موضع المحبة الرقيقة في قلب الملك, وتلميذ الملك, المنفذ لأوامره, الوفي لسيده المتزن تماما في كلامه, والمجيب برد العالم, الذي يكرمه إله مدينته, ويحبه أبوه, وتدلله أمه, اللطيف مع أقاربه والعطوف عليهم.. الرقيق الطباع في معاملته للناس, المستقيم السلوك والقويم الأخلاق, الذي يحب ما عت( الحق والعدل), ويمقت الشر, رجل اختاره المعبود لأن قلبه يفكر فيما يسره, ويتخذ عمله اليومي ما يقدره الرب. هذا هو النموذج المثالي في الفكر المصري القديم وللوصول له يجب علي الكاهن وعلي الموظف الحكومي وعلي كل فرد في المجتمع, أن يحترم جميع مواد القانون الخلقي: لا تدخل المعبد وأنت آثم, ولا تذهب إليه وأنت غير طاهر الجسم, ولا تتهم أحدا فيه زورا, أو تغتابه هناك, لا تسع إلي الربح ولا تفسدك الرشوة, ولا تقف ضد الضعفاء محاباة للعظماء, لا تطفف الكيل ولا الميزان ولا تنقصهما.. لا تفش أسرار الطقوس الدينية التي تشترك فيها, تلك الأسرار الخاصة بالمعبد. لا تنضم إلي الفاسقين, لا تقدم شيئا محرما, ولا تستخدم العغنف ضد أي إنسان, في الريف أو في المدينة. بني معظم الأدب المصري, علي الأخلاق وتعليم الأخلاق, والأمر بالإحسان إلي الفقراء, يذكر كتاب السير المثاليون الصفات الجميلة للشخص فيثنون علي مهنته الإدارية الجيدة وعنايته ازبوية بمن في عهدته. وتوصي النصائح المنقوشة في كتب الموتي بتجنب المحرمات واحترام الحرمات وحفظ حقوق الجار. هكذا لم يفرق علم الأخلاق الشعبي المصري بين الصفات الأخلاقية والذهنية, فلم يفرق, مثلا, بين السلوك الصحيح والفضيلة, وبين الاحتشام والاستقامة الروحية, وبين الطاعة العمياء للفرعون والخضوع للمشيئة الإلهية. فيما عدا بعض الأحوال لنادرة سن القانون الأخلاقي مبدأ الفضيلة نافعة, فإن سلكت سلوكا وديا نحو ربك وملكك وأترابك ومن هم أقل منك, نلت عوضا عن ذلك الصحة والحياة الطويلة والشرف, علي الأرض وبعد الموت, عند وزن قلبك يعاملك الرب تبعا لأعمالك. وزيادة علي ذلك, فإن الزائر لقبرك, وقد علم عنك من تاريخ حياتك, سيقرأ لك بصوت عال التعاويذ التي تساعدك علي البعث والعودة للحياة. حوت نصائح بتاح حتب التي ترجع أقدم نسخها إلي الأسرة الثانية عشرة جوانب كثيرة من القواعد الأخلاقية التي تبين مدي ما وصل له المصري القديم من قيم نبيلة وأخلاق حميدة, منها التحذير من الغرور فيقول لابنه: لا يصيبنك الغرور بسبب علمك, ويحذره من التهاون في حمل الأمانة, ويجثه علي حسن معاملة الذي يأتيه شاكيا, ويحذره من الاقتراب من النمساء في بيت من يزوره أو أصدقائه لتدوم الصداقة بينه وبينهم, ويحذره من نسيان حالته السابقة بعد أن تغيرت حالته إلي الأحسن, ويحثه علي احترام رؤسائه, ويحذره من التفاخر والتباهي أمام أصدقائه. يجب علي موظفي الملك الذين اختارهم أن يحاربوا من أجل الملك وأن يحاربوا من أجل الشعب, ويجب علي القاضي أن يجعل النبيل يعطي الخبز للجياع. واعتبر المصري القديم كل ما يسيء من المحرمات التي يجب الابتعاد عنها مثل السرقة والرشوة وازنا وهكذا نجد أن القيم الأخلاقية ثابتة في كل عصر وفي كل دين وكذلك قيم الصدق واحترام الآحرين والبعد عن لموبقات بل وحض المصري القديم علي اجتناب أماكن الشبهات وعدم الاختلاط بنساء الأصدقاء عند زيارتهم في منازلهم كما ذكر ذلك بتاح حتب. واحترم المصريون حكامهم بل وصل بعضهم إلي درجة التقديس, وحفظ المصريون السيرة الطيبة لملوكهم حتي بعد وفاتهم بمئات السنين مثلما حدث ذلك مع الملوك سنفرو ومنكاورع وسنوسرت الثالث وتحتمس الثالث ورمسيس الثاني. رابط دائم :