تمر هذه الأيام الذكري الأولى لوفاة العالم الجليل المستشار الدكتور محمد شوقي الفنجري الذي توفي في يوليو 2010. وشوقي الفنجري من مواليد منيا القمح، محافظة الشرقية في 12 سبتمبر 1926. شغل الفنجري عددا من المراكز العلمية حتي وفاته، أهمها: عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، عضو المجالس القومية المتخصصة (المجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية)، عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية (لجنة الدراسات الفقهية المقارنة )، عضو مجلس إدارة بعض مراكز البحوث بجامعتي الأزهر والقاهرة، رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الإسلامية. قدم الفنجري في مجال العلم أجل الخدمات وقضي عمره في سبيل الأعمال والمشروعات الخيرية، فعند بلوغه سن الستين آثر التفرغ كلية للمزيد من النشاطين العلمي والخيري، وتمثل نشاطه الخيري في إصداره عدة وقفيات خيرية منذ أكثر من ثلاثين عاما، ويصرف من خلالها معونات مالية شهرية لنحو 300 طالب بجامعة القاهرة، فضلا عن عشرات المنح للطلبة الأجانب الوافدين للدراسة بالأزهر، ووقفية مسابقة خدمة الدعوة والفقه الإسلامي، يصرف من خلالها سنويا جوائز للباحثين الفائزين، بالإضافة إلى وقفية الأجهزة التعويضية للطلاب المحتاجين بالمعاهد الأزهرية، ووقفية لصالح بحوث الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، وأخيرا وقفية لصالح الجمعية الخيرية الإسلامية. أثري الدكتور محمد شوقي الفنجري المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات والبحوث القيمة التي عالجت كثيرا من المشكلات ووضعت الحلول للكثير من المعضلات. ويعد أول مؤلف للدكتور الفنجري "مدخل إلي الاقتصاد الإسلامي " الصادر عام 1972 أول كتاب جامعي في العالم العربي يصدر في الاقتصاد الإسلامي، ثم أعقبه بسلسلة الاقتصاد الإسلامي في أحد عشر مؤلفا أعيدت طباعتها عدة مرات، فقد مثل المستشار الدكتور محمد شوقي الفنجري ريادة حقيقية للمشتغلين بالاقتصاد الإسلامي، وتعددت مظاهر هذه الريادة في البحث وفي التدريس وفي الإشراف علي الرسائل، بل وفي هذه الحركة الدءوب والنشطة في كل ما يتعلق بالاقتصاد الإسلامي. وكثيرا ما كان يذكر الدكتور الفنجري أن الإسلام منذ ظهوره منذ قرون طويلة أهدي للإنسانية مؤسستين أساسيتين، هما: مؤسسة الزكاة ومؤسسة الوقف، وكان يري دائما أن من أهم أسباب تخلف العالم الإسلامي المعاصر أنه "عطل أو غيب"، هاتين المؤسستين عن دورهما الكبير في خدمة المجتمع وتحقيق المصلحة العامة لأفراده. يعد الدكتور محمد شوقي الفنجري واحدا من قمم الفكر الإسلامي المعاصر، فقد قام بجهود عظيمة في مجال الدعوة الإسلامية، والأعمال الخيرية لما له من تأثير فعال وثقل فكري كبير في مجال الفكر الإسلامي المعاصر. وكان رحمه الله يؤمن بمبدأ عظيم، وهو أنه من العبث التفكير في أن خدمة الإسلام وقضايا المسلمين تكون بالنصح والإرشاد المجرد والمشاعر المفتعلة والهتافات المدوية. بل إنه كان يؤمن بأن خدمة الإسلام بحق تكون من خلال العمل علي تنقية الأمة الإسلامية من ثالوث: الفقر والجهل والمرض، حيث كان يري أن هذه الآفات الثلاث أضاعت المعني الحقيقي للإيمان في نفوس الأمة وأنه من أهم السبل لاستعادة هيبة الإسلام ورد اعتباره إقامة صروح اقتصادية إسلامية تخدم المسلمين وتلعب دورها الفعال علي المستويين الوطني والعالمي، وقد كان ملخص الأديان في نظره أنها جميعا دعوة إلي الإيمان بالله تعالي، وأنه ليس لهذا الإيمان من صورة أو تعبير حقيقي إلا في فعل الخير ومد يد العون إلي كل محتاج. ويذكر الدكتور الفنجري في مقالاته أن حقيقة الحياة وسر سعادتها في كونها جهادا دءوبا من أجل المزيد من العلم النافع والعمل الصالح وتنمية الحياة وتعمير الدنيا.