لا يمكن أن ينفصل ذات مصر عن ذات أبنائها المخلصين لها في الدفاع عنها وحمايتها بغض النظر عن انتماءهم السياسي أو الديني لأن الجميع يعيشون علي أرضها وتحت سمائها ويتمتعون بخيرها. فلا يتقدم أي انتماء علي الانتماء لمصر ووحدتها وفي نفس الوقت فإن غياب الدول المصرية يعني أنه لا وجود لكل هذه الكيانات بل سيتحول الجميع إلي ميليشيات مسلحة تحمل السلاح لتقاتل الجماعة المناوئة لها في الفكر والتنظير فيأكل بعضهم البعض فالتاريخ يعلمنا أن هزيمة الدول دائما تأتي من داخلها وليس من خارجها. ولذلك فكل الأفكار وكل التوجهات وكل الخطوات يجب أن تتوقف وتتجمد وتفقد أهميتها في الكلام عند الحديث عن ذات مصر وأمنها الاستراتيجي وموقعها الجغرافي فلا ذات للأشخاص مهما علت أقدارهم ولا قيمة لمؤسسات مهما قدمت من خدمات لناس ولا وجود لجماعات أو جبهات أو تيارات مهما كانوا إذ فرطوا في حق مصر وحق أبنائها في الحياة وفي أمنها واستقرارها, أو تعاونوا مع أعدائها, إلا بقدر احترامهم وتقديرهم لذات مصر ووجودها ومكانتها المقدسة عند الله وعند رسوله وعند المصريين وعند المؤمنين بحق مصر في البقاء وحدة واحدة لا مكان فيها للتقسيم ولا حتي بالتسليم لحبة رمل من ترابها مهما كانت الحجج ومهما كانت الترهات. فلا وجود إذا ولا مكانة لمن يحتكر الوطنية والثورة أو يحتكر الإسلام ويسعي إلي ذلك حتي ولو ادعي أنه يمثل المصريين الذين لم يمضوا لأحد بشيك علي بياض بعد قيام ثورة الشعب المصري في25 يناير و30 يونيو علي الديكتاتورية والاستبداد بإسم الوطنية تارة أو بإسم الإسلام تارة أخري, من أجل منع احتكار البعض للوطنية والحديث باسمها ومنه احتكار البعض الآخر للإسلام والحديث بإسمه. مما يعني أن هؤلاء ولا أولئك لم يفهموا معني الوطنية أو معني الإسلام, ومن هنا نجد أن الحفاظ علي الهوية المصرية والدفاع عنها ويذل الغالي والرخيص من أجل حمايتها والذود عنها يجب أن تتقدم علي كل الأولويات, وأن تصبح عقيدة وطنية عند كل المصريين يعلمونها لأبنائهم جيل بعد جيلا, لحماية بلدهم من الدخول في صراعات ومواجهات داخلية أو خارجية وفي نفس الوقت تسعي إلي لملمة جراح الأمة العربية التي تعتبر امتداداها الجغرافي والطبيعي وتعظيم علاقاتها مع البلدان الإسلامية التي تمثل امتدادها العقائدي في العالم الإسلامي والجاليات العربية والإسلامية الممتدة علي طول الكرة الأرضية. وهذا يستدعي وجود قناعة داخل الصف الوطني في الحفاظ علي الهوية الوطنية والإسلامية للدولة المصرية وتأمين وسلامة الصف الوطني من الاختراق مع وجود عملية فرز دائمة ومستمرة من أجل تنظيف الجماعة الوطنية من الدخلاء عليها أو الذين يمثلون الطابور الخامس والذي يمثل اليد الطولي للنفوذ الاستعماري والذي لا يتدخل في الشأن المصري الداخلي إلا بقدر وجود قواعد له في الداخل من أجل تخريب الصف الوطني وتحويل الاتفاق علي الأساس الوطني إلي صراع طائفي ومذهبي هذلي بين مكونات الدولة المصرية لا يحمي ولا يحافظ علي وحدة الصف المصرية الإسلامية التي تعتبر مصر دولة إسلامية تحافظ علي حقوق جميع المصريين الذي يعيشون علي أرضها من كل العقائد والأديان وكل الطوائف وكل الانتماءات التي تنصهر معا في بوتقة واحدة, بحيث يكون إفرازها الرضا والتفاهم والتوافق علي العيش المشترك من أجل حماية المصالح المشتركة والتي تحافظ علي وحدة مصر وهويتها الوطنية والإسلامية. وفي نفس الوقت نستدعي مصر بتاريخها الممتد عبر آلاف السنين ليس في الدفاع عن مصر وهويتها الوطنية وإنما في الحفاظ علي الهوية الإسلامية التي تعتبر حجر الزوايا في الدفاع عن أمنها ومصالحها الاستراتيجية والتي نجحت من قبل في صد الموجات الاستعمارية المتتالية من الحروب الصليبية والتتار والمغول والفرنسيين والانجليز والأمريكان وبالتالي فإن مصلحة مصر العليا تكمن في وحدتها ولملمة الصفوف في الدفاع عن نفسها وحمايتها لأمتها العربية والإسلامية والوقوف مع جيرانها في دعم الأمن والسلام في الإقليم وفي العالم. فتمكنت من إفشال المخططات الغربية ولو إلي حين في تقسيم وتجزئة العالم العربي والإسلامي إلي عدة كنتونات طائفية تستدعي فيه المتطرفين من الليبراليين والإسلاميين الذين يدعون الوطنية والإسلام من أجل إشعال المنطقة العربية والإسلامية بحروب لا أول لها ولا آخر, مع استخدام الإسلام ذريعة للدخول في هذه المواجهات الدموية التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بروح الإسلام السمحة والذي يدعو إلي إشاعة الأمن والأمان والسلام في ربوع العالم ودعم الاستقرار في داخل الأمة وخارجها بدلا من استخدامه في اشعال حروب أهلية لا نهاية لها من أجل الحفاظ علي أعداء الأمة والمتربصين بها, في وجود النقاء العرقي لبعض الجماعات والتيارات والذي يصطدم مع الذاتية الإسلامية التي دعي إليها الإسلام. واستدعاء البعد الجغرافي لمصر يعني أنها تمثل حجر الزوايا ومفتاح العالم العربي وترمومتر العالم الإسلام فهي دولة عابرة للقارات لوقوعها في كل من إفريقيا وآسيا وفي نفس الوقت تطل علي أوروبا وتعتبر كل الأمريكيتين واستراليا جيرانا لها فهما امتدادها الطبيعي عبر البحرين الأبيض والأحمر مما يجعلها تتحكم في مسارات الخطوط الاستراتيجية العالمية لكل قارات العالم وفي نفس الوقت تقع في قلب الأرض مما يجعلها محط أنظاره وميزان للتقدم والازدهار حول الكرة الأرضية إذا صلحت نوايا أبنائها لأن أمنها واستقرارها من أمن واستقرار العالم. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :