعارضين له اعتبروا الخطأ الذي دفع الحريري إلي ارتكابه أو اندفع هو إليه‏..‏ هو اعتبار الحريري هو السني‏,‏ والسني هو الحريري‏.‏
ووسط تلك التراكمات التي حولت السنة إلي طائفة والتي زاد عليها صعود الطائفة الإسلامية‏(‏ الثانية‏)‏ الشيعية اقتصاديا وعلميا وعسكريا‏,‏ فقد كرس اغتيال الحريري في فبراير‏2005‏ العصبية الطائفية لدي السنة وصولا إلي رفع شعار لبنان أولا بعد تاريخ عروبي حافل ومشرف‏,‏ فقد تم أخذ الشارع السياسي السني في اتجاه ومكان آخر يتعارض مع تاريخ السنة العربي والقومي والوطني حسب قيادات سنية معارضة لتيار المستقبل حيث أصبح الحديث والخطاب السياسي هو عن أمريكا والتوجه إلي واشنطن حتي بلغ خلال السنوات الخمس الماضية إلي حد التحريض ضد سوريا والرهان علي إسرائيل لكي تقضي علي حزب الله الشيعي وسلاح المقاومة الوطنية المشروعة‏.‏
وتري هذه القيادات أن هذا التوجه أضر ضررا بالغا بالسنة وبمواقعهم الوطنية والقومية حتي بدا كل سنة لبنان وكأنهم يمينيون وامتدادا للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة‏!‏؟ بدعم من بعض الأطراف العربية‏,‏ في الوقت الذي تبنت فيه الطائفة الشيعية الخطاب الوطني العروبي القومي الذي هو خطاب السنة تاريخيا‏.‏
ونتيجة لذلك ينقسم الشارع السياسي السني حسب نتائج الانتخابات النيابية العام الماضي بين أغلبية‏(65%)‏ تؤيد تيار المستقبل‏,‏ وأقلية‏(35%)‏ لا تزال متمسكة بخطها العروبي ورافضة للتحريض المذهبي ومقاومة للمشروع الصهيوني وتسعي لاقامة علاقات جيدة مع كل الدول العربية والإسلامية حسبما يعلن ممثلوها‏.‏
وربما شعرت قوي إقليمية في مقدمتها السعودية تحت وطأة هذه التراكمات والتداعيات بأهمية الانفتاح علي كل القوي والقيادات السنية في لبنان‏,‏ فقد حرصت السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله علي استقبال الحص وكرامي والميقاتي كقيادات سنية‏(‏ أخري‏)‏ بلبنان‏.‏
السنة‏..‏ وسوريا‏..‏ والبعد الإقليمي
تراوحت العلاقة بين سنة لبنان وسوريا بين الاستقرار والتميز في أغلب الأوقات وبلغ أوجها في فترة الرئيس جمال عبدالناصر لاسيما أيام الوحدة المصرية السورية‏(58‏ 1961)‏ أو الجمهورية العربية المتحدة وبين التوتر في أوقات محدودة كتلك السنوات التي مرت علي العلاقات بين البلدين‏(2005‏ 2009)‏ والتي بلغ التوتر حده بتحريض البعض ضد سوريا‏,‏ قبل التحسن في العلاقة الذي طرأ منذ نهاية العام الماضي بزيارة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري لسوريا بوصفه رئيس حكومة لبنان‏.‏
ولعل هذه الفترة السابقة وما جري فيها يشكل أحد دوافع التحرك الحالي لإنشاء جبهة وطنية جديدة يكون عمودها الفقري سنة لبنان إلي جانب تيار المستقبل ومن ثم فان تشكيل هذه الجبهة ربما يحتاج توافقا إقليميا‏(‏ سعوديا سوريا مصريا‏)‏ فتحسن العلاقة بين قطاع من السنة عادي سوريا وبين دمشق يعد من مقتضيات الجغرافيا السياسية‏.‏
وبشكل عام يمكن التمييز في الوقت الحالي بين ثلاث فئات ومواقف سنية حيال العلاقة مع سوريا‏,‏ فهناك فئة حافظت علي علاقة طيبة مع دمشق ورفضت محاولات التورط في عملية للإضرار بها واستخدام السنة أداة لتحقيق ذلك‏,‏ وفئة ثانية انتقلت من خانة حلفاء سوريا خلال الوجود السوري في لبنان‏(1976‏ 2005)‏ إلي خانة العداء لسوريا‏,‏ ويعترف صقورها اليوم برهاناتهم الخاسرة ويسعون إلي اصلاح علاقتهم بدمشق في العلن وتحت الطاولة‏,‏ وفئة ثالثة لديها تاريخيا هواجس لأسباب تتعلق بروابطها العاطفية تجاه السعودية ومصر‏(‏ عبدالناصر والأزهر الشريف‏)‏ لاسيما منذ الانقلاب علي الوحدة مع مصر والانفصال عام‏1961.‏
وتقول قيادة سنية ل الأهرام المسائي‏,‏ إن من دفعوا الفئتين الثانية والثالثة إلي طريق العداء والتحريض ضد سوريا وأثاروا الحساسيات المذهبية هم من يسعون اليوم إلي إعادة وحل ما انقطع من خيوط وترميم ما تهدم من جسور بينهم وبين دمشق‏,‏ وهم أيضا من يسعون إلي عقد الصفقات وللمصالحة مع سوريا‏,‏ بل أن هذه القيادة تتوقع أن تتعرض العلاقة بين هاتين الفئتين ومصر لفتور حيث بدأت بعض رموزها في إطار سعيها نحو اصلاح العلاقة مع سوريا بأي ثمن في الحديث عن رغبة سورية صادقة في تحسين العلاقة مع مصر والادعاء ب عدم تجاوب مصري مع هذه الرغبة الصادقة؟‏!‏
وتري هذه القيادة السنية أن تجاوز ما حدث في الفترة السابقة‏(‏ خصوصا آثاره علي مستوي الشارع السياسي‏)‏ أمر ليس صعبا لأن من شحنوا الشارع السني ضد سوريا هم أنفسهم الذين يشاهدهم من في الشارع يسيرون باتجاه دمشق‏,‏ كما تري أن هذا النفاق السياسي لأسباب دولية وإقليمية معروفة في الفترة السابقة يوفر تأييدا شعبيا للفئة الأولي التي حافظت علي علاقة طيبة مع سوريا ورفضت التورط في مؤامرات ضدها‏(‏ حيث يؤكد ذلك للشارع السياسي السني أن هذه الفئة كان لديها بعد نظر وتقدير صائب للأوضاع‏)‏ في تحركها من أجل إنشاء جبهة وطنية جديدة تحافظ علي الخط الوطني والعروبي لسنة لبنان‏,‏ مقابل هؤلاء الذين سعوا إلي جر السنة إلي العداء مع سوريا‏,‏ ثم يتوجهون الآن فرادي وجماعات للمصالحة مع سوريا ولكسب رضاها‏!‏؟
وتضيف‏:‏ أن هذا التراجع لا ينسحب فقط علي الموقف من سوريا وإنما أيضا علي محاولات للتحريض المذهبي ضد الشيعة‏.‏
ولكن تجاوز ذلك ليس أمرا صعبا أيضا لأن من شحنوا الشارع السياسي السني ضد الشيعة وأخرجوا الخلافات المذهبية للشارع هم أنفسهم الذين تدفعهم مصالحهم الآن إلي إطفائها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.