في تحقيق لها من قلب القاهرة عرضت صحيفة إسرائيل اليوم تحقيقا مطولا عن مستقبل يهود مصر في ظل الأزمات أو التحركات السياسية التي تمر بها مصر هذه الأيام، وهي الأزمات التي وصفها الخبير والمحلل السياسي بالصحيفة بوعاز بيسموت بأنها الأدق في التاريخ المصري الحديث. وحسبما أشار التحقيق، يبلغ عدد اليهود في مصر 52 فردًا، وهؤلاء يعيشون بصورة منتظمة إلى حد ما في مصر. غير ان أعداد اليهود المصريين ممن يعيشون في إسرائيل أو أوروبا يزيد على 76 ألف شخص، غالبيتهم يعيشون بين سويسرا وفرنسا بالتحديد. وقال بيسموت الذي تجول بين أحياء القاهرةوالاسكندرية وعرض صورًا لعدد من أبناء الطائفة اليهودية المصرية أن اليهود المصريين خائفين للغاية من التغيرات المتوقع حصولها في القاهرة، خاصة وأن النظام السابق كان يمنجهم الكثير من المميزات بداية من الاهتمام بالمعابد والمقتنيات الموجودة بها من جهة أو الاهتمام بأبناء الطائفة اليهودية بصورة عامة. ويشير بيسموت إلى أن الكثير من أبناء الطائفة اليهودية في مصر خائفين تماما من المستقبل في مصر ، وهو ما قاله له يوسف جاؤون رئيس الطائفة اليهودية بمحافظى الاسكندرية، والذي استقبل بيسموت في مكتبه الموجود في قلب المعبد اليهودي بشارع النبي دانيال بالمحافظة. وزعم جاؤون أن والده كان الخياط الخاص بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، زاعما أن عبدالناصر أحب والد جدا وكان يعلم تماما أن هناك فرق كبير بين اليهود وإسرائيل، معترفا بأن غالبية اليهود الذين غادروا مصر وهاجروا منها بعد عام 1952 قاموا بهذا بسبب تأثرهم بالشائعات التي كانت تزعم بأن الضباط الأحرار سيتعرضون لهم ويقتلونهم، إلا أن الواقع أثبت غير ذلك تماما حيث تواجد الكثير من اليهود وإلى الآن في مصر دون أن يمسسهم أي شخص أو يتعرض لهم بسوء. واعترف جاؤون بأن الكثير من أبناء عائلته اليهودية حاولوا إقناعه بالهجرة إلى إسرائيل أو أوروبا، إلا أنه أصر على التواجد والحياة بمصر التي لم يشاهد بها إلا كل خير وطيبة من شعبها. ورغم كل هذا إلا أنه أعرب عن تخوفه الشديد من مستقبل الجالية اليهودية في مصر، وهو التخوف الذي تزايد بقوة وخلال الفترة الأخيرة خاصة مع الثورة المصرية وبروز الكثير من أعضاء الجماعات الإسلامية المتشددة سواء السلفيين أو الأخوان، الأمر الذي دفعه إلى البقاء في مصر والعمل على التنسيق مع مختلف الدهات من أجل حماية المعبد أو بقية الآثار والمواقع اليهودية بالإسكندرية. إلا أن النقطة البارزة في هذا التحقيق أن بيسموت اهتم بعدد من العاملين المصريين في المعبد اليهودي بالاسكندرية بالاضافة إلى بعض من المصريين الآخريين ممن يرتبطون بعلاقات جيدة من أبناء الطائفة اليهودية في الاسكندرية، مثل الحاج عبدالنبي، والذي وصفه بيسموت بأحد أهم العاملين المصريين في المعبد والذي يقدر أبناء الطائفة اليهودية ويوليها أهتمام كبير ويسعى إلى تذليل أي عقبة سواء اقتصادية أو إدارية تواجهها، بجانب الكثير من النماذج الأخرى التي اهتم بيسموت بعرضها ، إلا أنه لم يذكر اسمها صراحة أسوة بالحاج عبد النبي الذي عرض بيسموت صورته في مدخل المعبد اليهودي. المثير أن بيسموت ينسب إلى الحاج عبدالنبي قوله بأنه حزين على مغادرة اليهود مصر، زاعما أنهم إناس طيبيون ولا يعرف السبب الذي دفعهم إلى مغادرة مصر رغم أن غالبية الشعب كان يحبهم ويتعاون معهم. ويختتم بيسموت هذا التحقيق بالكشف عن مفاجآة وهي أن الكثير من اليهوديات المصريات أعلنوا إسلامهن "ظاهريا" خوفا من المصريين ورغبة منهن في البقاء بمصر، إلا أنهن مازلن يهوديات ويواظبن على الحضور سرا إلى المعابد اليهودية والصلاة بها، وأشار بيسموت إلى أن الكثير من هؤلاء اليهوديات المتأسلمات أنجبن عدد من الأبناء المصريين، وهؤلاء يهود حسبما تنص التوراة التي تقول بأن الإنسان يكون يهوديا فقط أن كانت والدته يهودية ولا قيمة لدين الأب ، الأمر الذي يفتح الباب أمام هذه القضية الصعبة خاصة وإن هؤلاء الأبناء مسلمين أو مسيحيين أيضا بسبب ديانة الأب، حيث تنص قواعد الإسلام أو المسيحية على اتباع الأبناء لدية "الأب"، عموما فإن ما تحقيق بيسموت يعكس اهتمام إسرائيل بمصر وأوضاع الطائفة اليهودية بها، وهو الأهتمام الذي بات واضحا منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى اليوم.