النصب بركعتي صلاة.. أحدث وسيلة ابتكرها لصوص بيع وتقسيم الأراضي بمنطقة غمازة الكبري بمحافظة حلوان.. فبعد تخدير الزبون بإعلانات شركاتهم الوهمية التي تملأ وسائل المواصلات والشوارع ومحطات المترو والتي تقول بالنص فرصة ذهبية لتملك الأرض بحلوان بأرخص الاسعار والتسجيل فور التعاقد.. في حالة الدفع كاش يكون التسجيل علي حساب الشركة.. الأراضي مخصصة للبناء وبها كل المرافق وسعر المتر يتراوح بين80 و100 و150 جنيها. بعد ذلك يستكملون مسلسل النصب بطريقتهم الخاصة. ولأن اللصوص أحيانا يكونون ظرفاء زيادة عن اللزوم فإن مسئولي الشركة يصرون قبل اتمام عملية البيع والشراء علي أن يقوم الجميع أصحاب الشركة والمواطنون بصلاة ركعتين في المسجد الموجود بجوار الأرض لكي تحل البركة كما يقولون بعدهما يصبح المشتري مخدرا وفريسة سهلة للنصب. الأهرام المسائي قررت خوض التجربة حتي النهاية وكانت البداية اتصالا تليفونيا بأحد الأرقام الموجودة علي بوستر الشركة..... لبيع وتقسيم الأراضي, ورد علينا شخص يدعي محمد قال إنه مسئول التقسيم بالشركة التي يمتلكها الحاج سيد فأبلغناه برغبتنا في شراء قطعة أرض في فطالبنا بالوجود أمام محكمة حلوان حيث تتحرك اتوبيسات خاصة بالشركة لنقل راغبي الشراء يومي الجمعة والأحد من كل اسبوع وتم تحديد موعد الزيارة يوم الجمعة الساعة11 صباحا وابلغنا بوجود اتوبيس خاص بالشركة سوف يتحرك من أمام محكمة حلوان وفي الموعد المحدد توجهنا أمام محكمة حلوان وفوجئنا بعدد هائل من المواطنين رجالا ونساء وشبابا يتدافعون علي السيارات الثلاث التي أعدتها الشركة لنقل الزبائن الي مكان الأرض. وبعد تحرك السيارات أخبرنا مسئول التسويق بالشركة أن كل ما يشاع عن عدم شرعية الأرض باطل وعار من الصحة بدليل وجود طبيب ومستشار بين الركاب وأشار لنا اليهما كما أكد أن الأرض مسجلة وبالمرافق وخلال توجهنا الي الأرض ظل مسئول التسويق يعدد مميزات الأرض وكيف يتم الوصول اليها عبر سيارة العميل الخاصة أو عن طريق الميكروباص وشرح لنا أن الأرض الموجودة بغمازة الكبري كانت تابعة لجمعية غمازة الزراعية وقامت الجمعية ببيع الأرض لأعضائها الذين قاموا بدورهم ببيعها لمكاتب تقسيم وبيع الأراضي وأن سبب بيعها هو ارتفاع نسبة الاملاح بها ومن ثم لم تعد صالحة للزراعة وتقرر بيعها علي أساس أنها أرض مبان وأكد أن الأراضي مسجلة وتباع بمعرفة المحافظة و املاك الدولة وأنه يمتلك موافقة من المحافظة بتقسيم الأراضي في هذه المنطقة وبيعها علي أنها مبان وهناك مواطنون قاموا بشراء الأراضي ولم تحدث لهم أي مشكلات مع الحي أو المحافظة أو أملاك الدولة بالإضافة الي أن هذه الأرض سيصل اليها الصرف الصحي بعد شهور قليلة كما أن المنطقة بها كهرباء وتليفونات والغاز الطبيعي يتم مد خطوطه حاليا وسيتم الانتهاء منه مع انتهاء العمل في الطريق الدائري. وقال ان الأرض مسجلة صحة توقيع بمعني انها ليست مسجلة في الشهر العقاري لارتفاع تكلفة ذلك لكن في حالة الدفع كاش يكون التسجيل علي حساب الشركة وفي حالة التقسيط يكون التسجيل علي حساب العميل وأخيرا وصلت الاتوبيسات الي غمازة الكبري وتم تجميع راغبي الشراء ودعوتهم لاداء ركعتين أولا بالمسجد القريب من الأرض في مشهد يشبه وقفة عرفات