في مقال للزميل نادر عادلي بجريدة الأهرام تناول فيها بيع أرشيف السينما المصرية لقناة أيه أر تي, وهي بدورها ستبيعه أو باعته فعلا لقناة روتانا و الأمير الوليد بالتبعية, الذي أعلن عن بداية شراكة بين روتانا وفوكس قناة المليونير اليهودي ماردوخ الذي لا يكن الكثير من الحب في قلبه تجاه العرب العاربة, و بالتالي أصبح تراث السينما المصرية تحت رحمة هذا الماردوخ نظريا علي الأقل. اليوم تصدر أصوات تتباكي علي ما وصل إليه حال تراث السينما المصرية مع أن الأمر خرج من أيدينا منذ زمن. الأخطر أن شركة الصوت و الضوء هي من آل إليها المتبقي من أفلام القطاع العام القديمة قد أعلنت بحماسة شديدة من بعد الحلف المقدس بين ماردوخ و الوليد بن طلال بأن تراث السينما المصرية لن يكون بين أيدي هذا الحلف( المشبوه), مع الكثير من شعارات الوطنية و القومية و حماية التراث, ثم فجأة و بلا مقدمات طالعتنا الصحف عن بيع أرض كانت مملوكة لمعهد السينما تعليقات المسئولين أنها ليست ملكا لمعهد السينما و لكنها ليست بالطبع وقف ألمظ هانم زوجة الخديوي إسماعيل بل ملكا للدولة للسيد المبجل وليد بن طلال ليقيم عليها' مول تجاري' و سوف يضم هذا المول أرشيف لحفظ تراث السينما المصرية؟؟؟ أي أن أرشيف السينما سيكون في مول تجاري يا صلاة النبي أحسن أي أننا يمكن لنا شراء ملابس و الجلوس علي المقاهي و لعب البولينج و مشاهدة مباريات كرة القدم في الدوري و الكأس علي المقاهي الخمس نجوم المنتشرة في مولات الطبقات الجديدة, بالإضافة لشراء مستلزمات المنزل المختلفة من فروع السوبر ماركت الفرنسي الشهير الذي يسيطر علي لب سيدات الطبقات الوسطي و الغنية في مصر.... و الكثير و الكثير من المنافع التي سينعم بها المواطن المصري وبجانب هذا سيتمكن المواطن المصري من التعرف علي تراث السينما المصرية الذي ستضم جوانب هذا الصرح العظيم مقره المقترب. بالفعل هذا تفرد مصري وإبداع لا مثيل له, فمتحف لوميير للسينما و مبني السينماتيك الفرنسي و الذي يقع علي مقربة من برج أيفل الشهير رمز فرنسا و العاصمة الفرنسية لا يقدم كل تلك الخدمات التي سبق و أن أشرنا إلي لها. كما أن اسم الو ليد بن طلال ظهر من جديد علي الساحة و بالتبعية فوكس و ماردوخ و كأنه مصير لا يمكن للسينما المصرية الفكاك منه, وضاعت صيحات حماية التراث القومي التي تعالت أصوات مسئولي الصوت و الضوء بها. كما سبق و أن أشرنا أن تلك هي سياسة ثقافية تليق بمقاولي الهدد و' بمبوطية' خط القنال.. و يا بخت من نفع واستنفع. في نفس مقالة الزميل نادر عدلي السابقة يشير إلي تعليق السيدة الفاضلة المحولة للتحقيق من قبل وزير الإعلام لبيعها لتراث الغناء المصريي المسجل بالتليفزيون لروتانا الوليد يظهر مرة أخري لقيامها بتسريب الشرائط و بيعها الذي قالت فيه' أنا بعت شرائط محدش بيعمل بيها حاجة', و هذا منطق يشابه منطق راكب الميكروباص الذي كان بجانبي ذات يوم عند مرورنا علي جامع الظاهر بيبرس في الوايلي و أكوام القمامة علي جانبيه بأنه' ما يهدوه و يبنوا مكانه مساكن شعبية هو حد بيدخله'. هذا الراكب البسيط من الممكن أن تكون ثقافته لا تتعدي الشهادة الإعدادية, لكن مسئولة التليفزيون ؟؟ لقد أصبحت العقلية المسيطرة علي الثقافة و الفن في مصر تصعب علي العدو قبل الحبيب, فهي عقليات لا تعرف ما هي مصر و لا تفهم أي معني لما فعله السابقون من مبدعي هذا الوطن ولا قيمته, و يظن الكثيرون بأن' إلي فات مات' و' الحي أبقي من الميت', و أن اهتممنا' بالميت' يكون في حالة واحدة فقط..... عندما يكون مصدر للرزق و السبوبة, و هذا ما يحققه أرشيف السينما المصرية, الذي كان كما قالت المسئولة لا قيمة له إلي أن أرسلت لنا العناية الإلهية في النهاية أصحاب روتانا و غيرها من القنوات الخليجية ليدفعوا لنا ثمنا لهذا الكم المهمل من أفلام السينما المصرية ولعل البعض يظن أنهم حمقي يبذرون أموالهم. السيد الفاضل فاروق حسني يا من كنت مرشح لرئاسة اليونيسكو و الذي من أكبر مهامه الحفاظ علي التراث العالمي أتوسل إليك بأن توقف هذا العبث, و أني لا أبالغ أن اعتقدت بأنكم بقدراتكم الشخصية و علاقتكم الدولية تستطيع أن توفر لمصر أرشيفا سينمائيا و مبني للسينماتيك علي أعلي مستوي, و بالذات و أن الأرض متوفرة أرض معهد السينما تلك التي ستباع للوليد, و أن تطلب الأمر مساهمة وزارة الثقافة في بناء هذا المشروع فليس عليها سوي أن تقرر إنتاج فيلما سريا جديدا مثل فيلم' المسافر' علي أن تخصص الأموال لبناء الأرشيف, و لن يفرق كثيرا أن تم إنتاج الفيلم من عدمه, لأن فيلم المسافر لم يعرض حتي الآن في مصر, هذا بالإضافة إلي أن الوزارة ستقوم بتوفير نفقات سفر جيش الصحفيين المنقولين جوا لحضور عرض الفيلم في مهرجان فينسيا, كما ستوفر عليكم الطلب من إدارة المهرجان بقبول عرض هذا الفيلم الجديد( الذي لن ينتج) في المسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا القادم كما كان الحال مع المسافر بلا رجعة. [email protected]