برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    طعن قضائي جديد ب المحكمة الإدارية العليا يطالب بإلغاء انتخابات مجلس النواب    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    الحكومة: تشغيل 6 فنادق جديدة بالإسكندرية خلال 2025 توفر 750 غرفة سياحية    إعلام سوري: قسد تستهدف نقاطا أمنية شمالي حلب    مدبولي لسفير الإمارات: العلاقات بين القاهرة وأبوظبي نموذج للتعاون العربي    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    أمم أفريقيا 2025.. تعادل سلبي بين مالي وزامبيا في الشوط الأول    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    «نصب باسم التصليح».. ورشة تستولي على أموال صاحب دراجة نارية وترفض الإصلاح بالقليوبية    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره الماليزي سبل تعزيز التعاون المشترك    محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي ويؤكد: هذا الصرح «مرآة تاريخية» تعكس حضارات مصر.. ويضم 950 قطعة أثرية    قبل بدء التصوير ..أيتن عامر تعتذرعن ظروف خاصة «حق ضايع»    باحث بالأزهر يوضح فضل شهر رجب (فيديو)    مجلس الوزراء يؤكد: أدوية البرد والأمراض المزمنة متوفرة بشكل طبيعي في الأسواق    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    وزير الثقافة يلتقي الفنان أمير صلاح الدين لبحث إطلاق مهرجان «المسرح والموسيقى للجميع»    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    وزير الخارجية يؤكد على الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    أبو بكر رئيسا لمجلس إدارة غرفة البترول والتعدين.. ضاحي وزاهر وكيلين    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    فابريزو رومانو: مطالب الأهلي تعطل انتقال جمزة عبد الكريم إلى برشلونة    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    شهد أمين : جوائز قرطاج ل "هجرة" هي إنجاز جديد للسينما السعودية    الخطيب يبحث مع وزير التجارة الكوري تعزيز العلاقات الاستثمارية    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    المصري يواجه دكرنس اليوم في بطولة كأس مصر    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    تأجيل اعادة إجراءات محاكمة متهم بخلية اللجان النوعية بالمرج    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    روائح رمضان تقترب    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد علي وشرعية الحاكم (4 4)
بقلم: عصام درويش

بدأ المشهد السياسي في مصر مارس 1805 وكأن الأمور تمهد لتولي محمد علي السلطة في مصر. حيث تولي خورشيد باشا حكم مصر في مارس 1804 ليكون آخر ولاة الدولة العثمانية علي مصر قبل تولية محمد علي.
ويسجل الرافعي انه كان خامي من تقلد ولاية مصر في غضون سنتين، حيث كان مصيرهم الطرد أو القتل، مما يدل علي مبلغ ما آلت إليه سلطة الوالي من الضعف والانحلال كما أن هذه السلطة لم تتعد حدود القاهرة فضلا عن انها كانت عرضة لتمرد الجنود وعصيانهم.
ولم يكن خورشيد باشا خيرا من سابقيه فتعددت مظالمه وكثرت مساوئه. حتي ضاق الناس ذرعا بإدارته البلاد، ولجأوا كعادتهم للعلماء والمشايخ، مما قوي من مكانة هؤلاء أكثر فأكثر. وكان من الواضح أن الضرائب الجديدة التي فرضها علي أرباب الحرف والصنائع تدفع بالبلاد إلي حافة ثورة جديدة. وطلب السيد عمر مكرم من الوالي رفع الضريبة واضطر الوالي إلي الاستجابة ولكن بقي من تأثير تلك الانتفاضة ان الأهالي باتوا متحفزين للثورة متيقنين انه أصبح في استطاعتهم المقاومة والإضراب ودفع الظلم عنهم. ثم عاد الوالي في 11 مايو 1805 إلي فرض ضريبة جديدة لتوفير الأموال لدفع رواتب الجنود، مما أحدث هياجا عاما من جديد وذهب الناس إلي (دار المحكمة) وطالبوا القاضي بكتابة وثيقة بمطالبهم وأولها عدم فرض ضرائب جديدة، وهنا أدرك الوالي أن ثورة توشك أن تطيح به، لما رفض زعماء الشعب طلب استدعائه لهم، واتفقوا علي عزل خورشيد باشا واختيار محمد علي واليا جديدا علي مصر بعد ذهابهم إليه في بيته، وقال له عمر مكرم إنا قد (خلعناه من الولاية) وسأله محمد علي من يريدون وقالوا بصوت واحد انهم لا يرضون إلا به أن يكون واليا لما يوسمونه فيه من العدالة والخير.