من كثرة راغبي الشراء. خديعة بعد الصلاة وبعد الانتهاء من الصلاة توجهنا الي الأرض وبدأ( م) مسئول التسويق في التعريف بالمنطقة ومميزاتها وبدأ المواطنون في الاقبال علي الشراء بعد الاغراءات الجاذبة مثل التقسيط علي عامين والتسلم الفوري وقام باظهار الخريطة الخاصة بالأرض لتعريف العملاء بأرقامها وحدودها وهناك التقينا بالحاجة كوثر حسين فقالت انها قامت بشراء قطعة ارض منذ فترة بمنطقة غمازة الكبري ومساحتها140 مترا ودفعت10 آلاف جنيه مقدم حجز وتسلمت عقد بيع نهائيا بتوقيع من صاحب الشركة ويدعي الحاج( س) لاثبات ملكيتها وتضيف: ايضا فرصة عظيمة في ظل التسهيلات التي تقدمها الشركة في السداد موضحة انها قامت بتسوير قطعة الأرض خاصتها لحين الانتهاء من تسديد المبلغ المتبقي علي24 شهرا. وتقول سعاد محمد احدي الراغبات في الشراء, عندما قرأت أحد الإعلانات الخاصة بالشركة في محطة المترو وجذبتني بامتيازاتها في السعر والموقع فقررت الذهاب للتأكد من صحة الإعلان وبعد مشاهدة الأرض بدأ القلق يساورها من أن تقع فريسة لاحدي شركات النصب وتضيع عليها تحويشة العمر خاصة أنها تعول3 أولاد بعد وفاة زوجها وقررت علي الفور الانسحاب. وخلال جولتنا بمنطقة غمازة التقينا شخصا يدعي محمد أنور سألناه عن سبب وجوده فقال انه جاء لمعرفة اسعار الارض وقال إن صاحب الشركة أخبره بأن سعر الأرض يتراوح بين80 و100 جنيه ومازال يدرس الأمر فسألناه هل تضمن أن هذه الشركات ليست للنصب فقال لا استطيع أن أجزم بذلك, مشيرا الي أن صاحب الشركة أبلغه أن هذه الأرض بها كهرباء ومياه وكاملة المرافق وهناك مشروع للصرف الصحي ويضيف أنه لو كان يعلم أنهم نصابون لما أثي إلا أنه بدا وكأنه يحدث نفسه حين قال ماذا لو اكتشفت أن هذه الشركة نصابة ومن وقتها سيعوضني خسارتي؟ ولماذا لا توجد جهة سواء الحي أو المحافظة لتراقب هذه العمليات حتي لاينخدع أي مواطن بالإغراءات التي يستخدمها أصحاب التسويق العقاري. وفي النهاية قرر التراجع عن الشراء وعاد من حيث أتي وحملنا كل هذه الشكوك والتساؤلات إلي مسئولي محافظة حلوان وأعضاء المجالس الشعبية ورئيس مجلس مدينة الصف فأجمعوا علي أن كل هذه الشركات نصابة وتبيع الوهم للمواطنين حيث لايحق لهم تحويل نشاط الأرض من استصلاح زراعي لاستثمار سكني. شهادة المحافظ وتوجهنا إلي قدري أبو حسين محافظ حلوان الذي أكد أن هذه الأراضي تابعة لهيئة التعمير والتنمية الزراعية, لايجوز بيعها وأن هذه الشركات تبيع الوهم للمواطنين وعليهم أن يتقدموا للجهات المسئولة, ببلاغ أما نحن فلسنا معنيين بذلك. ويقول مصدر مسئول بالمجلس المحلي لمحافظة حلوان أن هذه الشركات تحولت إلي مافيا للاستيلاء علي أراضي أملاك الدولة محذر ا المواطنين من الإنسياق وراء الإعلانات الوهمية التي توضع في الشوارع موضحا أن هذه الشركات تكتب أرقام تليفوناتها وعناوينها ومعظمها بدون مقار. ويشير إلي أن هذه الظاهرة أول ما بدأت كانت في قريتي الشرفاء وغمازة الكبري بمدينة الصف من خلال الاستيلاء علي أرض من أملاك الدولة ممثلة في وزارة الزراعة والهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية بغرض استصلاحها ثم يتم بيع جزء كبير منها للجمعيات الزراعية لنفس الغرض وبالتالي يحصل كل