هل يكون فك ارتباط الجنيه بالدولار إحدى وسائل مواجهة أزمة العملة في مصر؟.. سؤال بات ملحًا مع تصاعد العملة الأمريكية في السوق السوداء مع نشاط المضاربين، واتهام الخبراء بعض الفصائل السياسية بإنكاء جرح العملة في مصر بشراء العملة من المصريين في الخارج، بأسعار أعلى من السوق بجنيه ونصف. التفكير في تلك الخطوة جاء قبل 12 عامًا وقتما كان محمود أبو العيون محافظًا للبنك المركزي، لمواجهة هبوط الجنيه حينها المتأثر بأحداث التسعينيات ونشاط الجماعات الإرهابية والذي ضرب السياحة المصرية، حيث نشطت السوق السوداء من قبل تجار العملة رغم تخفيض الحكومة حينها سعره ل 4.51 جنيه لكنه قفز في السوق السواءإلى 5.5 جنيه. ورغم تأكيد أبو العيون حينها أن عمليات المضاربة على الدولار في سوق النقد الأجنبي بمصر لا تهدف إلى الإصلاح ولكن إلى الربح وأنه لن يستجاب لضغوط المضاربين في السوق السوداء من أجل رفع السعر المركزي لصرف الدولار، إلا أنه بعدها بشهور تمت إقالته، واتخاذ قرار بتحرير مفاجيء لسعر صرف الجنيه. وفي حال فك ارتباط الجنيه بالدولار سيكون "فسخ" القران الثاني بين العملة المصرية وعملة أجنبية رئيسية، حيث تم فك ارتباط الجنيه المصري بالإسترليني عام 1962، حيث تم ربط العملة المحلية حينها بالدولار الأمريكي عند مستوى 2.3 دولار لكل جنيه مصري. وحول تلك الخطوة، يقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده، إن المشكلة ليست في الارتباط بين الجنيه والدولار ولكن وفي قص العملات الأجنبية كلها، موضحًا أن فك الارتباط يكون مجديًا أكثر عندما توجد أزمة في الدولار فقط مع توافر باقي العملات، إلا أننا نعاني نقصًا شديدًا بجميع العملات. وأضاف أن الدولار هو الوريث لنظام الذهب، كما أن حجم التعاملات في العالم كله أكثر بالدولار، سواء المعادن أو الذهب أو غيرها، ورغم أن الثاني ثاني اقتصاديات العالم واليابان الثالث إلا أن عملتهما ليست عالمية. وأضاف أن سلة العملات مجدية عندما تكون كل احتياطياتنا بالدولار والأخير يهبط فبالتالي يكون التخلص من الارتباط به مجديًا للحفاظ على العملة، موضحًا أن الارتباط أيضًا يسبب لنا أزمة مع صرف جميع العملات فصعود الدولار يرفع مع الباقي، وهذا هو سبب الصعود الكبير للريال السعودي في السوق السوداء. وشدد على أن مصر تواجه أزمة في العملة سببها تأثر المصادر الأربعة للعملة الأجنبية، فتحويلات العاملين في الخارج متراجعة بسبب فصيل الإخوان الذين يشترون منهم الدولار في الخارج بأسعار أعلى بكثير من سعر التحويل في البنوك، والسياحة متراجعة وكذلك دخل قناة السويس، والتصدير. وتابع: "القاعدة هل أن الدولار كأي سلعة، تخضع للعرض والطلب، في ظل اقتصاد السوق "الاقتصاد الرأسمالي" الذي يعتمد على العرض والطلب". الدكتور هشام إبراهيم، الخبير المصرفي، يقول إن فكرة فك ارتباط الجنيه بالدولار ليست بعيدة واقترحها الدكتور محمد العريان، لكن يجب قبل اللجوء إليها أن نضع في الاعتبار مجموعة من الأمور أولها كيف يتم توظيف الاحتياطي المصري، وكذلك تعاملات الاقتصاد المصري مع الخارج بأي عملة أكثر، وأي التوظيفات الأكثر أمانًا وسيولة، واحتمالية المخاطر التي تحيط بكل عملة وحركة العملات مع بعضها بعض، لأننا لو ربطنا الجنيه بعملة وهبطت فسنتأثر معها. وأضاف أن فك الارتباط لن ينعكس بشكل قوي على أزمة الدولار حاليًا، مضيفًا أنه يمكن تفعيل التبادل مع الدول ذات العملات غير العالمية كالروبل في جميع التعاملات بين البلدين، فالسائحون الروس كانوا يدرون ما بين 2 و3 مليار دولار لمصر ونصدر لموسكو سلع ب 1.5 مليار دولار بجانب استثمار بقرابة المليار، ونستورد منها بقيمة 5.5 مليار دولار. الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، خبير الاقتصاد السياسي، يؤكد أن أي عملة تخضع للعرض والطلب، ومصر تعمل على جانب الطلب لتقليل حجم الاستيراد و يجب أن لا نغفل في الوقت ذاته العرض بزيادة المعروض من العملات الأجنبية. وقال إن إجراءً تعسفيًا مع النقد الأجنبي بالداخل يؤدي لإجراءات عكسية، فعندما وضعنا قيود على الإيداعات الدولارية، زاد الدولار، مشيًا إلى أن قرار البنك المركزي بإلغاء الحد الأقصى للإيداع والسحب سيكون إيجابيًا. وأوضح أن أي قرار اقتصادي يكون له سلبيات وايجابيات ولكن الكفاءة في اختيار الأكثر إيجابية والأقل سلبية، موضحًا أن أي إجراءات تشددية أو تعسفية ستساعد على انتشار السوق السوداء, مشيدًا بتصريح البنك المركزي عن خطة لرفع الاحتياطي ل 25 مليار دولار بنهاية 2016، إلا أن طالب بتوضيح الإجراءات التي سيتم اللجوء إليها.، مشيدًا أيضًا بشهادة بلادي الدولارية ذات الفائدة المرتفعة. وشدد على ضرورة الاستمرار في ترشيد الاستيراد، وفي الوقت ذاته العمل على حل مشكلات السياحة والقضاء على معوقات الاستثمار وتفعيل الشباك ووضع خريطة تحدد أماكن وطبيعة المشروعات في كل محافظة أمام المستثمرين لأن مصر، لا تزال جاذبة للاستثمار وتعطي أعلى عائد استثماري.؟