تمر اليوم الذكرى ال 74 على وفاة الاقتصادي والمالي الكبير ومؤسس بنك مصر محمد طلعت حرب باشا الذي توفى في 13 أغسطس 1941 عن عمر يناهز 74 عامًا، والذي ارتبط في الأذهان دائمًا اسمه وبنك مصر معًا في تلازم مستمر.. فهما وجهان لعملة واحدة . وقال الأثري ولاء الدين بدوى رئيس قسم التاريخ الحديث والمعاصر بالمتحف القومى للحضارة في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط بهذه المناسبة إن طلعت حرب ولد فى منطقة قصر الشوق بحي الجمالية في 25 نوفمبر 1867، وهو ينتمي بأصوله لمحافظة الشرقية ، تخرج فى مدرسة الحقوق المصرية ونال شهادة الليسانس عام 1889، واهتم بجانب دراسته للحقوق بالأمور الاقتصادية والأدبية والثقافية وكان يجيد اللغة الفرنسية إجادة تامة . وأضاف أنه عين مترجما في قلم قضايا الدائرة السنية ثم رقى مديرًا بعد اعتزال مديره المرحوم الزعيم محمد فريد بك ، ثم عمل فى التجارة ثم دعا إلى إدارة الشركة العقارية التابعة لبنك سوارس 1904 وإلى إدارة شركة كوم أمبو 1906 ، و اسس شركة التعاون المالي عام1908م ثم ذاعت شهرته على اثر الرسالة التى وضعها معارضا بها مشروع مد امتياز شركة قناة السويس في 1910. وأكد أنه في عام 1912 قدم كتابه "قناة السويس " وذلك لتفنيد دعاوى انجلترا وفرنسا لتمديد عقد احتكار القناة لمدة 40 سنه أخرى بعد ال99 سنه التي كانت تنتهي في عام 1968 ، وقد نجحت حملة طلعت حرب في القضاء على هذا المخطط الاستعماري في مهده ، وهو الكتاب الذي استعان به الرئيس جمال عبد الناصر في تأميم القناة1956. وأوضح الأثري ولاء الدين بدوى أن الأزمة المالية التي مرت بها مصر فى عام 1907 كانت قد كشفت عن سطوة رأس المال الأجنبي الموجود في البلاد الذي تمثل في البنوك العاملة فى السوق المصرية والتي تعاملت بقسوة مع المصريين خلال هذه الأزمة فلم تتوان عن نزع ملكية الأطيان والعقارات من أصحاب الديون الذين عجزوا عن سداد الأموال التي اقترضوها من هذه البنوك. وأكد أن تلك الأزمة التي تمر بها البلاد وموقف البنوك الأجنبية منها كانت فرصة ذهبية لان يعلن بعض المصريين الحاجة لإنشاء بنك وطني مصري يكون سندا للمصريين وكان طلعت حرب باشا الذي كتب في الصحف مقالات منذ عام1907 أوضح للناس فيها أهمية إنشاء بنك للمصريين وان هذا البنك سيكون بنكًا للأمة بأسرها ، وفى عام 1920 كانت فكرة بنك مصر قد اختمرت فتمكن من تأليف شركته وعقد أول اجتماع لمجلس إدارة الشركة في 7 مايو 1920 وفى هذا الاجتماع أعلن تأسيس البنك كأول بنك وطني بجهود مخلصه وعزيمة وطنية شارك فيها أفراد الشعب المصري. وأضاف أن المبادئ التي كان يقوم عليها البنك كانت متمثلة في أن يكون رأس المال مصري 100% من خلال أسهم قاصرة على المصريين وان البنك يعتمد على العاملين المصريين في إدارة أنشطته والتأكيد على استخدام اللغة العربية في كافة تعاملاته ، كما ارتبط بنك مصر بالمشروع الوطني لإنشاء كيان اقتصادي متكامل من المشروعات العملاقة والتي ما زالت هذه