مازالت أزمة الاسمدة الزراعية ولاثيما الأزوتية منها تخيم بظلالها علي المواسم الزراعية المتعاقبة في مصر. حيث تلاحق أزمة الاستعداد للموسم الشتوي وزارة الزراعة الآن. الامر الذي جعل الوزير يصرح بضرورة التوسع في الاستيراد من الخارج لحل الازمة أو مواجهة الجزء الاكبر منها. وقد لاقي هذا التصريح اقبالا من البعض في حين رفضه اخرون مبررين ان تغييرات الاسعار العالمية تقف عائقا امام هذه الخطوة في حال ارتفاع الأسعار العالمية عن الاسعار المحلية. وبين القبول والرفض وآليات حل الأزمة المستمرة. في البداية يقول الدكتور يحيي متولي الخبير الزراعي وأستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث ان قرار الوزير أو تصريحه بفتح مجال الاستيراد للأسمدة من الخارج أو التوسع فيه يعتبر غير مدروس لأن الاستيراد بوجه العموم يتأثر بالتقلبات العالمية في الاسعار والمتوقع زيادتها في أي وقت من العام لهذا لسنا مع استيراد اي منتجات زراعية او مستلزماتها حتي لا نصبح قيد الاسعار العالمية ولكن علي الوزير ان يقوم بعمل دراسة متوسعة لضبط حركة الاسواق وتوزيع الاسمدة من خلالها خاصة أننا لدينا السماد الفوسفاتي والنتروجيني بوفرة ويتم تصنيعها بمصانع القطاعين العام والخاص. إلا أن المشكلة تكمن في ارتفاع سعر الطاقة المستخدمة في تصنيع الأسمدة اضافة إلي سوء إدارة التوزيع والتخبط القائم بسبب تغير سياسات كل وزير عن سابقه لهذا لابد من التركيز علي دراسة ووضع استراتيجية لتوزيع اي شيء متعلق بمستلزمات الانتاج الزراعيه من الاسمدة وغيرها إلي التقاوي والبذور ولايهم ان كانت هذه الاستراتيجية تحتاج إلي خطة طويلة الأمد ولكن من المهم فيها ان يشترط العمل بها بشكل مهني. واعتقد ان هذه الاستراتيجية والكلام للدكتور متولي ستقضي علي ما يسمي بالسوق السوداء للاسمدة علي ان يكون بها نصوص رادعة لمعاقبة المتاجرين في أسمدة الفلاحين الفقراء الذين يشترون شيكارة السماد التي سعرها75 جنيها بسعر150 جنيها وكيلو الذره ب50 جنيها وذلك من خلال التنسيق فيما بين وزارة الزراعة والوزارة الأخري المنوطة بالمراقبة ووصول الدعم لمستحقيه. ويري المهندس محمد الخشن رئيس جمعية تجار وموزعي الاسمدة ان تصريح الوزير بتوسيع دائرة استيراد الاسمدة من الخارج للقضاء علي الازمة هو بادرة لبحث آليات الحلول المطلوبة لمواجهتها ولكن من وجهة نظري أري ان هناك حلولا اقوي من الاستيراد لأن الاستيراد مقرون بالأسعار العالمية وهو ما يجعلنا نرحب بالاستيراد في حال انخفاض الأسعار العالمية ولكن ماذا لو ارتفعت الاسعار ؟ هذا ما يجعلنا نشير إلي ان هذا التصريح جاء علي عجل. وقد علمنا ان الوزير اصدر تعليمات بتشكيل لجنة لكي تضع له خلال الاسابيع المقبلة موقفا صريحا تجاه ازمات القطاع الزراعي. وأضاف الخشن ان هناك أسبابا رئيسية للأزمة لابد من الوقوف عليها والنظر فيها بشكل جدي حتي يمكن التخلص من الفساد الموجود في تجارة الاسمدة وحتي تتمكن الجهات المنوطة بتوصيل الاسمدة بأسعارها المدعمة للفلاح الفقير ومن ضمن هذه الاسباب ضرورة إعادة تقييم مؤسستي بنك التنمية والائتمان الزراعي والتعاونيات لان هاتين الجهتين بهما سوء ادارة وفساد شديد يحول دون وصول الاسمدة إلي مستحقيها من الفلاحين والمزارعين كونهم يتاجرون في حصصهم المخصصة لهم من المصانع ويسربونها إلي مجموعة من التجار الجشعين مما يساهم في إيجاد الأزمة من الاساس. ولذا يجب علي الوزير ان يتوخي الحزر في الفترة المقبلة ان أراد حل الازمة وعليه ان يواجه الفساد بالبنك ويشدد الرقابة علي تسريب الاسمدة من الشون الخاصة به وبالتعاونيات وعليه ان يجمع كل المسئولين عن الاسمدة في مواجهة حقيقية للوقوف علي أسباب الأزمة ليضع خطة محكمة لمنع تسرب الاسمدة للسوق السوداء ووصولها لغير مستحقيها وهذا يحتاج إلي تغيير النهج المتبع من قبل المسئولين عن توزيع الاسمدة بالبنك والتعاونيات. وأري ان هذا يحتاج إلي ثورة في القطاع الزراعي لتحقيق سياسة واضحة ومتكاملة يشارك فيها القطاعان العام والخاص إلي جانب وزير الزراعة. ويشير المهندس فؤاد هجرس خبير الاسمدة إلي ان هناك عجزا في حوالي2 مليون طن اسمدة سنويا في مصر لابد من توفيرهم سواء من المناطق الحرة او بالاستيراد من الخارج ولكن الأزمة الآن توجد في البنك الزراعي والتعاونيات وهما اشبه بإسرائيل في تواجدهما لانهما ولدا سفاحا لكي يعيشوا علي جثث الفلاحين والمزارعين بمباركة وزراء الزراعة الذين يحمونهم ويعطونهم الاسمدة المدعمة كلها علي اساس انهم وسطاء وبالطبع في ظل غياب الرقابة يبيعون الاسمدة بطرقهم الخاصة ليحققوا مكاسب تحت مظلة القرارات السيادية لوزراء الزراعة التي ليس بها رؤية الا بالطبطبة علي البنك والتعاونيات حتي اصبحا أكبر تاجري سماد في مصر وأصبحت الاسمدة تسرب من مخازنهم لتباع في السوق السوداء. ويضيف هجرس ان ازمة الاسمدة في مصر لن تحل إلا بتحرير سعر السماد بمعني ان يصل السماد للفلاح بالسعر العالمي ويباع له من القطاعين العام والخاص وفي المقابل يتم شراء المحاصيل من الفلاحين بالسعر العالمي أيضا ومن هنا يتحقق المكسب للطرفين.