وصل البابا فرنسيس مساء الخميس الى ساحة القديس بطرس في روما التي غصت بالجموع التي أتت لحضور قداس منتصف الليل التقليدي الذي ينقل الى 1.2 مليار مسيحي في العالم، وسط مخاوف من تهديدات إرهابية واستمرار اعمال العنف في الضفة الغربيةالمحتلةوسوريا. ووصل البابا الأرجنتيني (79 عاما) وبدا متعبا وشاحبا بعد تعرضه لرشح في الأيام الأخيرة وسط الترانيم التقليدية التي تفتتح احياء القداس الذي يعرف بقداس منتصف الليل رغم تقديمه بأكثر من ساعة منذ سنوات، وبدا مئات الحضور وهم يلتقطون صورا للمناسبة بهواتفهم الجوالة. ولم يحضر الزوار بأعداد كبيرة إلى ساحة القديس بطرس نهارا خشية حدوث عمل إرهابي. وانتشر جنود وشرطيون وعناصر درك في كامل الحي المحيط بالفاتيكان. وياتي الاحتفال بهذه المناسبة المسيحية في ظرف دولي متوتر خصوصا بسبب تهديدات جهادية. وقبل ذلك بدأ المسيحيون الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم مع وصول موكب بطريرك اللاتين قبل قداس منتصف الليل التقليدي، على خلفية اعمال عنف دامية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومع بدء يوم من الاحتفالات يبلغ أوجه مساء في كنيسة المهد، التي اقيمت في مكان ولادة المسيح بحسب التقليد المسيحي قتل اربعة فلسطينيين بالضفة الغربيةالمحتلة برصاص قوات اسرائيلية، ثلاثة منهم بعد محاولة استهداف إسرائيليين في هجمات منفصلة. ومنذ الأول من أكتوبر، قتل 129 فلسطينيا بينهم عربي إسرائيلي واحد في أعمال عنف تخللتها مواجهات بين فلسطينيين واسرائيليين واطلاق نار وعمليات طعن ومحاولات طعن قتل فيها ايضا 19 اسرائيليا واميركي واريتري، وفق تعداد لوكالة فرانس برس. وجه تصاعد العنف الدامي ضربة قاسية الى السياحة في الاراضي المقدسة بشكل عام ولا سيما في بيت لحم التي خلت تقريبا من وفود الزوار الاجانب لاستقبال الموكب التقليدي لبطريرك اللاتين الذي انطلق من القدس واجتاز بالتالي جدار الفصل الذي بنته اسرائيل. بين الحاضرين في ساحة كنيسة المهد القلب السياحي في بيت لحم التي تكتظ عادة بالزوار في هذا اليوم، أكدت الراهبة الإيطالية الاخت دوناتيلا انه من المهم "التواجد هنا لتوجيه رسالة الميلاد من أجل السلام". وسط جمع خفيف مر العشرات من عناصر الكشافة الفلسطينية على وقع المزامير الاستكتلندية والابواق فيما ذكرت لافتات تقول "متضامنون مع فلسطين" أو شجرة زينت بقنابل يدوية ورصاصات فارغة باعمال العنف التي تشهدها الاراضي المقدسة يوميا. وأعلن بطريرك القدس للاتين فؤاد طوال ان قداس الميلاد هذا العام في بيت لحم سيخصص ل"ضحايا العنف والإرهاب" الناتج عن "أيديولوجية الموت التي يغذيها التشدد الديني التكفيري الذي يثير الرعب". كما دعا "كافة الرعايا الى إطفاء أنوار شجرة الميلاد ليلة 24 الساعة السابعة لبضع دقائق كإجراء تضامني مع ضحايا العنف والارهاب الذي ضرب مناطق كثيرة من العالم". وفي دول كثيرة خبت الاحتفال بالميلاد بعض الشيء أمام أعمال العنف والانتهاكات التي يرتكبها جهاديون. ففي سوريا استعد مسيحيو القرى التي يهددها تنظيم الدولة الإسلامية وسط القلق لإحياء احتفالات الميلاد. وأعرب ممثل البابا في دمشق ماريو زيناري الخميس في تصريحات لاذاعة الفاتيكان عن الأمل في أن يكون هذا الميلاد الرابع وسط حالة الحرب في البلاد "الأخير". وقال "نريد ان نبدي الامل في ان تزهر هذه البراعم التي ظهرت (خصوصا خارطة الطريق التي دعمها مجلس الامن الدولي) وان تغطي في العام المقبل اغصان الزيتون كافة المعالف في سوريا". وفي العراق التي يسيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة من اراضيه تراجع عدد افراد الطائفة المسيحية في السنوات العشر الاخيرة ولا يبدو ان هناك مكان للفرح. وقالت فريدة العراقية الخمسينية التي اضطر 12 من اقاربها الى مغادرة منزلهم بعد سيطرة جهاديين في على الموصل. وفي الصومال حيث الأكثرية مسلمة ذهبت الحكومة إلى حد منع الاحتفالات بالميلاد وراس السنة لأنها قد تشكل أهدافا لهجمات حركة الشباب الاسلامية بحسبها. في فرنسا التي شهدت هجمات تبناها التنظيم الجهادي المتشدد قتل فيها 130 شخصا في الشهر الفائت تقرر تعزيز الاجراءات الامنية على مداخل الكنائس استباقا لقداس الميلاد. ونشر جنود أمام الكناس والمتاجر الكبرى التي تدنى عدد زبائنها خلال ديسمبر من الفرنسيين والأجانب في حين يأمل قطاع السياحة ان تشجع التدابير الأمنية السياح على العودة الى باريس مع تسجيل تراجع في عدد الصينيين على سبيل المثال بثلاثين بالمئة واليابانيين بثمانين بالمئة.