أثار قرار وزير التربية والتعليم بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية العديد من التساؤلات لدي أولياء الأمور والمدرسين حول قدرة الوزارة علي تنفيذ القرار في ظل فشلها في متابعة العملية التعليمية وماذا تفعل في المراكز المرخصة من قبل الوزارة والمحليات والوزارات الأخري مثل الأوقاف والكنيسة؟ وهل إذا أغلقت المراكز ستتوقف الدروس الخصوصية ويعود الطلاب إلي مدارسهم؟ إلي جانب العشرات من الأسئلة التي يصعب علي المسئولين بالتربية والتعليم الإجابة عليها, وهنا أتصور أنه قبل أن يصدر الوزير قرارا فقد كان لزاما عليه أن يدرس أولا أسباب عدم تنفيذ قرارات الوزارات السابقة ابتداء من الدكتور حسين كامل بهاء الدين الذي طارد المراكز في كل مكان وواجه العديد من المشاكل القانونية وألاعيب المعلمين الذين لجأوا إلي الذهاب إلي منازل الطلبة او تحويل شققهم الخاصة إلي مراكز ومنهم من قام بعمل سجل تجاري للمركز ودفع مستحقات الدولة وسدد الضرائب ليأخذ الحماية القانونية إلي جانب اللجوء إلي المساجد والكنائس لإعطاء الدروس الخصوصية في شكل مجتمعي وبمقابل مادي بأسعار رمزية, ولكن العدد الكبير كان يعوض فرق الأسعار, وأن كل ذلك أدي إلي أن أصبحت المراكز أمرا واقعا. لذلك أعتقد أن القضاء علي ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل عام. يحتاج إلي تضافر شقي العملية وهم وزارة التربية والتعليم والاسرة المصرية والعبء الأكبر يقع علي الوزارة من خلال تطوير الكتاب المدرسي والمناهج ونظام التقويم الشامل الذي هو أهم أسباب الدروس الخصوصية بسبب النظام العقيم لوضع الأسئلة والتي تكون في مجملها لقياس حفظ الطالب وليس فهمه وهو الجانب الذي يلعب عليه مدرس الدروس الخصوصية ومن خبراته يستطيع أن يتوقع الاسئلة التي ستأتي في الامتحان إلي جانب توضيح وتبسيط المعلومة في شكل كبسولة عكس الكتاب المدرسي العقيم المليء بالحشو والتكرار والذي يجعل الطالب ينفر منه, إلي جانب نقطة مهمة وأنا أعتقد أنها ليست غائبة علي القائمين علي التعليم في مصر وهو نظام القبول بالجامعات حيث الأعداد المحدودة بالجامعات مقابل الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة فأصبح الصراع علي نصف درجة إلي جانب أهمية قياس القدرات قبل الالتحاق بالكلية وهذا يحتاج إلي تعديل ثقافة المجتمع نحو امتحاناتقدرات القبول وأن جميع الكليات كليات قمة بالنسبة للطالب المحب لنوعية الدراسة التي سيلتحق بها عكس التحاقه كلية غير محببة إليه يمكن أن تؤدي به إلي الفشل الدراسي. والحقيقة أن قرار الوزير بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية هو مجرد محاولة علي الطريق لإعادة دور المدرسة التعليمي والتربوي في مواجهة الدروس الخصوصية ولكن للأسف الشديد فإن وجود إدارة مدرسية مترهلة من أحد أسباب انتشار المراكز حيث يسمح ويتستر مدير المدرسة علي المدرس الذي يذهب إلي مركز الدروس في أثناء اليوم الدراسي ومعه الطلاب, فمهما لجأ الوزير إلي القرارات القانونية في هذا الوضع لفشل تماما في تنفيذ قراراته في الوقت الذي لا تستطيع إدارات المتابعة مواجهة إمبراطورية المراكز وتستر مديري المدارس وهجرة الطلاب الفصول لعدم الاستفادة العلمية ويعتبرون الذهاب إلي المدرسة مضيعة للوقت, ولكي ينفذ الوزير قراراته لابد من التعاون مع الوزارات المختلفة مثل الأوقاف والكنيسة والحكم المحلي والمحافظين والذين يجب عدم السماح بتراخيص المراكز وإصدار قرارات بالاغلاق لمن هو موجود من خلال الشرطة وعمل محاضر وإخطار المالية بتحصيل الضرائب عن عمله في الدروس الخصوصية وأن تكون المواجهة مجتمعية وليست وزارة التربية والتعليم لوحدها. وختاما استرعي انتباهي تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي كشف عن أن33% من دخل الأسرة المصرية يوجه للدروس الخصوصية ومجموعات التقوية خاصة بعد أن تحولت إلي ظاهرة مجتمعية في ظل انهيار مستوي المعلم التعليمي والمهني وأصبح لا يقوم بالشرح داخل الفصل معتمدا علي الدروس الخصوصية وأيضا الكتاب المدرسي العقيم وأساليب التقويم التي تعتمد علي الحفظ ولا تنمي القدرات الإبداعية لدي الطلاب حيث إن الحفظ يمثل90% والتفكير10%, وبالتالي لكي نقضي علي الدروس لابد من مواجهة مجتمعية حكومية تبدأ بتحليل المشكلة ووضع الحلول الحقيقية النابعة من أرض الواقع وليست دراسات علي الورق. رابط دائم :