جاء قرار مصطفي بن جعفر رئيس البرلمان التونسي والعضو في حزب "التكتل" الشريك الصغير في الائتلاف الحاكم بتجميد العمل في البرلمان لحين بدء حوار فعال بين الحكومة والمعارضة الغاضبة، جاء قرار مصطفي بن جعفر رئيس البرلمان التونسي والعضو في حزب "التكتل" الشريك الصغير في الائتلاف الحاكم بتجميد العمل في البرلمان لحين بدء حوار فعال بين الحكومة والمعارضة الغاضبة، ليوجه لطمة قوية الي حكومة النهضة الاسلامية التي تري في مطالب قوي المعارضة انقلابا علي شرعيتها وشرعية الحاكم، وفي الوقت الذي يؤكد فيه المحللون ان استمرار تلك الازمة سيؤدي بطريقة او باخري الي سقوط الحكومة، ويشيرون الي ان صمت جنرالات الجيش التونسي يؤكد انه لم ولن يقدم يد العون للمعارضة التي نزلت بعشرات الالاف الي الشوارع. وجاء قرار تجميد البرلمان المؤقت ليهز الشارع التونسي الذي اكد ان تونس مهد ثورات الربيع العربي باتت اقرب الي السيناريو المصري حيث تمكنت المعارضة بمساعدة الجيش المصري من الاطاحة بالنظام والحكومة التي يقودها الإسلاميون الذين لمس الشارع فيهم تهديدا علي استقراره وامنه. وكانت الصدمة كبيرة علي حزب النهضة التابع لجماعة الاخوان المسلمين، خاصة وان تلك الضربة القاسية جاءت من أحد اقرب حلفائه العلمانيين وهو ما ينذر بتصاعد الاستقطاب بين القوي الإسلامية والعلمانية في الشارع التونسي الذي يعاني منذ اندلاع ثورته حالة من عدم الاستقرار والفوضي. وفي الوقت الذي اكد فيه بن جعفر إنه اتخذ هذه الخطوة لضمان عملية الانتقال إلي الديمقراطية، يري فيه الاسلاميون واعضاء حزب النهضة انه انقلابا داخليا، ومكسبا كبيرا للمعارضة العلمانية التي نجحت في نقل الازمة الي داخل الحكومة الائتلافية. وفي الوقت الذي تعاني فيه تونس من أعنف أزمة سياسية وأمنية منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011، تسعي قوي المعارضة التي اغضبها اغتيال اثنين من قادتها الي الاطاحة بالحكومة الاسلامية التي اتهمتها باغتيال ابرز الشخصيات المعارضة علي الساحة، مؤكدة ان مواصلتها للاحتجاجات الرافضة للحكم الاسلامي ستفضي في النهاية الي نفس السيناريو الذي شهدته مصر في 30 يونيو. وجاءت تلك الخطوة قبل أسابيع من الموعد المقرر ان ينتهي فيه المجلس التأسيسي من وضع مسودة الدستور وقانون الانتخابات الذي سيمكن تونس من إجراء انتخابات جديدة بحلول نهاية العام. ويري المحللون ان السيناريو المصري ليس بعيدا وبات الاقرب الي المشهد التونسي في حال استمرت الأزمة، الا ان ذلك لا يعني ان الجيش التونسي سيقدم يد العون الي الشعب، لان التاريخ لم يسجل له تدخلا واحدا في الحياة السياسية بل استطاع ان ينأ بنفسه طوال السنوات الماضية بعيدا عن الاحداث او الاضطرابات في البلاد وهو عكس ما حدث في مصر التي استجاب فيها الجيش الي ارادة الشعب الذي خرج بالملايين للمطالبة برحيل النظام الذي فشل طوال عاما كاملا في تنفيذ اي من وعوده. ورغم ان النظام التونسي كان اكثر ذكاء من نظيره المصري الذي اسرع في صياغة دستور يميل لصالح الإسلاميين ورفض اقتسام السلطة مع المعارضة الليبرالية، استطاع حزب النهضة ان يتحالف مع الأحزاب العلمانية وأحجم عن إدخال الشريعة في الدستور. وقد يساعد قرار تجميد البرلمان إلي جانب الاحتجاجات الحاشدة في اعادة ترتيب أوراق اللعبة السياسية ويقود البلاد إلي نقلة جديدة أكثر خطورة في الأزمة إذا استمرت المعارضة والحكومة في عنادهما المتبادل، خاصة وان حزب النهضة رفض من قبل حل البرلمان او تغيير الوزراء، لكنه وافق باجراء الحوار في الوقت الذي اكدت فيه المعارضة انها لن تفرط في مطالبها خاصة وان اساليب الضغط علي الحكومة تؤتي ثمارها وان قرار بن جعفر قطع مسافات كبيرة في مشوارهم وسيسرع من وتيرة الاحداث في تونس. ويواجه التونسيون نفس المشكلات التي يواجهها المصريون ومنها كيفية احترام نتائج الانتخابات الحرة والاستجابة للاستياء الشعبي، إضافة إلي الضيق العام من الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والتراجع الكبير في السياحة، ويزيد من التوترات المنافسة الشرسة بين المعارضة والأحزاب الإسلامية التي صعدت إلي السلطة في انتخابات شهدت اقبالا جماهيريا كبيرا.