عضو من أعضاء الجمعية علي مجموعة من الأفدنة لكنه يقوم بعد ذلك ببيعها لشركات تقسيم الأراضي لبيعها للمواطنين علي اعتبار أنها أرض مبان. ويشير إلي أنه تم ابلاغ مديرية الأمن ومباحث الأموال العامة بما يجري, وتم القبض علي6 شركات منذ عدة شهور موضحا أن المجلس المحلي قام بنشر إعلان بالصحف القومية بتاريخ2010/4/12 حذر فيه من التعامل مع هذه الشركات الوهمية, وأن شراء أي قطعة أرض بالمحافظة من خلال الجهات الحكومية للتأكد من صحة عقود الأراضي ومن أن الشراء شرعي. ويوضح عبد الحميد عمار عضو المجلس المحلي لمحافظة حلوان إن هذه الشركات تستهدف المواطنين البسطاء حيث يقوم مجموعة من الأفراد بتقسيم الأراضي وتسويرها لإيهام المواطنين بملكيتهم لها موضحا أن هذه الأراضي تابعة لأملاك الدولة وبعضها مباع بعقود عرفية غير مسجلة مؤكدا أن سعر فدان الأراضي الزراعية بحلوان يتراوح بين1200 جنيه ووصولا إلي20 ألف جنيه وأحيانا يصل إلي أكثر من40 ألف جنيه في المناطق المتميزة والتي تلقي إقبالا كبيرا. ويضيف أن عقود الملكية لدي الشركات لها عدة أشكال منها وضع اليد بمعني أن الشركة تقوم بوضع يدها علي قطعة من الأرض المملوكة للدولة لفترة من الزمن ثم تقوم برفع دعوي قضائية تطالب فيها بإثبات ملكيتها وخلال هذه الفترة المليئة بالنزاعات القضائية تقوم بتقسيم قطعة الأرض وبيعها للمواطنين علي أنها أرض بناء وحتي الأراضي الزراعية يكون لها ملف كامل في وزارة الزراعة مذيل بموافقة جميع الجهات المعنية ولكن الشركات تقوم بتحويله نصبا لأراضي استثمارية بعد تسديد جزء ضئيل من ثمن الأرض عند الزراعة وتبيعها علي أنها أرض مباني وتكسب مئات الألوف من وراء ذلك ثم تهرب وتترك الضحايا في نزاع, مع وزارة الزراعة. ويحمل عمار المسئولية كاملة لمحافظة حلوان مطالبا المحافظة بسرعة الإنتهاء من الخرائط الخاصة بأراضي الدولة حتي يستطيع أعضاء المجلس المحلي معرفتها والحفاظ عليها بالإضافة إلي ضرورة تتبع هذه الشركات من خلال العناوين وأرقام التليفونات التي توضع علي ملصقاتها المنتشرة في وسائل المواصلات. بيع الوهم ويقول اللواء توفيق عبد المجيد سكرتير عام محافظة حلوان إن جميع شركات بيع الأراضي بالمحافظة وهمية وتزايد نشاطها في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظة بالإضافة إلي قيامها بوضع يدها علي بعض الأراضي التابعة للتنمية الزراعية أو التابعة لولاية محافظة حلوان, بدون وجه حق موضحا أنه تم إتخاذ الإجراءات القانونية ضد أصحاب هذه الشركات وتم القبض عليهم وإغلاق6 شركات بمعرفة مباحث الأموال العامة بالإضافة إلي أنه تم التنبيه علي الأهالي وتحذيرهم من عدم التعامل مع هذه الشركات والجمعيات وضرورة الرجوع إلي الجهات الإدارية المسئولة أولا للتأكد من صحة الملكية. ويؤكد اللواء ممدوح سالم رئيس مجلس مدينة الصف إن هذه الشركات كلها وهمية لكن المواطن ينساق دائما وراء الإغراءات والثمن الرخيص متسائلا هل يعقل أن توجد أرض بمحافظة حلوان, بسعر المتر80 جنيها وبالتقسيط فهذا دليل علي النصب بعينه مطالبا بضرورة الرجوع إلي الوحدة المحلية لمركز الصف لمعرفة مدي قانونية هذه الأراضي قبل الوقوع في المحظور خاصة أن مواطني الأقاليم هم الأكثر إقبالا علي الشراء.