هل شركات الصرافة مسئولة عن أزمة نقص الدولار، وارتفاع سعر صرفه؟ وهل يتم تجميد نشاطها، أو إلغاؤها كما يطالب البعض، أم أن هناك أسبابًا أخرى للأزمة، وطرقًا متنوعة للحل؟ الحقيقة أن أزمة نقص حصيلة الدولار في مصر تفاقمت؛ نتيجة استمرار تراجع موارد البلاد من العملة الصعبة، ويرجع السبب الرئيسي لاتهام شركات الصرافة بأنها المتسببة فى الأزمة، إلى أن شركات منها لجأت إلى تأجير فروعها لمن يقومون بالمضاربة على سعر الدولار، وزاد من حدة الأزمة قلة أعداد السائحين فى الفترة الأخيرة، وتراجع حجم الصادرات المصرية إلى الخارج، فى الوقت الذى زادت فيه الواردات التي تتطلب توفير الدولار كعملة صعبة، فأسهم كل ذلك فى ارتفاع سعر صرفه،إلى جانب أن الكثيرين فضلوا ادخار ما بحوزتهم من الدولارات انتظارًا لارتفاع سعره. وإذا كانت شركات الصرافة تتحمل جزءًا من الأزمة، فإن هناك أسبابًا أخرى لها، ومنها قرارات البنك المركزي بتحديد سقف الاستيراد ب50 ألف دولار، وزيادتها بعد ركود السوق إلى 250 ألف دولار، دون النظر إلى حجم تصنيع كل مستثمر على حدة، كما أن السيطرة على سعر الدولار صوريًا خنق السوق، دون اعتبار لحجم إنتاج كل مستثمر، بالإضافة إلى أن خروج البنوك من سوق العملة، جعل تجارها يمسكون زمام السوق، وبالتالي حققوا مكاسب ضخمة، وهو ما انعكس بشكل عام على الحالة الاقتصادية للبلاد. وللتغلب على الأزمة بدأ الجهاز المصرفي دراسة العودة إلى نظام "المستويين لأسعار الصرف" فى وقت واحد، بحيث تمضي الأمور نحو توحيد السعر مرة أخرى، وقد عدل طارق عامر محافظ البنك المركزي آلية مزاد بيع العملات الأجنبية، إذ أصبح المبلغ المخصص للبنوك متناسبًا مع مراكزها المالية من المعاملات التجارية. كما وجه عامر البنوك إلى تخصيص غالبية مواردها من العملة الأجنبية تجاه المعاملات "ذات الأولوية"، والتى تتضمن مستوردي السلع الأساسية من المواد الخام والسلع الوسيطة والأدوية ومنتجات الألبان، وقطع الغيار. كما ورفع البنك المركزى سقف إيداع العملات الأجنبية لمستوردي السلع الأساسية إلى 250 ألف دولار أمريكي شهريًا، أما بالنسبة للمصدرين، فتمت زيادة الحد الأقصى المسموح لهم باستيراد مدخلاتهم في حدوده، إلى مليون دولار شهريًا. إن المزيد من الإصلاحات، كالسيطرة على عجز الموازنة، ووضع إطار قانوني مشجع للاستثمار، وسوف تساعد على استقرار الاقتصاد المصري، ومن ثم ثبات سعر الصرف.