جاء قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية بتخفيض المساعدات التي ترسلها واشنطن إلي مصر ووضع شروط لها بمثابة عبء اضافي له واقع ثقيل, ليس علي القاهرة فقط بل علي المنطقة العربية ايضا, لأن هذا التحول المفاجئ في السياسة الأمريكية سيضر بجميع المصالح في المنطقة, ولذلك تصدرت الاضطرابات الحالية في العلاقات المصرية الأمريكية افتتاحيات الصحف العالمية, حيث رأت صحيفة نيويورك بوست ان ذلك التدهور سوف يؤدي إلي معاناة الشرق الأوسط باكمله حيث ان عدم الاستقرار في العلاقات من شأنه ان ينعكس سلبا علي المنطقة بأسرها بما في ذلك المصالح الأمريكية فيها. ونقلت الصحيفة تصريحات وزير الخارجية نبيل فهمي بعد اسبوع من تحرك واشنطن للحد من المساعدات العسكرية إلي مصر والتي اوضح فيها ان واشنطن تستمر في اخطائها اذا افترضت ان الحكومة المصرية ستقوم باتباع خطها دائما. واشارت الصحيفة الي ان القرار واجه انتقادات كبيرة وسيؤدي الي تحول مصر إلي دول اخري للحصول علي مساعدات عسكرية بما فيهم روسيا والصين بعد ان كانت مصر منذ فترة طويلة ثاني اكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد اسرائيل حيث يعد الجيش المصري الاكبر في العالم العربي, وتواجه الولاياتالمتحدة الآن معضلة سياسية بأن ادت ممارساتها الاخيرة التي تنفير الحليف العربي الأهم في المنطقة التي ترتبط بمعاهدة سلام مع إسرائيل وتسيطر علي قناة السويس الاستراتيجية. ووفقا للصحيفة فإن الاكثر اثارة للقلق بالنسبة لواشنطن هو امكانية تحول الجيش المصري الي دولة منافسة للحصول علي مساعدات عسكرية, فالمؤسسة العسكرية تدرس خياراتها حيث اكدت مصادر عسكرية لرويترز الاسبوع الماضي ان الجيش يخطط لتنويع مصادره من الاسلحة حيث تصر الحكومة المصرية علي عدم رضوخها للضغوط الامريكية. فيما رأت صحيفة وول ستريت جورنال ان هناك حالة من اللامبالاة في مصر تجاه قرار أوباما بقطع المعونة, حيث يري الكثير من المصريين انه بدلا من إدانة الهجمات الإرهابية التي تزايدت وانتشرت في جميع أنحاء البلاد قررت إدارة أوباما اعادة ضبط مساعداتها المقدمة لمصر, وجاء البيان بعد يومين فقط من ثلاث هجمات إرهابية قاتلة في القاهرة وسيناء وكان القرار بمثابة رسالة محيرة للملايين الذين خرجوا للاحتجاج علي حكم الإخوان حيث تأكد لهم ان الادارة الأمريكية تقف بحزم وراء تنظيم الإخوان المسلمين المحظور حتي لو كان ذلك يعني الإضرار بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين. واضافت الصحيفة انه عند سماع خبر قطع المساعدات الأمريكية اجتاح الشعب المصري شعور عام بالارتياح من التخلص من اي قيود خارجية علي الحكومة, حيث ان المصريين مصممون هذه المرة علي بناء دولة ديمقراطية قوية وتجنب اخطاء الماضي. ومن جانبه رأي إتش إيه هيللر المحلل السياسي في معهد بروكينجز الأمريكي ان التعليق الجزئي للمساعدات الأمريكية لمصر من قبل ادارة أوباما لا يلغي أن مصر في طريقها إلي أن تصبح دولة ديمقراطية وعلي الرغم من الاختلافات في المشهد السياسي في البلاد الا ان المصريين سيتوجهون في القريب إلي صناديق الاقتراع مرة أخري وستلعب المتغيرات والتحديات والمأزق السياسي الحالي دورا كبيرا في الانتخابات موضحا انه في الوقت الحاضر هناك نوعان من المرشحين المحتملين الأول هو خيار واضح يتمثل في وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السياسي والذي يعتمد علي قاعدة واسعة من الدعم الشعبي, فالمؤسسة العسكرية هي بأغلبية ساحقة المؤسسة الأكثر شعبية في البلاد. أما الخيار الثاني المحتمل يتمثل في الرئيس المؤقت الحالي عدلي منصور وقد يكون خيارا استراتيجيا كونه رئيسا مدنيا. ورأت صحيفة الاندبندنت البريطانية أن المصريين تم استنفاد قواهم خلال ثلاث سنوات من اراقة الدماء والاضطرابات السياسية وان الحنين لزعيم قوي قادر علي استعادة الشعور بالاستقرار يتزايد بشكل كبير حيث اعرب العديد من الساسة عن تأييدهم لفكرة ترشيح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي. رابط دائم :