قال الدكتور محمد أبو الغار عضو مجلس أمناء الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (تحت التأسيس):" لست متأكدًا من أن عنف الشرطة سينتهي حتى بعد ثورة 25 يناير". وأوضح أبو الغار ،خلال حفل إطلاق الطبعة الثانية من كتاب "إغراء السلطة المطلقة" للكاتبة بسمة عبدالعزيز، بمكتبة ديوان الزمالك، أن دليل ذلك ما حدث بعد ثورة 1952 عندما أُلغي قلم البوليس السياسي الذي كان مهيمنا إبان الحكم الملكي، وتم استبداله بإدارة المباحث العامة التي خُصص بها جهاز أمن الدولة الذي مارس مع المصريين ممارسات أبشع مما كان يمارسه قلم البوليس السياسي. واستطرد :"الآن و بعد حل ذلك الجهاز المقيت، أنشأ جهاز الأمن الوطني الذي من الممكن أن يصير أبشع من أمن الدولة، لأن غالبية أعضائه هم ضباط الجهاز المنحل". وأضاف:" يعتقد الكثيرون أن الثورات عندما تقوم ينتهي معها فساد جهاز الشرطة، وهذا غير حقيقي بالرجوع للتاريخ، فبعد نكسة 1967، تم قمع المظاهرات الطلابية التي خرجت ضد النظام بالرصاص وراح ضحيتها العديد من الشهداء، للأسف الشرطة في مصر في جميع العهود "هي هي" لا تتغير". ولفت أبو الغار إلى أن الشرطة في عصر المخلوع "مبارك"طرأ عليها الكثير من التغيرات التي وصفها بالمبتكرة، لكنه ابتكار على حد قوله لم يكن تقنيًا بمعنى التطوير، وإنما استحدث طرق أخرى بدائية كاستخدام البلطجية لفض المظاهرات والتحرش بالإناث. وأشاد صاحب كتاب "يهود مصر من الازدهار إلى الشتات" بفكرة كتاب "إغراء السلطة المطلقة"، والمجهود الذي بذلته المؤلفة في تجميع مادته، نظرًا لضعف المعلومات وصعوبة جمعها، لأن الشرطة المصرية -بحسب أبو الغار- جهاز يفضل تغطية كوارثه، وقال: لقد استطاعت الكاتبة بقدر ما أتيح لها أن ترصد أشكال جهاز الشرطة المختلفة منذ عصر الفراعنة وحتى الآن، والحقيقة أنني لا أرى اختلافًا كبيرًا بين أداء الشرطة في عصر الدولة العباسية وبين أداءها في عصر مبارك. وترصد بسمة عبد العزيز في الكتاب، كيف تطورت العلاقة بين الشرطة والمواطن، وأخذت طابع العنف، ويبدأ الكتاب بتاريخ تكوين الأجهزة الأمنية، ويتعرض لشكل العنف الذي مارسته في بعض الفترات البارزة، ثم ينتهي الفصل الأول بنهاية حكم السادات، ليستعرض الفصل الثاني منه بدايات العنف المنهجي في الثمانينيات والتسعينات، والتطورات التي لحقت به، كما يلقى الكتاب الضوء في الفصول التالية على صورة الشرطي التي تكونت في وعى المواطن، على مدار سنوات من القمع المتواصل، فيرصد الفصل الثالث كيف ينظر المواطن إلى الشرطي، ويعرض الفصل الرابع للعنف الأمني في ضوء المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فيما يتناول الفصل الخامس انفراط العقد، والذي تعرض فيه الكاتبة، لرد فعل المواطن على كم العنف الموجه إليه، ومآل العقد الاجتماعي الذي أصابته الشروخ في جهات متعددة. ويأخذ أبو الغار على المؤلفة في كتابها عدم إعطاء مساحة كفاية للحديث عن منظمات حقوق الإنسان، وكذلك لم تشير من قريب أو من بعيد إلى تقرير الأمن العام والذي كان يصدر منذ العهد الملكي حتى ألغاه حبيب العادلي في سنة 1999 لأنه كان أداة مهمة لقياس أداء جهاز الشرطة. من جانبها، أشارت الكاتبة الصحفية كريمة كمال إلى أن إهدار العلاقة بين الشرطة والناس، ليس حديث العهد وإنما يضرب بجذوره إلى ممارسات الشرطة فترة التسعينات أثناء مكافحتها للإرهاب، والأسلوب الذي اتبعته في القبض على المشتبه فيهم، حيث كانت الشرطة بحسب "كمال" إذا لم تعثر على المشتبه فيه احتجزت أمه أو أخته لكي يظهر ويسلم نفسه، وتلك بداية الشرخ في علاقتها بالناس، إضافة إلى العنف الممنهج والمبالغ فيه تجاه المشتبه فيهم لإجبارهم على الاعتراف، بالرغم من أن العالم كله ينتهج سبلا حديثة ومتطورة في التحقيق والبحث الجنائي لا تنتهك حقوق الإنسان وإنما تحفظها، وأكدت كمال على إننا جميعا، مجتمعًا وجهاز شرطي بحاجة إلى إعادة تأهيل.