صمم دينوقراطيس الإسكندرية علي شكل رقعة شطرنج مستطيلة وعبد فيها سبعة طرق عرضية تربط شرق المدينة بغربها يتقاطع عليها114 شارع من الشمال الي الجنوب بزاوية منحرفة تسمح بوصول رياح البحر النقية حتي ءبعد نقطة فيها وقتها كانت خمسة احياء منها الملكي واليهودي واليوناني والمصري وظلت محتفظة بطابعها الهليني حتي الثمانينيات رغم عصور الاضمحلال التي مرت عليها رغم ذلك ظلت محتفظة بطابعها المتوسطي حتي اطلق عليها العالم عروس البحر المتوسط لكن في السنوات الاخيرة وخاصة في الفترة التي تلت ثورة يناير اغتصبتها مافيا ال وحول ذلك يقول تامر صلاح الدين المحلل السياسي: أدرك محمد علي باشا الكبير أهمية المدينة السياسية والاستراتيجية فأعاد بناءها وفقا لاحدث الطرزات الأوروبية بما في ذلك ترسانتها البحرية ومدارسها ومبانيها الادارية وشجع الفنانين المصريين والاجانب علي العيش بها مفتتحا قنصليات بها للدول التي تميزت بعلاقات قوية مع مصر وطوال مائتي عام منذ1805 ازدهرت المدينة وتميزت مبانيها بما اطلق عليه العمارة الخديوية وهي مزيج من الفن العربي والاسلامي والتصميمات الأوروبية التي تتميز بالموتيبات والحليات الهندسية والفنية سواء علي واجهاتها أو في مداخل العمارات وعلي سلالمها التي كانت تزين بالشمعدانات الاصلية والتماثيل الرخامية اضافة الي بوابات حديدية تنوعت زخارفها واسوارها ما بين البلجيكي والفرنسي والإيطالي والفرنسي والإنجليزي وكانت كل عمارة بمثابة مدرسة للمصريين من بنائين ونجارين ومهندسن وفنانين حافظوا علي جودة المباني ومظهرها الجمالي وملاءمتها للسكني الصحية الراقية مراعين التصميم الأصلي للمدينة بما يتناسب مع عرض وطول شوارعها محافظين علي المساحات الخضراء والارتفاعات ففقدت المدينة طابعها وهويتها المعمارية والسكانية وأصبحت تشبه كل المدن الشائهة التي سمحت الدولة منذ1952 وحتي2013 ببنائها في غياب كود المباني المصري وهو ما أدي الي حجب السماء عن المواطن السكندري الذي يتحسر الآن علي مجد مدينته. أما الفنان التشكيلي عبد الله داوستاشي, فيقول: يجب علينا أن نحافظ علي هوية المدينة العالمية والهوية الخاصة باعتبار ان أغلب المباني قام بتشييدها وبنائها مهندسون من جنسيات مختلفة ومن حوض البحر الأبيض المتوسط, مضيفا بأن الاسكندرية رغم ما أصابها من ضرر ما زالت هي حلقة وصل بين مصر وأوروبا ونخشي ان تمتد يد الإهمال ومافيا البناء الي ما تبقي من مبان تحمل الطابع المميز للمدينة والتي تضم بعض المتاحف لكبار الفنانين والشعراء الذين عاشوا في المدينة وابدعوا من خلالها مثل المبني الذي يضم متحف كفافيس وقصر الفنان محمود سعيد واتيليه الإسكندرية المعروف بقصر فيكتور باسيلي وغيرها من المباني التي تحتلها البنوك والهيئات الحكومية والفيلل الخاصة التي تتعرض للذبح والاغتيال بشكل منهجي ومنظم كل يوم تحت بصر وسمع المسئولين في محافظة الاسكندرية وكافة اجهزة الدولة مشيرا الي انه علي الدولة ان تستعين بالشباب وأفكارهم لانهم يملكون افكارا جديدة وطاقات لاتنفد يمكن استخدامها للنهوض بمصر والعبور نحو المستقبل من اجل استعادة مكانتها الحضارية والابداعية في حوض البحر المتوسط. اما الشاعر احمد عواد فيقول هدم المباني الأثرية يعني هدم وعي وحضارة هذا الشعب ويعتبر ايضا هدما للبعد التاريخي والحضاري, مشيرا الي ان معظم المباني في الاسكندرية تعود الي تراث الحضارة اللاتينية وان كثيرا من المستشرقين يأتون إلي الإسكندرية لكي يروا تراثنا المتمثل في تلك المباني التي تمثل طابعا اثريا وحضاريا مميزا واضاف عواد انه لازالت حملة اغتيال التراث المعماري لمدينة الاسكندرية موصولة لم تنقطع يأتي ذلك في مختلف أحياء المدينة سواء في وسطها أو أطرافها حيث يقوم مافيا البناء وتحايل أصحاب العمارات والمقاولين بتكسير الحليات المعمارية المميزة لطراز البناء وأيضا استمرارا لمسلسل الهجوم علي تراث الاسكندرية وهدم المباني التراثية. أما إيهاب القسطاوي الناشط السياسي فيقول: إن الدولة لاتقوم بواجبها في الحفاظ علي الوضع الحالي مشيرا الي ان الاسكندرية بها مناطق حفاظ مثل الحي اللاتيني والحي التركي وكفر عبده وهذه المناطق لايمكن تطبيق الاشتراطات الهندسية التي تطبق في باقي المناطق عليها لأنها ذات طبيعة خاصة. وأضاف قسطاوي أن مافيا المقاولات والبناء المخالف استغلوا ظروف البلد بعد الثورة وبدأوا في تدمير تراث المدينة الأثري, واقاموا عمارات شاهقة مخالفة لكل القوانين وتحولت الإسكندرية عروس البحر الابيض من متحف معماري مفتوح الي كتل خرسانية وقبور مكيفة. وجدير بالذكر أن الأهرام المسائي رصدت الكثير من جرائم الهدم العشوائي للمباني ذات الطابع الأثري المعماري النادر بمناطق سموحة والازاريطة ومحرم بك ووابور المياه وكفر عبده. ويظل السؤال لماذا كل التجاوزات في البناء في الاسكندرية التي اصبحت سمة من سمات المدينة متفردة عن باقي المدن بلا اي مساءلة او وقفة جادة لمنع هذا الاغتيال لجزء مهم من تراثنا لذا لابد من وقفة حاسمة امام هؤلاء المفسدين في الإسكندرية. رابط دائم :