شهد العامان الماضيان تصريحات عديدة من المتخصصين في المجال الضريبي، بمطالبات لا تتوقف لتشكيل وتفعيل وتحريك ملف تأسيس مجلس أعلي للضرائب يكون بمثابة البوابة التي يتم من خلالها تنظيم وتخطيط السياسة الضريبية للدولة وفقا للمفهوم القانوني الذي نشأ عليه هذا المجلس. ونصت المادة رقم ( 38 ) من الدستور علي التنظيم الضريبي علي أنه (يراعي في فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر، وتكون الضرائب علي دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية ويكفل النظام الضريبي تشجيع الأنشطة الاقتصادية كثيفة العمالة وتحفيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتلتزم الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي وتبني النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والأحكام في تحصيل الضرائب. ويحدد القانون طرق وادوات تحصيل الضرائب والرسوم وأي متحصلات سيادية اخري وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة ) . هذا المفهوم جاء من خلال نصوص قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 علي تنظيم وإنشاء مجلس أعلي للضرائب ،حيث نصت المادة (139) من القانون علي أنه ينشأ بقرار من رئيس الجمهورية مجلس أعلي للضرائب يتبع رئيس مجلس الوزراء مقره الرئيسي القاهرة وتكون له الشخصية الاعتبارية ويهدف المجلس إلى ضمان حقوق دافعي الضرائب على اختلاف أنواعها والتزام الإدارات الضريبية المختصة بأحكام القوانين واللوائح الصادرة في هذا الشأن، وأن تتم إجراءات الربط والتحصيل في إطار من التعاون وحسن النية وكذلك توجيه الممولين إلى الإجراءات القانونية التي تكفل حصولهم على حقوقهم . وتشكيل المجلس وفقًا للقانون – ورغم بعض التحفظات علية – إلا أنه راعي توازنا دقيقا في بعض مراكزه خاصة رئيس المجلس الذي نص علي أن يكون من الشخصيات العامة إلي جانب ثلاثة من رؤساء المصالح العامة للضرائب السابقين وأحد رجال القضاء واثنين من المحاسبين المقيدين بجدول المحاسبين والمراجعين لشركات الأموال بالسجل العام لمزاولى المهنة الحرة للمحاسبة والمراجعة ترشحهما شعبة المحاسبة والمراجعة بنقابة التجاريين وذلك إلي جانب رئيس اتحاد الصناعات المصرية ورئيس الاتحاد العام للغرف التجارية وأحد أساتذة الجامعات من المتخصصين في شئون الضرائب وأحد وكلاء الجهاز المركزي للمحاسبات. ورغم ما نص عليه علية القانون منذ عام 2005 علي إنشاء المجلس الأعلي للضرائب وتوالي أكثر من وزير مالية خلال هذه الفترة إلا أنه لم يتم تفعيل المجلس مما يستدعي معالجة هذا الموضوع حاليًا خاصةأن المجلس من شأنه ضبط أداء الإدارة الضريبية بالاضافة إلي تنظيم العمل بهذا القطاع ورفع قدراته التنموية خاصة أنه وفقًا للتجارب العالمية في هذا المجال فإن المجلس عليه فور تشكيله أن يدرس جميع القرارات والقوانين التى صدرت منذ عام 2005، وإعادة تصحيح المسار للإدارة الضريبية، بما فيها قانون الضرائب نفسه. إن ما تم أكثر من مرة وعلي أكثر من مستوى من استطلاع رأي للعديد من أطراف المجتمع الضريبي فإن تأخر صدور القرار الجمهورى طوال السنوات الماضية تسبب فى وجود مجموعة كبيرة من القرارات والتعليمات التى يعارضها المجتمع الضريبي ومنازعات ضريبية وصلت إلى أرقام تقدر بالمليون منظورة أمام القضاء نتيجة اختلاف الرؤي في التطبيق وهو ما يؤكدأن القرار بإنشاء المجلس تأخر كثيرًا ويحتاج المجتمع الضريبة لصدوره الآن بشدة لتصحيح المسار. إن قانون المجلس صدر بأسس وأفكار ونصوص واضحة وتشريعات ضريبية واضحة لتحديد حقوق والتزامات كل من الممولين ومصلحة الضرائب المصرية وأن تتم إجراءات الربط والتحصيل فى إطار التعاون وحسن النية وكذلك توجيه الممولين إلى الإجراءات القانونية التى تكفل حقوقهم وحتي لا تتكرر المشاكل التي صاحبت التعديلات التي تمت بقانون ضريبة الدخل، وضمان حقوق الممولين والإسهام بدور نشط في التعديلات المختلفة للقوانين الضريبية فضلًا عن دعم الاستقرار في تطبيقات التشريعات الضريبية وتوفير أقصي درجات المصداقية في تطبيق القانون. يجب علي الجميع الاعتراف بان هناك ضرورة لتحديث وتطوير آليات العمل في المجتمع الضريبي ووجود تشريعات منسقة وجهاز ضريبي كفء يعمل من خلال منظومة ضريبية عادلة وشفافية في الإجراءات، فالسياسة الضريبية تعتبر من أهم العوامل لجذب الاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي إلي جانب أنه عامل أساسي في تحديد قدرة الدولة علي إدارة النشاط الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية إذا كانت هناك عدالة ضريبية وهي الأهداف التي يحققها النظام الضريبي من خلال المجلس الأعلى للضرائب.