أحدثت كارثة تحطم طائرة شركة «جيرمين وينجز» الألمانية فوق جبال الألب وعلى متنها 051 راكباً صدمة وذهولاً لدى الرأي العام العالمي خاصة بعد أن أشارت التحقيقات الأولية إلى أن مساعد الطيار هو من «تعمد» إسقاط الطائرة منتحراً بها وبمن عليها بعد خروج قائدها من مقصورة القيادة. التحقيقات فى الحادث الخطير أثارت الكثير من الأسئلة والفرضيات أكثر مما قدمت إجابات! كما أنها دفعت العديد من الحكومات وفى ظل التهديدات الأمنية العالمية بمطالبة شركات الطيران بإدخال تعديلات على قوانين سلامة وأمن الركاب والطائرات. وبرغم أن التحقيقات فى مراحلها «الأولية» وأننا لابد أن ننتظر نتائج التقرير «النهائي» للحادث والذي قد يستغرق شهوراً وربما سنوات.. لكن الفرضية المطروحة حاليًا وهى «انتحار مساعد الطيار» تطرح أسئلة كثيرة وخطيرة حول السلامة النفسية للطيارين ومدى القدرة على اكتشاف أية حالات نفسية قد تؤثر على سلامة الطيران! خبراء الطيران يرون إن الطريقة المأساوية التي أسقطت بها الطائرة الألمانية إذا ما انتهت التحقيقات النهائية لتأكيد فرضية الانتحار سيعد تطوراً خطيراً في تاريخ حوادث الطيران المدني إذ ليس بإمكان أي منظومة أمن فى العالم أن تمنع ما قام به مساعد الطيار مهما تكن دقة الإجراءات الأمنية التي قد تتخذها الشركة!! كما أنها تضيف فصلاً جديداً في تحقيقات حوادث الطائرات الذي يعيد إلى الأذهان حادث «طائرة نيويورك» التابعة لمصر للطيران والتي سقطت أو أسقطت عام 9991 في المحيط الأطلنطي، وانتهى تقرير السلطات الأمريكية وقتها إلى أن مساعد قائد الطائرة تعمد إسقاطها استنادًا لتسجيل صوتي له يقول «توكلت على الله» وهو ما رفضته تمامًا سلطات التحقيق المصرية في ذلك الوقت وسجلت اعتراضها «رسميا» في التقرير النهائي للحادث وأنه كان يسعى بمقولته هذه لإنقاذ الطائرة وليس إسقاطها! الحادث أيضاً يؤكد أن الإعلام الغربي والأمريكي يكيل بمكيالين فى التعامل إذا ما تعلق الأمر بجنسية وديانة من يقومون بمثل هذه الأفعال، ففى حادث الطائرة الألمانية حاولوا تقديم تفسيرات مغايرة واعتبارها «حادثة عرضية» وانتحار مساعد الطيار لأنه يعانى من أزمة نفسية .. ولكنه لو كان مسلماً لقامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن!! الحادث الصادم جعل أحد خبراء الطيران يتساءل .. هل انتقلنا من عالم كنا نثق فيه بالطيارين باعتبارهم حاجز السلامة الأولى إلى عالم قد يترتب فيه لزوم الحذر حيالهم؟! والمدهش فى الأمر أن الطواقم الجوية فى شركات الطيران من طيارين وضيافة يخضعون للمتابعة الدقيقة على الصعيدين الطبي والنفسى منذ لحظة توظيفهم. على صعيد متصل، قررت سلطة الطيران المدني المصري إلزام شركات الطيران بالإبقاء على «اثنين» من أطقم الطائرات بقمرات القيادة فى كل الأوقات طوال الرحلة، كما طالب الاتحاد الأوروبي جميع الشركات الأوروبية بضرورة وجود «اثنين» داخل قمرة القيادة دائماً، وأعلنت شركات طيران عديدة تطبيق نفس القواعد. كما نبه الحادث شركات الطيران لضرورة مراجعة إجراءات رصد أي خلل نفسي أو سلوكي لدى طواقمها. وهل هذه الإجراءات كافية أم لا؟ غير أن بعض أنواع الخلل السلوكي كما يقول المحللون يمكن أن يقود رحلة إلى الكارثة، وهو أمر يصعب التكهن به أو استباقه ويشبهه بعض المراقبين فى الطيران بالتطرف الديني الذي يمكن أن يطال البعض بشركات الطيران، حيث أوضحوا أن الأمر يتطلب ضرورة فهم مدى احترام البعض لحياة البشر، خاصة أن البعض الآن لم يعد يحترم هذه الحياة مثلما يفعل الإرهابيون .. عندها لايكون هناك حدود لفعل أى شيء وفى أى زمان ومكان!! نقلا عن الأهرام اليومي