ويري الرافعي أن هذا اليوم من الأيام المشهودة في تاريخ مصر علي اعتبار أن محمد علي تولي حكم مصر بإرادة الشعب. وإن هذا يشكل انقلابا عظيما في نظام الحكم تجلت فيه ارادة الأمة ممثلة في زعمائها. حيث استطاعت فيه خلع الوالي الذي لن ترتضيه واسندت فيه الولاية إلي من انتخبه زعماء الشعب. رغم أنف فرمان السلطاني العثماني، وكما ذكر الجبرتي (وتم الأمر بعد المعاهدة والمعاقدة علي سيره بالعدل وإقامة الأحكام والشرائع والاقلاع عن المظالم، وان لا يفعل أمرا الا بمشورته ومشورة العلماء وانه متي خالف الشروط عزلوه. وقد ذهب وفد من العلماء إلي خورشيد باشا لإبلاغه بالعزل وصاح فيهم بأنه تم توليته من السلطان وانه لا يعزل منه بأمر الفلاحين ولما كان الزعماء قد حرروا محضرا بعزل خورشيد وتعيين محمد علي فإنهم اطلعوا خورشيد باشا عليه عندما حاجهم بانه لا يوجد سند شرعي بعزله ومع ذلك لم يعترف بذلك باعتباره ليس من السلطات.
وتشير المصادر انه وردت في ديباجة المحضر عبارة مهمة تنص علي أن للشعوب طبقا لما جري به العرف قديما، ولما تقضي به أحكام الشريعة الاسلامية، الحق في أن يقيموا الولاة، ولهم أن يعزلوهم إذا انحرفوا عن سنن العدل وساروا بالظلم لأن الحكام الظالمين خارجون عن الشريعة، وفي هذا الصدد التقي يوما عمر مكرم بأحد مستشاري خورشيد باشا (عمر بك) وتجادلا طويلا في شأن القرارات التي أصدرها نواب الشعب، حيث اعترض المستشار وتساءل كيف تعزلون من ولاه السلطان عليكم وقد قال تعالي (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فأجاب عمر مكرم بأن أولي الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل، وهذا رجل ظالم وجرت العادة من قديم الزمان أن أهل البلاد يعزلون الولاة، حتي الخليفة والسلطان، إذا سار في الناس بالجور، فانهم يعزلونه ويخلعونه. فلما سأل مستشار الوالي: كيف تحاصروننا وتمنعون عنا الماء والأكل وتقاتلوننا؟ انحن كفرة حتي تفعلوا معنا ذلك؟ قال عمر مكرم (قد أفتي العلماء والقاضي بجواز قتالكم ومحاربتكم لأنكم عصاة!.
ولما استمر الوالي في عناده، لذلك لجأ زعماء الشعب إلي تحريض الناس علي الاستعداد للقتال، وشارك في ذلك المصريون بكل طوائفهم وفئاتهم ومراكزهم. واستمر الثوار في محاصرة القلعة وبدا الفريقان في التراشق بالبنادق وقصف الثوار القلعة من منارة جامع السلطان حسن. واستمر القتال حتي أوائل يوليو 1805، وبمشورة محمد علي قام الثوار بنقل مدفع كبير وجري استخدامه في قصف القلعة قصفا شديدا ومتواصلا حتي أذعن الوالي وسلم القلعة في 5 أغسطس 1805.
ورحل الوالي خورشيد باشا عن مصر نهائيا وبدأت صفحة جديدة في تاريخ مصر بتولي محمد علي أمر مصر نائبا عن السلطان العثماني وواليا عليها بإرادة المصريين. وهكذا استطاع محمد علي أن يصل إلي كرسي الولاية الذي كان يتطلع إليه ويخطط لبلوغه منذ جاء إلي مصر، مستفيدا من تدهور الأوضاع في مصر، دافعا بها نحو تحقيق هدفه، لتبدأ مصر معه وبه صفحة جديدة ومديدة من تاريخها الحديث.
ما أحوجنا بعد مرور أكثر من قرنين من الزمان علي تجربة محمد علي ليس فقط من قبيل الثقافة التاريخية، وانما من قبيل الاستفادة، لكي تتلاشي عثرات الماضي للانطلاف نحو المستقبل.
لعل تجربة محمد علي كافية بما فيه الكفاية للتأكيد علي أن مصر بلد كبيرة شريطة أن نحسن ادارة مواردنا البشرية والاقتصادية بطريقة ديمقراطية تحفز الشعب نحو المشاركة الحقيقية، ليس باعتباره عبئا وانما باعتباره استثمارا حقيقيا يعود بالنفع علي المجتمع وفقا لقواعد تشريعية وقانونية وأخلاقية. اننا في حاجة إلي أن يشعر الجميع بأنهم بناؤون في بلدهم ومن أجل مستقبل أبنائهم. وما أشبه بالبارحة، ورحم الله محمد علي.
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.