المشروعات قائمة حتى الآن. ولفت إلى أن بنك مصر قام في الفترة من 1920 إلى 1960 بإنشاء أكثر من 26 شركة في مجالات اقتصادية مختلفة "في عهده فقط حتى عام 1939 ، تم تأسيس 22 شركة" شمل الغزل والنسيج "المحلة الكبرى"1927، ومصر للتأمين والنقل والطيران 1932م ومصر للسياحة1934 ، وصناعة السكر وصناعة السينما وتأسيس استدنو مصرعام1935، ومنذ ذلك الحين كانت السينما المصرية مصدر اقتصادي ومالي حاضر بقوة فى الدخل القومي. وتابع أن المقر الأول للبنك كان في شارع الشيخ أبو السباع بوسط البلد ولكن المبنى الأثري التاريخي الرائع في شارع محمد فريد حاليًا الذي يعد مفخرة المباني مع مرور السنين أنشأه المهندس الايطالي انطونيو لاشياك في 9مايو1925 وقد بلغت تكاليفه 100 ألف جنيه في ذلك الوقت. وقال بدوى إن طلعت حرب باشا كان موسوعة ثقافية متكاملة فمن المعروف عنه لدى الكثيرون انه رائد الاقتصاد الوطني الذي أسس بنك مصر عام 1920 ، ولكن قليلين هم الذين يعرفون أنه كان مفكرًا وأدبيًا وكاتبا في مختلف أمور الحياة السياسية والتاريخية والاجتماعية فضلا عن اهتمامه الرئيسي بالشأن الاقتصادي حيث نجح من خلال بنك مصر في تأسيس مجموعة من كبريات الشركات المتكاملة في المجالات الاقتصادية المختلفة "الصناعة – السياحة- النقل- الطيران- الثقافة- السينما " . وأضاف أن طلعت حرب كان كاتبًا ذا أسلوب أدبي رفيع باللغتين العربية والفرنسية على السواء فقد ترجم كتاب "كلمة حق على الإسلام والدولة العثمانية وهو في ال 27 من عمره ، وألف كتاب تاريخ دولة العرب والإسلام عام 1897 وهو في ال 30 من عمره ، ثم اتجه بكتاباته نحو الحياة الاجتماعية حيث أصدر كتابين عن المرأة أولهما بعنوان "تربية المرأة والحجاب عام 1899م والثاني بعنوان "فصل الخطاب في المرأة والحجاب" عام 1901، كما كتب بالفرنسية مقدمة كتاب "أوروبا والإسلام عام 1905" . وأوضح انه فى عام 1910م أصدر كتاب هام عن قناة السويس ، وفى 1911 كتب كتابة الشهير "علاج مصر الاقتصادي ومشروع بنك المصريين أو بنك الأمة " الذي يعد دراسة اقتصادية متكاملة مهدت لإنشاء بنك مصر وفى نفس العام صدر له كتاب بالفرنسية بعنوان "مدرسة التجارة" وقد تم جمع خطبه وطباعتها وإصدارها في ثلاثة أجزاء من خلال مطبعة بنك مصر أولى الشركات التى أسسها بنك مصر. وأشار إلى أن الملك فاروق قد زار البنك في بداية توليه الحكم عام 1937 وانعم على طلعت حرب بالباشاوية وعين عضوًا في مجلس الشيوخ ، وفى 14 سبتمبر 1939 استقال طلعت حرب من بنك مصر وكان نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب على إثر الأزمة المالية في البنك وكانت مدبرة من الانجليز في ذلك الوقت وخير بين بقائه أو بقاء بنك مصر فأختار الاستقالة ويبقى بنك مصر شامخًا. وقد سجل اسم "محمد طلعت حرب" بأحرف من نور باعتباره رائد الاقتصاد الوطني الذى امتدت مشروعاته من خلال بنك مصر إلى المنطقة العربية وأوروبا ..و تعرض أهم مقتنياته في متحف طلعت حرب ببنك مصر .