ليس من المستغرب أن يستحوذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علي اهتمام وسائل الإعلام في العالم وذلك نظرا لسيطرة الكرملين علي أهم الأحداث الحالية وهي معضلة الضربة الأمريكية ضد سوريا والتي انقسم عليها المجتمع الدولي بين معارض ومؤيد. ووفقا لشبكة إن تي في نيوز فقد أصبح الرئيس الروسي بطلا وحثت الشبكة علي ترشيح بوتين لجائزة نوبل للسلام لقيامه بتلك المناورة شديدة الدهاء لحماية سوريا والمنطقة من جانب ولحفظ ماء وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من جانب أخر. ورأت مجلة بوليسي ميك الأمريكية ان استراتيجية بوتين تجاه سوريا جعلت أوباما يبدو وكأنه واحد من الهواة مضيفة أن بوتين رئيس موهوب حيث كان رجل مخابرات في جهاز روسيا للاستخبارات كيه جي بي. ودعت المجلة أوباما للتعلم من بوتين, ففي الوقت الذي كان يكافح فيه أوباما للوصول إلي رد فعل متماسك حيال سوريا حيث اشتعلت المخاوف الداخلية والخارجية من احتمال التورط, في عراق آخر كان بوتين علي الجانب الآخر يفكر بدهاء للخروج من الأزمة بطريقة دبلوماسية وسياسية بعيدا عن دق طبول الحرب كما فعل أوباما. وأوضحت المجلة أن روسيا بوتين حققت العديدمن الأهداف علي حساب واشنطن في السنوات القليلة الماضية وبشكل خاص أخذت روسيا مكانة لاغني عنها في احتواء الصراع في سوريا والذي أكد بوتين أن التدخل الأمريكي سيشعل الاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة وفي العالم الإسلامي. وأضافت المجلة أن الأزمة السورية كانت فرصة لمحاولة جعل روسيا كصانع للسلام في مقابل الولاياتالمتحدة كصانع حرب. فيما رأي مركز جلوبال ريسرش الكندي أن الأزمة السورية كانت هزيمة كبيرة لأوباما وإهانة كبيرة له من المجتمع الدولي الذي تراجع عن دعم خطته الدموية تجاه سوريا وكانت أول هزيمة له افتقاره إلي كل من الدعم المحلي والأجنبي لتوجيه ضربة سريعة والثانية بالضربة القاضية كانت في دهاء الدب الروسي الذي حال دون التدخل العسكري في دمشق ووفقا للمحلل جلين فورد فإن اوباما سوف يعود لدق طبول الحرب علي سوريا من جديد. وكان بوتين من الذكاء ليخاطب الشعب الأمريكي من خلال مقال له في صحيفة النيويورك تايمز نشر أمس حذر فيه من تداعيات ضربة أمريكية لسوريا مهما كان مستواها والتي كان من شأنها ان تزيد من النشاط الإرهابي وتحويل المنطقة بأكملها إلي قنبلة موقوتة بالاضافة إلي تعثر المباحثات فيما يخص القضايا الساخنة المتمثلة في المشروع النووي الإيراني والصراع العربي الإسرائيلي مما يؤدي إلي مزيد من العنف وزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فيما ألمح بوتين في مقاله أن الصراع في سوريا أصبح صراعا مسلحا بين الحكومة ومعارضة تتضمن مرتزقة عرب وأجانب ومقاولي حرب مؤكدا ان جماعات المعارضة هي التي استخدمت الكيماوي لزج المجتمع الدولي في حرب غير مبررة بسوريا وحذر بوتين من ميل واشنطن للتدخل العسكري في الدول الأخري والتدخل في الشأن المحلي لتلك الدول والذي اصبح عادة أمريكية لاتريد التخلص منها كما حدث في افغانستان والعراق وليبيا ومصر منتقدا بذلك خطاب أوباما الأخير والذي رأي فيه أن الولاياتالمتحدة دولة استثنائية ورأي أنه امر غاية في الخطورة ان تتمتع دولة بكل تلك النرجسية ودعا بوتين أوباما والشعب الأمريكي للتوقف عن استخدام لغة القوة العسكرية واستخدام لغة الدبلوماسية والشراكة الدولية المتبادلة.